تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«ويكيليكس»: خطة أميركيّة لزعزعة سوريا منذ عام ٢٠٠٦،

مصدر الصورة
الأخبار

في صحيفة الأخبار، وتحت عنوان: «ويكيليكس»: خطة أميركيّة لزعزعة سوريا منذ عام ٢٠٠٦، كتب أسعد أبو خليل: يُراد لنا أن نصدّق أن الشعب السوري ذهب طوعاً إلى الحرب الأهليّة ومن دون تدخّل خارجي أو تحريض أو تأجيج لا يتفق مع الأدوار الغربيّة والخليجيّة في المنطقة.

لكن خزّان «ويكيليكس» يحتوي الكثير لمَن يريد ان يفهم السياسة الخارجيّة الأميركيّة من وثائقها هي، وليس من الكتب المُقرّرة التي تخدم الدعاية الأميركيّة عن نفسها في بلادنا. وأوضح الكاتب: في مقابلة أخيراً، ذكّر جوليان أسانغ بما ورد في وثيقة من «ويكيليكس» منذ عام ٢٠٠٦، وكانت من مجموعة وثائق ماننغ الأولى. الوثيقة التي يعود تاريخها الى كانون الاول ٢٠٠٦ تتحدّث، بالتفصيل، عن خطّة أميركيّة لزعزعة الاستقرار في سوريا والعمل على تقويض حكم بشّار الأسد.  لا ينزعج المرء من تقويض أي نظام عربي. لكن الإدارة الأميركيّة، مثلها مثل النظام السعودي، لا تستبدل نظاماً إلا وتأتي بأسوأ منه.

الوثيقة التي ذكرها أسانغ (والتي أرسلها لي مذهولاً الرفيق غلين غرينوود) تبدأ بالتعبير عن انزعاج اميركي من استقرار النظام السوري، ومن أن بشّار الأسد بات «أقوى مما كان عليه قبل سنتيْن». والملاحظة الأميركيّة تلك بليغة، لأنها أتت بعد مرور نحو ثلاث سنوات على غزو العراق. وكانت الولايات المتحدة في تخطيطها للغزو تهدف إلى تقويض النظامين الإيراني والسوري وحزب الله، في مكافأة متعدّدة الثمار للعدوّ الإسرائيلي. وعندما باعت الإدارة الأميركيّة الغزو للديمقراطيّين في الكونغرس، سوّقت له على أنه سيُسقط نظاميْن إضافة إلى النظام العراقي... اعتراف الوثيقة الصادرة عن السفارة الأميركيّة في دمشق باستقرار النظام في حينه أقلق الإدارة. لذلك، تخلص إلى ضرورة استغلال نقاط ضعف للنظام واقتناص «الفرص» للضغط على الأسد (فقط للضغط وليس لقلب نظام الحكم). وهي تدعو إلى القيام بأعمال من أجل «ان يفقد بشّار توازنه»، ولو على حساب سلامة الشعب السوري وأمنه، طبعاً. «الفرصة» الأولى تتعلّق بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري والمحكمة التي تلته... لكن الصفاقة، أو الخطورة، في الوثيقة كمنت في خطّة تأجيج الصراع المذهبي في سوريا.

وأردف الكاتب: ليست هذه الوثيقة (تحمل صفة «السريّة») من اختراع إعلام الممانعة، وليست خطّة لا تحمل صفة رسميّة. هذه رسالة توزّعت على مختلف أجهزة الحكم الأميركيّة (بما فيها قيادة المنطقة الوسطى العسكريّة والبيت الأبيض ووزارتا الخزانة والخارجيّة) وتوزّعت أيضاً، بحسب الوثيقة نفسها، على جامعة الدول العربيّة.... وهذا البند يكشف طريقة عمل الحكومة الأميركيّة في منطقتنا العربيّة. إذ تعتمد على الأنظمة العربيّة كأدوات فقط، وليس كحلفاء على طريقة العدوّ الإسرائيلي.... وتتحدث إحدى فقرات الوثيقة عن عبد الحليم خدّام، فتقرّ بأن لا قاعدة شعبيّة لديه. لكنها تشير الى أن ظهوره في الإعلام يزعج النخبة الحاكمة والأسد شخصيّاً (واضح في هذه الفقرة انها تعتمد على تجسّس أميركي على الأسد، إذ تقول إنه يتابع شخصيّاً أخبار خدّام باهتمام «عاطفي»). وبناء عليه تنصح الوثيقة بأن «نستمرّ في تشجيع السعوديّين والآخرين على إتاحة المجال امام خدّام للظهور في وسائل الإعلام ومنحه الفرصة للتعبير عن إظهار الغسيل الوسخ للنظام». وهنا يظهر أيضاً مدى طواعيّة الإعلام السعودي للحاكم الأميركي. إذ يستطيع دبلوماسي في السفارة الأميركيّة في دمشق ان يحدّد هويّة وشخصيّات الضيوف على المحطّات السعوديّة.

