تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: تركيا في نفق ما بعد الانتخابات: اهتزاز البورصة والليرة... وأردوغان يراجع خياراته المُرَّة..!!

مصدر الصورة
SNS

              دخلت تركيا، أمس، مرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار السياسي، وذلك غداة الضربة القاسية التي تلقاها «حزب العدالة والتنمية» في الانتخابات التشريعية، حيث أخفق في الحصول على الغالبية المطلقة من المقاعد البرلمانية، ما جعل الخيارات محدودة أمام الرئيس أردوغان الذي كان يرغب في تحويل هذه الانتخابات الى استفتاء على تغيير النظام السياسي. وأفادت السفير أنّ أردوغان، ومعه رئيس حكومته أحمد داود أوغلو وأركان «حزب العدالة والتنمية»، استفاقوا على أزمة حكم، تتراوح سيناريوهاتها بين تشكيل حكومة أقلية غير مستقرة، والدعوة الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وبينهما تقديم تنازلات سياسية كبيرة لخصومه بغرض تشكيل حكومة ائتلافية، وربما خروج الإسلاميين تماماً من الحكم، في حال تجاوز خصومهم الألدّاء نتاقضاتهم الموضوعية لتشكيل حكومة ائتلافية بديلة.

وفي ما يؤكد المأزق الذي تعيشه تركيا، وبشكل خاص «حزب العدالة والتنمية»، استفاق الأتراك يوم امس على اضطراب في الأسواق المالية حيث سجلت بورصة اسطنبول هبوطاً بنسبة ستة في المئة، في حين تدنت الليرة التركية الى مستوى قياسي إزاء الدولار واليورو، إذ خسرت حوالي 4 في المئة بالنسبة الى العملتين، ما دفع المصرف المركزي التركي الى التدخل لوقف هذا الانهيار، معلناً عن خفض نسب الفوائد على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الأجنبية لمدة اسبوع.

وفي حصيلة نهائية، ولكن غير رسمية لنتائج الانتخابات البرلمانية، حصل «حزب العدالة والتنمية» على 40.8 في المئة من الاصوات (258 مقعداً من اصل 550)، في مقابل 25 في المئة لـ «حزب الشعب الجمهوري» (132 مقعداً)، و16.3 في المئة لحزب «الحركة القومية» (80 مقعداً)، و13.1 في المئة لـ»حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي (80 مقعداً). وهكذا، خسر أردوغان الأكثرية المطلقة في البرلمان (276 مقعداً)، التي كانت بحوزته منذ 13 عاماً، ما يجبره للمرة الاولى على تشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية.

وهذه النتيجة قضت على مشاريع اردوغان بتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي قوي في تركيا، حيث كان يلزمه، من اجل تمرير هذه «الإصلاحات» التي نددت بها كل الأحزاب الأخرى باعتبارها «ديكتاتورية دستورية»، الفوز بـ330 مقعداً، لكي يمكن لحزبه اعتماده بمفرده. ورحب خصوم أردوغان بأول خسارة سياسية له منذ 13 عاماً.

وعلى الورق، يملك خصوم أردوغان، ممثلين بـ«حزب الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» و«حزب الشعوب الديموقراطي» القدرة على إطاحة «حزب العدالة والتنمية»، بشرط تجاوز خلافاتهم العميقة، ولكن رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو استبعد هذا الخيار، قائلاً «هذه الانتخابات اثبتت ان حزب العدالة والتنمية هو العمود الفقري لهذه البلاد».

وأعرب عدد من الوزراء في حكومة داود اوغلو عن تأييدهم تشكيل ائتلاف. لكن تصريح زعيم «الحركة القومية» داود بهتشلي ربما يبدد هذه الآمال، إذ قال إن نتائج الانتخابات تشكل «بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية»، مع العلم ان المحللين ينظرون الى «الحركة القومية» باعتباره الشريك المرجح للائتلاف مع «حزب العدالة والتنمية». وربما هذا ما دفع مسؤول بارز في «حزب العدالة والتنمية» الى القول إن «إمكانية ظهور حكومة في الوضع الحالي ضئيلة للغاية»، مؤكداً انه «بهذه النتائج تبدو الانتخابات المبكرة حتمية»، فيما قال مسؤول آخر إن «كل شيء من الاقتصاد إلى المشروعات الكبرى معطل حالياً ولا نملك رفاهية الاستمرار في حكومة ضعيفة... خصوصاً في وقت يواجه فيه العالم مخاطر اقتصادية كبرى».

