تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: الانتخابات التركية: عودة إلى المربع الصفر: جدل مبكّر حول الدستور.. والحملة على الصحافيين تتجدد

مصدر الصورة
sns

من المؤكد أن الليلة الماضية كانت الأكثر هدوءاً لأردوغان منذ السابع من حزيران الماضي، فقد نام الرئيس التركي على انتصار انتخابي استعاد خلاله حزبه الإسلامي المحافظ «العدالة والتنمية» الغالبية المطلقة في البرلمان، ما سيمكنه من تشكيل الحكومة التركية الجديدة بمفرده، ويعيد بذلك البلاد الى حكم الحزب الواحد، بعيداً عن إزعاجات معارضيه، المتعددي الانتماءات الأيديولوجية والمطالب السياسية. وضرب حزب العدالة والتنمية كل التوقعات، أمس الاول، فبعد فرز كل الاصوات تقريباً حصل على 49.4 في المئة منها ليشغل 316 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعداً.

وطبقاً للسفير، يشكل ذلك، بالنسبة الى اردوغان، انتقاماً بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها في الانتخابات السابقة. استفاق الرئيس التركي باكراً، ليحتفل رمزياً بالانتصار الانتخابي عبر الصلاة في مسجد ايوب في اسطنبول، كما كان يفعل السلاطين الجدد في السلطنة العثمانية.

وكان رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو قد دعا، في كلمة ألقاها في مقر «حزب العدالة والتنمية» في انقرة ليل امس الاول الى الوحدة في بلد يشهد انقساماً وقلقاً، معتبراً أن «لا خاسر في هذا الاقتراع» وأن «تركيا بأكملها ربحت»، مؤكداً ان الحكومة المقبلة ستدافع عن «المكتسبات الديموقراطية»، وأن «حقوق 78 مليون نسمة تحت حمايتنا». كما دعا داود اوغلو الأحزاب السياسية التركية إلى الاجتماع والاتفاق على دستور جديد بعد استعادة حزبه الحاكم الغالبية في البرلمان.

وأضافت السفير: لا يبدو ان التهاني العاطفية التي وجهها أردوغان وأركان «حزب العدالة والتنمية» للمواطنين الاتراك، وللاحزاب السياسية، ستترجم على مستوى الشراكة الوطنية، فبالإضافة الى التذكير بأن الحزب الاسلامي المحافظ سيحكم منفرداً، والتلويح بأن هذا الانتصار الانتخابي سيكون مقدمة لـ «إصلاحات» سياسية يسعى من خلالها اردوغان الى الانتقال بالبلاد من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي، فإنّ بوادر معاقبة المعارضين لاحت في الأفق يوم امس، بعد إقفال صحيفة سياسية واعتقال صحافيين.

وذكرت وكالة «دوغان» التركية للأنباء ان قوات الأمن التركية، وبناءً على طلب من النائب العام، داهمت مكاتب صحيفة «نوكتا» في اسطنبول، وصادرت نسخ عددها الأخير بتهمة «الحض العلني على ارتكاب جناية». وأضافت الوكالة ان الشخصين اللذين اعتُقلا هما رئيس التحرير جوهري غوفن ومدير النشر مراد تشابان. وفي عددها الذي صدر يوم أمس، نشرت «نوكتا» في صفحتها الاولى صورة لأردوغان وكتبت تحتها «بدء الحرب الأهلية في تركيا». وتأتي هذه الخطوة في سياق مسلسل التضييق على الصحافيين، حيث داهمت قوات الأمن، الأسبوع الماضي، مقري شبكتي تلفزيون معارضتين، الأمر الذي وُوجه بتنديد واسع في تركيا وفي الخارج.

وتعكس خطوة مداهمة «نوكتا» انزعاج اردوغان من أي رأي يقول إن استمرار «حزب العدالة والتنمية» في الحكم سيجر تركيا الى مزيد من الاضطرابات.

وفي هذا الإطار، كان لافتاً ان مدينة ديار بكر، ذات الغالبية الكردية، شهدت فور ظهور النتائج الأولية للانتخابات مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن.

وانتقد صلاح الدين ديمرطاش، زعيم «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي الذي سجل تراجعاً كبيراً عن نتائج حزيران  ما وصفه بالانتخابات «غير العادلة» التي جرت تحت التهديد الجهادي. ويتفق كلام ديمرطاش مع تأكيد مراقبين دوليين، أمس، أن حملة الدعاية للانتخابات البرلمانية في تركيا غير نزيهة وشابها الخوف والعنف.

ومع ذلك، يمكن القول إن كل القوى السياسية في تركيا قد طوت معركة الانتخابات وبدأت الاستعداد لمعركة أكبر، وربما اكثر خطورة، تتمثل في طموحات اردوغان الرئاسية. وثمة إجماعاً بين المراقبين على أن الطموحات الرئاسية لأردوغان قد تؤدي الى تعميق الخلافات داخل المجتمع التركي.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب في صحيفة «جمهورييت» المعارضة كان دوندار «نحن نواجه الآن مجتمعاً منقسماً الى معسكرين يجلس اردوغان في وسطهما»، موضحاً أن المعسكرين هما «هؤلاء المستعدون للموت من أجل اردوغان، وهؤلاء الذين لم يعودوا يطيقونه. والانقسام أصبح أبدياً».

