تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: أزمة تركيا تعمقت٬ ولا خيارات سهلة أمامه: أردوغان يلوّح بالمشانق وهيبة الجيش مكسورة.. وخبراء أمريكيون يحذرون من إضعافه..؟!

مصدر الصورة
sns

قدم الرئيس بوتين تعازيه لنظيره التركي أردوغان، في سقوط ضحايا جراء محاولة الانقلاب الفاشلة. جاء ذلك في أثناء مكالمة هاتفية بين الرئيسين. وعبر بوتين، لأردوغان عن تمنياته في استعادة النظام والاستقرار في تركيا. وأضاف البيان أن الرئيسين أكدا على عقد اللقاء الثنائي الذي تم الاتفاق علية سابقا خلال مكالمة هاتفية، في الوقت القريب. وأعلن عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أن السلطات التركية قادرة على استعادة النظام والاستقرار في البلاد بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا. وأكد لشبكة "سي إن إن" وجود تعاون وثيق بين الرياض وأنقرة في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب دعم المعارضة السورية المعتدلة. كما نوه الجبير بالتنسيق السياسي القوي بين المملكة وتركيا، مشيدا بمستوى التبادل التجاري العالي بين البلدين.  ووصف الوزير السعودي علاقات المملكة مع تركيا بأنها من أفضل العلاقات. وقال وزير الخارجية الفرنسي إن فشل الانقلاب لا يمنح أردوغان "شيكا على بياض" لعمليات تطهير في الدولة. وأفادت وزارة العدل التركية، أمس، بإلقاء القبض على 6 آلاف شخص متورطين في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة.

واعتبر خبراء من مركز "ستراتفور" الأمريكي، أن محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ستدفع أردوغان إلى فرض سلطته بشكل يؤدي إلى إضعاف الجيش. ونقلت وكالة"نوفوستي" عن الخبراء قولهم، أمس، إنه "جرى تنظيم الانقلاب في صفوف وحدات تابعة للقوات المسلحة، الأمر الذي سيدفع أردوغان إلى ممارسة أعمال قمعية واسعة تجاه القوات المسلحة التركية". وأشار الخبراء إلى أن تلك الأعمال ستحول دون اعتماد أنقرة على القوات المسلحة في تطبيق السياسة والاستراتيجية الوطنية، حيث سيجري تقويض التعاون مع العسكريين، وستشهد القوات المسلحة هبوطا في معنويات الجنود وقادة الجيش. وأكد الخبراء أن إضعاف الجيش سيكون له تداعيات سلبية على قدرة تركيا في التعامل مع القضايا الحالية، من بينها مواجهة حزب العمال الكردستاني، وكذلك خيار إدخال القوات التركية إلى سوريا أو الامتناع عنه، مشيرين إلى أن "انعدام النظام" في صفوف الجيش التركي سيؤثر أيضا على موقف الولايات المتحدة التي تستخدم قاعدة أنجرليك في جنوب تركيا لتنفيذ عملياتها الجوية العسكرية ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.

ووفقاً لوكالة رويترز، رجح محللون أن تعوق محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا جهود الولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش". وأكد هؤلاء أن محاولة الإنقلاب هذه تقوض أهدافا أخرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بإضعاف الديمقراطية وإثارة اضطرابات طويلة في تركيا. وأعلنت الولايات المتحدة رسميا وقوفها بجانب حكومة اردوغان، رغم أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن متعثرة. ويقول محللون إن تركيا، حليفة الولايات المتحدة، ستواجه من الآن فترة اضطراب سياسي واقتصادي. وقد يصرف ذلك انتباه الجيش التركي وقوات الأمن عن منع هجمات مثل تلك التي نسبت في الآونة الأخيرة لتنظيم "داعش"، وأيضا القتال ضد التمرد الكردي ووقف انتقال مقاتلين أجانب عبر الحدود من وإلى سوريا.

