تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سليمـان:هناك مطلب لبناني سوري بإعـادة النظر في بعض الاتفاقات والملفات بين البلدين

مصدر الصورة
الوطن

قال الرئيس اللبناني ميشيل سليمان لا لزوم لطمأنات من سورية لأن الاتصال بيني وبين الرئيس السوري مستمر والانتقادات التي تناولت الرئيس هي أمر معهود في الأنظمة الديمقراطية وخاصة في لبنان حيث هناك حرية إعلامية يعرفها الجميع.

 جاء ذلك في حواراً مطول أجرته صحيفة الوطن القطرية مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان أجاب فيه على كل الأسئلة المطروحة حالياً عربياً ولبنانياً وتم الاتفاق بين إدارة تحرير «الوطن» السورية و«الوطن» القطرية على نشر الحوار بالتزامن.
وفيما يلي الحوار مع الرئيس ميشال سليمان:
إذا كانت تجربة ميشال سليمان الرئاسية انطلقت على قاعدة «اتفاق الدوحة»، فقد انطلقت محاور هذا الحوار في «الدوحة» أيضاً، وكان من البديهي أن أسأله عن طبيعة العلاقة السياسية الحالية بين البلدين التوءمين لبنان وسورية، بعد سنوات من الشد والجذب، الذي أفرزته مرحلة ما بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، وهي المرحلة المضطربة التي ارتفعت فيها أصابع الاتهام إلى دمشق، ملمحة إلى دور سوري مزعوم وراء هذه الجريمة. وبعيداً عن ترديد الاتهامات أو ترويج الشبهات، كان لا بد أن أسأله عن «المحكمة الدولية» المعنية بمتابعة هذه القضية، والمخاوف التي يثيرها فريق المعارضة من تسييس قراراتها لتنعكس بشكل سلبي على حالة الاستقرار التي يشهدها لبنان حالياً. ولأن لبنان مستهدف إسرائيلياً، فقد توقفنا كثيراً عند التهديدات الإسرائيلية المتكررة لشن عدوان جديد على الأراضي اللبنانية، ومغزى تصريحاته الأخيرة بأن «إسرائيل تعرف قوة لبنان ولا تستطيع الاعتداء عليه». وبين كل هذا وذاك، يمكنني القول إنه مثلما كانت «الأرزة» اللبنانية حاضرة بشموخها وعراقتها في أجوبة الرئيس، كانت «السدرة» القطرية بكل عطائها السخي، شاهدة على تقدير اللبنانيين للدور الإيجابي الذي لعبته قطر في إنهاء الأزمة اللبنانية، وترسيخ الوحدة الوطنية..
 
فخامة الرئيس ماذا تشكل الدوحة في وجدانكم السياسي وخاصة أنها مهدت الطريق إلى وصولكم إلى قصر بعبدا؟
الدوحة تشكل للبنان روح الاتفاق الذي حصل في أيار عام 2008 والذي انعكس على الوضع اللبناني الحالي هدوءاً واستقراراً على جميع المستويات، فهناك الآن استقرار سياسي وأمني واقتصادي.. روح اتفاق الدوحة هي الأساس برأي اللبنانيين الذين يجمعون بأغلبيتهم على الدور الأساسي الذي قامت به قطر وسمو الأمير.
 
بعد مرور عامين تقريباً على توقيع «اتفاق الدوحة» الذي ساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في لبنان.. كيف تنظرون إلى هذا الاتفاق.. وما أبعاد الدور الدبلوماسي والسياسي القطري على الساحة اللبنانية؟
لا شك في أن الأزمة التي نشأت على الساحة اللبنانية والانقسام السياسي الذي قام ما كانا ليجدا بداية حل سياسي ساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار وإعادة إطلاق مؤسسات الدولة لولا اتفاق الدوحة بين الزعماء اللبنانيين بمبادرة كريمة ومشكورة من سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي أوفد رئيس الوزراء وزير الخارجية معالي الشيخ حمد بن جاسم إلى بيروت لدعوة القادة اللبنانيين إلى الدوحة، حيث تم التوقيع على ما عُرف بـ«اتفاق الدوحة». وهذا الدور القطري شكل قوة دفع فعالة وخيّرة، نظراً لموقع قطر على الخريطتين الإقليمية والدولية، ومعرفتها بدقائق الوضع اللبناني.
 
ولكن.. أما زالت مفاعيل اتفاق الدوحة قائمة في ترتيب الاستقرار اللبناني؟
بفضل رحابة صدر سمو الأمير ونظرته الإستراتيجية للأمور والعلاقات المتوازنة التي نسجها مع الدول المؤثرة تم تشكيل المظلة الواقية لاتفاق الدوحة وتالياً للوضع اللبناني الذي انطلق من التوافق الذي حصل في حينه ولا يزال قائما لغاية اليوم في حكومة الوحدة الوطنية، ذلك على رغم التمايز في المواقف بين الفرقاء حيال بعض المواضيع السياسية الداخلية، وهو أمر طبيعي وسليم في الحياة الديمقراطية.
 