ولفتت السفير إلى انه وفي حال فشلت المشاورات التي ستجري خلال الايام الخمسة والأربعين المقبلة، يحق لأردوغان حل البرلمان ودعوة الناخبين مجدداً الى صناديق الاقتراع. من جهته، علق رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين دميرطاش قائلاً: «نحن الشعب الذي يعاني من القمع في تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية... لقد حققنا انتصاراً كبيراً اليوم»، متعهداً بـ «تشكيل معارضة قوية وصادقة»، ما يوحي بعدم رغبته في أن يدخل في ائتلاف حكومي مع «حزب العدالة والتنمية». وفي المحصلة، وبانتظار ان تتكثف المشاورات والاصطفافات السياسية خلال الأسابيع الخمسة المقبلة، تبدو تركيا امام واحد من أربعة سيناريوهات:

الأول: ائتلاف حكومي يضم «حزب العدالة والتنمية» و»الحركة القومية»، وهو ما يفرض على أردوغان تقديم تنازلات في السياسة الخارجية. وإذا كان الحزبان يتشاركان بدرجة ما في الإيديولوجيا القومية، الا ان قضايا كثيرة، ومن بينها الملف السوري، تفرّقهما، الى جانب الموقف المتعارض من عملية السلام مع «حزب العمال الكردستاني».

الثاني: تحالف واسع من المعارضة: إذا لم يستطع أحمد داود أوغلو أن يشكل حكومة مستقرة فإن العرف في تركيا جرى على أن أردوغان قد يطلب من ثاني أكبر حزب في البرلمان وهو حزب الشعب الجمهوري العلماني أن يقوم بذلك. ومع ذلك فإن لا إلزام دستورياً بذلك، ومن غير المؤكد أن أردوغان الذي بنى مسيرته السياسية على معارضة الحزب العلماني سيتخذ هذا المسار.

الثالث: حكومة أقلية يقودها «حزب العدالة والتنمية»: ومن المتوقع أن يكون حزب «الحركة القومية» هو أكثر الداعمين لهذا التحرك، لكنه مرة أخرى سيحاول الحصول على تنازلات، مثل ضمانات بإجراء انتخابات مبكرة. ويرى محللون أن «حزب الشعب الجمهوري» و«حزب الشعوب الديموقراطي» ليسا مهتمين بدعم هذا التحرك. الرابع: الدعوة الى انتخابات مبكرة: وهو خيار قد يلجأ اليه اردوغان في حال لم يتم تشكيل ائتلاف فعال أو فشلت حكومة أقلية في الفوز باقتراع على الثقة خلال 45 يوماً.

ونشرت صحيفة الأخبار ملفاً بعنوان: تركيا: مأزق الحكم. وتحت عنوان: تركيا: مأزق حكم مفتوح على عودة غول... أو انتخابات مبكرة، اعتبرت أنّ تاريخا جديدا انطلق في الجمهورية التركية بعدما نجح الاستحقاق البرلماني في وضع حدٍّ لـ 13 عاماً من تفرّد «العدالة والتنمية» في الحكم. مؤشرات عدة أظهرت مبكراً أن الأحزاب الثلاثة المواجهة للحزب الحاكم ستحجز حيّزاً كبيراً في المشهد الداخلي، واضعةً شروطها الخاصة للمشاركة في السلطة، في ما يشبه إطلاق رصاصة الرحمة على جموح أردوغان. ووفقاً للصحيفة، دخلت تركيا مرحلةً يسودها الغموض والترقب، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية التي تستحقّ وصفها بـ«التاريخية». نجح الاستحقاق الذي وضع حدّاً لتفوّق حزب «العدالة والتنمية» بعد 13 عاماً من التفرّد بالحكم، بتدشين عصرٍ جديد، ولا سيما بعد تقويض جموح أردوغان نحو الاستئثار بالسلطة. وفي وقتٍ تتجه فيه الأنظار إلى مصير الحكومة التي يجب تشكيلها في غضون 45 يوماً، تزدحم الفرضيات والسيناريوات التي سترسم المرحلة المقبلة، في ظلّ ارتباك حزب «العدالة والتنمية» من الخسارة الكبيرة التي مني بها.

