تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـSNS: الإسرائيلي يركّز على الاحتواء: ما الذي انتهت إليه الأمور؟

مصدر الصورة
SNS

 أفادت صحيفة الأخبار أنّ خصوم المقاومة، في لبنان والمنطقة، لم يجدوا مادة إسرائيلية تساعدهم على اعتبار ما حصل في مزارع شبعاً أمراً عادياً، مع أن كثيرين من أنصار إسرائيل، في لبنان والعالم العربي، ذهبوا الى أبعد من ذلك بالقول إن العملية جاءت ضمن تفاهم غير مكتوب مع العدو نفسه. ولكن بعيداً عمن يريد البقاء في ضفة العدو، كيف تصرفت إسرائيل مع عملية المقاومة، وما الذي انتهت إليه الأمور؟

أولاً: ظاهر الأمر يشي بأن العدو أدرك صعوبة السير في لعبة الردود التي قد تقود الى مواجهة تتدحرج الى حرب شاملة. لكن «الغدر» الذي يميز إسرائيل لا يقفل الباب أمام حماقة جديدة كالتي قامت بها في القنيطرة. وهذا ما يعيدنا الى فلسفة «البيان رقم 1» الصادر عن المقاومة الاسلامية.

ثانياً: عندما قرر العدو «احتواء الموقف»، تصرف وفق حسابات عملانية. وهذه الحسابات أساسها رسائل حزب الله.... وهذا يعني، بالنسبة إلى إسرائيل ولغيرها، أن حزب الله، الذي أشيع الكثير عن «صعوبة وضعه» نتيجة انخراطه في الحرب الى جانب الجيش السوري، حاضر ومستعد للقيام بدوره المركزي في قلب حركة المقاومة، بمعزل عن دوره في سوريا.

ثالثاً: بات الجميع يدرك أنه وفق قواعد الاشتباك القائمة اليوم، فإن إسرائيل غير قادرة على التصرف من دون ردّ مقابل، وإن أي محاولة لتعديل الوقائع تتطلب تغييراً جوهرياً في موازين القوى. وهذا يعني، ببساطة، القيام بحرب واسعة. فهل إسرائيل قادرة على ذلك؟

رابعاً: من المنطقي، مع تيقّن قادة العدو من أنهم غير قادرين على تحمل تبعات مواجهة عسكرية تقود حتماً الى حرب واسعة، أن يكون القرار الذي لم يصدر عن المجلس الامني الأعلى في إسرائيل هو الطلب الى أجهزة الاستخبارات، على مختلف أنواعها، الشروع، وسريعاً، في اغتيال كوادر وقيادات في المقاومة من خلال عمليات أمنية يمكن تصنيفها في خانة الحرب الأمنية المفتوحة وغير المتوقفة بين المقاومة وإسرائيل. وهذا يعني أننا سنكون، في المرحلة المقبلة، أمام سخونة أمنية تقابل البرودة على الجبهات العسكرية.

خامساً: سيعمد العدو الى ابتداع سياسة عملانية سريعة في منطقة جنوبي سوريا والمناطق القريبة من الجولان المحتل، تلزمه بالاتكال أكثر على المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام هناك، بغية مساعدتها على تحقيق نتائج تؤدي الى إبعاد حزب الله عن المناطق السورية المحتلة.

سادساً: وهو الأمر الأكثر إيلاماً، ويتعلق بالجبهة الداخلية اللبنانية، حيث سنشهد تنفيذاً لأمر عمليات صدر بالأمس، باستعادة الهجوم على المقاومة من زاويتين: الأولى من خلال تكرار معزوفة قرار السلم والحرب، والثانية من خلال اعتبار بطولة المقاومة عملاً «متفقاً عليه»!

ووفقاً للسفير، انتهى رد حزب الله على قيام إسرائيل باغتيال شهداء القنيطرة بنتيجة مرضية تقريباً للطرفين، حيث لم يندفع أي منهما إلى التصعيد بعده. الأول شعر بأنه نفّذ عملية مدروسة جيدا ومجزية له من الناحيتين المعنوية والعسكرية وتحافظ على قواعد لعبة حاول الثاني تخريبها. والثاني استشعر أن نتائج العملية كان يمكن أن تكون أشد كارثية وأن التصعيد كفيل بجباية أثمان باهظة ليس على استعداد لدفعها الآن. باختصار، وبالرغم من كل ما يقال، أظهر حزب الله قدرته على اختيار لحظة الرد ومكانها وبيّن استعداده للمواجهة الشاملة.

