تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: موسكو تقطع كافة الاتصالات العسكرية مع تركيا.. بوتين: إسقاط المقاتلة طعنة في الظهر من أعوان الإرهاب وستكون له عواقب وخيمة..؟!

مصدر الصورة
sns

أعلنت هيئة الاركان للقوات المسلحة الروسية قرار موسكو بقطع جميع اتصالاتها العسكرية مع أنقرة على خلفية إسقاط طائرة "سو-24" الروسية في سوريا من قبل سلاح الطيران التركي. وجاء في بيان صحفي نشرته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية مساء أمس، أنه من الآن فصاعدا ستقوم الطائرات القاذفة بجميع طلعاتها فقط تحت حماية المقاتلات. هذا وجاء في البيان أن إجراءات ستتخذ لتعزيز الدفاع الجوي، ومنها تموضع الطراد "موسكو" المزود بمنظومة صواريخ "فورت" المضادة للطائرات (مثيل لمنظومة "إس-300" الشهيرة) في ساحل اللاذقية. وحذرت الأركان العامة أن "جميع الأهداف التي ستمثل خطرا محتملا علينا سيتم تدميرها".

وطبقاً لروسيا اليوم، قدم البيان تفاصيل إسقاط طائرة "سو-24أم" المخصصة للهجوم الأرضي وقال إنها أسقطت بإطلاق صاروخ قريب المدى من مقاتلة "إف-16" تابعة لسلاح الجو التركي. وذكر البيان أن وسائل المراقبة الميدانية لم تسجل أي محاولات لطاقم الطائرة التركية للاتصال مع طاقم الطائرة الروسية. وذكرت هيئة الأركان أن إصابة الطائرة حصلت فوق أراضي سوريا على بعد 4 كلم من حدودها مع تركيا، وقفز طاقمها منها بالمظلات، فيما تشير المعلومات الأولية إلى مقتل أحد الطيارين بنيران من الأرض. وتابع البيان أن البيانات الدقيقة للمراقبة الموضوعية الروسية - شأنها شأن بيانات الدفاع الجوي السوري - تؤكد عدم اختراق الطائرة الروسية الخط الحدودي. في المقابل كشفت بيانات الاستطلاع الراداري لمطار حميميم واقع اختراق المجال الجوي السوري من قبل الطائرة التركية المهاجمة.

وأشار البيان بهذا الصدد إلى أن الحادث يعتبر خرقا فادحا لقواعد القانون الدولي وبنود مذكرة منع الحوادث وضمان أمن التحليقات في أجواء سوريا، التي وقعها الجانبان الروسي والأمريكي، ملفتا إلى أن ما ورد في هذه الوثيقة يشمل جميع الدول المشاركة في التحالف، ومن بينها تركيا. وتابع البيان: "ربما كان ذلك هو السبب الذي جعل تركيا تبدأ مشاورات عاجلة مع الناتو، بدلا من أن تقيم اتصالا عاجلا مع وزارة الدفاع الروسية. وذكر البيان أن وزارة الدفاع الروسية استدعت الملحق العسكري التركي في موسكو وسلمته احتجاجا رسميا موجها لأنقرة من جراء إسقاط الطائرة الروسية.

وشدد البيان على أنه في المنطقة التي يعمل فيها الطيران الحربي الروسي يخوض الجيش السوري عملياته ضد العصابات التي تضم بحسب المعلومات الروسية أكثر من 1000 مسلح وصلوا إلى سوريا من منطقة شمال القوقاز الروسية. وأشارت هيئة الأركان إلى أن لا أحد أبدا من الشركاء والدول المشاركة في محاربة داعش ذكر بوجود فصائل ما يسمى بـ"المعارضة المعتدلة" في هذه المنطقة، وأنهم لم يوصوا بعدم توجيه ضربات إلى هذه المنطقة، بالعكس تعرف هذه المنطقة بأنها تقع تحت سيطرة العصابات الأكثر تشددا. وجاء في البيان أن هيئة الأركان العامة تدرس حاليا اتخاذ إجراءات إضافية لضمان أمن القاعدة الجوية الروسية في حميميم.

