تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العالم الجديد:

مصدر الصورة
الخليج

          رأت افتتاحية الخليج أنّ الولايات المتحدة لم تعد العالم الجديد فقد هرمت، وأوروبا شاخت. كلتاهما تحاول المحافظة على امتيازاتها الدولية في عالم متحرك ومتطور. وهي محاولة تعتمد على الاحتواء أو التهميش لمن يشكلون خطراً على هذه الامتيازات. وهي محاولة ترفض إجراء أي تعديل أو إصلاح في المؤسسات الدولية التي نشأت في ظروف اقتصادية وسياسية دولية تغيرت بأشكال مختلفة وبدرجات كبيرة. أصبحت هذه المؤسسات تضيق بالتطورات الدولية وتحتاج إلى تعديل ، لكن أصحاب الامتيازات لا يروق لهم التغيير. فما جرى من اجتماعات في قمتي «بريكس» و«مجموعة شنغهاي» في الأيام الأخيرة في روسيا الاتحادية كان تعبيراً حقيقياً عن إرادة لدى هؤلاء المتضررين للمضي قدماً بعيداً عن قيود المؤسسات والعلاقات الدولية القائمة.

في هذه الاجتماعات تبلورت مؤسسات توازي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتهدد بأن تجعل منهما مؤسسات لا يؤمها أحد، لأن المؤسسات الجديدة تغري البلدان بطرق جديدة للتعامل تحفظ لها سيادتها، وتمكنها من متطلبات النمو الحقيقية. وفي هذه الاجتماعات تأسس صندوق للاحتياطي يهدد بتغيير النظام النقدي العالمي الذي يعتمد على أحادية الدولار وهيمنته إلى نظام يجعل مجموعة من العملات مسنودة بالذهب هي الاحتياطي. لقد أسست اجتماعات «بريكس» و«مجموعة شنغهاي» لقواعد نظام عالمي جديد.

وهذ الأمر ليس هيناً، لأن المجتمعين فيه يشكلون نصف سكان العالم، ولأنه يحتوي على قوى عالمية أربع منها نووية، وواحد منها سيتربع على عرش الاقتصاد العالمي خلال سنوات. وفي كل عام يزداد عدد المنتسبين إلى هذا العالم الجديد. وبهذه الطريقة أصبح من الصعب على من يريدون المحافظة على القديم عزل المنتمين إلى الجديد أو إعاقة مسيرتهم. العكس سيحصل لمن سيبقى خارجه لأنه يخاطر بمصالحه.

وهو نظام جديد وليس تكتّلاً جديداً لأنه لا يضع نفسه في مواجهة تكتل آخر، بل يسعى نحو خلق نظام يتواءم مع مصالح البلدان عموما. فلا عجب أن نرى بلداناً أوروبية كثيرة من حلف الناتو تنضم إلى البنك الآسيوي الذي اقترحته الصين. وسينجح هذا النظام ما دام يبتعد عن لغة الأحلاف، ويؤسس لقواعد عمل دولية تستجيب لاحتياجات البلدان عموما من حيث إنها تجعل المساواة في الحقوق أساس العمل فيه. فالنظام الدولي الذي لا يتغير مع تغيرات الظروف الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية سينفجر من داخله، أو يذوي تدريجياً.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.