تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: واشنطن «تتبرأ» من غارة القنيطرة: إسرائيل تطارد «الأشباح».. وذعر في مستوطنات الشمال

مصدر الصورة
SNS

             استكمل حزب الله وجمهوره أمس، تشييع شهداء الغارة الإسرائيلية على موكب الحزب في القنيطرة، واختتمت قيادته مراسم تقبّل التعازي والتبريكات في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما كان لافتاً للانتباه أن فؤاد السنيورة «تجاوز نفسه» وقدم التعازي أيضاً عبر اتصال هاتفي أجراه مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل. وفي طهران شيّع الإيرانيون الجنرال محمد علي الله دادي، على وقع تهديدات قائد الحرس الثوري بعاصفة مدمّرة ستهبّ على اسرائيل.

.. أما وقد انتهت ترتيبات التشييع، فإن قلق اسرائيل من الردّ الآتي يسلك منحى تصاعدياً، ومتخذاً في بعض الاحيان شكل «نوبات عصبية» كما حصل أمس، في بعض المستوطنات الشمالية التي عاشت لحظات من الرعب والتوتر، وسط استنفار عسكري في مواجهة «الأشباح»، بعد تسريب أنباء عن تسلل أشخاص عبر الحدود اللبنانية، سرعان ما تبين عدم صحتها. وفيما ألغى عدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين زيارات الى الخارج، بسبب الوضع المستجد، قال رئيس بلدية مستوطنات «كريات شمونة» إنه من الصعب جداً للسكان الاستمرار في هذا التوتر والخوف.

وأفادت السفير في تقريرها أنه بدا واضحاً أن محاولة مصدر اسرائيلي، أمس الاول، الترويج لفكرة أن الجنرال الإيراني لم يكن مستهدفاً بالغارة الجوية، وأنه قتل عن طريق الخطأ، وُلدت ميتة ولم تجد أي صدى لها، لا لدى حزب الله وطهران، ولا لدى الأوساط الاعلامية الاسرائيلية التي تعاطت مع توضيح هذا المصدر بشيء من السخرية.

وتعبيراً عن ارتفاع منسوب المخاوف من تدهور واسع، أفادت السفير أن السفير الأميركي ديفيد هيل في بيروت طلب موعداً من الرئيس تمام سلام لإبلاغه قلق بلاده ومتابعتها عن كثب ما يجري من تطورات على طول الحدود السورية ـــ الإسرائيلية واللبنانية ــــ الإسرائيلية. وشدّد هيل على أهمية التزام جميع الأطراف المعنية بالقرار 1701 وقال إن بلاده تجري اتصالات مع بعض العواصم المعنية من أجل الحث على ضبط النفس وإبقاء الموقف قيد السيطرة. ولاحظ أن نبرة الكلام الإسرائيلي عن خطأ في تقدير طبيعة الموكب هو خطوة إلى الوراء، نافياً أن تكون واشنطن على علم بالغارة مسبقاً. وأوردت السفير أنّ الجهات المعنية في «حزب الله» ناقشت ليل أمس، إمكانية تنظيم احتفال مركزي في مجمع «سيد الشهداء» في الضاحية، يوم الأحد المقبل، لإحياء ذكرى اسبوع شهداء القنيطرة، على ان يلقي خلاله السيد حسن نصرالله «الكلمة المنتظرة».

تخبّط اسرائيلي: ومع استمرار صمت حزب الله حتى اليوم، ترك الإسرائيليون لمخيّلتهم أن تعمل بطاقتها القصوى، وذهب بعضهم الى «التبصير»، راسماً العديد من السيناريوهات الافتراضية حول طبيعة الرد!

وأكّد المعلّق الأمني في صحيفة يديعوت أحرنوت، رونين بيرغمان أن إسرائيل تخشى منذ زمن طويل من تسرّب صواريخ بر ـــ بحر روسية الصنع من طراز «ياخونت» من سوريا إلى حزب الله. وتقدّر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن توفّر هذه الصواريخ لدى حزب الله من شأنه أن يعرّض للخطر بشكل جوهري منصّات الغاز والنفط الإسرائيلية في البحر المتوسط. ونقل بيرغمان عن مصادر استخبارية غربية تحذيرها من احتمال أن يرد الإيرانيون وحزب الله على الغارة الإسرائيلية باستهداف منصات استخراج الغاز الإسرائيلية في الحقول البحرية.