ووفقاً لمعلومات الصحيفة، فإن الأحزاب الثلاثة التي دخلت البرلمان، «الشعوب الديموقراطي» و«الحركة القومية» و«الشعب الجمهوري»، أبلغت أحمد داوود أوغلو بأنها على استعداد للدخول في ائتلاف حكومي معه بشروط ثلاثة: أولاً، أن يقتنع أردوغان بممارسة صلاحيات الرئيس وفق ما ينص عليه الدستور التركي الذي جعل أرفع منصب في البلاد شرفياً. ثانياً، أن يحوّل الوزراء الأربعة المتهمين بالفساد في حكومته إلى المحاكمة. ثالثاً، وقف دعم تركيا للمجموعات الإرهابية المسلّحة في سوريا.

وتفيد مصادر واسعة الاطلاع بأن داوود أوغلو سيطرح في اجتماع يعقده اليوم مع أردوغان هذه الشروط، وإن وافق رئيس الجمهورية عليها، تمضِ الأمور باتجاه حكومة ائتلافية، أما إذا رفضها فلا مناص من استقالة داوود أوغلو الذي كان قد وعد خلال الحملة الانتخابية بتقديم استقالته إذا خسر في العملية الاقتراعية. وكان قد أُلغي اجتماع بين أردوغان وداوود أوغلو في اللحظة الأخيرة أمس، في أعقاب اجتماع للجنة المركزية للحزب الحاكم.

وفيما يزداد الحديث عن فرضية الاتجاه نحو انتخابات مبكرة، رجحها تصريح نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش الذي قال إن «فشل العدالة والتنمية في تشكيل حكومة ائتلافية سيطرح انتخابات مبكرة»، لا تستبعد المصادر هذا السيناريو، وإن كانت ترى مجموعة من المعوقات أمامها. أول هذه المعوقات هو كيفية إقناع أردوغان أعضاء «العدالة والتنمية» الفائزين بمقاعد برلمانية بالاستقالة، خصوصاً أن هؤلاء قد أنفقوا ملايين الليرات في مقابل المنصب الذي يمنحهم الحصانة وجوازاً دبلوماسياً خاصاً وراتب تقاعد لا يستحقونه إلا بعد أن يشغلوا النيابة عامين. أما المانع الثاني، فهو الدستور الذي ينصّ على وجوب أن يستشير رئيس الجمهورية رئيس البرلمان في غرض حلّه، على أن يكون مضمون هذه الاستشارة ملزماً. وبما أن البرلمان حديث الانتخاب ولا رئيس له، فإن الذي يتولى هذا المنصب عملياً هو العضو الأكبر سناً، وفي هذه الحال يكون الزعيم السابق لحزب «الشعب الجمهوري» دنيز بايكال، الذي لا شك في أنه لن يقبل بهذه الخطوة.

وبناءً على هذه المعطيات، ترى المصادر أن المخرج يكون في تحالف الخاسرين، «العدالة والتنمية» وحزب «الشعب الجمهوري»، بمباركةٍ أميركية. فلا شك في أن واشنطن استعادت قدرتها على التأثير بقوة في الساحة الداخلية التركية، بعدما ضعفت تلك القدرة مع سيطرة حزب أردوغان خلال السنوات الماضية على غالبية أجهزة الدولة، بدعمٍ كاسح من صناديق الاقتراع.

