تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: أوباما من إيران وكوبا إلى فيتنام: أعداء أمريكا حلفاؤها؟

مصدر الصورة
sns

كرّس الرئيس أوباما، خلال زيارته فيتنام، مفهومه لتطبيع العلاقات مع الدول التي تعاديها واشنطن، وإن كان هذا المفهوم يعني في هذه الحالة رفع الحظر عن الأسلحة إلى هانوي، كما يحمل في طيّاته رسائل كثيرة إلى الصين. وحمل اليوم الثاني من زيارة أوباما لفيتنام رسائل مبطنة عدة إلى الصين، بعدما كان قد استهلّها، أول من أمس، بإعلان رفع الحظر الكامل عن مبيعات الأسلحة الأميركية إلى هانوي، مشيداً "بتعزيز العلاقات" بين البلدين اللذين كانا متعاديين على مدى عقود، فيما يجمعهما، حالياً، "القلق" من تحركات الصين. وطبقاً لصحيفة الأخبار، يأتي رفع الحظر عن تجارة الأسلحة مع فيتنام، في وقت تتصاعد فيه التوترات في بحر الصين الجنوبي، على رغم أن الرئيس الأميركي عقّب على القرار بالقول إن "الدافع لقرار رفع الحظر ليس المسألة الصينية، بل رغبتنا في إكمال عملية التطبيع الطويلة التي بدأناها مع فيتنام".

الرسائل الأميركية الى الصين، عبر فيتنام، كانت قد بدأت تأخذ منحى أكثر وضوحاً مع إعلان أوباما نيته زيارة هانوي، قبل أيام، لا سيما أن هذه الأخيرة تتقاسم مع بكين حدوداً على بحر الصين الجنوبي الذي طالما كان مدار نزاع بين الدول المطلة عليه. وشكل هذا البحر مادة مهمة من خطاب أوباما أمس، ومدخلاً إلى العزف على حساسيات المنطقة، بالقول إن بلاده ستقف مع شركائها لضمان حرية الملاحة البحرية والجوية في بحر الصين الجنوبي، مضيفاً أن "على الدول الكبرى ألا تستأسد على الدول الأصغر"، في إشارة إلى الصين، من دون أن يأتي على ذكرها بشكل مباشر.

زيارة أوباما لفيتنام هي الثالثة لرئيس أميركي، بعد بيل كلينتون وجورج بوش الابن، عامي 2000 و2006، ولكنّها تكتسب أهمية خاصة نظراً إلى أنه جرى تكريسها لتطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما أشار إليه أوباما بالقول إنها "رمز لتعزيز العلاقات، الذي حققناه في العقود الأخيرة".

علاوة على ذلك، تشغل الزيارة حيّزاً مهمّاً في رسم "إرث" أوباما السياسي، الذي كان قد بدأ يتشكل مع الاتفاق النووي مع إيران. كذلك فإنها تأتي لتستكمل مساعي التطبيع مع الدول التي تعاديها الولايات المتحدة، والتي بدأها مع كوبا، قبل أشهر، وتوّجها بزيارة "تاريخية" إلى هافانا.

ولكن مع مرور الوقت، تثبت التجربة أن المساعي الأميركية لا تعدو كونها خطوة شكلية، تعود بعدها الولايات المتحدة إلى سياستها وخطاباتها المعادية، من خلال انتقاد هذه الدول، على أكثر من مستوى، وهو أمر لم يغب عن خطاب أوباما، إذ تطرّق إلى ملف حقوق الإنسان الذي يعدّ مدخلاً دائماً لواشنطن للتدخل وفرض رؤيتها.

ورأت افتتاحية القدس العربي أنّ زيارة الرئيس أوباما الحاليّة لفيتنام، منظوراً إليها ضمن الحركة التي ابتدأت بالاتفاق النووي مع إيران، وبإعادة العلاقات مع كوبا وزيارتها، وصولاً إلى زيارته المرتقبة لهيروشيما (المدينة التي قصفها الأمريكيون بالقنبلة الذرّية خلال الحرب العالمية الثانية) تشكّل نقلة دراميّة ضمن سياق تاريخيّ مملوء بالمعاني. وأوضحت أنّ المعاني الاستراتيجية والرمزيّة التاريخية لعملية التصالح الأمريكية وأهمية الدينامية التي يتبعها أوباما مع خصوم الماضي قضايا لا تخفي المصالح الآنية لكل هذه النقلات المحسوبة وارتباطها بحسابات الحاضر الأمريكي لا بحقوق الانسان التي نافح عنها أوباما في كوبا وإيران وفيتنام، أو باحترام أرواح مئات آلاف اليابانيين الذين قُتلوا بالقصف النووي خلال الحرب العالمية الثانية.

ولفتت إلى أنّ أحد التفسيرات المباشرة للزيارة الفيتنامية (ولاحقا اليابانية) تظهرها سخرية صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني التي علّقت على قرار إلغاء حظر أمريكا بيع الأسلحة إلى فيتنام بالقول إنه يظهر رغبة واشنطن بتخفيف معايير حقوق الإنسان من أجل تحجيم الصين. حوّلت الصين مناطق صخرية نائية في بحر الصين الجنوبي إلى جزر بها مهابط طائرات وموانئ وهي تتنازع مع عدد من دول المنطقة وبينها فيتنام حقوق السيادة على هذا البحر وتجد أمريكا في فيتنام حليفاً ضروريّاً لها في هذه القضية الاستراتيجية وهو أمر تمّت الإشارة إليه بقول أوباما إن «الدول الكبرى يجب ألا تستأسد على الدول الأصغر»، وهو يقصد بالطبع الصين… وليس بلاده! وختمت الصحيفة بأن الحكاية الفيتنامية ـ الأمريكية (كما الحكايات الإيرانية والكوبية واليابانية) حمّالة أوجه ويمكن أن تقرأ بأكثر من اتجاه وتستطيع قلب الأعداء الطارئين إلى حلفاء ممكنين، لكنها لا يمكن أن تغيّر الخطر الصينيّ الجاثم على فيتنام، ولا الحسابات الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء بكين. هنا، لا في الدفاع المزعوم عن حقوق الانسان تكمن المسألة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.