والى جانب الانشغال بتقدير الاشكال المحتملة للرد، ارتفعت في داخل كيان الاحتلال أصوات المنتقدين لغارة القنيطرة. وازدادت حدة الانتقادات على وجه الخصوص بعد الارتباك الذي طبع الأداء الرسمي لحكومة نتنياهو من ناحية، وبعد تزايد الشبهات بأن دوافع انتخابية، وليست عملياتية، وقفت خلف القرار بشنّ الغارة.

في غضون ذلك، أكّد وزير الحرب الاسرائيلي، موشيه يعلون، أن «التوترات مع حزب الله لن تؤدي الى حرب في نهاية المطاف»، مشيراً في لقاء مع موقع «اسرائيل نيوز 24» العبري، إلى أن الحزب «لا يزال قادراً على تفجير عبوات في مزارع شبعا واطلاق الصواريخ». ورداً على سؤال حول التهديدات التي أطلقها الحزب انتقاما لشهدائه، قال يعلون إن أصابع الاتهام دائماً توجّه الى إسرائيل في أي نشاط في المنطقة، وعلينا بالتالي أن نكون على استعداد دائم للردّ. أما بالنسبة لشهداء القنيطرة، فاكتفى يعلون بالقول: لا تعليق.. فهؤلاء أشخاص ينتمون إلى محور الشر.

وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة مع القناة العبرية الأولى، إن حزب الله يعرف جيداً «المعادلة التي أرستها إسرائيل بعد حرب لبنان الثانية والتي تنص على أن أي مساس بالمدنيين يعني إعادة لبنان عشرات السنين إلى الوراء»، متوعداً بضربة قاسية للبنى التحتية اللبنانية في حال حصول «أي استهداف لإسرائيل سواء أكان من الحكومة اللبنانية أو من جزء منها». لكن، وفي مقابل سعي المسؤولين الاسرائيليين الى التخفيف من وطأة الاحتمالات المقبلة، اعتبرت يديعوت أحرونوت أن اسرائيل جلبت لنفسها موجة من العمليات المقبلة، كانت في غنى عنها. وأشارت في مقالها الافتتاحي الى أنه عند اختبار نتيجة الفعل الاسرائيلي في القنيطرة، لا بدّ من القول إن هناك خللاً ما، وربما خللين صاحبا وسبقا القرار بتوجيه الضربة، خللاً عملانياً استخباريا، الى جانب خلل في اتخاذ القرار. وتطرقت الصحيفة الى كلام المصدر الأمني الاسرائيلي رفيع المستوى لوكالة رويترز والذي أكد فيه أن تل أبيب لم تكن تقصد اغتيال الجنرال الايراني، فرأت ان «نصف الاعتذار الذي صدر عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يخفف الخلل الأول، بل فاقمه».

وكتب معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة اليكس فيشمان أن «تعامل اسرائيل مع عملية القنيطرة تحول من ارتباك الى ذعر». واعتبر فيشمان أنه «إذا لم تكن إسرائيل تعلم بوجود الجنرال الايراني في الموكب المستهدف في القنيطرة، فإن المسألة تتعلق كما يبدو بخلل استخباري، وفي حال اعترفت بالخطأ، فينبغي أن يكون هناك من سيحاسب ويدفع الثمن». وختم فيشمان بأن «رائحة غير جيدة ونتنة تفوح من طريقة اتخاذ القرار، ومن مستوى الاستخبارات، ومن إدارة الأمور بعد العملية».