.. ما ردكم على البعض الذي يوحي بأن مرحلة اتفاق الدوحة باتت من الماضي؟
قول البعض إن هذه المرحلة باتت من الماضي لا يعكس واقع الأمور لأن جوهر اتفاق الدوحة هو الذي يبقى ويطبع المرحلة السياسية الراهنة بمناخ من الاستقرار في الوضع اللبناني على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.. كما ثبت أنه عامل مؤثر في إيجاد الاستقرار في المنطقة، علما أن الخطوات التصالحية التي حصلت وتحصل في المنطقة كان لبنان إلى جانب قطر في طليعة الداعمين لها والمساهمين في حصولها.
 
فخامة الرئيس.. ما زلنا في رحاب العلاقات القطرية- اللبنانية ونريد أن نعرف تفسيركم للعلاقة الأخوية المميزة التي تربط بين الدوحة وبيروت.. وهل تعتبرونها انعكاسا لدور الجالية اللبنانية الإيجابي في قطر، أم هي نتاج للعلاقات الخاصة بين القيادة القطرية من جهة والقيادة السياسية اللبنانية من الجهة الأخرى؟
إنها الأمران معاً وهما مترابطان بالنسبة إلى لبنان.. فالجالية اللبنانية يشعر أبناؤها الذين التقيتهم في الدوحة العام الفائت بأنهم في بلدهم وبين أهلهم ويحظون بحسن الوفادة والمعاملة وهم بدورهم يحترمون الأنظمة والقوانين القطرية ويشكلون جالية مميزة، كما سمعت من المسؤولين في قطر. أما العلاقة بين قطر ولبنان، الرسمي والقيادي، فهي كانت دائماً جيدة وممتازة وشكلت عاملاً مساعداً مهماً في التحضير لمؤتمر الدوحة في أيار 2008 الذي أنهى الوضع الشاذ الذي كان قائما في لبنان. إلا أن تجليات الدور القطري كانت بأبهى الصور عندما كان سمو الأمير أول من كسر الحصار الإسرائيلي على مطار بيروت أثناء عدوان عام 2006، وزار العاصمة اللبنانية وجال في الضاحية الجنوبية التي دمر القصف الجوي الإسرائيلي العديد من أحيائها.. وساهمت قطر بصورة كبيرة في إعادة إعمار قرى جنوبية دمرها العدوان وكذلك في بيروت وضاحيتها وفي مجالات وميادين أخرى.. وهي كلها مبادرات ومواقف مشكورة لن تمحى من ذاكرة الشعب اللبناني حيال قطر أميراً وحكومة وشعباً.
 
من قطر أرض «السدرة» الشهيرة رمز العطاء القطري، اسمح لنا أن ننتقل إلى لبنان، أرض «الأرزة» العريقة، ففي آخر تصريحاتك التي أطلقتها بعد الخلوة مع البطريرك الماروني مار نصر اللـه بطرس صفير، أعلنت أن إسرائيل تعرف قوة لبنان ولا تستطيع الاعتداء عليه، على ماذا استندت في هذه التصريحات؟ وما قوة لبنان الرادعة لإسرائيل؟ هل هي سلاح المقاومة أم لديك ضمانات دولية بعدم قيام إسرائيل بشن عدوان جديد على لبنان؟
الاثنان معاً، وقوة السلاح هي القوة الرادعة ولكن هذه الضمانات جميعها لا تفي بالغرض إذا لم تكن هناك وحدة وطنية، ووضع لبنان ووحدة لبنان هما العنصران الأهم في الممانعة والتصدي لإسرائيل. إسرائيل دائماً تسعى إلى التهديدات وهي تحاول دائماً تضخيم الأخطار التي تواجه لبنان حتى تتخلص من الضغوطات التي تتعرض لها من أجل السير في موضوع السلام وتطبيق المبادرة العربية للسلام. لبنان قوي إذن وفي عام 2006 علمت إسرائيل أنها لن تستطيع قسمة لبنان، هي تراهن على انقسام اللبنانيين عندما تعتدي على لبنان وقد أصبح اللبنانيون يدركون أن أول شيء يجب عليهم فعله هو ألا ينقسموا، أما الأمر الثاني فهو التصدي بالسلاح والاستفادة من جميع القدرات اللبنانية للتصدي لإسرائيل ولا شك في أن المقاومة هي من إحدى القدرات الوطنية المهمة في الدفاع عن أرضنا.
 
ما دمت تطالب اللبنانيين بعدم الانقسام، هناك من يطالب أن يستند طريق المصالحة المسيحية على أساس سياسي فينطلق من قصر بعبدا الرئاسي بالتوازي مع مرجعية بكركي.. ما يعني مطالبتك شخصياً بالقيام بدور في تحقيق هذه المصالحة ما موقفكم من ذلك؟
ليست من واجبات الرئيس القيام بالمصالحة ولكن هناك ما هو أبعد..
 