ووفقاً لروسيا اليوم، فقد حذر الرئيس بوتين من تداعيات إقدام تركيا على إسقاط المقاتلة الروسية في أجواء سوريا. وفي لقاء مع الملك الأردني عبد الله الثاني في سوتشي، أمس، وصف بوتين الحادثة بأنها "ضربة في الظهر وجهها أعوان الإرهابيين". وأوضح أن الطائرة الروسية من طراز "سو-24" أسقطت بواسطة صاروخ "جو - جو" تم إطلاقها من مقاتلة "إف-16" التركية وسقطت في أراضي سوريا على بعد 4 كلم من حدودها مع تركيا، مشيرا إلى أن المقاتلة الروسية لم تكن تهدد تركيا في أي حال من الأحوال، لأنها كانت تؤدي مهمة قتالية ضد داعش في شمال محافظة اللاذقية حيث يتمركز مسلحون معظمهم وصلوا من روسيا، "ومن هذه الناحية فإنهم كانوا يؤدون مهمتهم المباشرة، وهي توجيه ضربات استباقية ضد الإرهابيين الجاهزين للعودة إلى روسيا في كل لحظة، وهم بالتأكيد هؤلاء الذين يمكن اعتبارهم إرهابيين دوليين".

وقال بوتين إنه ستكون لإسقاط الطائرة الروسية "عواقب وخيمة" على العلاقات بين موسكو وأنقرة. وتابع "لقد كنا نتعامل مع تركيا كجارتنا القريبة بل وكدولة صديقة لنا. ولست أدري من الذي سيستفيد مما حدث اليوم، وهو ليس نحن على كل حال". ولفت إلى أن الطائرة الروسية أسقطت على الرغم من عقد اتفاقية بين روسيا والولايات المتحدة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث الجوية، و"تركيا في صفوف هؤلاء الذين ادعوا أنهم يقاتلون ضد الإرهاب ضمن التحالف الأمريكي.. أنا أفهم أن لدى كل دولة مصالحها الإقليمية وكنا نحترمها دائما لكننا لن نتسامح أبدا مع جرائم مثل تلك التي ارتكبت اليوم". وأعرب بوتين عن أمله بأن يجد المجتمع الدولي قوى كافية للتكاتف في مواجهة الشر المشترك الذي هو شر الإرهاب. وتساءل بوتين عن أسباب توجه تركيا إلى حلف الناتو بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية بدلا من أن تتصل مع موسكو فور وقوع الحادث، "كأننا نحن الذين أسقطنا طائرة تركية وليس هم الذين أسقطوا طائرتنا". وأضاف بوتين: "هل هم يريدون تسخير الناتو لخدة داعش؟". وذكر بوتين أن روسيا سجلت منذ وقت طويل وصول كميات كبيرة من النفط ومنتجاته إلى تركيا من الأراضي المسيطر عليها من قبل داعش، مضيفا أن تركيا ظلت مصدرا هاما لتغذية العصابات الإرهابية في الأموال. وأضاف: "إذا كانت لدى داعش مثل هذه الأموال الطائلة، والحديث يدور عن عشرات ومئات الملايين، وربما مليارات الدولارات الواردة من تجارة النفط، وبالإضافة إلى أن ثمة دولا تقدم لهم حماية مسلحة، فيتضح من ذلك سبب وقاحة تصرفاتهم (الدواعش)".

من جانبه قدم عبد الله الثاني تعازيه للرئيس الروسي بضحايا الهجوم الإرهابي ضد طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، وكذلك بحادثة المقاتلة الروسية "سو-24". وأعرب عن قناعته بأن على المجتمع الدولي محاربة الإرهاب في إطار تحالف موحد، داعيا إلى وضع مقاربة موحدة لمواجهة "داعش" و"القاعدة" والتنظيمات الإرهابية الأخرى. وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، ذكر العاهل الأردني أن مشاركة روسية مكثفة أمر ضروري لإيجاد حل سياسي للأزمة هناك.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن إلغاء زيارته إلى تركيا التي كان من المزمع أن يقوم بها يوم غد الأربعاء، وذلك على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية. وأوضح الوزير أنه اتخذ القرار بإلغاء هذا الاجتماع على خلفية أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية. وتابع لافروف أن الخارجية الروسية توصي المواطنين الروس بعدم التوجه إلى تركيا باعتبار أن مستوى الخطر الإرهابي فيها متنام، ولم يعد يقل عن الخطر الإرهابي في مصر. وتابع قائلا: "إننا نوصي مواطنينا بعدم التوجه إلى الجمهورية التركية مهما كانت زيارات سياحية أو أي زيارات أخرى".