وطرح المعلق العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئيل مجموعة أسئلة على لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، ومن بينها: هل مغنية كان الهدف لهذا الاغتيال أم أن منفذي العملية خططوا مسبقا للتعرض لحياة الجنرال الايراني الذي سافر معه في القافلة؟ هل الاستخبارات العسكرية عرفت أن الجنرال الإيراني كان هناك؟ وهل الربح المتوقع من اغتيال مغنية الشاب، يفوق الضرر المحتمل في حالة تدهور الوضع؟ وتساءل عن مدى استعداد الجبهة الداخلية الاسرائيلية لمواجهة نشوب الحرب التي يهدد فيها حزب الله بإطلاق عشرات آلاف الصواريخ والقذائف على المراكز السكانية؟

وفي معاريف الأسبوع كتب بن كسبيت أن الفضيحة بلغت الذروة حينما أبلغ مصدر مسؤول وكالة رويترز أن «اسرائيل لم تعرف بوجود الجنرال الايراني رفيع المستوى في القافلة التي تم تفجيرها، وأن هذا الجنرال لم يكن هدفا». وأضاف كسبيت: هذا التسريب لرويترز حطم كل الأرقام القياسية للضحك. فقد أعلنت اسرائيل أنها لم تستهدف قتل الجنرال الايراني في ذلك التفجير الذي لم تنفذه. هناك في القدس من خشي من تهديدات الانتقام الايرانية وسارع الى الهمس بأننا لم نقصد ذلك، لكنه بالطريقة التي استخدمها بعدم الوضوح جعل من نفسه أضحوكة.

وفي لبنان، أكد الرئيس نبيه بري أن «الجريمة الإسرائيلية في القنيطرة تنطوي على أبعاد خطيرة». وإسرائيل ارتكبت خطأ استراتيجيا، وأن اللعب بالنار لا يعني أن النار لعبة، وبهذه الجريمة تكون اسرائيل وضعت ايران على حدودها وعلى تماس مباشر معها.

وقال النائب وليد جنبلاط إنّ الغارة الاسرائيلية على القنيطرة هي نوع من ترسيم خط تماس متقدم بين إسرائيل وإيران، وفيه شيء من الحسابات الانتخابية لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، وقد يكون أيضاً محاولة إسرائيلية للتشويش على المفاوضات الأميركية - الإيرانية ومنع التوصل الى تفاهم نووي.

وعنونت صحيفة الأخبار: ذعر في إسرائيل. وأفادت أنّ إسرائيل انتقلت أمس من مرحلة القلق إلى مرحلة الذعر، بعدما أخفقت محاولة احتواء غضب إيران وحزب الله، عبر تقديم مبررات تخفيفية «مخادعة»، و"اعتذار" غير مباشر، كما ورد على لسان مصدر أمني رفيع أول من أمس. فيما سيطرت على المستوطنات الشمالية أمس حال من الهلع بعد تداول المستوطنين أنباءً على اجتياز مجموعة من حزب الله للحدود، لتنفيذ عمليات «خطف».  بالمقابل، واصلت الجهات المعنية في حزب الله التدقيق في تفاصيل الاعتداء، ودرس المعطيات المحيطة بالعدوان، ووضع مقترحات امام قيادة الحزب بشأن رد بات الجميع يتصرف على انه حاصل حتما.

وطبقاً للأخبار، تتصرف المقاومة بوضوح ازاء نتائج العدوان. وهي لا تقف امام كل «التوضيحات» او «التفسيرات» او «الاعتذارات» التي يقدمها العدو، وتجد نفسها، كما كل مرة، معنية بتثبيت قواعد الردع والعقاب مع العدو. مع الاخذ في الاعتبار الاستحقاق المتعلق هذه المرة بتوسع حدود الجبهة الشمالية من شبعا في لبنان الى كامل حدود الجولان السوري المحتل.

وكان اللافت محلياً، حصول بعض الاتصالات غير المعلنة، والتي لم تترافق حتى الان مع تصريحات علنية، لكنها تركز من جانب فريق 14 اذار في الحكم وخارجه، على « الا يرد حزب الله على العدوان باعتباره حصل خارج الاراضي اللبنانية».