ولكن هناك من يريد أن تكون المصالحة المسيحية تحت مظلتكم الرئاسية؟
الرئاسة تسعى للالتقاء بين الأفكار السياسية للفرقاء التي تكون متناقضة سياسيا بما فيه مصلحة لبنان.. هذا ما تقوم به الرئاسة أما المصالحات الشخصية فأعتقد أن الفرقاء المسيحيين عبروا عن قناعتهم بأنه لا توجد حاجة للمصالحة لأن الخلاف سياسي وليس شخصياً لذلك لم تعد هناك ضرورة للمصالحات.. وعندما نجد ضرورة فإننا نجد طريقة لإنجازها أما اللقاءات السياسية والحوارات فإنها تتم عبر مجلس الوزراء وهيئة الحوار الوطني وطبعا عبر المجلس النيابي حيث يجتمع جميع الفرقاء ولحسن الحظ أنهم ممثلون جميعهم في هيئة الحوار في مجلس الوزراء والمجلس النيابي ومن هنا نستطيع أن نجد الهوامش المشتركة.
 
هناك قضية ضاغطة على الساحة اللبنانية وهي مسألة صلاحيات الرئيس، ما موقفكم من هذه القضية، وهل ترون أنه قد حان الوقت لتغيير بنود اتفاق الطائف الذي قلص صلاحيات الرئيس؟
ليست القضية ضاغطة كما أوردت في سؤالك.. الأمر الضاغط على لبنان هو الإصلاحات.. نحن بدأنا بإقرار الإصلاحات ونسير في هذا الطريق وهذا مسار طويل قد يستغرق «3» سنوات ويستمر ولا يتوقف لعشرات السنين.. نحن بدأنا بعملية الإصلاح بعد أن تم الإصلاح السياسي على مستوى المؤسسات الدستورية.. هذه العملية الإصلاحية تتطلب في بعض الأحيان النظر في إصلاح الصلاحيات للمسؤولين وخاصة على مستوى رئاسة الجمهورية. هناك مواضيع لا يمكن أن تسير من دون إصلاح وعندما نجد الحاجة لها وهي موجودة سندخل عليها ونعالجها.. وهي ليست في إطار تجاذب سياسي أو خلافات سياسية وعلى العكس تماما تأتي في إطار إصلاحي للوضع اللبناني.
 
(مقاطعاً) ولكن من زاوية الإصلاحات لا بد من صلاحيات أوسع للرئيس.. وصلاحيات أوسع للرئيس تعني تعديل اتفاق الطائف.. هل أنتم تسعون لتعديل هذا الاتفاق ليكون منسجماً مع التحديات الجديدة؟
انظر.. التعديل دائماً يتناول أمرين إما تعديل الروح أو التعديل الجوهري.. والتعديل الجوهري ليس مطروحا ولكن تعديل بعض البنود هذا أمر بسيط يمكن القيام به.. وأنا أسمي هذه المسألة توازناً بين المسؤوليات والصلاحيات وبطبيعة الحال فإن المسؤول لديه مسؤولية ولكي يمارس مسؤوليته بشكل جيد يجب أن تكون له بعض الصلاحيات حتى يمارس مسؤوليته وهناك ثغرات ظهرت خلال الممارسة وهي كثيرة.. يجب درسها وإعادة النظر فيها.
 
في هذا السياق متى ستطلق تحركك لاستعادة صلاحيات الرئاسة بعد الخلل الذي كشف عنه الكثير من الأحداث في تكبيل الرئيس في اتخاذ بعض القرارات الحاسمة؟
هي في مضمونها ليست استعادة صلاحيات بقدر ما هي استعادة توازن في المسؤوليات من أجل انتظام العمل والتعاطي بشكل أفضل وأكثر فعالية على مستوى المؤسسات الدستورية وبين رئاسة الجمهورية التي هي المؤسسة الدستورية الأم ومجلسي النواب والوزراء كي يكون هناك تكامل حقيقي بين السلطات، وستتم متابعة طرح هذه الصلاحيات من أجل تحقيق هذه الأهداف.
فخامة الرئيس بعيداً عن الإصلاحات دعنا نسألك عن مسألة في صميم صلاحيات الرئيس وهي قضية أشار إليها السيد نصر اللـه في حديثه الأخير.. ما موقفكم من الاتفاق الموقع بين الحكومة من جهة والسفارة الأميركية من جهة أخرى بشأن تقديم منحة مشروطة بقيمة 50 مليون دولار لتطوير أجهزة الأمن وكوادرها بشرط عدم مشاركة أي عناصر تعتبرها واشنطن إرهابية ما يعني استهداف حزب اللـه المصنف على القائمة السوداء الأميركية؟
أتى الجواب على استهداف حزب اللـه من قبلي شخصياً منذ أسبوعين عندما قلت إننا نحمي المقاومة من أي أذية وهذا يعني أننا سنحميها من الأذى ولن نسمح ولا أحد في لبنان سيسمح أو يريد وخاصة على مستوى المؤسسات والمسؤولين أن يجلب الأذية للمقاومة.. ولذلك فموضوع الاتفاقية خضع للطريقة الدستورية والقانونية المعتادة وعندما تضع السلطة التنفيذية يدها على موضوع فإننا ننتظر التقرير الذي سترفعه هذه السلطة لنبني على الشيء مقتضاه.
 