أما ناتالي مارتن، خبيرة السياسة التركية في جامعة نوتنغهام ترينت في بريطانيا، فاعتبرت ان اردوغان «اقترب خطوة من نقل النفوذ من البرلمان الى القصر الرئاسي وتعزيز سلطته بشكل دائم». بدوره قال وليم جاكسون خبير اقتصاد الأسواق الناشئة في مؤسسة «كابيتال ايكونوميكس» إن الغالبية التي حصل عليها «حزب العدالة والتنمية» تبقى ضئيلة نسبياً ما سيؤدي الى ما يسمى بـ «الاقتصاد المعتدل»، مضيفاً أنه نتيجة لذلك «فيكون من الصعب على حزب العدالة والتنمية أن يطبق خططه لتعديل الدستور لتعزيز سلطات الرئيس، وهي الخطوة التي يخشى أن تقوي بعض التوجهات السلطوية التي ظهرت في السنوات الأخيرة لدى أردوغان».

وختمت السفير تقريرها بالقول: كثيرة هي التساؤلات التي تحملها نتائج الانتخابات التركية، لكن الأكثر تعبيراً عن واقع الحال في تركيا اختزلته صحيفة «زمان» التركية المعارضة بعنوان: «العودة الى المربع صفر».

وتحت عنوان: أردوغان بعد الانتخابات: تحديات الميدان السوري، نقل وسام عبد الله عن مصدر مطلع قوله إن الحكومة التركية التي ستشكل قد تكون أمام خيارين بالنسبة للشريط الحدودي مع سوريا، فإما حزام كردي مدعوم سياسياً من روسيا وعسكرياً من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، أو حرب داخلية في تركيا تأخذها إلى فوضى عارمة مع تزايد عدد المسلحين الهاربين من المعارك في ريفي حلب وإدلب، إضافة إلى ما يقارب من مليوني نازح تغلغلوا في الداخل التركي ولا يعرف أردوغان من منهم مع القيادة السورية ضمنياً، إضافة إلى فتح طريق العودة إلى سوريا من بوابة التعاون مع الحكومة السورية وتقديم أي تعاون داخل تركيا في المرحلة المقبلة. ويشير المصدر إلى أن الحسابات الميدانية ستتغير بعد الانتخابات. ويقول: «الحدود العراقية ستغلق نهائيا بعد سقوط منطقة الهول المتوقع، وبعدها مدينة الشدادي ومنها دير الزور وصولا إلى الميادين والبوكمال وبوابة التنف، ويكون بذلك بقي منفذ وحيد للمجموعات المسلحة، وهو الارتداد خلفاً من البادية إلى الرقة ومنها إلى تركيا وزاوية الشمال السورية، والتي قد تتجه إليها أيضاً جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش التركمان هاربين نتيجة المعارك مع الجيش السوري والطيران الروسي». ويقول إن «الأمور قد تتمدد إلى الداخل التركي، حيث من الممكن أن يقوم حزب العمال الكردستاني بإشعال معارك في ديار بكر وآمد، لتصل إلى العمق التركي».

ولفت التقرير إلى دخول «قوات سوريا الديموقراطية»، التي أعلن عنها بداية تشرين الأول في بيان، ساحة المعركة في المنطقة الشرقية، متخذة خريطة الجمهورية العربية السورية الرسمية بالإضافة إلى لواء اسكندرون شعاراً لها، مع استخدام اللغة العربية والكردية والسريانية في كتابة اسمها. وبحسب المصدر فقد تشكل هذه القوات حالياً رأس الحربة في حملة على منطقة الهول التي تقع قرب الحدود العراقية، حيث أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية»، في بيان مسجل، انطلاق حملتها العسكرية في ريف الحسكة الجنوبي، بهدف تحرير كامل المنطقة من تنظيم «داعش»، وان هدفها المقبل استكمال عمليتها العسكرية إلى كل المناطق السورية.

