تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة أمريكية: ترسم صورة مشوهة وقاتمة عن سورية

مصدر الصورة
كلنا شركاء

وصف السفير السوري في واشنطن مقالة عن سورية نشرت حديثاً في مجلة أميركية بأنها "ترسم صورة مشوهة وقاتمة عن سورية وتذكر بأدبيات المحافظين الجدد التي سادت في عهد الرئيس بوش". مضيفاً أنها "تتناقض بشكل صارخ مع كل التقارير الموضوعية التي تتحدث عن سورية".

 
وقال الدكتور عماد مصطفى في معرض رده المطول على المقالة التي نشرت في مجلة ناشيونال جيوغرافيك تحت عنوان "SHADOWLAND" أنها تميل لتسليط الضوء على الجوانب السلبية فقط، لبلد نابض بالحياة ويمر بمرحلة تحولات هائلة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.
مقالة الـ ناشيونال جيوغرافيك وبحسب مصطفى كانت سياسية بامتياز وهي مستوحاة من روح المحافظين الجدد وتصلح فقط لاستوديوهات هوليوود أو حتى لإحدى الروايات الخرافية عن عصابات المافيا أو قصص الرعب.
وفي مقدمة الرسالة التي وجهها مصطفى إلى المجلة، خاطب رئيس تحريرها معبراً عن صدمته لرؤية اسم المجلة الكبير وقد هبط إلى مستوى بوق للدعاية السياسية وقال: "كقارئ نهم لمجلتكم يبدو لي أن هذه المقالة غريبة عن تراث وروح الناشيونال جرافيك التي صنعت لنفسها اسماً من خلال استعراضها لملامح الجمال الكامن في جوانب الثقافة والجغرافية لأماكن عديدة من العالم".
ثم فند الدكتور مصطفى الكثير من المغالطات والمعلومات التي وردت عن سورية بمختلف مناحيها متناولا إياها بشيء من التفصيل فعلى سبيل المثال علق مصطفى على ما أوردته المقالة من تصاعد صراخ المستجوبين في مخفر حي باب توما بدمشق، واصفاً إياه بأنه أول تحريف مزعج وأول كذبة حقيقية في المقال.
ورأى أن فيلم رعب تجري أحداثه في أفظع الأمكنة، لا يمكن أن يتضمن مثل هذا التوصيف الذي أورده الكاتب... فالمنطقة هي الثانية سياحياً في مدينة دمشق بعد الجامع الأموي، ومن المضحك أن يعتقد أحد أن استجوابا مريعاً قد يحدث في مثل هذه المنطقة وبين الزوار والسياح الأجانب.
وانتقد مصطفى الكاتب لتلويحه بهذا الاستجواب الخيالي واهماله لكل ما يمكن أن يلفت النظر حقيقة في حي باب توماً، من جماليات شوارع الحي ومنازله، مروراً بتجاور الكنائس والمساجد، وصولاً إلى عشرات المطاعم والفنادق والمقاهي الدمشقية التي بات لها شهرة عالمية.. فهذه المنطقة قلب مدينة هي الاقدم والتي لا تزال مأهولة في التاريخ.
الكاتب تناول أيضاً في مقاله أن النظام السوري يمزج بين المكر وبين التقرب والتودد من البلدان الأكثر قوة في المنطقة وهما ايران والاتحاد السوفياتي السابق.
 
إلا أن السفير مصطفى سخر في رده من هذا الكلام وأكد أن مراجعة سريعة لتاريخ سورية السياسي تظهر أن سياستها الخارجية كانت مستقلة عن الاتحاد السوفياتي وايران. فخلال مرحلة ما أسماه المقال "التملق" للاتحاد السوفياتي، انخرطت سورية مع الولايات المتحدة في عملية السلام بما يخالف رأي السوفيات في الكثير من القضايا ومنها لبنان. وأيضاً فإن رؤساء اميركا نيكسون وفورد وكارتر وبوش وكلينتون جميعا قد زاروا دمشق أو التقوا الرئيس الاسد في بلد ثالث.
وأوضح مصطفى بالقول أنه من الصحيح بأن سورية كانت اقرب للاتحاد السوفياتي... لكنها الحرب الباردة! وكل البلاد النامية كان عليها ان تختار جانباً ما، ولأن الأميركان انحازوا إلى الجانب الاسرائيلي كان على سورية أن تلتفت للجانبي السوفياتي.
وكذلك بالنسبة لايران التي تشابهت سياسة اميركا تجاهها ومحاولة عزلها مع محاولة عزل سورية فباتت قريبة من سورية. وقال مصطفى لكن الكاتب لوكان عادلاً أو على الاقل لديه من المعلومات ما يكفي لكان اشار إلى تقرّب سورية من تركيا التي أصبحت أقرب حليف لها في المنطقة، سياسيا واقتصادياً. مشيراً إلى إزالة الحواجز الحدودية وبلوغ التبادل التجاري 2.4 بيليون دولار فيما لم يتجاوز التبادل التجاري مع إيران نصف بليون دولار فقط.
وحول ما أوردته المقالة من كون العلاقات بين سورية وأميركا "لم تكن جيدة" ذكر مصطفى الكاتب أن سورية وأميركا كاناً حليفين في حرب الخليج وقاتلا جنباً إلى جنب ضد قوات صدام حسين. كما ذكره بالتعاون المشترك ضد تنظيم القاعدة والذي أوضحت رسالة رسمية موجهة للكونغرس الأميركي من قبل وزير الخارجية السابق كولن باول بأن التعاون مع سورية في هذا المجال قد حفظ أرواح الأميركيين.
وحول رؤية المقال بأن لا تبدل ولا تغيير محتمل في العلاقات بين البلدين قال مصطفى لو قرأت هذه المقالة في الواشنطن تايمز أو الـ ويكلي ستاندارد، لكان الأمر مفهوماً لكن لم أتخيل أبداً أن جمعية الجغرافيا الوطنية (ناشيونال جيوغرافيك) تناصر سياسة خبيثة من التفرقة، بعد أن كان واحد من المبادئ المؤسسة لها هو بناء الجسور بين دول وشعوب العالم.
وأخيراً رأى مصطفى أن الكاتب والمصور لديهما فكرة مستبقة لكتابة المقال وقد قدما إلى سورية في رحلة لالتقاط صور والتحدث مع أشخاص لمساعدتهم فقط في تجسيد هذه الفكرة الاستباقية. وعرض أيضاً في خطابه الذي نشر في موقع "سيرياكومنت" الإحالة إلى جمعية الدراسات السورية، وهي هيئة خبراء بالشأن السوري محايدة وموثوقة وتضم أكثر من 170 أكاديمي أميركي، تدحض وترفض كل ما جاء في هذه المقالة.
 