ولكن بصفتك رئيس الجمهورية ما موقفك بكل صراحة من هذا الاتفاق؟
أنا قلت لك إنني لن أستبق النتيجة التي ستؤول إليها اللجنة النيابية وإذا استبقت النتيجة أكون قد خالفت مبدأ فصل السلطات.. عندما تنتهي اللجان النيابية من دراسة هذه الاتفاقية وترفعها إلى مجلس الوزراء سيكون لنا الموقف المناسب الذي يصبّ في مصلحة لبنان. عموماً أي اتفاق موقّع بين الحكومة اللبنانية وأي جهة خارجية يمكن مراجعته وإعادة البحث في بعض بنوده إذا ما كانت هناك شوائب أو إشكاليات.
 
ولكن المعذرة فخامة الرئيس ما من شك في أن تطبيق هذه الاتفاقية يعني اعتراف لبنان بالقائمة الأميركية للإرهاب التي تستهدف حزب الله..
يعلم اللبنانيون أنه عندما وقعت هذه الاتفاقية لم تكن لهذا الهدف ولكن تبيّن أن هناك عبارة يمكن تفسيرها بهذا الشكل وهذا ما تعكف اللجان النيابية على معالجته.
 
فخامة الرئيس اسمح لي الآن أن ننتقل إلى قضية أخرى مثيرة للجدل فقد تعرضتم في الآونة الأخيرة إلى حملة استهدفتكم شخصياً، ما سببها من وجهة نظركم؟ وهل صحيح أنكم تلقيتم تأكيدات من سورية بأن دمشق لا تقف وراءها؟
لا لزوم لطمأنات من سورية لأن الاتصال بيني وبين الرئيس السوري مستمر والانتقادات التي تناولت الرئيس هي أمر معهود في الأنظمة الديمقراطية وخاصة في لبنان حيث هناك حرية إعلامية يعرفها الجميع.
 
إذاً هذه الانتقادات لم تفاجئكم أو تزعجكم؟
إذا أردت أن تعمل في السياسة وخاصة في لبنان يجب أن تنتظر الانتقادات ودائماً هناك فرقاء وأشخاص ينتقدون المسؤولين أو الفرقاء الآخرين من منظار قناعتهم بالأمور أو معلوماتهم التي ربما لا تكون صحيحة والانتقاد أمر طبيعي في الحياة السياسية.
 
ولكن مقام الرئاسة الأولى تعرض للتهجم من بعض السياسيين المحسوبين على سورية ما طرح علامات استفهام حول مضمون هذا الهجوم، وتوقيته الذي يأتي بعد اتهام الرئيس اللبناني بالدعوة المتسرعة لانعقاد طاولة الحوار الوطني؟
لنبدأ من موضوع هيئة الحوار الوطني التي عقدت جلسة الشهر الفائت وتستعد لجلسة بعد أسبوع بالضبط، حيث كنا أعلنا في الجلسة الأخيرة التي انعقدت قبل إجراء الانتخابات النيابية في العام المنصرم أنها ستستأنف اجتماعاتها بعد تشكيل الحكومة الجديدة إثر الاستحقاق النيابي. وما حصل هو أن الحكومة استغرقت نحو خمسة أشهر للتشكيل، وما تلا ذلك من تحضيرات لإطلاق ورشة الإصلاح الإداري ودرس تعديلات قانون الانتخابات البلدية، وبعد إجراء التعديلات على الهيئة استنادا إلى مجموعة اعتبارات من بينها نتائج الانتخابات، حيث تم التوصل إلى تشكيل الهيئة وتالياً تمت دعوة الأعضاء، بعد تشاور مع القيادات الرئيسية، ولم يكن هناك أي تسرّع، لا بل أكاد أقول «تأخير» إذا صح التعبير، والعودة إلى الصحف ووسائل الإعلام في المرحلة التي انقضت تشير بوضوح إلى دعوات من قيادات سياسية إلى استئناف اجتماعات الهيئة إلى حد أن بعض القيادات بات يشكك في إمكانية استئناف لقاءات الحوار.
 
ولكن البعض رأى أن دعوتكم لعقد طاولة الحوار الوطني جاءت بناء على ضغوط خارجية.. فإلى متى سيبقى لبنان خاضعا لمثل هذه الاعتبارات؟
القول إن الدعوة جاءت بناء على ضغوط خارجية هو مردود شكلا، لأنني لست ممن تمارس عليهم الضغوط.. والقول أيضاً إن الدعوة جاءت ردا على قمة دمشق فهذا غير صحيح بطبيعة الحال أيضاً، إذ كيف يمكنني ويمكن للقيادات التي توافقت معي على استئناف طاولة الحوار أن نفكر ولو للحظة بربط هيئة الحوار بقمة دمشق، علما أن هدف هيئة الحوار الرئيسي هو في مطلق الأحوال تعزيز قدرات لبنان في خدمة ثوابته الوطنية لا إضعافها، ما يعني أن قرار الدعوة جاء في سياقه الطبيعي شكلا وتوقيتا بعد إنجاز كل ما يلزم لاستئناف الاجتماعات أخيراً. أوليست مقررات الدوحة هي أيضاً نصت على إعادة إطلاق الحوار.. وهل يعتبر هذا ضغطا؟
 
في هذا الإطار ما أسباب ودوافع الحملة، التي استهدفتكم.. هل هي شخصية أم سياسية أم استهداف لمنصب الرئاسة أم الاثنين معاً؟
التعرض لمقام الرئاسة يندرج في سياق الحيوية السياسية وضمن النظام الديمقراطي. فالانتقاد يعبر عن رأي سياسي لشخص أو فريق وعلى الفرقاء الآخرين أن يعبروا عن رأيهم وللشعب في النتيجة الحكم على أداء المسؤولين والمنتقدين.
 
