ترتفع وتيرة التحذيرات من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية من "انهيار وشيك" لليمن جراء الحرب التي تشنها السعودية منذ أكثر من شهر، في وقت فشل مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى قرار بشأن هدنة إنسانية في هذا البلد، وهو قرار تسعى إليه روسيا منذ بداية "عاصفة الحزم" ضد هذا البلد، والتي أوقعت آلاف القتلى والجرحى. وبينما يزداد الوضع الإنساني في اليمن سوءاً، تستمر الولايات المتحدة بالحديث عن سعيها إلى إيجاد حل للأزمة، فيما حذرت إيران أمس من أن "أمن اليمن من أمنها وأمن المنطقة".
وأمس، حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن يوهانس فان در كلاو من أن "الخدمات التي لا تزال تعمل في مجال الصحة والمياه والغذاء في اليمن تضمحل بسبب عدم وصول الوقود"، مشيراً إلى أنه " "إذا لم يتم التزود بالوقود والغذاء خلال الأيام المقبلة، فإن كل شيء سيتوقف في اليمن". وقال در كلاو "لدينا مراكب وطائرات لكن الحظر على الأسلحة يترك عواقب غير محمودة على المساعدات الإنسانية"، معرباً عن الأمل في التوصل إلى "هدنة إنسانية" لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من الاتفاق حولها يوم الجمعة الماضي. وفي آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية، أوقع النزاع في اليمن 1244 قتيلاً وأكثر من خمسة آلاف جريح، وذلك نقلاً عن أرقام المستشفيات.
وخلال زيارة إلى سريلانكا، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أمله في أن تؤدي المفاوضات الجارية في الأمم المتحدة حول مشروع هدنة إنسانية في اليمن إلى تفادي انهيار هذا البلد. وقال كيري "أملنا أن يتحول مسعى الأمم المتحدة إلى واقع ملموس سريعاً، وسنستمر في العمل من أجل ذلك بأفضل ما نستطيع". وأضاف "نعمل بجد من أجل تنظيم عملية تفاوض عبر الأمم المتحدة تتيح جمع الأطراف اليمنيين للتفاوض حول مستقبل اليمن".
من جهتها، رفعت إيران من نبرتها أمس، منددة بـ"مغامرات" السعودية في اليمن". وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان "نحن نعتبر أمن اليمن من أمن المنطقة ومن أمن إيران. لن يكون مسموحاً أن يلعب آخرون بأمننا المشترك من خلال مغامرات". وأضاف "حان الوقت لكي تتوقف هذه المغامرات وليفكر الجميع في أمن المنطقة وفي القيام بدور بناء"، لافتاً إلى أن "تركيز السعودية على الحرب ضد اليمن لا يفيد سوى النظام الصهيوني والمجموعات الإرهابية". وأعاد المسؤول الإيراني التأكيد أن بلاده تدعم "حواراً بين اليمنيين في مكان تقبل به جميع الأطراف اليمنية من دون تدخل خارجي".
إلى ذلك، ووفقاً للسفير، انتقدت روسيا الدول الغربية والعربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بسبب "تأييدها بالكلام فقط " للاحتياجات الإنسانية في اليمن بعد إخفاق المجلس في الموافقة على بيان أعدته يدعو إلى فترات توقف في القتال للسماح بتسليم المعونات. وفي أحدث علامة على تزايد التوتر بين روسيا والغرب، قال فيتالي تشوركين سفير روسيا في الأمم المتحدة إن بيانه المؤلف من ثلاث فقرات بشأن اليمن قوبل بـ"بمماطلة." وقال تشوركين بعد مشاورات مغلقة بشأن اليمن، إذا لم تستطيعوا الاتفاق على بيان بديهي ومرتب، ما الذي يمكن أن تتفقوا عليه؟ موضحاً "أنهم يؤيدون بالكلام فقط ويقولون إن الأمور سيئة للغاية ولكن ما الذي نستطيع أن نفعله حيال ذلك."
ويبدأ المبعوث الجديد للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد شيخ احمد الأسبوع المقبل جولة إقليمية يجري خلالها مباحثات تتناول سبل إحياء عملية السلام في هذا البلد، كما أفاد أمس مصدر ديبلوماسي، طبقاً للسفير.