وأضافت الأخبار انه وفي وقتٍ تهيمن فيه على حزب «العدالة والتنمية» أجواء الاضطراب والتضعضع، جرّاء النكسة الأخيرة، تشير المصادر المذكورة إلى أن الرئيس السابق عبد الله غول سيؤدي دوراً مركزياً في المرحلة المقبلة. فلا يزال غول يحظى بشعبية كبيرة في أوساط كوادر الحزب الإسلامي، كذلك فإنه يحظى باحترام واسع لدى جميع أطياف الطبقة السياسية التركية باعتباره أكثر اتزاناً من أردوغان وأكثر اعتدالا وأدباً. وعليه، تضيف المصادر، أن إعادة غول إلى رئاسة «العدالة والتنمية» ستفتح الكثير من الأبواب أمام أردوغان وحزبه، فيما يفتح استمرار استبعاده المجال أمام تصدعات وانشقاقات داخل هذا الحزب.

وكان لافتاً أمس، خفض نبرة أردوغان الذي قال في أول تصريح بعد إعلان نتائج الانتخابات إن «رأي شعبنا فوق كل شيء آخر». وأضاف: «أعتقد أن النتائج التي لا تتيح لأي حزب أن يشكل حكومة من حزب واحد ستقيم تقويماً سليماً وواقعياً من جانب كل حزب»، داعياً الأحزاب إلى «التصرف بمسؤولية للحفاظ على استقرار البلاد».

وتحت عنوان: الانتخابات التركية غرباً: انتهى بناء القصور! أوجز تقرير نادين شلق أنه في الوقت الذي لم تُدلِ فيه أيٌّ من الولايات المتحدة أو بريطانيا بموقف رسمي أو رأي في نتائج الانتخابات، قامت وسائل الإعلام والمعاهد الغربية بهذا الدور. خسر أردوغان الكثير بخسارة حزبه الغالبية في الانتخابات البرلمانية، ولكن الإعلام الغربي ربح مادة دسمة وموضوعاً قابلاً للتحليل والتعليق. البعض آثر التشفي من «السيّد المطلق»، والبعض الآخر فضّل التروّي والتحذير من انقلاب الموازين، بين ليلة وضحاها، في حال تمكُّن أردوغان من تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب «الحركة القومية» المتطرّف، أو حتى من إعادة الانتخابات البرلمانية.

وإن أجمع معظم المحلّلين، من أمثال إيشان ثارور في صحيفة الواشنطن بوست، على أن أردوغان تلقى ضربة مدويّة فيما حقق الأكراد نصراً، إلا أن آخرين أعربوا عن تخوّفهم من أن تتّشح الفترة المقبلة بالكثير من الأخذ والرد، قبل التمكن من تأليف الحكومة وأيضاً بعدها. ولكن في الحالتين، المؤكد هو أن «ما بعد الانتخابات البرلمانية التركية، لن يكون كما قبلها».

ثارور نقل، من جهته، عن أحد الخبراء في الشأن التركي في «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» قوله إن «السياسة التركية شهدت انفجاراً نووياً»، الأمر الذي تناوله الأستاذ المساعد في «جامعة مرمرة» بهلول أوزكان، بأسلوب آخر، في مقال في صحيفة «ذي هافنغتون بوست»، بعنوان «بداية النهاية لأردوغان». وفق أوزكان، تعني هذه الانتخابات «نهاية أحلام أردوغان في تغيير الدستور لتأسيس نظام رئاسي... من الآن وصاعداً، هو لن يكون الحاكم الوحيد في تركيا».

ورأى، ديفيد كينير في سياق تقرير في مجلة «فورين بوليسي»، أن الحزب التركي الحاكم تلقى ضربة، ولكنه لفت إلى أنه في الوقت الذي حقق فيه منافسوه انتصاراً مدوياً، يبقى أن حزب «الشعوب الديموقراطية سيواجه خطر عدم معرفته ما يجب القيام به لاحقاً».

بدوره، ارتأى أليف سكوت: التشفي من أردوغان، في صحيفة الغارديان، فـ«هذا التصويت المدوي المطالب بالتغيير ــ لأول مرة منذ 13 عاماً ــ يعني أن الحزب المسمى العدالة والتنمية قد خسر غالبيته»، قال سكوت، مضيفاً أنه رغم أن «هناك أسئلة جدية يجب أن تطرح في ما يتعلق بمستقبل تركيا السياسي... ولكن أغنية واحدة تصدع في أذني، هي دينغ دونغ، الساحرة قد ماتت»، موضحاً أنه يتحدث عن الرئيس التركي، الذي قُضي على حلمه في «أن يصبح رئيساً تنفيذياً». سكوت تطرق أيضاً إلى جانب أكثر حساسية بالنسبة إليه، وهو «أن تكون كاتباً في تركيا خلال السنوات الأخيرة»، والذي يعني بحسب ما يذكر «المراقبة الذاتية في الوقت الذي تقدّر فيه هؤلاء الأكثر شجاعة منك».

