تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: ويكيليكس.. وتعليقات على برقيات سرية من السفارات السعودية:

مصدر الصورة
SNS

           أفاد تقرير في الأخبار أنه وكما هو متوقّع، صمت المعنيّون بوثائق «ويكيليكس» في لبنان لبرهة، لاستيعاب ما جرى وتصميم خطاب «معاكس»، يشكك في مضمون الوثائق، أو يحرف النقاش عنها، أو يتفّهها لإبطال مفعولها، ثم انطلق الردّ. منهج المدافعين عمّن تورّط في القضية يعتمد، إجمالاً، إحدى حجتين: الأولى هي في التساؤل عمّا قد تخبئه ــ بالمقابل ــ أرشيفات إيران وسوريا، ولماذا يجري «تخصيص» جماعة أميركا والسعودية بهذه التسريبات الفضائحية؛ وأن «الكل» يموّله طرفٌ ما، والجميع متساوون، وهذه طبيعة الحياة.

النهج الثاني هو في الهجوم على «ناقل الرسالة»، أي تحويل النقاش من الوثائق نفسها إلى صحيفة الأخبار، ولماذا هذه الصحيفة بالذات (ببساطة، لأن قلة معدودة في إقليمنا تجرؤ على هذا النوع من النشر، والوثائق تشرح السبب بوضوح)، وأن الأخبار ستقدّم الوثائق بطريقة انتقائية، ولن تعرض أموراً عن فريق 8 آذار، ولماذا لم تنشر هذه الوثيقة أو تلك؟

وأوضحت الصحيفة أنّ المسألة هي ليست في أنّ سمير جعجع أو شمعون أو أمين الجميّل قد ثبت أنهم «يقبضون» من السفارة. المسألة هي أنّ زعماء لتيارات كبرى ــ يقوم كل برنامجها السياسي على اتهام «حزب الله» بالارتهان لإرادة الخارج، وادّعاء الشراسة الطائفية في الدفاع عن المسيحيين و»استقلاليتهم» ــ يقولون بوضوح إنّ أمرهم وأفعالهم وإرادتهم هي في تصرف حكومة خارجية، أسهمت سياساتها في تهجير أكثر مسيحيي المشرق العربي وبعثرتهم، وقد بدأت هذه «السياسات» بطرق باب لبنان.

وأوضحت الأخبار أنّ المناعة ضد الفضيحة تنتج المعادلات التسطيحية، التي تبدو منطقية من الخارج، ولكنها تقارِن ما لا يُقارَن، فيجري استحضار إيران في كلّ موضوع كتبرير لأي شيء، و"بطاقة سماح" من الأخلاق والوطنية، وحتى من المعايير التي تضعها لنفسك (وشعار محطتك التلفزيونية). وهذه المقارنة مضللة ليس فقط لفارق القدرة المالية بين إيران والخليج، والنفوذ الاقتصادي القاهر الذي تحوزه السعودية في بلادنا (هل تقدر طهران على طرد صحافي كتب ضدها مقالاً مسيئاً في بيروت أو القاهرة؟ أو التحكم بسوق الإعلانات واستخدامه ضد خصومها؟)؛ المقارنة خطأ لأنّ حلفاء ايران، بشكل عام، يعلنون انتماءهم بوضوح، ويعتبرون أنفسهم في معركة واحدة ضمن حلف.  بالمقابل، فإن «زائر السفارة» ومن يعمل لديها، سياسياً كان أو إعلامياً، لا يمكنه أن يعتقد أنه «شريك» للدوحة أو للرياض، أو أنهم يعتبرونه مساوياً لهم و"رفيق درب"؛ بل إن الوثائق تظهر كيف يرون أجراءهم كمحض أدوات: يصنفونهم طائفياً، ولا يحترمونهم، ويتوقعون منهم طاعة عمياء.... مفهوم الفضيحة، إذاً، يرتبط بمفهوم الاستقامة، والاثنان يحتاج أحدهما إلى الآخر. أما حين لا تملك، أصلاً، مفهوماً للاستقامة والصدق والنزاهة، فإنك تخسر تلقائياً «القابلية للفضيحة»، مهما كان الكشف محرجاً ومذلّاً ومدمراً للصدقية.