نص مقدمة الرسالة كاملاً
وفيما يلي ننشر نص مقدمة الرسالة التي أرسلها السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى إلى مجلة ناشينونال جرافيك ممثلة بمديرها كريس جونز، احتجاجاً على المقالة التي نشرتها المجلة حول سوريا تحت عنوان (SHADOWLAND).
 
عزيزي كريس جونز
بقلب كئيب وسخط كبير أكتب إليك هذه الرسالة. قرأت بخيبة أمل عميقة المقالة التي كتبها السيد دون بيلت (Don Belt). هذه المادة مفعمة بالمغالطات والأضاليل وأساءت في تقديم سورية البلد الذي أنتمي إليه، كما أساءت لناشيونال جرافيك التي أقرأها منذ عشرات الأعوام. هذه المادة ترسم صورة مشوهة وقاتمة عن سورية مذكرة إيانا بأدبيات المحافظين الجدد التي كانت سائدة خلال عهد الرئيس بوش، وتتناقض بشكل صارخ مع كل التقارير الموضوعية التي تغطي سورية. كما أنها تميل إلى إبراز الجوانب السلبية في مسيرة بلد حيوي يمر بتحولات كبيرة على كافة الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
علاوة على ذلك، وكقارئ نهم لمجلتكم يبدو لي أن هذه المقالة غريبة عن تراث وروح الناشيونال جرافيك التي صنعت لنفسها اسماً من خلال استعراضها لملامح الجمال الكامن في جوانب الثقافة والجغرافية لأماكن عديدة من العالم. إنها مادة سياسية بامتياز ومستوحاة من النماذج الأكثر تشدداً للمحافظين الجدد، ويحزنني أن أرى الاسم العظيم لمجلتكم يتحول إلى بوق دعاية. ويمكنني أن أحيلك إلى جمعية الدراسات السورية، وهي هيئة خبراء بالشأن السوري محايدة وموثوقة وتضم أكثر من 170 أكاديمي أميركي، تدحض وترفض هذه المقالة.
لم يلتزم المؤلف في كتابة المقالة بواجب الموضوعية بل انطلق من رأي مسبق ثم بحث عن الأشخاص والأماكن المناسبة لإثبات وجهة نظره، وهو بذلك لا يختلف عن صحفي من الدرجة الثالثة يزور الولايات المتحدة ثم يتحدث مع جماعة النازيون الجدد الذين قتل أحدهم مؤخراً حارس متحف الهولوكوست، أو يتحدث مع جماعة اللاروتش التي تصرح علانية أنه لا توجد ديمقراطية في البلاد، أو مع نزيل في معتقل غوانتانامو، أو مع الناس الذين يعيشون في مناطق الأقليات حيث ترتفع نسبة الأمية وينخفض معدل الأعمار، أو مع أسياد الجريمة والمخدرات، أو مع بعض الناس الجهلاء الذين يعتقدون أن كل العرب إرهابيين ويجب طردهم أو إعدامهم. ثم يبني آراءه على هذه المعلومات ويسردها في مقال زاعماً أنه ينشر "الحقيقة" عن هذا البلد العظيم.
سيدي، لقد أرفقت لكم انتقاداً تفصيلياً لما ورد في هذه المقالة، أرجو أن تأخذ الوقت الكافي لقراءتها بدقة.
وللأسف فإن ما انطوت عليه هذه المقالة من تزوير وافتقار للموضوعية وانعدام المهنية يجعلني واثقاً أن العلاقة بين مؤسستكم وبلادي سوف تتضرر من جرائها، وأعتقد أن العديد من الدول في منطقتنا سيعيدون النظر مع مؤسستكم متى علموا بهذه الحادثة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.