تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السيسي في منتصف الطريق.. هل حمى مصر فعلاً؟

مصدر الصورة
sns

في الثامن من حزيران الحالي، أكمل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نصف فترته الرئاسية بعدما مضى عامان على تولّيه رسمياً منصب رئيس الجمهورية في العام 2014. بعد عامين من تولّيه المنصب الرئاسي رسمياً، وثلاثة أعوام من تصدّره المشهد السياسي وقيادته الدفّة فعلياً، لا يزال إنقاذ الدولة المصرية من السقوط على أيدي «الإخوان المسلمين»، وتفادي مصير دول أخرى في المنطقة هو الإنجاز الأهم الذي انعقدت به شرعية السيسي، الذي لا يزال محل تباهٍ وفخر منه، هو شخصياً، كما مؤيديه. ولكن بالنظر الى ما تواجهه الدولة المصرية حالياً من تحديات، فإن الإنجاز الأهم المنسوب للسيسي يحتاج الى مراجعة، فالدولة التي أنقذها يطلق عليها اليوم بنفسه وصف «شبه دولة»، في إشارة إلى أوضاع مؤسساتها وما تعانيه، بينما ينفي وزير خارجيته سامح شكري عن الدولة المصرية صفة الريادة الإقليمية، أو حتى السعي للريادة.

والحقيقة أن حديث رئيس الجمهورية ووزير خارجيته عن وضع الدولة المصرية يقترب كثيراً من الحقيقة، فالدولة المصرية أصبحت في وضع يصعب عليها فيه الدفاع عن مواردها المائية وحقوقها التاريخية فيها. بعد توقيع اتفاقية سد النهضة مع أثيوبيا، وقرب انتهاء العمل به من دون الالتفات إلى الأضرار التي ستلحق بمصر، والتي قد تصل إلى احتمال توقف توليد الكهرباء من السد العالي فضلا عن انخفاض حصة مصر من المياه. التنازل أيضا عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية يشير إلى ما وصلت إليه الدولة المصرية من ضعف. وبعيداً عن النقاش بشأن ملكية الجزيرتين، يبدو دفاع الدولة المصرية المستميت عن ملكية السعودية لتيران وصنافير، والذي بلغ درجة معاقبة من يدافع عن حق مصر فيهما، أمرا نادرا في التاريخ.

ربما كانت الدولة المصرية بالفعل، وفي ظل ما تعانيه المنطقة العربية، أفضل حظاً من دول أخرى، ولكنها من ناحية أخرى تعاني من تراجع واضح. ولا يتبدى ذلك في تراجع دورها في محيطها سواء العربي أو الإفريقي، واكتفائها بدور تسويق السلام مع إسرائيل، وضم دول عربية جديدة للتطبيع مع إسرائيل فحسب، وانما أيضاً على المستوى الداخلي، حيث تبدو الدولة المصرية، بعد عامين من حكم «منقذها»، عاجزة حتى عن تنظيم امتحانات الثانوية العامة بعد ظاهرة تسريب الامتحانات والغش الجماعي.

ولكن اللافت أن إنقاذ مصر من حكم «الإخوان المسلمين»، الذي كان يهدد بدولة دينية متعصبة وصراعات طائفية، تلته سياسات لا تختلف كثيرا في جوهرها عن الحكم الديني، فطوال العامين اللذين حكم فيهما السيسي، شهدت مصر ظاهرة حبس كتّاب وباحثين ومفكرين بتهمة ازدراء الأديان، كما شهدت أحداثاً طائفية، لا تختلف في شيء عما كان سيحمله الحكم الديني. وربما يكون تحذير دار الإفتاء الأخير للمجاهرين بالإفطار في نهار رمضان مؤشرا على مدى التسامح والمدنية اللذين تتمتع بهما الدولة المصرية... علاوة على ذلك، أصبحت القبضة الأمنية هي المحرّك الرئيسي للسياسة في مصر، حتى أن مركز «النديم» لتأهيل ضحايا العنف رصد في تقريره عن الانتهاكات في عامين من حكم السيسي أرقاما لم تتحقق في أي فترة أخرى.

وإذا أضفنا إلى تلك الانتهاكات محاصرة أحزاب واقتحام نقابات والطريقة التي تم تشكيل البرلمان بها لإقصاء أي معارضة، فإن النتيجة أن إنقاذ الديموقراطية من أيدي «الإخوان المسلمين» كان ثمنه الديموقرطية نفسها.

ربما يمكن تفسير الأزمة في الاقتصاد المصري على أنها جزء من الأزمة الاقتصادية العالمية، وأنها أيضا نتيجة للاضطرابات التي وقعت في مصر على مدار السنوات الخمس المنصرمة.... ولكن في قلب تلك الأزمة، التي يمكن إعفاء النظام من اسبابها، تبدو انحيازات النظام تجاه الطبقات الميسورة واضحة، لا سيما في القوانين والتشريعات الاقتصادية التي تخفف الأعباء عن الأغنياء وتضيف أعباء على الفقراء وتمنح مزايا جديدة للمستثمرين، أو في التمسك بسياسات الليبرالية الجديدة، التي أثبتت نتائجها الكارثية على المجتمع مرات عدة... ورغم أن نتائج الطريق الذي بدأ من عامين بدأت تظهر في منتصفه، إلا أن الرجل يبدو أكثر إصرارا على المضي من أي وقت مضى، أفادت السفير.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.