تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: بين هواجس المؤمنين والمنظّمين السعوديين.. «القضاء والقدر» و«انتحار» الحجاج؟!

مصدر الصورة
sns

يتوافد المسلمون من كل عرق ولون، ومن شتى بقاع العالم، إلى مكة المكرمة مع اقتراب أول أيام الحج للعام 1437 هـ، وتعود إلى الأذهان في هذه الأيام، صور جثث الضحايا الحجاج وهم في لباس الإحرام، مكدسة بعضها فوق بعض في منى العام الماضي، في حادثة وصفت بالأسوأ والأكثر دموية منذ ربع قرن. أكثر من ألفي حاج راحوا ضحية التدافع، الذي سبقه بأسبوعين سقوط رافعة ضمن مشاريع توسعة الحرم المكي، أودت بحياة مئة. كوارث متتالية، فرضت تساؤلات يبحث المسلمون عن جواب شافٍ لها، حول الإجراءات السعودية الجديدة للمناسك.

وككل عام، تزاحمت الشّعارات التي يرفعها المسؤولون السعوديون حول خدمة الحجّاج، لإظهار الكعب العالي في الاحتياطات الأمنية والإدارية. ولكن، وبعيداً عن الإجراءات، ثمة أسباب أخرى جعلت السعودية في قفص الاتهام في نظر المراقبين، منها، ما تردد أنّ سبب تقاطع الحجاج بكثافة وحصرهم في مساحة ضيقة نسبياً في منى، كان إغلاق طريقين من أجل مرور موكب لأحد أمراء العائلة المالكة، بحسب ما أشارت صحيفة «الاندبندت» ومحطة «أي بي سي» الأميركية بعد الحادثة، فضلاً على عشرات المقاطع المصورة التي انتشرت على «تويتر» و«فايسبوك»، وتظهر موكباً رسمياً في منى، قيل إنّه السبب في تغيير مسير أفواج الحجاج.

ووفقاً للسفير، رفضت السعودية كل الاتهامات والانتقادات، وأغلقت صبيحة عيد الأضحى الباب على أية رواية أخرى غير الرواية الرسمية، المحملة اتهامات مبسطة للحجاج والضحايا، وسارع المسؤولون السعوديون إلى تبريرات جاهزة استبقت التحقيقات (المستمرة إلى الآن)، وبثت أحكاماً متسرعة زادت الشكوك عند المراقبين. ويرى مراقبون أن الرد الممنهج على الانتقادات، لم يخف اعترافا سعوديا بالمسؤولية جاء على شكل توجيه من الملك سلمان للجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها، وضرورة تغيير خطة تنظيم المناسك، على الرّغم من أنّه أتى خالياً من أي قرارات تطيح المسؤولين المباشرين، في ظل تكتم على التحقيق، لم يخرج عنه سوى رواية خطيرة كشفت عنها ابنة السفير غضنفر، زهراء، بعد مرور 11 شهراً على الكارثة، بأن السلطات السعودية نكّلت بجثة والدها و«استخرجت أعضاءه الداخلية الحيوية كالدماغ والقلب والكليتين والرئتين» خلال عملية التشريح التي أجريت على جثمانه.

وأردفت السفير أنّ التعنّت السعودي بوجه أي شكوى أو انتقاد لأداء الحكومة وخططها التنظيمية، أحال التحقيق المستمر، أجوف المضمون وبلا جدوى، ودفع رفض المملكة الكشف عن أي معلومات أو مشاركة أي جهة في التحقيق، سواء المغربية أو المصرية أو الإيرانية أو غيرها، الرئيس الإيراني حسن روحاني للمطالبة من على منصة الأمم المتحدة بتحقيق دولي في الحادث، وهو ما جدد المطالبة به، المرشد علي خامنئي، بعد يوم من كلمة له وصف فيها آل سعود بـ«الشجرة الملعونة»، لدى استقباله جمعاً من أسر ضحايا فاجعة منى أمس، بأنه «يجب تشكيل لجنة إسلامية ـ دولية لتقصي الحقائق» بشأن الحادثة، وهو الأمر الذي يخشاه السعوديون، لما يترتب عليه من إشراف دولي على شؤون الحرمين، يجعل من مكة والمدينة منطقة إسلامية مفتوحة. ورداً على اعتبار دول مجلس التعاون الخليجي أمس التصريحات الايرانية «تحريضاً مكشوف الأهداف» ومسعى «لتسييس الحج»، قال خامنئي بوضوح، إنّ «لهذه الحادثة أبعادا وجوانب مختلفة ويجب تبيان حقائقها السياسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية، ويجب عدم نسيان هذه الأبعاد»، معتبراً أنّ أميركا شريكة في «الجريمة السعودية»، فيما أكد روحاني أنّ إيران «لن تغفر أبداً لمن أراقوا دماء شهداء منی المظلومین».