فخامة الرئيس يشكل السلاح الفلسطيني داخل المخيمات قضية أخرى مثيرة للجدل على الساحة اللبنانية.. كيف تتعاملون معها وهل تتواصلون مع المسؤولين الفلسطينيين لتسوية هذا الملف؟
هناك تواصل دائم مع المسؤولين الفلسطينيين... وبالنسبة للسلاح والمراكز الفلسطينية خارج المخيمات فقد تقرر في هيئة الحوار الوطني إلغاء هذا السلاح وإدخاله إلى المخيمات حتى يأتي الوقت الذي نعالج فيه السلاح داخل المخيمات وهذا الأمر يتطلب معالجة كما أن الفلسطينيين أنفسهم حريصون بشكل كبير على إيجاد حلول لهذا الموضوع.. أما الآن فنحن نحاول علاج السلاح خارج المخيمات..
 
ما زلنا في إطار تفاصيل الملف اللبناني الفلسطيني يقال إن اتصالات تجري مع لبنان الآن لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين.. ما موقفكم من هذه القضية؟
سمعت بهذا الخبر اليوم (الثلاثاء الماضي).. ولكنني أؤكد أنه ليس له أي أساس من الصحة على الأرض اللبنانية.. فالدستور اللبناني ضد التوطين وهو مرتكز على اتفاق الطائف الذي أصبح وثيقة معترفا بها من الأمم المتحدة ومجلس الأمن لذلك هناك وثيقة دستورية لبنانية ووثيقة دولية لا يمكن تجاوزها ولا يمكن لأحد أن يقبل بتوطين الفلسطينيين وهم أيضاً لا يريدون.
 
ولكن عفواً فخامة الرئيس أنتم تطالبون بتعديل هذه الاتفاقية في ما يتعلق بصلاحيات الرئيس فكيف ترفضونها فيما يتعلق بالتوطين؟
قلت لك منذ البداية إن التعديل إما أن يكون في الجوهر أو في بعض البنود الدستورية التنفيذية.. هذه البنود المتعلقة بموضوعات المهل وكيفية تنفيذ بعض القرارات يمكن أن تعدل.. أما روح اتفاق الطائف فلا أحد يريد تعديله..
 
ولكن هل تم التواصل معكم حول مسألة توطين الفلسطينيين في الخارج؟
لا ونحن لا نقبل البحث في توطين الفلسطينيين في الخارج.. ونحن نقول إن الفلسطينيين في لبنان لهم الحق في العودة إلى وطنهم.. إذاً الموضوع ليس أننا لا نريدهم أن يتوطنوا في لبنان فيذهبوا للتوطن في مكان آخر. نحن لا نقبل هذا الموضوع ولم نتحدث به وما نطالب به هو استعادة الحقوق.
 
.. وماذا عن تأثير هذا الملف الشائك في البنية الديموغرافية اللبنانية؟
الموقف اللبناني في ملف التوطين ثابت، وهو الالتزام بمقدمة الدستور التي تنص على عدم التوطين، وكذلك الأمر في مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى منع التوطين وخصوصاً في الدول التي تمنع قوانينها ودساتيرها ذلك. هذا على المستوى القانوني والدستوري. أما على الصعيد الديموغرافي فلبنان غير قادر على تأمين حياة كريمة لما يقارب من نصف مليون فلسطيني على أرضه، على مستوى البنى التحتية ولا على مستوى تأمين عمل وحياة كريمة في وقت يهاجر أبناؤه إلى الاغتراب، بحثا عن سبل العيش اللائق والكريم، حيث يوجد في كندا وحدها عدد مماثل من اللبنانيين الذين يرغبون بالعودة إلى الوطن عندما يصبح مهيأ لتقديم فرص العمل.
 
.. اسمح لنا الآن أن ننتقل إلى رحاب المحكمة الدولية، فقد عاد الحديث مجدداً وبتسريبات شاركت فيها أطراف عدة، حول عمل هذه المحكمة واستدعاء عناصر من «حزب الله» كشهود.. مَن يقف خلف هذه التسريبات وهل تخشون أن يؤدي استمرارها إلى فتنة داخلية؟
نحن لا نتدخل على الإطلاق في عمل المحكمة، ولكننا أشرنا ونبهنا دائماً إلى رفض التسييس في أي اتجاه كان، لأن ذلك يفقدها صدقيتها ولا يؤدي تالياً إلى وصولها للهدف الذي تم إنشاؤها من أجله وهو كشف الحقيقة في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وما يقال عن تسريبات يبقى في إطار التشويش، وفقاً لما جاء على لسان المشرفين على التحقيق أنفسهم، في وقت يجب انتظار ما يصدر عن المحكمة بشكل رسمي وعلني. ولن أسمح ولن يسمح معي اللبنانيون لأي أمر بأن يوصلهم إلى فتنة، فوحدة الصف هي المعيار الأساسي.
 