وقال، بليز ميزتال، الخبير في مركز "بيبارتيسان بوليسي" إنه من المنظور الأمريكي فإن "أسوأ السيناريوهات هو انقلاب فعال يدفع تركيا إلى صراع طويل على السلطة". وأضاف "وانقلاب يجهض سريعا، ويلقى مقاومة ضعيفة سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار. لكن انقلابا جزئيا أو غير ناجح سيؤدي إلى اضطراب أكثر في المستقبل". وقال بروس ريدل الباحث بمعهد بروكنغز والمحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: "هذا قد يكون واحدا من أصعب التحديات أمام إدارة أوباما. تركيا مستقرة أمر ضروري للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز. وتركيا ديمقراطية حتى وإن كانت معيبة ضرورية لأي آمال للإصلاح الاقتصادي في الشرق الأوسط". وقال جونول تول مدير مركز الدراسات التركية بمعهد الشرق الأوسط إن المصالح الأمريكية ستعاني بصرف النظر عن نتيجة محاولة الانقلاب. وأضاف "إذا فشل الانقلاب ستقوى قبضة أردوغان وسنرى المزيد من أجندته السلطوية، وإذا نجح فهذا يعني مزيدا من الاضطراب في الداخل التركي".

وتوقعت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية أن "يكون رد اردوغان قاسيا على المشاركين في محاولة الانقلاب لأنه معروف بشدته في التعامل مع الخصوم"، لافتة إلى أن "أردوغان اكتسب شدته من تجربته عندما كان طفلا فقيرا في مدينة اسطنبول، ومن القهر الذي تعرض له عندما كان رئيسا لبلدية المدينة، ومعارضا صاعدا، قبل 2003". وذكرت الصحيفة أن "أردوغان قال إن محاولة الانقلاب فرصة وهبها الله لتمكينه من تطهير صفوف القوات المسلحة، وهذا يعني المزيد من التطهير"، مشيرة إلى أن "الأجدر بأردوغان أن يستغل هذه الفرصة النادرة، التي زرعت التضامن ويتصرف كرجل دولة يوحد أمة مصدومة وجريحة، بدل إثارة المزيد من الاضطرابات". ورأت الصحيفة أن "أردوغان سيخسر كل التضامن والدعم الذي اكتسبه في الخارج إذا مضى في هذا الطريق، وستتراجع شعبيته في الشارع أيضا".

من جهتها، اعتبرت صحيفة "صاندي تلغراف" البريطانية، أنه على الرغم "من إخفاقات اردوغان فإن لديه ما يكفي من الأنصار لمواجهة القوات العسكرية والدبابات"، لافتة إلى أن "الذي أنقذ الرئيس التركي هو انقسام في القوات المسلحة، وفيها قادة كبار عارضوا الانقلاب، وكذا قدرة الرئيس الخارقة على حشد الجماهير والأنصار". وأوضحت أن "مواجهة أردوغان مع العسكر بدأت عندما حظر حزب الرفاه الإسلامي الذي كان ينتمي إليه، وساعد الجيش في عزله من منصب رئيس بلدية اسطنبول". ولفتت الصحيفة إلى أن "أردوغان شكل تحالفا فريدا من نوعه عندما انتخب رئيسا للوزراء عام 2002، وضم إليه نخبة رجال الأعمال، باعتماده حرية السوق، وكسب دعم الليبراليين عندما حيد الجنرالات الذين يعتبرون أنفسهم حماة الدستور العلماني في البلاد ولكن تراجع دعم رجال الأعمال التقليديين لأردوغان عندما تباطأ النمو، وساءت علاقات تركيا مع الشركاء المهمين مثل الاتحاد الأوروبي".

ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في افتتاحيتها، أن من «المثير للسخرية» استخدام إردوغان لتطبيق «فايس تايم» على هاتفه المحمول، ليدعو مناصريه للنزول إلى الشارع بعد محاولة الانقلاب، ولا سيما أنه كان من المعارضين لوسائل التواصل الاجتماعي. وقالت إنه بالرغم من أن الرئيس التركي «ليس صديقاً لحرية التعبير، وكان قد فرض سيطرته على وسائل الإعلام وقيّد حقوق الإنسان»، فقد استجاب الآلاف لندائه، «نصرةً لحرية غيّر إردوغان معناها الحقيقي». وأضافت الصحيفة: «ليس هناك شك في أن إردوغان سيسعى إلى الانتقام وستصبح السيطرة الكاملة هاجسه»، مشيرة إلى أنه «سيستغل الانقلاب ليس فقط لمعاقبة الجنود المتمردين، بل لقمع جميع فصائل المعارضة في تركيا».