وعنونت صحيفة الأخبار: خطاب إيراني عنيف ضد السعودية: لم نرَ من الرياض إلا إقفال الأبواب! وذكرت أنه منذ مجزرة مكة عام 1987، لم تشهد التصريحات الإيرانية تجاه السعودية تصعيداً كالذي حصل في اليومين الماضيين. اليوم، بات من الواضح أن الأسباب التي تدفع الإيرانيين إلى التصعيد على خلفية مَقتَلة مِنى العام الماضي، لا تقل أهمية عن مثيلها قبل نحو 3 عقود. وأوضحت: قبل أيام، أدارت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دفّة تصريحاتها باتجاه حادثة منى. ومع بدء موسم الحج، حسمت أمرها على أنه لا بدّ من التذكير بما حصل العام الماضي خلال رمي الجمرات، من تدافع أودى بحياة آلاف الحجاج، من أجل إعادة توصيف المشكلة على اعتبار أنها لم تكن حدثاً عابراً يمكن تجاهله والمضي قدماً كأنه لم يكن. وإن كانت كارثة منى غائبة عن الإعلام طوال الأشهر الماضية، فقد كشفت مواقف المسؤولين الإيرانيين أن دماء الضحايا لم تكن غائبة عن أذهانهم، بينما اكتست معظم التصريحات الصادرة عنهم حدّة غير مسبوقة.

من هنا، بدا من الواضح أن النبرة العالية أتت تتويجاً للغضب من سلوك سعودي تواصل منذ العام الماضي، بدءاً بتجاهل حقوق أهالي ضحايا، مروراً بعدم تقديم أي اعتذار، ووصولاً إلى وضع العراقيل أمام توجه الحجاج الإيرانيين لأداء فريضة الحج هذا العام. وبالالتفات إلى حيثيات ما جرى تداوله، في اليومين الماضيين، يمكن الإشارة إلى أن ما صدر عن الجانب الإيراني نابع من عاملين: تقني وسياسي، وهو يصبّ في اتجاهين: داخلي وخارجي.

وأضافت الأخبار: بالتوازي، ذهبت السعودية في تسييس موسم الحج الحالي إلى أبعد حدود، من خلال استقبال الحجاج الذين يتناسب توجّه دولهم مع توجّهاتها السياسية، أو قبول فئة معيّنة تميل إلى مصلحتها. وهي لم تمنع الحجاج الإيرانيين، وحسب، من أداء مناسك الحج، بل حجاج اليمن وسوريا أيضاً، فيما خفضت عدد اللبنانيين والعراقيين، عمّا كان عليه خلال السنوات السابقة.

من جهته، وطبقاً للحياة، ندد وزير الشؤون الإسلامية السعودي صالح آل الشيخ بسلوك إيران في تأجيج الصراع الطائفي عبر الحج، مؤكداً أن الإيرانيين بات يسوؤهم أن يروا شعيرة المسلمين «تمر بسلام بلا سياسة ولا شعارات أو استغلال سياسي وطائفي». وأكدت منظمة التعاون الإسلامي أن الحديث عن وضع شعيرة الحج بإدارة إسلامية منفصلة يعد أمراً مرفوضاً تماماً وغير مطروح، معتبرة أن تسييس فريضة الحج أمرٌ غير منطقي، وطالبت بتجنب ربط الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، بالمواقف والخلافات السياسية بين الدول.

ورأت افتتاحية القدس العربي أنّ مطالب إيران بـ«التدويل» تتعرّض مباشرة لسيادة المملكة وهو أمر لا يمكن القبول به في الظروف الطبيعية بين الدول فما بالك والبلدان في حالة مجابهة عسكرية إقليمية كبيرة في اليمن وسوريا، وفي نزاع مع أتباع طهران في العراق ولبنان والبحرين بل وداخل السعودية نفسها؟ وأضافت: من حق الإيرانيين وغير الإيرانيين، بالتأكيد، أداء فريضة الحجّ، وما كان حكام الأراضي الإسلامية المقدسة على مدار القرون يرفضون ذلك... ولكن من حق السلطات في السعودية أيضاً ضمان أمن الحجيج، بمن فيهم الإيرانيون، وعليهم، مثل غيرهم الالتزام بقوانين المملكة وطقوس الحج الدينية... أما الكلام الصادر من الجانبين فهو تعبير يتجاوز الغضب إلى الإساءة للشعوب نفسها وليس الحكام فحسب.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.