البعض يرى أن لبنان يعيش على خط زلزال سياسي إقليمي خطر.. هل تتوقعون صيفاً أو ربيعاً حاراً تشن من خلاله إسرائيل عدواناً واسعاً على لبنان؟
ليس لبنان وحده على خط زلزال، وإنما المنطقة كلها تعيش على هذا الخط بسبب رفض إسرائيل الانصياع لإرادة المجتمع الدولي والانخراط في التسوية السلمية ورفضها المبادرة العربية التي تنص على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم والحؤول دون توطينهم وسلبهم حقوقهم غير القابلة للتصرف في تغذية الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني لتوحي بأن الفلسطينيين غير جاهزين للتفاوض ولتستمر في موازاة ذلك في بناء المستوطنات وتهويد القدس، كما تستمر في إطلاق التهديدات ضد لبنان. إسرائيل يمكنك أن تتوقع منها أي عدوان أو مكيدة وفي أي وقت، ولكن بات عليها أن تحسب حساباتها جيداً في حال أرادت القيام بمغامرة عدوانية جديدة، لأنها باتت تدرك، وخصوصاً بعد عام 2006 أن العدوان على لبنان ليس نزهة، بل أصبح ضرباً من ضروب الحماقة، وخصوصاً أن اللبنانيين موحدون جميعاً خلف الجيش ويشاركون مع المقاومة في صد أي عدوان والدفاع عن أرضهم وكرامتهم. كما أنهم لن يسمحوا أيضاً بإيذاء المقاومة أو الإيقاع بها.
 
عاد الازدحام السياسي إلى طريق بيروت ـ دمشق فهل هذا يعتبر انتقاصا من دور الرئيس التوافقي؟ وكيف تصفون لنا علاقتكم حالياً مع سورية واتصالاتكم مع الأسد؟
العلاقة مع سورية هي ومنذ القمة بين الرئيس الأسد وبيني في آب 2008 هي علاقة ثقة وصداقة وتعاون وتنسيق واحترام متبادل، والاتصالات بيني وبين الرئيس الأسد دائمة، نتبادل من خلالها الآراء بودّ وصراحة متناهية وهذا أمر مهم في علاقة الدولتين، بدءاً من مستوى رئيسيهما، وهو أمر بدأ يسحب نفسه على العلاقة مع رئيس الحكومة والقيادات السياسية وليس في ذلك أي انتقاص من دور الرئيس التوافقي اللبناني، بل على العكس فذلك يشكل عاملاً مساعداً في التوافق بين القيادات اللبنانية التي باتت على اقتناع أن لبنان لا يُحكم إلا بالتوافق بين أبنائه على الثوابت الوطنية والأساسية، على أن تبقى أي تباينات في المواقف في بعض المواضيع أو الملفات الداخلية ضمن اللعبة السياسية التي تغني الحياة الديمقراطية والنظام الديمقراطي القائم.
 
ماذا تنتظرون من الزيارة المرتقبة المقرر أن يقوم بها سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية إلى العاصمة السورية قريباً؟ وما الآمال والنتائج التي تعلقونها عليها؟
بالنسبة لزيارة رئيس الحكومة بعد بضعة أيام، فهي تأتي في سياق التعاون الحكومي المتفق على قيامه مجدداً بين البلدين على قاعدة الثقة والاحترام، ونتوقع أن تنتج إيجابيات وتفعيل اتفاقات في عدد من المجالات، وهناك تنسيق مستمر بيني وبين رئيس الحكومة، لا بل هناك تكامل في الأدوار في سبيل مصلحة لبنان.
 
يطالب بعض اللبنانيين بإعادة مناقشة الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسورية، لأنها تمس بالسيادة اللبنانية، ومؤخراً تم الحديث عن اتفاقيات وطرق تنسيق وقعتها حكومات ما بعد الوصاية السورية، اعتبرها القسم الآخر من اللبنانيين بأنها تمس السيادة أيضاً.. كيف ستتعاملون مع هذين الملفين؟
بطبيعة الحال هناك مطلب لبناني ومطلب سوري أيضاً بإعادة النظر ببعض الاتفاقات والملفات بين البلدين ولا شيء على الإطلاق يمنع إعادة البحث فيها بما يخدم مصلحة البلدين ما دام عامل الثقة هو الأساس والنية في إيجاد التوازن الذي تفرضه طبيعة العلاقة المميزة القائمة بين البلدين ليس المهم المواقف السياسية، بل الأهم هو البحث عن مصلحة لبنان بدرجة أولى والتي يمكن تحقيقها ضمن المصلحة المتكاملة للبنان وسورية.
 