وبالنسبة إلى كمال كيرشكي وميليس جينكيز في معهد بروكينغز، تعني نتائج الانتخابات البرلمانية «الإنقاذ الكردي للديموقراطية التركية»، ذلك أنها تعتبر «إشارة واعدة إلى أن الديموقراطية التركية ما زالت حية وجيدة». كذلك، رأى كيرشكي وجينكيز أن توزيع المقاعد في الانتخابات البرلمانية يعكس، على نحو كبير، عدم رضى الرأي العام، «الأمر الذي قد يحمل تغييراً مهماً في السياسة الخارجية». وفق رؤيتهما، فإن «الرأي العام التركي يخاف من أن يؤدي التورّط في سوريا وسياسات حزب العدالة والتنمية التصادمية تجاه مصر وإسرائيل إلى زيادة الأوضاع سوءاً في المنطقة». علاوة على ذلك، هناك نقطة أخرى مرتبطة بالسياسة الخارجية التركية آثر الخبيران الإشارة إليها، هي «التعاون مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في ما يتعلق بالتحديات الدولية»، والتي أظهرت استطلاعات الرأي دعماً أكبر لها. وكغيرهما، أشار كيرشكي وجينكيز إلى أنّ «من الممكن أن يؤدي التشكيل البرلماني الجديد إلى مزيد من التدقيق في ادعاءات الفساد والقضايا المالية، ذلك أن أيام بناء قصور أكبر من قصور فرساي، لإيجاد حلّ لمشكلة الصراصير... قد انتهت».

وتحت عنوان: الأسواق والليرة تتراجع و«المركزي» يتدخل. أفادت صحيفة الأخبار أنّ الأسواق والليرة التركية شهدت يوم أمس تراجعاً لافتاً، متأثرة بحالة الاضطراب السياسي، وذلك بعد ساعات على إعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، حيث خسر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأغلبية النيابية المطلقة التي كانت تسمح له بتأليف حكومة منفردة في السنين الماضية، وبات زعيمه، أردوغان، مضطراً إما إلى تأليف حكومة ائتلافية مع أحد أطراف المعارضة التي كان يتهم فصائلها كافة بـ«الجاسوسية والعمالة» في الحملات الانتخابية، أو اللجوء لحل البرلمان ودعوة الناخبين مجددا الى صناديق الاقتراع. ويرى مراقبون أن حساسية الأسواق والعملة تعكس حقيقة المخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد التركي الذي شهد انخفاضا في النمو إلى ما دون نسبة 3% في 2014، وشهد ارتفاع نسب التضخم والبطالة والدين العام والخاص؛

وأبرزت صحيفة الحياة: «مشهد معقد» في تركيا بعد خسارة «العدالة والتنمية» الغالبية. ووفقاً للصحيفة، استيقظت تركيا على مشهد جديد - قديم أعادها إلى أيام الحكومات الائتلافية والتصويت على الثقة بالحكومات والذي تركته قبل 13 سنة، بعدما حققت المعارضة مبتغاها في سحب البساط من تحت أقدام حكومة «العدالة والتنمية» التي خسرت الغالبية في الانتخابات الاشتراعية، لكنها وجدت نفسها أمام مأزق استحالة تشكيل حكومة بلا هذا الحزب، وصعوبة بناء شراكة معه بعد حملاتها الانتخابية الداعية لإسقاطه. وبدا أن المعارضة انتظرت حدوث تغيير في حزب «العدالة والتنمية» أو محاسبة داخلية ومراجعة حسابات تسمح بتبرير مد يدها الى الحكومة الحالية. لكن المؤشرات التي صدرت عن الحكومة والقصر الرئاسي تشير إلى أن أردوغان أعطى أوامره بتعامل الحزب مع نتائج الانتخابات على أنها انتصار كبير له، وتحميل الناخبين والمعارضة مسؤولية الوضع المستجد الذي قد يُفجر أزمة اقتصادية ظهرت في تراجع مؤشرات البورصة وسعر صرف الليرة، ويضع الجميع أمام سيف تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة.