وتحت عنوان: أمين الجميّل للملك: ائذن لي بزيارة دمشق، أفادت صحيفة الأخبار أنّ مصلحة لبنان ليست هي المعيار في العمل السياسي لرئيس حزب الكتائب (السابق) أمين الجميل، ولا هي أيضاً مصلحة المسيحيين التي يرفعها حزب «الله والوطن والعائلة» شعاراً دائماً له، وبها يتذرع لنسج التحالفات وإقامة العداوات. المعيار هو ما يأمر به الملك السعودي. هذا ما تكشف عنه برقيات الخارجية السعودية نقلاً عن لسان الجميّل: «إذا تلقى الإذن من خادم الحرمين الشريفين، فسوف يقوم بالتنسيق مع الحريري حول الزيارة»... «لن يتخذ أي خطوة في هذا الشأن مع دمشق دون التشاور مع المملكة وأخذ توجيهات الملك شخصياً، (...) وما تطرحه المملكة سيكون المعيار في العلاقة مع سوريا»... «كرر التزام بيت الجميل بتوجيهات المملكة، وأكد أنه لن يعمل أي شيء إلا بتوجيه من الملك عبدالله»... هذه الكلمات ليست للذم بقائلها، ولا هي لاتهامه بالتبعية لنظام آل سعود. بل إنها واردة في واحدة من برقيات «ويكيليكس ــ السعودية»، ينقلها السفير السعودي في بيروت، علي عواض العسيري، بلا أي وسيط، عن لسان الرئيس السابق للجمهورية (اللبنانية)، رئيس حزب الكتائب أمين الجميل. كتب العسيري هذه العبارات، وغيرها، في تقرير قدّمه إلى وزير خارجية بلاده، سعود الفيصل، فأحالها الأخير على ديوان الملك عبدالله بن عبدالعزيز. الاخير لم يردّ طالب الإذن، فمنحه إياه في «توجيه سامٍ» لاقى استحسان الجميل، فعبّر عن شكره له.

وتحت عنوان: لا وقت لاستقبال نديم، أضافت الأخبار، أنه وفي عام 2012، طلب النائب نديم الجميل زيارة السعودية ومقابلة عدد من المسؤولين. لكن يبدو أن الملك السعودي لم يجد في ذلك أي منفعة. وزارة الخارجية أحالت طلب الجميل إلى الديوان الملكي، ثم أرسلت الرد إلى السفارة في بيروت، لتخبرها «بصدور التوجيه السامي (أي القرار الملكي) بالاعتذار من النائب اللبناني نديم بشير الجميل، بلطف، نظراً إلى الالتزامات والارتباطات».

من جانب آخر، ووفقاً لصحيفة الأخبار، أقرّت وزارة الخارجية السعودية بصحة وثائقها التي سرّبها موقع «ويكيليكس»، معتبرة أن «ما تم تسريبه من وثائق لا يخرج عن إطار السياسة المعلنة لوزارة الخارجية في تصريحاتها وبياناتها المختلفة حول القضايا الإقليمية والدولية المتعددة». ومن دون أن يدري، اعترف رئيس الإدارة الإعلامية في الخارجية، أسامة بن أحمد النقلي، بأن بعض ما نُشر أو سيُنشر ينتمي إلى فئة «الوثائق المصنفة بالحماية العالية». فالنقلي ربط تسريبات «ويكيليكس» بالهجوم الالكتروني الذي تعرّضت له وزارته في الثالث والعشرين من أيار الماضي، زاعماً أن الهجوم «المنظّم لم يتمكن من اختراق معظم الوثائق المصنفة بالحماية العالية التي تبلغ الملايين».

في المحصلة، لا تكشف وثائق ويكيليكس حصراً حقيقة أن آل سعود لا يجيدون سوى دفع الاموال لشراء الذمم، وتبذيرها في غير مواضعها الصحيحة، بل تُبرز أيضاً، بوضوح، مدى الاهتراء الذي تعاني منه أجهزة النظام. اهتراء يجعل محمد زهير الصديق مثالاً أعلى للاستخبارات العامة في السعودية. ومجدداً، لا حيلة امام النظام السعودي سوى في شراء مجموعات القتل، من نيكاراغوا الى بئر العبد وأفغانستان، وصولاً إلى سوريا.

