تعلِّق "أنصار الله" آمالاً كبيرة على جولة مفاوضاتها في العاصمة العُمانية مسقط بهدف وقف الحرب، والتوصّل تالياً إلى صيغة حلٍّ مقبولة من جميع الأطراف، تؤدِّي بدورها إلى التئام طاولة الحوار اليمنية، بالتزامن مع مساعٍ أممية يحاول المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن الاضطلاع بها من خلال سلسلة لقاءات سيجريها في صنعاء التي وصلها، يوم أمس، تحضيراً لعقد "مؤتمر جنيف".
وأفادت السفير أنه ومنذ أسبوع، تجري في مسقط مفاوضات ما زالت تفاصيلها سريَّة، مع ثلاثة من كبار قادة "أنصار الله"، في محاولة لتقريب وجهات النظر بينهم وبين السلطات السعودية، من أجل التوصل إلى اتّفاق من شأنه إيقاف القتال والغارات التي تشنّها طائرات "التحالف" على اليمن منذ ما يزيد على شهرين. وكان رئيس المجلس السياسي لـ "أنصار الله" صالح الصمَّاد، والمتحدث الرسمي باسمها محمد عبد السلام، وعضو المجلس السياسي علي القحوم، قد غادروا قبل أسبوع إلى مسقط على متن طائرة عُمانية خاصة، بصحبة وفد عُماني.
وذكر مصدر حكومي مطلع على المفاوضات أنَّ السلطات العمُانية قطعت شوطاً "لا بأس به حتى الآن، وإن كانت تواجه بعض الصعوبات حول بعض التفاصيل، لا سيما في ما يتعلَّق بالضمانات الخاصة بتنفيذ الاتفاق في حال توقيعه". وشكَّك المصدر بإمكانية إبرام اتفاق نهائي خلال الأيام القليلة المقبلة كما هو محدد، لكنه أبدى تفاؤله بأن يمهد ذلك، الطريق أمام إجراء مفاوضات سلام شاملة تضمّ جميع الأطراف. وأشار إلى أنَّ سلطنة عُمان دخلت على خط الأزمة بعد التطوُّرات الأخيرة المتمثلة في قصف الأراضي السعودية والمواقع العسكرية في نجران وجيزان وإحراز الجماعة والقبائل تقدماً على الأرض، ما تسبَّب بحرج كبير للسلطات السعودية أمام دول مجلس التعاون الخليجي والعالم، بحسب المصدر.
ولفتت السفير إلى انّ زيارة وفد "أنصار الله" تزامنت مع زيارة رسميَّة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى عُمان، إلّا أنَّه لم يتم الإعلان عن أيّ لقاء جمع ظريف بقيادات الجماعة في مسقط. وفي وقتٍ تشترط حكومة الرئيس اليمني، المقيم في السعودية، عبد ربه منصور هادي، أن يكون مشروع الحلّ السياسي معتمداً في أساسه على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216، يقول مصدر ديبلوماسي إنَّ "الحكومة ستقدِّم ضمانات سياسية وأمنية بعدم إقصاء أنصار الله أو محاكمة أي من أعضائها والتعامل معهم كحزب سياسي من أحزاب اليمن"، في حال الموافقة على شروطها.
مصدر إيراني كان قد أفاد بأنَّ الأيام القليلة المقبلة ستشهد مبادرة جديدة، ستؤدِّي فيها سلطنة عمان الدور الأكبر لحلّ الأزمة في اليمن، مشيراً إلى أنَّ المبادرة الجديدة يُتوقع لها أن "ترتكز على تحقيق هدنة على الأرض، ومن ثم الانتقال إلى المفاوضات بين الأطراف اليمنية لإنهاء الأزمة الحاصلة". وأوضح أنَّ جلسات المفاوضات ستكون في دولة مقبولة من جميع الأطراف، "وأتوقع أن تكون مسقط هي العاصمة التي ستستقبل هذه المفاوضات"، مؤكداً أن "المفاوضات ستكون بمشاركة دولية وضمانات دولية أيضاً".
ووصل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى صنعاء، يوم أمس، لإجراء سلسلة من المشاورات مع كافة الأطراف للتحضير لمؤتمر جنيف. وأكَّد أنَّ الأمم المتحدة لا تزال مُصمِّمة على أنَّ الحل في اليمن لا بد أن يكون سلمياً، وأن على جميع الأطراف اليمنية العودة إلى طاولة الحوار.