وكتب الصحافي والكاتب روجير كوهين، في «نيويورك تايمز» أنه لو نجح الانقلاب لوقعت «كارثة» في تركيا، ذلك أن إردوغان «لديه دعم هائل، وخصوصاً بين المحافظين المتدينين». وأضاف «ممّا لا شك فيه، أنه لو سيطر الجيش على السلطة، لوقعت مواجهات بينه وبين متمردين إسلاميين تشبه التمرد في سوريا»، مشيراً إلى أن فشل الانقلاب «لا يعني أن الديموقراطية انتصرت، بل إن تركيا ستعاني من استبدادية إردوغان، من دون أن تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها فعل شيء».

أما مارك بيريني، وهو باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط وتركيا، فاعتبر في مقال في صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، أن «الضحية الأساسية لفشل الانقلاب هي الديموقراطية في تركيا»، إذ إن «إردوغان سيسعى بشكل أقوى إلى رئاسة ذات صلاحيات تنفيذية». ورأى بيريني أنه سيكون لمحاولة الانقلاب تداعيات كبيرة على الاقتصاد التركي، نظراً إلى التأثير السلبي على «السياحة والسفر عبر مطار اسطنبول». أما على الصعيد المحلي، ووفق بيريني «ستبتعد تركيا أكثر فأكثر عن معايير الاتحاد الأوروبي»، إذا لم تتم محاكمة «الانقلابيين» بشكل لائق، وذلك في ظل «إمكانية إعادة عقوبة الإعدام».

وفي «فورين بوليسي»، انتقد مايكل روبين ــ وهو باحث في معهد «أميركان إنتربرايز» المحافظ ــ سياسات إردوغان القمعية خلال السنوات الماضية، وخصوصاً تلك المتعلقة بحقوق المرأة. وهاجم سيطرة الرئيس التركي على الإعلام وقمعه احتجاجات ساحة تقسيم في عام 2013، والعمليات العسكرية ضد الأكراد، وصولاً إلى دعمه «فصائل مسلحة متشددة» في سوريا، مثل «جبهة النصرة» و«داعش»، معتبراً أن الرئيس التركي هو الملام الأول على الانقلاب.

ورأى الأميركي ــ التركي سونر كاغابتاي، وهو مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد «واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، في مقال في «الواشنطن بوست»، أن تركيا «ستصبح أقل حرية وأقل ديموقراطية» بعد الانقلاب، معتبراً أنه في حال نجح الجيش بالسيطرة، أو بقي إردوغان «ستكون تركيا بلداً قمعياً في كلتا الحالتين». وأضاف كاغابتاي إن «معارضة إردوغان ديموقراطياً ستزداد صعوبة، بل قد تصبح مستحيلة»، محذراً من احتمال «انقسام» المجتمع التركي بشكل كبير و«ازدياد أعمال العنف».

من جانبها، قالت وكالة "بلومبرغ"، المعنية بالشؤون الاقتصادية والمالية، في مقال نشرته، إن محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا قد تتحول إلى أزمة اقتصادية طويلة الأمد في البلاد. واستندت الوكالة في مقالها لآراء خبراء اقتصاديين، وقالت إن حالة عدم الاستقرار السياسي ستكون نتائجها كارثية على تركيا، التي تمول حاليا أكثر مشاريعها على حساب الاستثمارات الأجنبية. ووفقا للمحللين فإن العجز في الميزانية التركية سيرتقع العام الجاري إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل توقعات سابقة أشارت إلى عجز نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وبغض النظر عن الطريقة التي ستقوم فيها الحكومة التركية بحل مشاكلها السياسية الراهنة، فسوق الأوراق المالية التركية مهددة بخسارة تصل إلى 20%، وفقا لعماد موستقيو، المحلل الاستراتيجي للأسواق الناشئة بشركة "اكسترات". أما الليرة التركية، فقد هبطت في أعقاب الإعلان عن الانقلاب العسكري يوم الجمعة الماضي، مقابل الدولار إلى مستويات قياسية.