وأضافت الأخبار أنّ وثائق الخارجية السعودية تعج بالأخطاء. أخطاء في الصرف والنحو، غياب التأريخ عن بعض البرقيات، غياب التصنيف، أخطاء في الأسماء، وأخطاء في صفات الشخصيات. رئيس حركة الاستقلال، ميشال معوض، هو ابن الوزيرة السابقة نايلة معوض، ورئيس الجمهورية الراحل رينيه معوض. وهو ترشّح للانتخابات النيابية عام 2009، إلا أنه خسر في مقابل اللائحة التي يرأسها النائب سليمان فرنجية. لكن الخارجية السعودية مصرّة على منحه لقاء «النائب». هو «نائب» في البرقيات الصادرة عن السفير في بيروت، وعن الوزير وعن نائب الوزير. في لقائه مع الأخير، وجّه «النائب» معوّض انتقادات للسياسة الإيرانية، مطالباً السعودية بتقديم «مساعدة عاجلة» لفريقه السياسي، بهدف الفوز بالانتخابات النيابية التي كان ينبغي إجراؤها عام 2013، «لاستعادة مناطق مسيحية خسروها في الانتخابات السابقة». وفي برقية أخرى، يعتذر الملك عن عدم مقابلة «النائب» معوّض ووالدته، موجهاً بتولي وزير الخارجية مهمة استقبالهما. صدر «التوجيه السامي الكريم» بعد أربعة أشهر من تقديم الطلب، فحدّد لهما سعود الفيصل موعداً بعد شهرين إضافيين (بعد نحو 6 أشهر من تقديم الطلب)، لمقابلة نائبه.

وتحت عنوان: السعودية تهدّد LBC: إما معنا أو تتوقف الإعلانات، أفاد تقرير آخر في الأخبار أنّ أمراء «شراء الصمت» يتقنون، كما تبيّن وثائق «ويكيليكس» السعودية، فرض سياساتهم والطاعة الإعلامية بدفع الأموال، لكنهم يعرفون أيضاً كيف يقطعون مصادر تلك الأموال ويتحكّمون في رقاب المستفيدين منها. لعلّ المثل اللبناني الأبرز على كيفية تعامل آل سعود مع المؤسسات الإعلامية لمجرّد شكّهم في أن إحداها خرجت عن طاعتهم هو مثال «المؤسسة اللبنانية للإرسال» LBCI عام ٢٠١٢. والسفير السعودي في بيروت، الذي يؤدي دور «مطاوع» الإعلام اللبناني أحياناً، ينقل لخارجيته في برقية أن قناة «إل بي سي»، بثّت أخباراً لا توافق السياسة السعودية. ولمواجهة ذلك، اقترح السفير «الضغط على القناة إذا تمادت في مواقفها ضد المملكة عبر شركة الإعلانات «شويري غروب»» (مجموعة شويري الإعلانية)، موضحاً أن الأخيرة هي «شركة إعلانات لبنانية لها مصالح واسعة في المملكة، وتتحكم في جزء واسع من السوق الإعلاني في لبنان».وفي برقية اخرى ينقل السفير علي عواض العسيري للخارجية «معلومات» تفيد «أن إيران على استعداد لتمويل بيار الضاهر مالك محطة LBC بشرط تركيزها على الشيعة في المملكة والخليج”.

وتحت عنوان: عسيري مستنفراً: كيف نتخلّص من نصري الصايغ؟ أفادت الأخبار أنه يمكن اعتبار الوثيقة التي سيدور حولها هذا التقرير، النموذج الذي يلخّص سياسة آل سعود تجاه وسائل الإعلام بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاص، فيبيّن استعداد المملكة لشنّ حرب إعلامية موجّهة... لأن أحد الكتّاب انتقد سياستها؛ هي برقية (من٣ صفحات) أرسلها السفير عسيري في أيار من عام ٢٠١٢، جاءت بعدما رصدت الخارجية السعودية مقالاً للكاتب في جريدة السفير نصري الصايغ. مقال الصايغ الذي نشر في ١٩ نيسان ٢٠١٢ انتقد سياسة السعودية الخارجية في المنطقة في ظل الأحداث السورية والبحرينية واليمنية. بعد إرسال برقية مرفقة بالمقال، استنفرت السفارة وتأهّبت الخارجية واستُدعي المخبرون ووضعت خطة متكاملة لمواجهة «الوضع». وعرض التقرير كيفية تصيف الكاتب والسفير من قبل السفير السعودي: جريدة السفير، فورئيس تحريرها طلال سلمان تتغلب مشاعره الشيعية على حياده الصحافي»، حسب تقييم عسيري، المُحاضر فجأة بالحياد الصحافي!.. وهكذا، سارع عسيري الى اقتراح استراتيجية للمواجهة، تضمّنت: «استئناف دعم الصحف ووسائل الإعلام الموالية للمملكة مثل «النهار» و»المستقبل» و»الجمهورية»، والطلب منها رفع اللهجة ضد المسيئين للمملكة كتّاباً ووسائل إعلام»، وشدّ أزر كل من يكتب ضد إيران وسوريا... اقترح العسيري إذاً تمويل جبهة ضد الصحافيين الذين ينتقدون المملكة وشراء أقلام وأصوات إعلامية للصراخ ضد سوريا وإيران.