وأفادت الأخبار أنّ الإعلام العبري بدأ يرفع الصوت بانتقاد قرار الهجوم المتسرع في القنيطرة الأحد الماضي، لعدم موازنته بين الفائدة والثمن المقدر دفعه، وسط مطالبات بالتحقيق في الخلل الاستخباري الذي لازم الهجوم، وفشل أداء المؤسسة السياسية في أعقابه. ولفتت إلى دعوة معلق الشؤون العسكرية في هآرتس، عاموس هرئيل، أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست إلى التفرغ للتداول في «الأزمة الأمنية المقبلة»، وتحديداً التهديدات العلنية لإيران وحزب الله.

وانتقد معلق الشؤون السياسية في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، الاعتداء في القنيطرة، مؤكداً أنه يعاني خللاً واضحاً. وأوضح: «الحدث في الجولان السوري وقع نتيجة خلل. والاعتذار من محفل إسرائيلي مغفل أمس (الأول)، بأن الجنرال الإيراني اغتيل خطأ، لم يغطِّ على الخلل الأول، بل فاقمه. وهو دليل على أن الإعلاميين المشككين ليسوا وحدهم من يعتقدون بأن الخلل قائم، بل وأيضاً محافل في المؤسسة الأمنية». وأضاف أن «من المحتمل أن تكون العملية قد شابها خلل عملياتي، وخلل في عملية اتخاذ القرارات، إذ لا يمكن تنفيذ عمل كهذا من دون إذن من المؤسسة السياسية، أي رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ما يعني أن القيادة السياسية هي المسؤولة في نهاية المطاف».

أما صحيفة إسرائيل اليوم، المقربة من بنيامين نتنياهو، فتصدّت للدفاع عن قراراته ومحاولة إسكات المنتقدين، بذريعة المصلحة الإسرائيلية، وأشارت في مقال تحت عنوان «على إيران الكفّ عن إطلاق التهديدات»، إلى أن إسرائيل لا تستطيع التوقف عن محاربة التنظيمات الإرهابية، وليس لها إلا أن تقوم بين حين وآخر بإرسال رسالة إلى زعماء الإرهاب، بأنهم لا يستطيعون العيش بأمن مطلق.

واعتبر ابراهيم الأمين في افتتاحية الأخبار أنه وبعد انتهاء مراسم دفن الشهيد عماد مغنية، قبل نحو 7 سنوات، اجتمعت العائلة في منزل الجدّ. ومع قليل من الهدوء، سمع الحضور سؤالاً مباشراً: من منا سيخرج غداً ليقول للجميع، للأهل والرفاق، وللعدوّ، بصوت عال: نحن لم نُقتل؟ نظر الجميع إلى مصطفى، الابن البكر للشهيد الكبير. مصطفى رفيق والده. كان إلى جانبه في كثير من الرحلات والأوقات. ربما سمع منه الكثير بما يزيد على ما سمعه بقية إخوته. لكنه لم يتأخر في إجابة واضحة: لست أنا من يصلح لهذه المهمة!

كان واضحاً، لمن بيده القرار في تلك اللحظات، أن مصطفى يرسم لنفسه الإطار الذي يحبّ، وأنه يريد أن يُعفى من هذه المهمة. التفت الجميع صوب جهاد. الشاب الصغير الذي يتوسّط مصطفى وفاطمة. عرف أن الخيارات تضيق أمامه. ربما كان أكثر استعداداً لمهمة من هذا النوع. وافق... وجرى ترتيب الخطاب والتدرب عليه. عندما اعتلى المنبر، لم يكن أحد يتوقع أن يطل على الجموع كرجل أكبر من عمره. لم يكن هادئاً فحسب. بل كان خطيباً مقنعاً بـ«إننا لم نقتل»! وأضاف الأمين: الشاب الحيوي، دفعته لحظة الخروج إلى الضوء نحو اختبارات مكثّفة في أبواب كثيرة. مع الوقت، لم يكن ممكناً قمع الاندفاعة التي تقوده إلى التطوّع لأدوار كثيرة. المسألة، هنا، لا تتعلق، فقط، بكونه ابن «قائد الانتصارين»، بل لأنه يحصل على فرصة إثبات الذات في مواجهة متطلبات صعبة. كان جهاد يسعى إلى انتزاع صفة الوريث الشرعي لمسيرة لا يحتاج من ينتمي إليها، لمن يشرح له أن الجائزة الكبرى فيها، هي الموت شهيداً.