ووفقاً للحياة، يُمهل الدستور البرلمان 45 يوماً لتشكيل حكومة جديدة، وإلا جرى الاحتكام الى انتخابات مبكرة، وهو ما يراهن عليه أردوغان الذي يعتقد بأن الناخب سيفكر مرتين حينها قبل التصويت للمعارضة مجدداً، لأنه يعلم أن هذا الأمر سيعيده الى مربع الفراغ الأول الحالي حيث لا يمكن أي حزب أن يشكل حكومة منفرداً، فيما سيناريوهات التحالفات الحزبية شبه معدومة.

في المقابل، يدور الحديث في كواليس أحزاب المعارضة عن احتمال استخدامها سيفاً في وجه سيف أردوغان يتمثل في تحريكها ملفات الفساد مجدداً وفتحها محاكمة 4 وزراء سابقين في حكومة حزب «العدالة والتنمية» بتهم الفساد، وكشْفِ تقارير كثيرة لهيئة الرقابة المالية التي سبق أن منعت الحكومة عرضها على البرلمان. ولا يزال البعض في المعارضة يراهن على تمرد قيادات داخل حزب «العدالة والتنمية»، على رأسهم بولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، الذي بدا متجهماً ومندهشاً من الخطاب الذي ألقاء زعيم الحرب رئيس الوزراء المنتهية ولايته أحمد داود أوغلو بعنوان «خطاب الانتصار» من على شرفة مبنى الحزب في أنقرة بعد إعلان نتائج الانتخابات. ويدور الحديث في كواليس الحزب الحاكم عن التوقيت الذي ستعلو فيه الأصوات المطالبة برفع يد أردوغان عن الحزب، وانتخاب زعيم جديد بدلاً من داود أوغلو، وإجراء إصلاحات جذرية في سياسات الحزب.

وفي إفتتاحية "الحياة": جروح السلطان، كتب غسان شربل: يخرج إلى الشرفة. ارتكب الأتراك غلطة كبرى. أحدثوا ثقباً بسيطاً في السفينة التي كانت تحميهم من الأنواء. إنها ليست قصة أردوغان وأحمد داود أوغلو. إنها قصة منطقة تنحدر مسرعة إلى هاوية التفكك. قصة الحدود الجديدة بين الفرس والأتراك والعرب والأكراد. بين السنّة والشيعة والقوميات والمذاهب. وفي زمن الانعطافات تحتاج الدولة إلى رئيس واسع التفويض والصلاحيات. يحيرني الشامتون. ينشغلون بالشجرة وينسون الغابة. بدل الشماتة عليهم أن يتعلموا ويتدربوا. يستخدم الأتراك صناديق الاقتراع لمكافأة الحاكم أو معاقبته. تركيا دولة مؤسسات. ماذا يجري في سورية والعراق واليمن ولبنان؟ مجازفات وميليشيات وخرائط أقل. أنا لن أستسلم. وليس من عادتي أن أفعل. أنا ملاكم بطبعي مذ كنت شاباً في شوارع إسطنبول. إصابة الملاكم بجرح لا تعني خروجه من الملعب. ستندلع جدالات وأزمات. حروب صلاحيات وحقوق أكراد. شيء من عدم الاستقرار. وسيخاف التجار والمستثمرون. وفي النهاية سنحتكم مجدداً إلى صناديق الاقتراع. وسيتراجع الأتراك عما اقترفوه.