أما اقتراحه الثاني فكان الاتصال بسلمان ودعوته الى المملكة، لكن بشرط مسبق أن يطلعهم رئيس التحرير على «التغيرات التي يمكن أن يحدثها في توجّهات الصحيفة (...) وإخضاعه لاختبار نيات لاحقاً» مثل «استكتاب كتّاب مؤيدين للثورة السورية». وهنا، يقترح عسيري أيضاً التعاون مع كاتب من داخل الصحيفة عينها، كمن يصفه بـ»الشيعي الليبرالي» ساطع نور الدين (رئيس تحرير صحيفة «المدن» الإلكترونية حالياً)، الذي «يبدي ودّاً للمملكة».

وفي الدستور الأردنية، اعتبر عريب الرنتاوي أنّ وثائق ويكيليكس الأخيرة تفضح حالة الهيمنة والاحتواء التي تعيشها «النخب» العربية من سياسية وإعلامية من قبل «حفنة» من الحكومات العربية المقتدرة، وتشفُّ عن مستوى التهافت والابتذال الذي تكشفت عنها العلاقة «الزبائنية» بين الفريقين.. وما عرفناه ونعرفه، ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، أما ما خفي فهو أعظم بكل تأكيد.. ولا أحسب أن سياسة «شيطنة» ويكيليكس، ستفلح في تبديد الصورة. قد يكون مضمون برقية أو عدد من البرقيات غير دقيق.. لكن حين تتراكم البرقيات بالمئات والألوف وعشرات الألوف، توثق وقائع يصعب على أي أحد تلفيقها بالكامل.. حين يترسم السياق العام ويتظّهر بكل هذا الكم من المعطيات، تصبح «الشيطنة» تعبيراً على البؤس واليأس من فرص النجاح في التصدي لطوفان المعلومات الفاضحة والوثائق الكاشفة.

بالمقابل، تساءلت كلمة الرياض: لماذا «ويكيليكس السعودية» الآن؟ معتبرة أنّ السعودية بصدد حرب جديدة غير مادية، بمعنى ليست حرباً عسكرية لا تستخدم فيها أسلحة تقليدية ولا تقع أحداثها على الأرض ولا في الجو أو البحر، بل مكانها وجبهتها هو فضاء الانترنت أو (الفضاء السيبراني).. وأن ما تعرّض له موقع وزارة الخارجية يطرح استحقاقاً مهماً ويدق ناقوس الخطر من أجل تحصين المواقع الإليكترونية بشكل أكبر خصوصاً مع التربّص الذي يحدث على مستوى مؤسسات حكومية أجنبية من خلال جيوش إليكترونية معززة بتكنولوجيا حديثة.

وفي الشأن السعودي ايضاً، اعتبر عبدالله ناصر العتيبي في الحياة أنّ روسيا ستظل شريكاً أساسياً مهماً في قضايا العالم كافة، والاتجاه السعودي الأخير لها يبيّن أهميتها الدولية التي اكتسبتها في السنوات الماضية، ويأتي احتراماً لعودتها إلى العالم الثنائي القطب من جديد الذي غادرته منذ زمن بسبب بيروسترويكا غورباتشوف، وما أعقبها من صدمة وجودية تسببت في انكفاء بوريس يلتسين إلى الداخل والتخلي مؤقتاً عن إدارة العالم الثنائية إلى جانب أميركا. والسعوديون لن يفرطوا بعلاقتهم التاريخية مع أميركا، لكنهم أدركوا أخيراً أن ليس في إمكان إدارة أوباما أكثر مما كان، لذلك اتجهوا شرقاً وأبقوا إحدى عيونهم باتجاه الغرب في إشارة متجددة للإدارة الجديدة التي ستعقب إدارة أوباما.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.