في أي محادثات مقبلة للسلام مع إسرائيل، هل هناك عودة لمبدأ تلازم المسارين اللبناني- السوري؟
إن ثوابت لبنان في العملية السلمية في الشرق الأوسط هي ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وبمرجعية مؤتمر مدريد وبالمبادرة العربية للسلام بكل متدرجاتها. أما ما يركز عليه المجتمع الدولي اليوم فما زال المحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية غير المباشرة، بعدما أخفق في فرض وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، علماً بأن المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002 تنص على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ودولتهم المستقلة، وعلى منع توطينهم في لبنان وإعادة الأراضي العربية المحتلة. والواضح أن إسرائيل ليست جاهزة للسلام وهي لذلك تحاول الهروب إلى الأمام بمواصلة العدوان على غزة ومواصلة التهديدات للبنان وتضخيم الأخطار المتأتية عليها من الدول المحيطة بها، وعدم الخضوع للإرادة الدولية بالانخراط في التسوية ووقف بناء المستوطنات وتهويد القدس. فالمسار السوري والمسار اللبناني يندرجان ضمن الثوابت المشار إليها والمبادرة العربية للسلام.
 
ما تقييمكم لقرارات القمة العربية الأخيرة؟ وماذا حقق لبنان من غيابه عن هذه القمة؟
لبنان لم يكن غائبا عن القمة، بل قررت حكومته أن يتمثل على مستوى السفير المنتدب إلى الجامعة العربية، نظراً لاستمرار غياب الحقيقة في قضية اختفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر والقرارات القضائية اللبنانية، ولكنه شارك في التحضيرات للقمة وعبر الاتصالات مع رؤساء الدول الشقيقة، أما بالنسبة إلى القرارات فهي كانت في حدها الأدنى فيما يتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي، وجاءت متوافقة مع المطالب اللبنانية فيما يتعلق بقرار التضامن مع لبنان، علماً بأن دعم القدس واسترجاع الحقوق العربية يحتاجان إلى المزيد من التنسيق والتضامن والعمل الهادف.
هل المبادرة العربية للسلام ما زالت صالحة أم إن لكم رأياً آخر؟
المبادرة العربية التي أبقتها القمة العربية الأخيرة مطروحة أيضاً على الطاولة تمثل مرجعية، وهي الفرصة الأخيرة أمام إسرائيل للإفادة من أقصى ما يمكن أن يقدمه العرب والتوصل إلى تسوية سلمية شاملة وعادلة تعطي الفلسطينيين حقوقهم، لأنه من دون ذلك لن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة التي ستبقى معرضة للعنف والحروب.
 
من بيروت ننتقل معكم إلى نيويورك حيث يشغل لبنان اليوم مقعداً غير دائم في مجلس الأمن الدولي.. فكيف سيستفيد من ذلك في تحرير الأجزاء المتبقية من أراضيه؟
إن انتخاب لبنان عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي سيساعده، ومن خلال التعاون مع الأعضاء الآخرين، في تأكيد حقه في تحرير ما تبقى من أرضه من خلال حمل مجلس الأمن على الضغط على إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وهذا الأمر هو أولوية بالنسبة إلينا، وكان بنداً أول في كل المحادثات التي أجريناها مع رؤساء الدول دائمة العضوية في المجلس، وكذلك مع سائر الدول التي تدعمنا في هذا الحق، كما «الحقوق العربية والقضايا الأساسية».
 
لبنان مقبل على انتخابات بلدية، فهل ستجري هذه الانتخابات في موعدها؟ وهل سيكون للرئيس اللبناني حصة وسطية؟
لا شيء يمنع من إجراء الانتخابات في موعدها، وخصوصاً أن هناك قانوناً موجوداً للانتخابات البلدية في حال لم يستطع المجلس النيابي إقرار التعديلات المحالة إليه من الحكومة أو في حال وجد أن درسها وإقرارها قد يستوجب وقتاً يُسقط المهل القانونية. أما السؤال عن الحصة الوسطية فليس في محله، لأن الرئيس لا يسعى إلى أي حصة في البلديات التي لها واقعها الخاص، وخصوصاً في القرى والبلدات حيث النفوذ العائلي يغلب على التوجهات السياسية وبالتالي أي كلام عن حصص هو غير ذي معنى، فحصة الرئيس الأساسية تكمن في حُسن تطبيق النظام الديمقراطي الذي يتميز بتداول السلطة، ما يعني حصول الانتخابات من دون تأجيل.
 
هل معنى أن يكون الرئيس توافقياً التخلي عن الحزم والسعي لإرضاء الفئات السياسية اللبنانية دائمة الاختلاف؟
ليس أسهل من أن يكون طرفاً في هذه الجهة أو تلك، وهذا شأن المسؤول الذي ينقاد لهذا الطرف أو ذاك، ولكن ليس أصعب من أن يكون توافقياً جامعاً، والتوافق هو الذي يتطلب شجاعة القرار والحزم لصيانة الموقع التوافقي أولاً وتحصين الوفاق بين الفرقاء ثانياً. وليس صحيحاً أن التوافق يكون بالسعي لإرضاء الفرقاء، بل يكون العمل على جلبهم إلى صفة الاعتدال والحوار وقبول الآخر والتعاون معه، ومثل هذا الأمر لا يتم بالتردد أو الاسترضاء، بل بالقرار الواضح والرؤية الصحيحة الواقعية للأمور، وإن كان المظهر التوافقي يشير إلى الهدوء في التعاطي، فهذا هو الأسلوب الخاص بالرجل المسؤول والدليل على ذلك أن أموراً كثيرة استدعت الحزم والحسم في القرار ونتائجها ظاهرة في شتى المجالات. وهذا لا يعني إطلاقاً السير بين الألغام بل نزع الألغام وتمهيد الطريق لمزيد من الاستقرار وفرص النمو.
 