وتحت عنوان: شكراً نتنياهو، لفت سامي كليب إلى أنه لم يصدق قائد اسرائيلي مع العرب بقدر صدق بنيامين نتنياهو. ولم يخدمهم قائد اسرائيلي سياسياً بقدر ما خدمهم نتنياهو. ولو كان للعرب أن يختاروا رجل العام لربما اختاروه. لعله بقراره الغبي الأخير ضَرْبَ مجموعة من شباب حزب الله وجنرال ايراني من الحرس الثوري في الجولان، قدّم هدية سياسية واستراتيجية هائلة لإيران وسورية والحزب. نتنياهو صادق مع العرب لأنه، منذ وضع كتابه «مكان بين الامم»، وهو ينفّذ حرفياً أفكاره. مختصرها، كما أوضحها هو نفسه، «لا دولة فلسطينية. لا قدس. لا مجال امام الفلسطيني سوى القبول بدولة يهودية. الاردن وطن بديل. لا عودة الى حدود 1967. العرب لا يفهمون سوى بالقوة».

وأضاف كليب: نتنياهو صادق أيضاً لأنه لا يزال يعتبر ايران أولاً، ثم سورية وحزب الله، في طليعة أعدائه. أثبت بعدوانه الأخير في الجولان أنه لن يقبل مطلقاً أن تمضي أميركا وخلفها الغرب في توقيع اتفاق نووي. ها هو، اذاً، ينفّذ ما وعد به دائماً من أنه سيتصرف وحده حتى ولو لم تقبل أميركا. صِدقُ نتنياهو يخدم محور المقاومة خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية. فهو أعاد شيئاً من التعاطف العربي مع حزب الله، وبعث شيئاً من الشعور القومي عند السوريين، وأكد مقولة المحور الممتد من موسكو الى طهران فسورية ولبنان بأن لإسرائيل مصلحة كبيرة في تدمير سورية.

وصدقه خدم أيران أيضاً لأنه سلَّمها مفتاحاً مهماً في التفاوض. للمرء مثلاً أن يتخيل الآن المبعوثين الأميركيين يهرعون الى طهران آملين بإقناعها عدم الرد. والقيادة الايرانية ذات الخبرة الواسعة والقديمة في فنون التفاوض، ستحرق أعصاب الاميركيين واسرائيل بعدم الافصاح عما ستفعل. هي كانت مهّدت لهذا الهلع الغربي والاسرائيلي، بتصريح من قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري هدّد فيه اسرائيل بـ «صاعقة مدمرة».

وتابع كليب: سعى نتنياهو للإفادة من الهجمات التي تعرضت لها مجلة «شارلي ايبدو» ومتجر يهودي في فرنسا، فجاء يتصدر طليعة المتظاهرين ضد الارهاب. الآن تُصدر الأمم المتحدة تصريحاً واضحاً بأن اسرائيل هي المعتدية في الجولان وهي التي تخرق القرارات الدولية. وصِدقُ نتنياهو سمح لحزب الله بالتمتع الآن بذريعة ممتازة للرد حين يشاء وأينما أراد. هذا كان قبل العدوان الاسرائيلي الاخير على الجولان صعباً، نظرا لانقسام اللبنانيين حول الأمر ومعاداة قسم منهم للحزب ولمفهوم المقاومة، خصوصا بعد اشتراك الحزب بالحرب في سورية.

وصِدقُ نتنياهو، أيضاً وأيضاً، جعل «حمائم» السلام والتفاوض الفلسطينيين ييأسون منه، فيتحدّون تهديداته ويذهبون الى مجلس الامن للاعتراف بدولتهم، ثم الى محكمة الجنايات الدولية. وصِدقُ نتنياهو، أخيراً، كشف للمجتمع الاسرائيلي أن الرجل مستعد للتحالف مع الشيطان، وليس فقط مع غلاة التطرف والتشدد الديني والعنصرية في بلاده للبقاء في السلطة. الآن بقاؤه أو عدمه صار بيد ايران وحزب الله. فهل ثمة من يستحق الشكر على توضيح الصورة أكثر من نتنياهو؟ يوماً ما قد تفهم اسرائيل أن الشبان في عمر الورود، كجهاد مغنية، لا يستشهدون حباً بالموت، بل لأن وجوههم النضرة وأياديهم الطرية تحب الحياة... بكرامة.