وعنونت السفير: أبواب تركيا مشرعة أمام الانتقام بعد «الانقلاب الغامض» و«فزاعة غولن».. أردوغان يلوّح بالمشانق وهيبة الجيش مكسورة. وكتب محرر الشؤون العربية: قد لا تتكشف قريبا حقيقة ما جرى منذ مساء الجمعة حتى انكسار «الانقلاب الغامض» بعد ذلك بساعات. شيئان مؤكدان الآن، أن هيبة اردوغان اهتزت بقوة، تماما كحال المؤسسة العسكرية التي نُكِّل بأفرادها وضباطها في الشوارع، وطأطأ جنود الجيش رؤوسهم امام مسلحي النظام، وامام عدسات الكاميرات ليشاهدهم كل العالم؛ لا اردوغان غدا سيكون مثلما كان قبل ساعة الصفر لمحاولة الانقلاب الغريبة، ولا الجيش الذي ظل يوصف بأنه حامي علمانية الجمهورية التركية، سيكون مهاب الجانب بعد اليوم. سيحتاج اردوغان الى سلسلة من الخطوات القاسية لترميم نفسه، وسلطته. التلويح بعودة المشانق قريبا، يبدو الآن الخيار الامضى للرئيس المتباهي بسنوات حكمه الطويلة، والمتهم بالبطش بكل خصومه، في الميادين الإعلامية والسياسية والبرلمانية والحزبية والعسكرية والامنية والاقتصادية.

واردفت السفير: سيظل العديد من الاسئلة المحيرة بلا اجوبة شافية. لماذا تأخرت واشنطن في التنديد بالمحاولة الانقلابية. لماذا لمَّح وزير العمل التركي سليمان سويلو الى دور اميركي في «المؤامرة»، ما استدعى نفيا من وزير الخارجية الاميركي جون كيري؟ ولماذا تأخرت العواصم الاوروبية الكبرى بالتنديد بالمساس بديموقراطية الحكم في انقرة؟ باريس التي انتقدت امس عمليات التطهير والقمع التي يقوم بها اردوغان، اغلقت يوم الاربعاء الماضي سفارتها في انقرة وقنصليتها في اسطنبول لاسباب امنية لم توضحها! ولماذا انتظر حلف شمال الاطلسي ساعات حتى انجلاء رجحان كفة اردوغان فجر السبت، ليخرج ببيان يؤيد شرعية مواجهة الانقلاب؟

الصورة الحقيقة لمنفذي الانقلاب لم تتضح بعد ثلاثة ايام على بدء المسلسل التركي الخاطف.... لكن كثيرين يتساءلون، مَن خَطَّط للانقلاب؟ ولماذا ظهر للجميع منذ الساعات الاولى ان الانقلابيين لم يُحكِموا الإمساك بزمام الامور؟ وكيف ظلت غالبية وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي شغالة؟ وكيف يُنَظَّم انقلاب في بلد كتركيا من دون ضمان مشاركة قطاعات اساسية في الجيش؟ وكيف تسنى لقوات الشرطة وبمساندة مسلحين موالين للحزب الحاكم، ان تهزم العسكريين في اكثر من موقع؟ وكيف يمكن لعاقل ان يقدم على محاولة انقلابية ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجميع الوزراء يتجولون احرارا؟ الاسئلة المحيرة كثيرة، وهي لا تتوقف هنا، ولا يعتقد انها ستتوقف في الايام والاسابيع المقبلة؛ لكن من بين الخلاصات الاولى ان «السلطان» اردوغان، المطعون في هيبته، سيعود اكثر سطوة.. لكن ليلة الجمعة، ستترك ندوبا كثيرة في الجسم التركي، ولعل المشانق ستفتح المزيد من الجروح في ذاكرة الاتراك، ولن تكون شافية للاحتقان الذي اعتمل في جسد هذه البلاد طويلا.