ما موقفكم من الخروقات الإسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية التي تنتهك قرارات الأمم المتحدة؟ وكيف يستطيع لبنان الرد عليها؟
الخروقات الإسرائيلية شبه اليومية تشكل خرقاً فاضحاً للقرار (1701) الذي لم يسجل لبنان أي خرق له من جانبه. وقوات الطوارئ سجلت وتسجل هذه الخروقات الاستفزازية وتبلغ الأمم المتحدة بها. وعلى المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل للكف عن هذه الخروقات، لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى الاستمرار في التوتير، مع رفض إسرائيل التزام القرارات الدولية والانخراط في العملية السلمية. أما الرد عليها فيكون في وحدة الصف والبقاء على استعداد للتصدي للاعتداءات.
 
كيف تتعاملون مع عملاء إسرائيل في لبنان الذين يهددون الأمن الوطني اللبناني؟ وهل ستعلق المشانق لهم خلال عهدكم؟
العملاء الإسرائيليون يحالون إلى القضاء المختص الذي يصدر الأحكام القضائية الصارمة في حقهم التي تنفذ، وعملية كشف الشبكات أدت إلى تضييق الخناق عليهم والحد من الضرر الذي يجلبونه للوطن.
 
ولكن فخامة الرئيس ماذا عن شبكات التجسس التي تم ضبطها في لبنان والتي تعمل لمصلحة إسرائيل؟ هل فاجأكم حجم هذه الشبكات؟ وهل تعتقدون أن هناك شبكات أخرى لا تزال تعمل على الأرض اللبنانية؟
هذا الأمر متحرك. وأعتقد أنه بعد أن برهنت الأجهزة اللبنانية على قدرتها على ضبط هذه الشبكات وكشفها أن الموضوع انحسر إلى حد بعيد جداً.. وهذا الملف يرعاه القانون والسلطة القضائية التي تحاكم المتعاونين وتنزل بهم العقوبات الصارمة التي يجب تنفيذها بحقهم.
 
اسمح لي الآن أن أنتقل معكم إلى المحطة الأخيرة في هذا الحوار لأسألكم.. في الخامس والعشرين من الشهر المقبل تمر السنة الثانية على تسلمكم مقاليد السلطة.. ماذا أنجزتم حتى الآن؟ وما الصعوبات والعوائق التي اعترضت مسيرتكم وحالت بينكم وبين تحقيق ما تصبون إليه؟
ليس الموضوع موضوع إنجازات يعددها المسؤول. المسألة هي النظر إلى البلد والأوضاع فيه أين كانت وأين هي اليوم، سواء على المستوى الداخلي سياسياً وأمنياً واقتصادياً أو الإجراءات التي اتخذت في عدد من المحطات السياسية، كإجراء الانتخابات النيابية في يوم واحد في كل لبنان بهدوء ونزاهة وشفافية بشهادة المراقبين وتشكيل حكومة وحدة وطنية ثانية ثم إطلاق آلية للتعيينات الإدارية التي تشكل عنوان ورشة الإصلاح الإداري، التي عنوانها الأساسي أيضاً تعديلات قانون البلديات ثم إعادة إطلاق مؤسسات الدولة، يضاف إلى ذلك الوضع الأمني والاقتصادي والنقدي والإنمائي، حيث كان عام 2009 من أفضل الأعوام، من دون إغفال الوضع الاغترابي والتوجه لإشراك المغتربين في الانتخابات إلى غيرها من الخطوات الداخلية التي لا يتسع المجال لتعدادها الآن.. وعلى المستوى الخارجي إعادة العلاقات المتميزة مع سورية إلى إطارها الصحيح والتبادل الدبلوماسي معها إلى إعادة لبنان على الخريطة الدولية وثقة دول العالم والمغتربين به وسماع صوته ورأيه في كل دول العالم وعلى المنابر الدولية، طارحاً نظامه نموذجاً عالمياً لديمقراطية الميثاقية التي تعتمد على تفاعل الثقافات والديانات وتكاملها، لتشكل حضارة مميزة في خدمة الألفية الثالثة.. كما أن انتخابه بها يشبه الإجماع كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي على رغم تشكيك بعض الدول في مقدرتنا على رفع هذا التحدي، علماً بأن لبنان نعم بالاستقرار منذ اتفاق الدوحة ولغاية اليوم وتمكن من استقطاب المزيد من السياح والمستثمرين وزيادة معدلات النمو وتغليب ثقافة الحوار والتوافق.
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.