تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إسرائيل والساحة السورية: تقلص خيارات وتواضع أهداف

مصدر الصورة
الأخبار

تحوّلت إسرائيل في أعقاب التدخل الروسي في سوريا إلى لاعب هامشي ملحق بلا أسنان، تنتظر رد فعل اميركياً لا تتوقعه. باتت خيارات تل ابيب مقلصة، وسقف طموحها منخفضا، واقصى ما تطلبه هو التنسيق الأمني مع الروس، يسمح لها بحد ادنى من مصالحها.

وأوضح تقرير يحيى دبوق في صحيفة الأخبار أنّ آلية التنسيق الأمني بين اسرائيل وروسيا في الساحة السورية لم تتبلور بعد، برغم الاعلان الاسرائيلي عنها. تلهّف تل ابيب وتأني روسيا واضحان جداً، ورحلة التفاوض حول آلياته طويلة. وسواء اعلن التنسيق فعلياً ام لم يعلن، وسواء طبق ما اعلن ام لم يطبق، لا يغيّر من ان خيارات إسرائيل باتت مقلصة في الساحة السورية.

مع ذلك، صدرت في اعقاب الاعلان الاسرائيلي، لا الروسي، عن «تنسيق امني» بشأن الساحة السورية، مواقف وتحليلات وتساؤلات، تعاملت مع التنسيق المعلن وكأنه بين محور المقاومة واسرائيل. هذه المواقف، بلا تردد، نتيجة لحالة من اثنتين: توجهات سياسية تهدف الى التضليل، او غباء سياسي واضح. ولتصويب المطلب، لا بد من الاشارة ابتداءً الى الآتي:

أولاً: روسيا ليست، ولن تكون، جزءاً من محور المقاومة في المنطقة، وهي لم تأت الى سوريا باعتبارها جزءاً من هذا المحور، بل لتحقيق مصالح روسية، تتقاطع مع محور المقاومة في هذه المرحلة، وربما ايضاً، كما يبدو الى الان، في المراحل المقبلة. ثانياً: روسيا ليست في موقع العداء لإسرائيل، ولا تهدف اليه، بل ان العلاقات البينية تطورت وما زالت في العقدين الماضيين، على اكثر من صعيد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا... والى حدود لم تكن تل ابيب لتحلم بها. ثالثاً: لم تأت روسيا الى سوريا عسكرياً لتؤسس لجبهة، او تنضم لجبهة، او تدعم جبهة ضد اسرائيل. ما اعلنته موسكو وما لم تعلنه، كاسباب لتدخلها في الساحة السورية، لا يهدف الى الاضرار باسرائيل، وإن كان في نواح عديدة، يمثّل تهديداً لها.

رابعاً: أي موقف يصدر عن موسكو ازاء تل ابيب، بناء على العلاقة بين الجانبين، لا يلزم، ولا يمكنه ان يلزم، محور المقاومة، وهو بالتأكيد لا يعبّر عن تواجهات المحور، وعلى رأس ذلك التنسيق الامني وآلياته. خامساً: أن تبادر إسرائيل وتسارع الى دق أبواب موسكو في محاولة منها لاحتواء مفاعيل تدخّل روسيا في سوريا، على امنها ومصالحها وخياراتها، هي خطوة طبيعية جداً، وخاصة ان البديل متعذر، نتيجة التقدير الاسرائيلي بتراجع الدور الاميركي في المنطقة، وهو تراجع واضح، ولا يحتاج الى دليل.

وأوضحت الأخبار أنّ أولويات اسرائيل وطموحها للساحة السورية، عبّر عنها نتنياهو في اكثر من مناسبة، وكان اخرها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل اسبوعين، اذ قال ان «إيران وداعش هما أعداؤنا المشتركون، وعندما يتقاتل أعداؤنا يجب تركهما كي يضعفا معاً». وفي الخطاب نفسه عاد وكرر: «ضرب داعش وترك ايران، هما انتصار في المعركة وخسارة للحرب». الطموح الإسرائيلي الأكبر، الذي لم يعد ذا صلة بالواقع، هو اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، واستبداله بنظام معاد لمحور المقاومة، يتموضع الى جانب الدول العربية «المعتدلة»، على ان يمثل جزءاً من حزام امني اقليمي لاسرائيل.

حدّث الرئيس الحالي لوحدة الابحاث في الاستخبارات، ايلي بن مائير، في مقابلة مع موقع «واللا» الشهر الماضي (16 أيلول 2015)، غذ قال: «لا شك اننا نتابع الحضور الروسي في سوريا وتأثيراته... وما يقلق هو تطابق المصالح بين روسيا وايران وحزب الله، في دعم الرئيس السوري... اما ما يوجد (من جهات) في سوريا فجميعهم يتسببون بالقلق، لكن حزب الله هو التنظيم الاقوى في المنطقة، مع القدرة على الحاق الضرر الاكبر بإسرائيل».

وختم تقرير الأخبار بالقول: نعم، ان يصل التنسيق الامني وآلياته على فرض التوصل اليه، ليشمل تحويل روسيا الى اداة ضد المقاومة، هو ضرب من الخيال، وتعبير عن خلطة من الجهل و«التخبيص»، لا أكثر. ورغم كل ما تقدم، هناك حقيقة يدركها الاسرائيلي جيداً، مع الحضور العسكري الروسي في سوريا: ليس من اهداف الروسي دعم الجهات والقوى بوصفها معادية لاسرائيل، لكن النتائج لا تتفكك بهذا الاتجاه، فتعزيز النظام السوري يعادل تعزيز محور المقاومة في سوريا، ما يعني تعزيز قوة وموقع المقاومة في مواجهة اسرائيل.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.