وكتب محمد نور الدين في السفير: هو انقلابٌ عسكري لا يشبه أياً من الانقلابات العسكرية، لا في تركيا ولا في العالم. انقلاب حمل في كل تفاصيله شروطَ فشله. هو عملياً «لا انقلاب»... لكن المحاولة رغم فشلها هزّت صورة الاستقرار السياسي التي رسمها أردوغان في خط بياني منذ العام 2002 وتظهر ان النزعة الانقلابية في تركيا بعد تسعة عشر عاما على آخر انقلاب لم تدفن. ومن هذه الزاوية، فإن المحاولة ضربة كبيرة لتركيا وللُحمتها الداخلية ولأردوغان ونهجه، وتخصم من رصيده ولا تضيف له. لكن الضربة الأكبر التي نتجت من المحاولة هي الهزة التي تعرضت لها بنية المؤسسة العسكرية. إذ إن عمليات التصفية تفرغ المؤسسة من كوادرها، وصور استسلام العسكريين مجردين من السلاح ورافعين الأيدي يعكس محاولة مهينة لإذلال الجنود. كذلك الأمر بالنسبة لرفس المدنيين بأقدامهم العديد من الجنود؛ إن المحاولة الانقلابية يفترض أن تترك أثرها على سياسات أنقرة تجاه الأكراد في الداخل، كما يفترض أن تظهر لأردوغان مرة أخرى أن الخطر عليه لا يأتي من دمشق بل من الداخل. وأوجز الكاتب: في ظلّ توقع انشغال أردوغان بترتيب البيت الداخلي، فمن المفترض أن يتحلل تدريجياً من سياسته المغامرة في سوريا والعراق.

وعنونت الحياة السعودية: أردوغان يتعهد استئصال «فيروس» الانقلابيين ويلوّح بإعدامات. وكثفت السلطات التركية أمس حملات الدهم والاعتقالات، بعد إجهاض محاولة الانقلاب التي نفذها عسكريون، إذ طاولت 6 آلاف شخص، بينهم عشرات الجنرالات، ومئات القضاة والمدعين، على رغم مواجهة السلطات «جيوباً» انقلابية، قرب مطار صبيحة جوكجين في اسطنبول، حيث أطلقت قوات الأمن أعيرة تحذيرية، خلال توقيف انقلابيين، وفي قاعدة جوية وسط تركيا. وأبرز الرؤوس المتدحرجة كان قائد قاعدة «إنجيرليك» الجنرال بكير ارجان فان، والعقيد علي يازجي، أبرز المساعدين العسكريين للرئيس أردوغان.

وكتب غسان شربل في افتتاحية الحياة: أجمل الهدايا تأتيك من أعدائك. حين يخطئون التقدير والحساب. ويستدرجهم الحقد والذعر إلى التهور. يتوهمون أن الرياح مواتية لتسديد طعنة نجلاء. ما أصعب إقناع الكولونيلات بأن العالم تغيَّر! وأنه لم يعد يكفي احتلال الإذاعة والتلفزيون لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء؛ قبل أن يغلبه النعاس يبتسم ويسترجع شريط الأحداث. ما كان أقسى تلك الليلة! تصوَّر لو أنهم نجحوا، وأنهم دفعوني إلى زنزانة شبيهة بزنزانة محمد مرسي. أغلب الظن أن بشار الأسد سهر ينتظر خبراً ساراً. وأن عبدالفتاح السيسي لم ينم باكراً، وأن فتح الله غولن كان يستعد للاحتفال؛ جاءت الطعنة - الهدية في التوقيت المناسب. كانت صورة السلطان شرعت في الاهتزاز. سياسة «تصفير المشاكل» انتهت بـ «تصفير الصداقات». والملفات أظهرت بطلان الحسابات. لم يعد النموذج التركي مغرياً لأحد على غرار ما كان في بدايات «الربيع العربي». اصطدمت سفينة السياسة التركية بصخور كثيرة، وتراكمت خسائر الاقتصاد بالبلايين. كان خصومه يستعدون لمحاسبته.. كانت صورة السلطان شرعت في الاهتزاز، وهبّت على نظامه رياح العزلة. صارت بلاده شبه مطوّقة بـ «الوحدات الكردية» وميليشيات الجنرال قاسم سليماني. وفي العواصم الغربية شكوك عميقة حول موقفه من أزمة اللاجئين، فضلاً عن الديموقراطية والعلمانية. وكانت موسكو تنتظر ساعة تصفية الحسابات. انحنى السلطان للعاصفة. اعتذر من القيصر. وأعاد العلاقات الدافئة مع إسرائيل. ولوّح بمراجعة للعلاقات الشائكة مع جيرانه.