وتقترح الوثيقة إبراز فشل «الإصلاح» الاقتصادي خصوصاً في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسيّة لعام ٢٠٠٧ لإحراج الأسد ونزع الشرعيّة عنه.. وتدعو الى العمل على ثني دول الخليج عن الاستثمار في سوريا (أي ان إفقار سوريا كان خطّة من خطط الحاكم الأميركي).

وفي المسألة الكرديّة، تقترح الوثيقة إبراز شكوى الأكراد في سوريا عبر تصاريح علنيّة بما فيها نشر خروق حقوق الإنسان لمضايقة النظام وإظهار الحرص على السكّان الأكراد. لكنها تبدي تحفّظاً عن الذهاب بعيداً في إبداء الحرص على مصالح الأكراد في سوريا.... وهذا التحضير المُبكّر لقوى المعارضة من قبل الإدارة الأميركيّة ينبئ بنوايا مبيّتة ضد الشعب السوري.

أما في الفقرة المتعلّقة بالحركات الجهاديّة «المتطرّفة»، بحسب الوصف الأميركي في الوثيقة، فإن الحكومة الأميركيّة تعترف سرّاً (لا علناً) بأن النظام السوري يقوم «ببعض الأعمال ضد مجموعات تعلن روابطها مع القاعدة»، لكنها تشمت بحدوث بعض الأعمال «الإرهابيّة» في سوريا نفسها. وتصل الوثيقة إلى خلاصة تتناقض مع السياسة العلنيّة للإدارة الأميركيّة آنذاك، إذ تشير الى أنه من الصعب الحصول على «صورة دقيقة للتهديد الذي يشكّله الإسلاميّون المعادون للنظام في داخل سوريا. (لكن) الأكيد ان هناك تهديداً بعيد المدى». وفيما تعترف بوضع الأسد القوي في حينه تخلص إلى ضرورة «استغلال نقاط الضعف» لتكوين «فرص لنا لزعزعة عمليّة صنع القرار (في سوريا) ولإبقائه في حالة عدم توازن ولجعله يدفع ثمن أخطائه».

وعقّب الكاتب: ليس هناك ما يساعد في فهم ما حدث في سوريا على مدى السنوات الماضية مثل هذه الوثيقة.... إن واشنطن مسؤولة بدرجة كبيرة عن تدهور الوضع في سوريا، وتحويل حالة سياسيّة إلى حرب مُدمّرة بين النظام وبين عصابات مُسلّحة تلقى الدعم والتمويل والتسليح من دول الخليج ومن الدول الغربيّة... هذه الوثيقة مخضبة بدماء الشعب السوري في وقت يذرف جون كيري، وباقي مسؤولي الإدارة الأميركيّة الدموع على المهجّرين السوريّين، فيما لم يبلغ عدد اللاجئين السوريّين المقبولين في أميركا العدد في قرية واحدة في جبل لبنان كما لاحظ موقع إخباري غربي.

وتابع الكاتب: لم تنته الحرب في سوريا، ولم يكتب تاريخها بعد. وهناك فترة طويلة ستمرّ قبل ان نتمكّن من كتابته. لكن، الأكيد ان الإدارة الأميركيّة (في عهدي بوش وأوباما) تتحمّل مسؤوليّة جمّة، مباشرة وغير مباشرة، عن الدمار والدماء في سوريا. هي أرادت ان تزعزع الاستقرار في سوريا ليس لصالح الشعب السوري أو الديمقراطيّة، ولا حتّى لقلب النظام.. لغة الوثيقة الرسميّة واضحة لا لبس فيها. كانت الحكومة الأميركية تسعى جاهدة لإضعاف النظام السوري وليس لقلبه لجعله أكثر مطواعيّة وولاء لمصالحها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.