وتساءل جان عزيز  في الأخبار أيضاً، ماذا لو كانت واشنطن، ومعها موسكو مثلاً، ولو بغض نظر أو تقاطع حسابات، قد قررتا ترتيب بعض الساحات المتفجرة، ومنها دمشق. وهو ترتيب يقضي بإعادة رسم الموازين والقوى. وفي هذا السياق، ماذا لو كان الحجم الإيراني – الحزبللاهي قد أضحى أكبر من أي تسوية ممكنة؟ فطهران التي تمتد تلقائياً في الخليج، وطهران التي تحسم في اليمن، بين حدود عسير السعودية – اليمنية سابقاً، وبين باب المندب، ثاني نوافذ النفط الخليجي على العالم، وطهران التي باتت شريكاً كامل الشراكة في دمشق، بحسب رؤية الثنائي الأميركي – الاسرائيلي، وطهران التي عجزت كل محاولات الاحتواء المزدوج والمتعدد، من احتضان تركيا لـ «داعش» إلى احتضان اسرائيل لـ «النصرة»، في ضبطها.. هذه الطهران لم تعد تناسب حسابات اسرائيل طبعاً. لكنها أيضاً لم تعد تناسب حسابات أميركا، وربما روسيا، وربما غيرها من الجهات المعنية بالتسويات، أو الراغبة في إنجازها قبل الإنهاك أو الزوال؟!

في هذه الحال، تكون غارة القنيطرة مفتوحة على احتمالات التصعيد الأعلى سقوفاً وعنفاً. ذلك أنها تطرح على طرفي الصراع، ومن معهما وخلفهما، سيناريو من نوع الحرب الوجودية والصراع البقائي. وهو السيناريو الذي قد يحمل الإرهاصات الأكثر سوءاً لمرحلة ما بعد القنيطرة.

وأضاف عزيز: غير أنه وسط تلك الفرضيات المختلفة والمتعددة، تظل ثمة مسألة لافتة، لا بل تلامس المفارقة. إنها العلاقة بين هذا المثلث اللبناني - السوري – الاسرائيلي. فعلى مدى عقود، كانت ثمة معادلة مسلم بها من قبل الأطراف الثلاثة، ولو من دون إعلان أو حتى بخجل وعيب، مفادها أن لبنان هو الحلقة الأضعف في هذا المثلث. وبالتالي فإن أي تبادل اسرائيلي – سوري، يكون على حسابه، لا بل على أرضه. حتى باتت هذه المعادلة قاعدة شبه قانونية دولية، منذ العام 1990 حتى العام 2004. السوري يستخدم جبهة جنوب لبنان لتبادل الرسائل مع العدو، كما كل من يقف خلفه. واسرائيل تحصر ردود فعلها في الساحة اللبنانية، من باب «التعامل بالمثل». قاعدة بدا واضحاً أنها سقطت بعد خروج الجيش السوري من لبنان. وكان أول مؤشر لسقوطها ذهاب الطيران الاسرائيلي إلى قصف شمال سوريا في أيلول 2007. غير أن سقوط تلك القاعدة لم يتوقف عند هذا الحد. بل تدهور أكثر بعد اندلاع الأحداث السورية، وبعد دخول حزب الله طرفاً في تلك الحرب. حتى أن الأدوار انعكست كلياً، في ثلثي المثلث السابق. لبنان لم يعد صندوق بريد. ربما لأنه لم يعد الضلع الأضعف. سوريا تحولت ساحة لكل حروب المشرق. وحدها اسرائيل ظلت تحتفظ بدورها، المعتدي، قبل وبعد.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.