فجأة ارتكب الكولونيلات غلطة العمر. تدخّل الحظ وتدخّل الشعب وتوحّدت الأحزاب. وسواء أحببته أم كرهته، إنه رقم صعب.. أغلب الظن أن أتاتورك مات ثانية حين رأى عسكريين يرفعون أيديهم مستسلمين لعسكريين آخرين جاؤوا في صحبة مدنيين؛ طُوِيت صفحة في تركيا وفُتِحت أخرى. السؤال الكبير ماذا سيفعل «فتى إسطنبول» بهذا الرصيد الواسع الذي وفّرته له الطعنة - الهدية؟

        وكتب محمد برهومة في الحياة: تركيا انتصرت للحكومة الشرعية لكنها على مفترق: صعود نفوذ السلطان والحزبية الضيقة أم صعود الاحترافية المؤسسية وترميم النموذج الديموقراطي.

وكتب جورج سمعان في الحياة أيضاً: بين ليلة وضحاها حصد أردوغان ما لم يكن يحلم به. التف الشعب والقوى السياسية المختلفة حول نظام الحكم. وقف الأتراك بمختلف أحزابهم وقواهم المدنية خلف الدولة المدنية. ثقافة جديدة ترفض عودة العسكر إلى السلطة. وتنذر بنهاية «الدولة القديمة». ودان المجتمع الدولي المحاولة الفاشلة، وأبدى دعمه الحكومة المنتخبة ديموقراطياً. وأثبت الأتراك تمسكهم بالدولة المدنية. إنها فرصة ثمينة ونادرة يمكن «حزب العدالة والتنمية» استغلالها لاستكمال صورة الهوية الجديدة للبلاد. ويمكنه بعد اليوم الاعتماد على قاعدة شعبية لا غبار على حيويتها وقدرتها على المواجهة. لم تعد الكلمة للجيش الذي أسس الجمهورية وظل راعياً علمانيتها مُذ أعلنها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923. معركة ليل الجمعة - السبت حسمت النزال بالضربة القاضية هذه المرة؛ سيخرج الرئيس أردوغان قوياً بعد المحاولة الانقلابية. لكن ذلك لن يخفي ما أصابه من جروح. ورد الفضل إليه وإلى حزبه وحدهما في إحباطها فيه شيء من تجاهل واقع «تركيا الجديدة». فالأحزاب والقوى السياسية، وحتى تلك التي كانت تسلم بدور الجيش، وقفت ضد الاعتداء على الحكم الديموقراطي. وقاومت عودة العسكر، متجاوزة خلافاتها مع الحزب الحاكم.  وتابع الكاتب: يبقى السؤال عن العلاقة بين أنقرة وواشنطن بعد اتهام حكومة بن علي يلدريم الداعية غولن أنه وراء المحاولة، ومطالبتها الولايات المتحدة بتسليمه إليها وإلا اعتبرت دولة معادية! هل تصل العلاقة بين الطرفين إلى قعر جديد أم إن موقف حزب العدالة للاستهلاك المحلي ومقدمة للقضاء نهائياً على مواقع الداعية المقيم في أميركا؟ علماً أن أسئلة كثيرة طرحت حيال صمت الإدارة واكتفائها بمراقبة الوضع في الساعات الأولى للمحاولة الفاشلة. في حين كان عليها تلقائياً أن تكون أول من يعبر عن رفضها أي تدخل للعسكر في قضاء على حكم وصل بأصوات الشعب!

وأوضح محمود مروة في صحيفة الأخبار، أنه من موقعه على رأس دولة وسلطات مختلفة، بدأ إردوغان، في اليومين الماضيين، انقلابه المضاد لاسترجاع نفوذه وقوة حكمه، مستعيناً بلغة سياسية (تطهير وفيروس وسرطان) كنا نعتقد أنها لا تليق بدولة حديثة كانت تريد الانضمام في قرننا هذا إلى الاتحاد الأوروبي؛ في الأيام المقبلة، لن يقتصر دافع متابعة الأزمة التركية المرجحة، على تقديم أدلة حول ما يمكن لإردوغان فعله خلال حفلة الانتقام؛ لعلّ الهدف الأول من المتابعة هو أنّ تلك الأزمة الداخلية قد تفقد تركيا عناصر قوة إزاء حلفائها الغربيين، لتستحيل ربما إلى ما قد يشبه ذلك «الرجل (العثماني) المريض»، الذي لا نزال حتى اليوم ندفع ثمن تداعيات موته.