وأوضح تقرير في السفير أنه يمكن القول إن من رفضوا التهليل لإقدام نتنياهو على إرسال سلاحه الجوي لاغتيال شهداء القنيطرة في مقامرة غير مدروسة، كانوا أول من اعتبروا النتيجة مرضية. بل إن ناطقين إعلاميين بلسان حكومة نتنياهو، مثل محرر إسرائيل اليوم، دان مرغليت، أشادوا بضبط الجيش الإسرائيلي لنفسه وعدم الانجرار نحو التصعيد. وكانت هآرتس أبرز من انتقد الغارة الجوية حينها وأول من أشار إلى أن رد حزب الله كان «ثمن العملية الاستعراضية».

وبعد أن أشارت افتتاحية هآرتس إلى أن الغارة الجوية قرب القنيطرة، والتي أودت بحياة كوادر من حزب الله وجنرال إيراني، كانت «مغلوطة من ناحية عملياتية واستراتيجية»، قالت إنها أيضا «تطرح علامات استفهام على اتزان مقرري السياسة – رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الاركان». وعددت الصحيفة مواضع الشبهة الانتخابية في قرار نتنياهو المصادقة على العملية، وربطت بين التحقيقات بفساد حزب ليبرمان ومطالبته بالرد «بشكل غير متناسب» على عملية حزب الله. وطالبت قادة المعسكر الصهيوني بمنع التصعيد والاستفزازات والتصدي «لحكم الخوف والحرب الذي يمثله نتنياهو».

وانتقد كبير معلقي يديعوت أحرنوت ناحوم بارنيع موقف حكومة نتنياهو. واعتبرها حكومة لا تمتلك سياسة. وربط بين دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس ورد الفعل الأميركي عليها وسلسلة العمليات الفلسطينية واقتراب الضفة من الغليان واغتيال شهداء القنيطرة وعملية حزب الله واعتبرها جميعها «نذير شؤم». وفي إشارة لافتة، وبرغم تهديدات نتنياهو بأن «من يقف خلف الهجوم اليوم، سيدفع كامل الثمن»، كتب بارنيع أن «اسرائيل عمليا بذلت كل ما في وسعها كي تحتوي الحدث». وأجرى بارنيع حسابا مع تبريرات نتنياهو للتصعيد وهي أن ايران أمرت «حزب الله» بالاستيلاء على طول حدود اسرائيل، من مزارع شبعا حتى منطقة القنيطرة وأنه محظور على إسرائيل السماح بذلك. وتساءل: «في واقع الامر لماذا؟ لنفترض أن ايران أمرت حزب الله بتوسيع انتشاره حتى شمال الهضبة؛ لنفترض أن حزب الله يعتزم عمل ذلك. فهل هذا سيئ جدا؟ هل من الافضل لإسرائيل أن تجلس في هضبة الجولان أمام قوات داعش أو أمام جبهة النصرة، منظمة مجنونة أخرى متفرعة عن القاعدة؟ فأمام منظمات كهذه نحن نجلس اليوم، من القنيطرة جنوبا، ولم اسمع أن اسرائيل فتحت ضدها حربا. فلماذا نواصل العيش في حنيتا والمطلة، في مسغاف عام وفي دوفيف، في كريات شمونا وفي شلومي، أمام حزب الله ولا يمكننا أن نعيش امامهم في هضبة الجولان؟ وسؤال آخر، إذا كان مسموحا، لماذا صفي الجنرال الايراني؟ لماذا صفي في عملية شبه علنية؟ ما الذي قرر هذه العملية، ومن أخاف ومن ردع، باستثناء مئات آلاف المواطنين الاسرائيليين الذين يسكنون على حدود الشمال؟»

وكان المعلق العسكري لهآرتس، عاموس هارئيل واضحا حينما أشار إلى أن حزب الله رد فقط «بشكل محسوب ومحدود» ممتنعا عن تنفيذ عمليات أوسع أو فتح جبهات جديدة. واعتبر أن الرد العسكري الإسرائيلي وفقا للروحية السائدة في الجيش يظهر أن «اسرائيل تسعى إلى التهدئة وليس إلى التصعيد». وأوضح أنه حتى إذا كان نتنياهو ينوي إظهار الحزم عشية الانتخابات فإن «الحرب مع حزب الله هي شأن مختلف تماما. من الصعب معرفة كيف يمكن لحرب كهذه أن تخدم نتنياهو....». وشدد على أن لنتنياهو مصلحة واضحة، كما يبدو، في إنهاء هذه الجولة مثلما يبدو أن حزب الله ملتزم بمنازلة محدودة. وقد أبدى هارئيل أمله بأن يكون الحدث قد انتهى وأنه ليس ذاهبا للتصعيد. لكنه لا يشتق من ذلك أن المنازلة مع «حزب الله» انتهت حيث «يبقى التساؤل مثاراً حول احتمال استمرار التطورات في الجبهة الشمالية. فمن المنطقي الافتراض بأن حزب الله سيواصل الاعتماد على قوافل السلاح المتطور من إيران والتي تصل إلى لبنان عبر الاراضي السورية. في هذه الحالة، هل ستواصل اسرائيل ضرب القوافل التي تنقل السلاح النوعي لحزب الله في المستقبل، مع علمها أن حزب الله سيرد على هذه الضربات في جبهة الجولان ومزارع شبعا».