وتساءل داود الشريان في الحياة: هل تتغير سياسة تركيا تجاه سورية؟ ولفت إلى أنّ معظم التغطيات الصحافية الشامتة بأردوغان، اعتبر أن الهزيمة مؤشر إلى تغيُّر جذري في السياسة الخارجية لتركيا إزاء قضايا كثيرة في الشرق الأوسط، أولاها الأزمة في سورية. وبالغ بعضهم إلى حد القول أن هزيمة أردوغان هي تحجيم لدور تركيا الإقليمي الساعي إلى فرض مشروع «الإخوان المسلمين» على الأتراك والمنطقة، لكنّ خصوم نظام الأسد، والمؤيدين لــ «جماعة الإخوان المسلمين» كانوا أقل تهوراً في تحليل النتيجة. تحدثوا عن تأثيرات، لكنهم لم يصوروا خسارة «العدالة والتنمية» بالانقلاب. ورأى الكاتب أنّ نتائج الانتخابات التركية لن تفضي إلى تغيير في السياسة الخارجية لتركيا، بل إلى توازن. لن ترفض أنقرة دعم «الإخوان»، لكنها لن تنحاز إليهم على حساب آخرين على الساحة السورية. الأكيد أن نتائج الانتخابات التركية الأخيرة أثبتت أن التجربة الديموقراطية هناك وصلت إلى مرحلة النضج، بل إن النتائج تشير إلى أن الشعب التركي قرر تحويل انقلاب عام 1980 إلى مجرد حكاية تاريخية قديمة.

وفي الدستور الأردنية، اعتبر عريب الرنتاوي أنّ كثيرين هم الذين ارتسمت الابتسامة على وجهوهم ليلة أمس، وهم يتابعون أخبار التراجع الذي طرأ على مكانة حزب العدالة والتنمية التركية بزعامة أردوغان؛ الأسد والسيسي، ربما ذهبا أبعد من ذلك، وكذا الحال في طهران وبغداد وضاحية بيروت، والمفارقة (الأولى) أن عواصم خليجية عدة، باستثناء الدوحة، ربما تكون قد رسمت ابتسامة خفيفة على مُحيّاها.. المفارقة (الثانية)، أن إسرائيل وإيران وحزب الله، يتشاطران، كل من موقعه، الرغبة في رؤية نهاية أسطورة الزعيم العثماني الجديد، وقد تسنى لهم ذلك. عواصم الغرب بدورها لم تشعر بأي أسى أو أسف، للصفعة التي وجهها الناخبون الأتراك لطموحات السلطان.. روسيا لها أسبابها الكافية للإحساس بالفرح لـ “قصقصة جناحي” الرجل، فهو مسؤول عن إضعاف حليفها في دمشق، وهو “الميسر الأكبر” لحركة داعش والنصرة على الحدود مع سوريا ومنها إلى العراق ... وللرجل مواقف لم تعجب موسكو في أزمة القرم، وهو لا يتوانى عن العبث بالحدائق الخلفية للكرملين في الجمهوريات السوفياتية السابقة.. وحدها قطر وجماعة الإخوان المسلمين بفروعها المختلفة، أحست بالخيبة والخذلان، وقضيتا ليلة غير سعيدة في انتظار نتائج الانتخابات.. والمؤكد أنهما تجريان حساباتهما بدقة، فكثير من رهاناتهما وآمالهما في المنطقة، منعقدة على تركيا، وتحديداً على الدور الخاص المنوط بزعيم الحزب ورئيس البلاد، الذي تكسرت أحلامه في استعادة مجد السلطنة والخلافة والامبراطورية.

وفي الصحيفة أيضاً، وتحت عنوان: اسدال الستارة الأردوغانية، اعتبر د. مهند مبيضين أن النجم الأردوغاني تهاوى، وتبدد الحلم بانتقال تركي لنظام رئاسي يُحكم فيه سيد انقره قبضته على الحكم، وفي المقابل تصعد الهويات القومية وعلى رأسها الأكراد وتدخل البرلمان التركي، وهي مرشحة للتحالف مع القوى السياسية الأخرى لكي تعطل التفرد السياسي لحزب العدالة وتعيد اهل العدالة لحجمهم الطبيعي.