من جهته أعلن دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي أنه غاضب ومندهش لتصرفات الجانب التركي العدوانية غير القابلة للشرح. وأكد أن تركيا لم تقدم دلائل على خرق المقاتلة الروسية لأجوائها. واعتبر أن عواقب الحادث على العلاقات الروسية - التركية ستأتي لا محال، لكنه أشار إلى أن "الرئيس (بوتين) لم يتحدث عن أية عواقب عسكرية. وهنا يجب الانطلاق من أن الرئيس لم يسمح بمثل هذه التصريحات. ولكن من دون شك أنه ستترتب عواقب على مثل هذه التصرفات غير الودية من الجانب التركي". هذا ورفض السكرتير الإجابة على سؤال حول احتمال تجميد مشروع "السيل التركي" اثر إسقاط المقاتلة الروسية في سوريا.

ورجح عدد من الدول الأعضاء في الناتو أن تكون المقاتلة الروسية قد تم استهدافها فوق الأراضي السورية. ونقلت وكالة نوفوستي عن مصادر عسكرية ودبلوماسية مطلعة على الاجتماع الذي يجريه أعضاء حلف شمال الأطلسي في أثينا، قولهم أنه من المرجح أن يكون استهداف المقاتلة الروسية كان فوق الأراضي السورية.

وأعلن الرئيس أوباما أمس، أن تنظيم داعش يمثل خطرا على العالم بأسره ولا بد من تدميره. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند في واشنطن قال أوباما متحدثا عن داعش: "إنها مجموعة إرهابية همجية وإيديولوجيتها المميتة تمثل تهديدا لجميعنا.. لا يجوز التسامح معها بل يجب القضاء عليها". وأضاف أن تنظيم داعش "لن يستطيع تخويف" الولايات المتحدة والدول الحليفة لها. وتعقيباً على إسقاط مقاتلة "سو-24" الروسية على يد سلاح الجو التركي أمس، اعتبر أوباما أن على موسكو وأنقرة أن تتحادثا حول ملابسات الحادث لتسليط الضوء على حقيقة ما حدث، واتخاذ الخطوات الضرورية لتفادي التصعيد. وأضاف أن "من حق تركيا كأي بلد آخر أن تدافع عن أراضيها ومجالها الجوي".

من جهته دعا هولاند إلى إحكام الحدود التركية مع سوريا لكي لا يتسلل الإرهابيون إلى أوروبا. وقال هولاند إنه اتفق مع أوباما على أن تقوم واشنطن وباريس بتكثيف الضربات الموجهة ضد داعش في سوريا والعراق. وأكد هولاند أن مجموعة السفن الحربية الفرنسية في البحر المتوسط تنسق مهماتها مع الجانب الروسي. ووصف هولاند إسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلة التركية بـ"الحادث القاسي والمؤسف، داعيا موسكو وأنقرة إلى تفادي التصعيد في علاقاتهما.

وكرد فعل للأسواق العالمية على أنباء إسقاط المقاتلة الروسية تراجعت معظم مؤشرات الأسهم، وارتفع الطلب على السندات الحكومية والين الياباني والذهب التي تعد ملاذا آمنا للمستثمرين. وذكرت وكالة "بلومبرغ" أن المستثمرين يعزفون عن المخاطرة بعد صدور أنباء عن إسقاط طائرة حربية "سو-24" تابعة لمجموعة المقاتلات الروسية في سوريا، أمس..