وعنونت صحيفة الأخبار: انتخابات تركيا: الجميع في خدمة أردوغان. وأفادت أنّ الإخوان المسلمين، باتوا بكل تياراتهم وأجنحتهم السياسية والمسلحة، يرون في أردوغان زعيماً سياسياً وعقائدياً وعسكرياً، شأن السلطان سليم الأول الذي غزا سوريا في 1516، ودخل القاهرة في 1517، ليعود منها خليفة للمسلمين، بعد حملته على إيران الصفوية عام 1514. وهنّأ أردوغان، داوود أوغلو على انتصار حزبهما الكبير في الانتخابات التشريعية قبل يومين، «مغرّداً» عبر «تويتر» أنهما سيبقيان في السلطة حتى عام 2023، أي عام الاحتفال بالذكرى المئوية لقيام الجمهورية العلمانية الأتاتوركية. وأحيت نتيجة الانتخابات حلم أردوغان بإعادة صياغة الجمهورية التي يعرف الجميع، منذ أن تسلّم زعيم حزب العدالة والتنمية السلطة في تشرين الثاني 2002، أنه ضدها عقائدياً وسياسياً. وسيسمح النجاح الانتخابي لأردوغان بأن يتخذ كل الإجراءات لضمان إعادة انتخابه رئيساً في صيف 2019، وبالتالي تكرار فوز «العدالة والتنمية» في الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني 2019 أيضاً.

وفي الرأي الأردنية، اعتبر محمد خروب أن السؤال الاكبر يبقى مطروحاً.. هل بتنا أمام تركيا جديدة؟ وهل سيتغير أردوغان بعد تجربة السابع من حزيران التي ستبقى «المحطة» الاكثر دلالة في مسيرته السياسية؟ ثمة رهان على ان الرجل لن يتغير وانه سيمضي قدماً في مشروعه الشخصي المبني في الاساس على الغرور والغطرسة والاستكبار..

ورأت كلمة الرياض أنّ الاستقرار يرجح كفة أردوغان. وأوضحت: لقد خيّب نجاح العدالة والتنمية توقعات وتنبؤات من تكهّنوا بسيناريوهات اضمحلال الحزب، وانحسار الظاهرة الأردوغانية التي يبدو أن فصولها مستمرة، لكن العبء الكبير سيكون في قدرة الرئيس التركي الحفاظ على الاقتصاد والاستقرار كعوامل نجاح سياسي في وقت تشهد فيه تركيا والمنطقة تقلبات سياسية واقتصادية مقلقة.

وفي الشرق الأوسط السعودية، اعتبر عبد الرحمن الراشد أنّ أردوغان فاز في اللحظة المناسبة. وأوضح: هناك موضوع واحد يهمنا في نتائج الانتخابات البرلمانية المدهشة في تركيا٬ استمرار حزب العدالة والتنمية في الحكم٬ يعني سّد الطريق على المشروع الإيراني في سوريا.

ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا بعنوان: "انتصار بثمن: مراهنة الرئيس على الخوف تؤتي ثمارها"، معتبرة أن "المثل التركي الذي يقول "المصارع الخاسر غالبا ما يريد مباراة أخرى"، ينطبق تماما على الوضع في تركيا في السنوات الأخيرة تحت حكم أردوغان".

ووصفت الصحيفة أردوغان بأنه "سياسي مؤثر وداهية، إذ أنه قدم في البداية برنامجا وسياسات تحاول جذب كل من قطاعات المجتمع التقليدية والأكثر حداثة، والمتدينين والفئات الأكثر علمانية، فضلا عن الغالبية العرقية التركية والأقليات، وبشكل خاص الأكراد، ونتيجة لذلك تمكن حزبه "العدالة والتنمية" من الاحتفاظ بالسلطة على مدى 13 عاما، وظل هو على رأسها لعقد كامل".

ورأت أن "أردوغان لم يكن ديمقراطيا أصيلا يحترم المبادئ الدستورية، أو أنه يقبل الاستقالة لتحقيق تداول السلطة"، مشيرة الى أن "أردوغان كان يأمل في الفوز في الانتخابات العامة في شهر حزيران بأغلبية كبيرة تؤهله لتعديل الدستور لتحويل منصب الرئيس الشرفي الذي يحتله الآن الى منصب تنفيذي بصلاحيات أكبر". ولفتت الصحيفة الى أن "الناخبين الأتراك جردوا حزب العدالة والتنمية من أغلبيته البسيطة فيما بدا رفضا قويا لخطة أردوغان في أن يكون رجل البلاد الأقوى بعد مبادلته منصب رئيس الوزراء بمنصب الرئيس"، مشيرة إلى أن "أردوغان لا يحب كلمة لا، لذا أخذ بلاده المرهقة من جديد إلى جولة اقتراع جديدة ليستعيد الأغلبية".

ورأت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أن "إعادة انتخاب حزب "العدالة والتنمية" تؤكد السيطرة على مركز الحكم، لكن حزب أردوغان يواجه مهمة تاريخية في جلب الاستقرار إلى عموم البلاد"، مشيرة الى أن "الصعوبات الاقتصادية والقضية الكردية والمسلحين الإسلاميين المتشددين في سوريا وأزمة اللاجئين عوامل تعمل مجتمعة على تهديد استقرار تركيا". ورأت أن "أردوغان، بعد عقد في الحكم، قد يكون أقوى زعيم تركي منذ أتاتورك، ولكنه أيضا شخصية خلافية، وأن مهمته في الأعوام الأربعة القادمة هي أن يظهر أنه شخصية موحدة للأتراك".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.