وفي الرأي الأردنية، وتحت عنوان: تركيا جديدة أو أردوغانية بلا.. أنياب؟ اعتبر محمد خروب، أنّ مرحلة السقوط الاردوغاني بدأت الآن، صحيح أن الهزيمة لم تكن كاملة، لكن اذا ما اعتُبر «نصراً» من قِبَلِ اردوغان وأوغلو، فانه نصر «هزيل» بطعم الهزيمة، في ضوء عدم تحقق كل الاماني (إقرأ الأوهام) التي لم يتوقف اردوغان عن الترويج لها وتسويقها.. سَقَطَ المشروع الاردوغاني، ولن ينهض ثانية، حتى لو تمت الدعوة الى انتخابات مبكرة (جديدة).. وتداعيات هزيمة اردوغان لم تبدأ بعد، لكنها ستكون كارتدادات الهزّات الارضية وخصوصا بعد ان باتت «الاردوغانية» بلا أنياب، وتم وضع تركيا على سكة جديدة.

وفي النهار اللبنانية، وتحت عنوان: استقِلْ سيد أردوغان كما فعَلَ ديغول عام 1969، اعتبر جهاد الزين، أنّ الانتخابات التركية ليست انتخابات واحدة وإنما اثنتان دفعة واحدة. الأولى هي الاستفتاء على رئاسة أردوغان ومشروعه لنظام سياسي رئاسي جديد والثانية هي انتخابات تشريعية بين الأحزاب في النظام البرلماني القائم؛ في "الأولى" خسر أردوغان خسارة كاملة. حصل شخصه ونهجه على أقلية 41-42 بالماية مقابل 51-52 ضده. وفي "الثانية" جاء ترتيب "حزب العدالة والتنمية" أولاً بين الأحزاب وإن كان من دون أغلبية مطلقة. واضاف الكاتب: خسر رجب طيب أردوغان الكثير في السنوات القليلة الماضية ولم يعترف بذلك... كتبنا مرارا في السابق وفي ذروة "انتصارات" أردوغان الشعبوية أن أفول أردوغان بدأ، وأنه آن الأوان لكي تبدأ تركيا بتجاوزه.

وتوجه الزين للرئيس التركي: اسْتَقِلْ سيد أردوغان. ستحفظ ذكراك عندها بما يتجاوز أخطاءك ودعْ حزبك يحاول أن يبقى في المقدمة على قيد  الحياة السياسية كما فعل حزب شارل ديغول... لكن تبقى ملاحظة وهي أن الأكراد وهم "يُسقِطون" أردوغان يفتحون المجال لتغيير جدي في النظام القومي الذي أسّسه مصطفى كمال أتاتورك ويثبتون، عبر تركيا، أن حسن الطالع السياسي بات سمةً رئيسية جديدة للأكراد في كل المنطقة. تركيا، بسبب الديموقراطية التي جاءت بأردوغان وعليها أن تحيله على التقاعد، هي نفسها القادرة على منع المصير الانفصالي لأكراد العراق وسوريا. إنه سحر الديموقراطية.

ورأت كلمة الرياض أنّ أردوغان فاز ولم ينتصر.. والعدالة والتنمية أمام امتحان صعب قد يغير من شكله، وسيلقي بظلاله بلا شك على المشروعات الاقليمية التي طرحت من قِبله كمسؤول عن السياسة الخارجية للبلاد خلال الفترة الماضية لاسيما علاقات تركيا بالخليج ومصر، والأزمة السورية وصولاً للعلاقات مع المحيط الأوروبي.

          وتساءلت افتتاحية الخليج: هل يتعلم أردوغان الدرس؟ وأوضحت أنه وفي ظل عدد من الاخفاقات والسياسات الغبية التي كانت تتراكم أمام الناخب التركي، بدأ أردوغان يعد العدة لوضع كل السلطات في يده من خلال السعي لاستبدال النظام البرلماني بنظام رئاسي يمهد له الطريق كي ينصب نفسه سلطاناً ويعيد «أمجاد» دولة عثمانية بائدة.. جاءت الانتخابات الأخيرة كي تقضي على كل أحلامه. النتائج خيبت أحلامه وهبطت بحزبه من موقع الحزب الأول من دون منافس إلى حزب لن يستطيع أن يحكم إلا بمشاركة آخرين. نتائج الانتخابات كانت هزيمة لأردوغان ولمشروعه وحزبه.. فهل يتعلم الدرس؟ «إنه الاقتصاد ومعه السياسة يا..».

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.