وخلافا للمعلقين التقليديين، حتى ممن ينتقدون نتنياهو وحكومته، كتب المعلق في «معاريف الأسبوع» ران أدليست أن الجيش الإسرائيلي «عاد إلى قواعد اللعب»... ومع ذلك يبين أن ترسانة إسرائيل محدودة: فكل رد جوي ومدفعي من جانب إسرائيل لا يشبع رغبة ليبرمان في الانتقام والدخول البري غير وارد والعمليات «الجراحية» تنطوي ولو على احتمال ضئيل بالفشل.

ونصح الجنرال غيورا آيلاند الذي سبق أن خدم كمستشار أمن قومي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، الجيش الإسرائيلي بمعالجة نقطة الضعف الأساسية وهي مواجهة ليس حزب الله وإنما لبنان. وفي مقالة نشرها أمس في يديعوت، كتب أن سلاح حزب الله الأساسي، الصواريخ، لم يتضرر بل تعاظم، برغم انشغاله في الحرب في سوريا. وفي وضع كالقائم في لبنان لا وجود لردع ناجع لحزب الله إن لم يكن مفهوما أن «الحرب ستؤدي الى دمار لبنان وليس فقط الى ضرب حزب الله». واعتبر أن هذا كان خطأ إسرائيل في حرب لبنان الثانية إذ لا يمكن لإسرائيل الانتصار إلا إذا كان ردها حربا معلنة ضد لبنان.

وأوضحت رندة حيدر في النهار أنّ ردة الفعل الإسرائيلية على عملية حزب الله الاخيرة في مزارع شبعا تشير الى ان توجه حكومة نتنياهو حتى الساعة هو نحو "احتواء" الهجوم وتأجيل الرد عليه الى وقت آخر وظروف مختلفة، وهذا على عدم رغبة إسرائيل اليوم في التورط في عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب الله في لبنان قد تتطور الى حرب واسعة النطاق، لكنه يعكس أيضاً التخبط الإسرائيلي والعجز عن تنفيذ التهديدات بالرد بقوة وعنف على اي عمل عسكري تتعرض له اسرائيل من لبنان... لكن الموقف الإسرائيلي الاحتوائي الراهن ليس هو الموقف الاخير. فالهجوم الاخير للحزب وضع إسرائيل امام واقع جديد وتحد مختلف، فهي اليوم في مواجهة جبهتين: جنوب لبنان وهضبة الجولان، وأمام خطرين: حزب الله والحرس الثوري الإيراني. كل ذلك يضعها في موقع حرج ويفرض عليها مقاربة مختلفة.

واعتبرت افتتاحية الوطن العمانية أنّ العملية المباركة التي ردت بها المقاومة اللبنانية على العدو الإسرائيلي جاءت لتقدم رسائل كثيرة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه وعملائه ووكلائه الدوليين والإقليميين وبعض العرب، بأن قواعد اللعبة والاشتباك قد تغيرت فعلًا، وتحولت إلى استراتيجية ملموسة بيد المقاومة على الواقع والجغرافيا لا على الورق والمنابر الإعلامية، وباتت تؤتي أكلها حسب ما أعدته تلك العقول النيرة وخططت، ووفق ما رسمته تلك الأيادي المباركة والباسلة.... ما بين العدوان الإسرائيلي في القنيطرة والرد عليه، ارتسمت معالم معادلة الصراع الجديدة ليس على الحدود الفاصلة بين الجنوبين اللبناني والسوري وفلسطين المحتلة فحسب، وإنما لتشمل جغرافيا المنطقة... إن العملية النوعية لحزب الله تختزل المشهد الذي سيكون عليه حال العدو الإسرائيلي إذا ما استمر في ارتكاب حماقاته، أو فكر في ارتكاب عدوان إرهابي سافر على لبنان أو حتى على سوريا، فهي رسالة شديدة الوضوح قوية اللهجة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.