ميدانياً، امتدت الغارات، للمرة الأولى، يوم أمس، إلى مديرية النادرة في محافظة إب وسط البلاد، مستهدفة ما قالت مصادر إنَّه مواقع عسكرية. وفي العاصمة صنعاء، أفادت مصادر أمنية يمنية أنّ غارة جوية دمَّرت منزل القيادي في "أنصار الله" مجاهد حيدر الذي يقع في شارع الخمسين في منطقة بني حوات بالقرب من مطار صنعاء الدولي. في المقابل، تمكّن الجيش اليمني مسنوداً بـ "اللجان الشعبية" التابعة لـ "أنصار الله" من التقدّم في عدد من المواقع العسكرية السعودية. كما أحرز الجيش و "اللجان الشعبية" تقدماً كبيراً في محافظة شبوة حيث تزامن مع تقدّمهم في محافظة مأرب، افادت السفير.
وطبقاً للأخبار، عاد المبعوث الدولي إلى صنعاء، فيما تستمر المحادثات مع حركة "أنصار الله" في مسقط، في الوقت الذي خرج فيه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، ليؤكد قطع خيوط عديدة مع الرياض... بنحو يتوافق والمشهد اليمني الجديد. وذكرت الصحيفة انه وعلى وقع استمرار المعارك في عدد من المناطق اليمنية بإسناد جوي من مقاتلات التحالف السعودي يستهدف الجيش واللجان الشعبية، عاد مبعوث اﻷمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى صنعاء، في زيارة هي الثانية خلال أسبوعين، وتهدف إلى إجراء «مشاورات مع كافة الأطراف»، تحضيراً لمؤتمر جنيف ــ المؤجل، فيما ذكرت «وكالة فارس» الإيرانية، أمس، أنّ طائرة إيرانية تحمل مساعدات لليمن من «جمعية الهلال الأحمر الإيرانية» هبطت في المطار الدولي لجيبوتي بعدما غادرت مطار بندر عباس و"تمكنت... من إكمال رحلتها التي استغرقت 4 ساعات، رغم العراقيل السعودية، وتمكنت من الهبوط بنجاح في المطار". وأطلق علي عبد الله صالح، سلسلة من المواقف الرافضة للعدوان السعودي والواضحة في اصطفافها، غير الرسمي، إلى جانب «أنصار الله»، «لأن ما جمعنا هو العدوان الوحشي على بلادنا... و(أيضاً) نقاتل ضد الانفصال». وقال صالح، في مقابلة (هي الأولى منذ بدء العدوان) أجراها مع قناة «الميادين»: «قلنا للسعوديين إن القرار السياسي اليوم بيد أنصار الله، وعليهم أن يتواصلوا معهم وهم رفضوا». وعن مؤتمر جنيف، رأى صالح أنه «يجب أن يبدأ من حيث توقفنا ويبحث موضوع انتقال السلطة والعدوان السعودي والانتخابات»، مشيراً إلى أنّ «الحوار في جنيف له شقان: حوار يمني يمني وحوار مع السعودية». وبشأن اللقاءات في مسقط، قال: «نحن آخر من علم بذهاب وفد أنصار الله، وهم لم يتشاوروا معنا».
وقال صالح إنّ «القاعدة خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين، و(الرئيس الفار عبد ربه منصور) هادي سلم البلاد للقاعدة»، مضيفاً أنّ «هادي استعدى الجيش واستعدى الحوثيين واستعدى الإخوان المسلمين ولم يستطع كسب أي طرف إلى جانبه». وقال: «سلمت هادي زمام الأمور كاملة، لكنه لم يستطع إدارة السلطة لأنه عديم الخبرة». وفي الشأن العربي، رأى الرئيس اليمني السابق أنّ «وراء ما يجري في العراق وسوريا وليبيا هي السعودية»، مديناً ما يجري في سوريا، وقال: «نحن مع الشعب السوري والرئيس (بشار) الأسد بالقلب».
وأبرزت الحياة: معارك ضارية قرب مطار عدن وانتكاسة في شبوة. وطبقاً للصحيفة، نجح مسلحو المقاومة المؤيدون للرئيس هادي أمس في صد هجوم لجماعة الحوثيين في الأحياء الشمالية والشرقية من مدينة عدن وأحرزوا تقدماً قرب مطارها، تدعمهم غارات لطيران التحالف الذي واصل ضرباته لمواقع الجماعة وقوات الجيش الموالية للرئيس السابق علي صالح، في صنعاء وصعدة وحجة والضالع ومأرب. وأُفيد بمعارك ضارية قرب مطار عدن، وانتكاسة للمقاومة في شبوة، فيما وصل إلى صنعاء مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، في زيارة هي الثانية له. ونفّذ طيران التحالف إنزالاً جوياً لمواد طبية وأسلحة لأنصار هادي في مدينة الضالع. وقصف جسرين رئيسيين على الطريق المؤدية إلى المدينة من جهة الشمال، لقطع الإمدادات عن المسلحين الحوثيين الذين يحاولون استعادة مواقع في محيط المدينة استولت عليها المقاومة قبل أيام.