وأبرزت صحيفة العرب الإماراتية: انقلاب على الانقلاب في تركيا.. تحذيرات أوروبية من إفشال الديمقراطية على يد أردوغان بدلا من العسكر. وكتبت: وجد أردوغان نفسه وحيدا في قمة السلطة في البلاد، وبات أقرب حلفائه يقف بعيدا إلى جانب خصومه، في انعكاس لفقدانه الثقة في دائرة الحكم التي ضاقت شيئا فشيئا عليه بصحبة مساعدين مضموني الولاء. ويقول كامل يلماز، الباحث في السياسة التركية في جامعة “كيه أو سي” إن سلوك أردوغان وضع تركيا “على طريق الموت البطيء”. وأبرزت العرب أيضاً: قبضة أردوغان بعد الانقلاب تزعزع الثقة بالاقتصاد التركي. وأوردت أنه يمكن اعتبار انخفاض الليرة التركية بنسبة 5 بالمئة رغم فشل الانقلاب في تركيا، مجرد القمة الظاهرة من جبل التداعيات الكبيرة التي سيتلقاها الاقتصاد التركي اليوم، بعد عودة التعاملات في الأسواق، إضافة إلى تداعيات كبيرة على ثقة المستثمرين وحركة السياحة المتعثرة أصلا قبل محاولة الانقلاب.

وكتب طارق الحميد في الشرق الأوسط السعودية: فشلت محاولة الانقلاب العسكري في تركيا٬ لكن أزمة أنقرة٬ والرئيس إردوغان٬ تعمقت؛ صحيح أن محاولة الانقلاب العسكري فاجأت الأتراك٬ والعالم٬ لكن ليس سرا أن تركيا كانت تمر بأزمة سياسية داخلية٬ وتقلبات سياسية خارجية خطرة؛ اليوم٬ وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة٬ من الصعب التصديق بأن الرئيس التركي قد خرج من هذه الأزمة منتصرا٬ ولا يمكن القول إنه مكسور٬ بل هو رجل محاط بالأزمات الآن من كل مكان؛ داخليا وخارجيا٬ ولا يبدو بالأفق٬ وحتى الآن٬ أن الرئيس التركي ينوي عقلنة المواقف السياسية داخليا٬ أو استغلال هذه الأزمة التركية الداخلية العاصفة كفرصة لإعادة ترتيب الأوراق داخل تركيا أولا٬ بل الواضح أن الانفعال الآن هناك هو سيد الموقف٬ مما يعني أن أزمة تركيا تتعمق أكثر.... الحقيقة أن أزمة تركيا تعمقت٬ ولا خيارات سهلة أمام إردوغان.

وفي الدستور الأردنية، كتب ماهر ابو طير: دافع الاتراك عن الدولة، ودافع العرب عن اردوغان الزعيم، والاتراك ايضا رفعوا اعلام تركيا في كل مكان، والعرب انشغلوا بتصنيم اردوغان ورفع صوره؛ ذات اردوغان لو سألتموه، لاحتقر كل هذا التصنيم والذين مارسوه، فهو يعرف نهاية المطاف، ان له عمرا مقدرا عند الله، وسيرحل ذات يوم، فهل ستختفي تركيا بعده، والفرق كبير جدا بين التصنيم، والشعبية....أليس كذلك؟!.

ورأى رجا طلب في الرأي الأردنية أنّ الانقلاب المفترض لا يبدو باي حسابات منطقية هو انقلاب على اردوغان، بل بالمنطق هو انقلاب لصالح اردوغان بكل المقاييس.

ورأت افتتاحية القدس العربي ان الدرس المهم الذي يمكن الاستفادة منه بشأن الانقلاب هو أن الشعب والنخبة التركيين حسما قرارهما في حماية النظام السياسي الديمقراطي وأن لا رجعة للانقلابات العسكرية، لكنه، من ناحية أخرى، يجب أن يكون رسالة تنبيه كبيرة جدا لحكومة «العدالة والتنمية» واردوغان شخصيا أن التفويض يتعلق بالنظام الديمقراطي نفسه وليس بشخص بعينه، فالأشخاص يمضون والأنظمة تبقى.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.