تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السعودية في الزمن الصعب.. النمسا أول المتيقّظين إلى الوهابية!!

         تبدو الحكومة النمساوية جادة في نيّتها الانسحاب من «مركز الملك عبد الله للحوار بين الأديان والحضارات». فعلى الرغم من تحذيرات رئيس الجمهورية هاينز فيشر، ورئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في فيينا الكاردينال كريستوف شونبورن، وتريّث وزير الخارجية سباستيان كورس، يظهر أن ثمة توجهاً متزايداً نحو سحب البساط من تحت دعائم المركز. وهذا التوجّه أكده رئيس الحكومة النمساوية فيرنر فايمن، في حديثه إلى صحيفة «دير ستاندارد». رأى أن المركز لا يفي بتاتاً بمهمة الحوار، متهماً إياه بالصمت إزاء القضايا الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان. وقال «إننا لن نطيق هذا»، مضيفاً أنه من «الواضح بالنسبة إلي أننا يجب أن ننسحب من المركز». وعلى المقلب السعودي، لا يرى المدافعون عن عمل المركز مبرراً لهذه الدعوات، إذ يؤكد الأمين العام لمبادرة مسلمي النمسا، مضر خوجة، أن «مركز الملك عبدالله» قام بعمل رائع في مجال الحوار بين الديانات.

في خلاصة المشهد، يَظهر أن ثمة تمرداً نمساوياً حقيقياً ومتعاظماً على المؤسسات السعودية الفاعلة في البلاد، تمرّد قد لا يصل إلى حدّ المقاطعة والخروج النهائي من عباءة الشراكة الأوروبية ـ الملكية، لكن الجدل بشأن «مركز الملك عبدالله»، وعدد من المدارس والمعاهد والمراكز الثقافية السعودية في الغرب، يشي بأن القلق من التمدّد الوهابي في أوروبا بدأ يتعاظم، أفادت صحيفة الأخبار..

وفي السفير، وتحت عنوان: السعودية في الزمن الصعب، لفت عبد الله بو حبيب  إلى أنّ الغرب يقلق كلما مرض الملك السعودي، وتتكاثر المقالات والنظريات عن الخلافة واستمرار النظام. حدث ذلك في نهاية عهد الملك فهد ويحدث اليوم. لكن ما يزيد في قلق الغرب، في العقد الثاني من هذا القرن، أن مرض العاهل السعودي يأتي في وقت تواجه المملكة مشاكل داخلية وخارجية جمّة، وبعضها يصعب حله. في الداخل تواجه، أولاً، كما يعتقد المراقبون لأحوال السعودية ودول الخليج، مسألة الخلافة وقضايا اجتماعية وديموغرافية ومذهبية تتطلب معالجتها في المستقبل القريب. أما القضايا الخارجية التي تواجهها المملكة، فمعقّدة وصعبة وذات طابع سياسي وأمني تبدأ في اليمن، وتمتد إلى معظم الدول العربية والإقليمية. فالسعودية تقود المحور العربي في المنطقة، بينما تقود إيران وتركيا وإسرائيل المحاور الثلاثة الباقية وكلها متناحرة. المشكلة الأكبر التي تواجه المملكة في اليمن حيث يسيطر الحوثيون، حلفاء إيران، على معظم المنطقة الشمالية من اليمن (اليمن الشمالي سابقاً) التي كانت في معظم الأحيان، منذ انتهاء الحرب الأهلية بين الجمهوريين  و"الإمام" حليفة للسعودية. وفي البحرين تستمر تظاهرات الأكثرية الشيعية مطالبة بالمساواة والحرية والديموقراطية. وهذان البلدان يُعتبران من صميم السياسة «الداخلية» للمملكة واستقرارها. يبقى العراق في اهتمام السعودية بعد أن أفرز الاجتياح الأميركي له بدعم سعودي (2003) دولة بأكثرية شيعية وصديقة لإيران. تحاول المملكة اليوم، بمساعدة أميركية، تسليح القبائل السنية في وسط العراق وتأمل بإنشاء إقليم سني، على غرار الإقليم الكردي، يكون صديقاً لها، وربما فاصلاً بين شيعة إيران والعراق من جهة، والنظام السوري و«حزب الله» من جهة أخرى. غير أن الحكومة العراقية تمانع في تزويد القبائل بالسلاح الثقيل، كما تعارض بقوة إقامة إقليم سني وتصرّ على عراق موحّد ضمن الاعتراف بخصوصية الأكراد.

وتراوحت السياسة السعودية تجاه سوريا، بعد اغتيال رفيق الحريري العام 2005 بين المعاداة والمهادنة إلى أن وصل «الربيع» العربي إلى سوريا في آذار 2011. سعت المملكة عند ذاك إلى إسقاط النظام وتغيير الرئيس، وقامت بتدريب منظمات المعارضة خاصة الإسلامية منها وتسليحها وتمويلها. بعد صمود النظام وامتناع واشنطن عن المشاركة في الحرب السورية، تستمر المملكة في دعمها المعارضة، لكنها باتت اليوم أقرب إلى موقف واشنطن التي تسعى إلى الوصول إلى حل سياسي. وفي الخليج تزعج قطر المملكة وتبدو كأنها دائماً في مواقف معارضة للموقف السعودي. لكن ربما نجح الاجتماع الأخير بين الملك السعودي وأمير قطر في التقريب بين البلدين... العلاقة السعودية مع مصر ممتازة، والموقف المصري المتعاطف مع النظام السوري لا يزعج السعودية كثيراً، إذ ما يجمعهما أهم ومصيري للبلدين. أما لبنان وفلسطين فهما في أدنى الاهتمامات السعودية.

باختصار، أوجز بوحبيب، فإن المشاكل الداخلية والخارجية للسعودية التي استجدّ معظمها مع بداية هذا القرن، تشكل قلقاً كبيراً للغرب المعتمد على درجة عالية على السعودية من أجل تدفق البترول إلى الأسواق الدولية. كذلك يعتبر المراقبون الغربيون أن البديل من الأسرة المالكة هو نظام «داعشي» متطرّف قد يمتدّ إلى كل دول الخليج. لذلك يبقى الحفاظ على النظام السعودي من الأولويّات السياسيّة للدول الغربية، بخاصة واشنطن.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.