وأبرزت الحياة، واشنطن تؤيد «هدنة إنسانية» في اليمن. ونقلت إعراب جون كيري أمس، عن أمله في أن تؤدي المفاوضات الجارية في الأمم المتحدة في شأن مشروع «هدنة إنسانية» في اليمن الى تفادي انهياره، على رغم أن مجلس الأمن لم يتوصل ليل الجمعة الى توافق حول الهدنة التي قد تتيح وصول المساعدات إلى السكان.. في وقت اعترفت الحكومة الإيرانية بتدخلها في اليمن وبدأت تتحدث علانية عن «مصالح إيرانية أمنية» فيه. وتبين أن الهدنة الإنسانية قد تتأخر الى ما بعد القمة الأميركية- الخليجية في واشنطن يوم 13 الجاري، علماً أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يدرس فكرة عقد مؤتمر دولي حول اليمن لاستئناف العملية السياسية. ومع استمرار غارات التحالف على مواقع الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح في أنحاء متفرقة من اليمن واستمرار الاشتباكات الضارية في عدن، نقلت وكالة «تسنيم للأنباء» عن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قوله «إن طهران لن تسمح للقوى الإقليمية بتعريض مصالحها الأمنية مع اليمن للخطر».
وأفادت قناة روسيا اليوم أنّ طائرات التحالف نفذت فجر أمس، غارات جوية استهدفت ميدان السبعين وسط صنعاء ومطار الحديدة الدولي. وتأتي الغارات الجوية على ميدان السبعين بعد قيام الحوثيين، الجمعة، بإزالة الحواجز الإسمنتية في المنطقة لتحويل الميدان إلى مدرج للطائرات. ويعتبر ميدان السبعين من أهم الطرق والميادين الرئيسية في العاصمة صنعاء، والذي يربط مناطق مختلفة من العاصمة، فيما أعلن المدير العام لمطار الحديدة الدولي، خالد الكحلاني عن توقف العمل في المطار بشكل نهائي بعد استهداف مدرجيه من قبل طائرات التحالف. وفي عدن، جنوب اليمن تواصلت الاشتباكات بين المقاتلين الحوثيين واللجان الشعبية للسيطرة على المطار الرئيسي. واستهدفت مقاتلات التحالف، الجمعة، ناقلة نفط تابعة للحوثيين في منطقة "وادي الندر" بمحافظة الجوف شرق اليمن.
وأشارت الاندبندنت البريطانية في موضوع بعنوان "الأزمة اليمنية: المواطنون المرعوبون عالقون بين السعودية وإيران والأزمة الإنسانية تهدد الملايين"، الى أن "خمسة أسابيع من الغارات الجوية على اليمن لم تكن كافية لإنهاء الحرب حيث تتواصل قذائف المدفعية والغارات الجوية على ميناء عدن جنوب البلاد وهو ما أدى إلى تحويل المدينة إلى كومة من الحطام"، موضحة أن "الغارات الجوية فشلت في إجبار ميليشيات الحوثيين وحلفائهم على التراجع كما أن التحالف السعودي الذي دشن "عاصفة الحزم" ترك المنطقة في انقسام بين سنة وشيعة وهو ما يهدد بمزيد من القتال والانقسام". ولفتت الصحيفة الى إن "الأزمة الحقيقية ليست في استمرار القتال فقط لكن في امتداد المعارك إلى داخل البيوت التي أصبحت ألاف الأسر عالقة داخلها".
ونقلت الصحيفة عن نشطاء يمنيين شهاداتهم بمقتل نساء وأطفال ومدنيين داخل البيوت حرقا أو بقذائف الدبابات التي هدمت المنازل فوق رؤوسهم"، مؤكدة أن "انهيار الدولة وتفسخها أعطى فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب للتوسع وزيادة النفوذ حيث قام مقاتلوه بتحرير 300 من زملائهم الذين كانوا رهن الاعتقال ثم استولوا على مدينة وميناء المكلا خامس أكبر مدينة في اليمن". وأكدت إن "الكثير من القبائل التي اعتادت معارضة القاعدة أصبحت الأن مساندة وداعمة لها لأن القاعدة تدرب الجنود وتقوم بعمليات قوية وتفجيرات انتحارية لوقف تقدم الحوثيين".
وزعمت افتتاحية الوطن السعودية أنّ المملكة كانت وسوف تبقى قلب العروبة، وهي حين تقف إلى جانب الأشقاء العرب، فإنما تفعل ما يمليه واجبها العروبي والديني، والمملكة التي قدمت معوناتها للمحتاجين في شتى جهات الأرض، لن تبقى مكتوفة الأيدي والأشقاء في اليمن في أمسّ الحاجة إليها.. ولعل الأزمة تنفرج قريبا ويعود اليمن مستقرا كما كان في ظل حكومته الشرعية التي اختارها لقيادته نحو الغد الآمن.