وتحت عنوان: انهيار قواعد الاشتباك في سماء سوريا ومسار تسوية فيينا؟ بوتين وأردوغان: المواجهة الأولى.. جواً! كتب محرر الشؤون العربية في السفير: شرارات المواجهة الكبرى تطايرت في سماء المنطقة. وعلى الرغم من أن اشتعالا أكثر خطورة لم يحدث حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، الا أن كثيرين باتوا ليلتهم في ظلال هواجس الخوف من أمرين: طبيعة الردّ الروسي في القادم من الأيام على إسقاط مقاتلتهم الجوية «السوخوي - 24»، وما ارتكبه أردوغان في هذه اللحظة الاقليمية الملتهبة، وما اذا كان سيكرره مستقبلاً مع ما يعنيه ذلك. بوتين في لحظة اندفاع اقليمي ـ ودولي، سيكون من الصعب عليه ابتلاع الإهانة التركية، لما سيلحقه ذلك من أثر سلبي، لا على «عاصفته السورية» فحسب، وإنما على هيبة الدخول القوي للكرملين على المشهد الإقليمي من البوابات السورية والعراقية والمصرية وغيرها. وسيكون امام سيد الكرملين خيارات مرّة تحاول الموازنة بين «حق الرد»، وهو آت كما اعلن بنفسه، وبين ضبط المواجهة الباردة على طريقة الدب الروسي، ربما بقساوة وتدحرج، و«ذكاء» وفق نصيحة مضيفه الايراني المرشد علي خامنئي قبل يومين.

الاصطدام بين بوتين وأردوغان صار حتميا مع انهيار قواعد الاشتباك التي تحكم المشهد السوري، والتي كان بوتين قد عدّلها عندما أطلق «عاصفة السوخوي»، وسبقه الاميركيون قبل نحو عام عندما عدّلوها بدورهم بعدما قرروا الانخراط في حربهم على «داعش» في سوريا. وتثار الاسئلة التالية الآن: هل سقطت قواعد الاشتباك بالكامل؟ ومن يحتمل هذا الالتباس الجوي في لحظة تداخل الحروب على الأرض السورية؟ وهل سترضخ موسكو ودمشق وطهران لهذا التعديل؟ وهل يحتمل حلف شمال الاطلسي تداعيات مثل هذا السقوط؟ ومن سيحدد الآن «الخطوط الحمراء» الجديدة؟

وعلى الرغم من ان الكرملين كان حريصا على التذكير مساء بأن تصريحات بوتين لم تتضمن تهديدا بالرد العسكري، وهي ربما اشارة الى امتناعه عن الاصطدام العسكري المباشر مع أنقرة، الا ان التقديرات تشير الى ان القوات المسلحة الروسية ستعمد الى الرد من خلال حسم الجيش السوري الوضع على جبهات الشمال اللاذقاني، خصوصا في جبال التركمان، احد مناطق النفوذ التركي المباشر، فيما الجيش السوري يتقدم خلال الساعات الماضية ويسيطر على كتف الغدر والملوحة والمركشلية، بعدما كان سيطر على اكثر من 30 من قمم الجبال في هذه المنطقة خلال الاسبوعين الماضيين والخارجة عن سيطرة دمشق منذ نحو ثلاثة اعوام، على بعد ما بين 8 الى 10 كيلومترات من حدود تركيا.

وأضافت السفير: قبل يومين كان بوتين يطمئن السيد خامنئي الى ان موسكو لا تطعن حليفها. بالأمس، تلقى الرئيس الروسي الطعنة من أردوغان. «روسيا لن تتسامح مع الجريمة»، قال القيصر الروسي. تركيا، الدولة التي ظنّها «صديقة» كما اشار، وجهت لروسيا «طعنة في الظهر» بإسقاط الطائرة الروسية فوق الاراضي السورية. وسواء انتهكت ام لم تنتهك الاجواء التركية، فان بوتين كان واضحا: مهما يكن فان الطائرة لم تكن تشكل تهديدا لتركيا وانما كانت في مهمة قتالية لمحاربة الارهاب. ووفقاً للسفير، سيكون امام تركيا الكثير لتفعله وتقوله لتتموضع في خندق مواجهة اكثر اقناعا، لا امام الروسي الغاضب وحده، وانما امام الشركاء الاخرين في حلف شمال الاطلسي، المتوجس بطبيعة الحال من اشتعال البركان السوري بما هو اكثر من القدرة على الاحتمال، بسبب الخفة التركية في التعامل مع موقف شديد الحساسية والتعقيد كالذي جرى بالأمس. واذ أيّد الحلف الرواية التركية حول الانتهاك الروسي، الا انه شدد خلال اجتماعه في بروكسل على اهمية استمرار آلية التنسيق والتشاور. اما وزارة الدفاع الاميركية فقد حرصت على الاشارة بعد تصريحات أوباما حول حق تركيا في الدفاع عن حدودها، الى ان هذه المشكلة هي بين حكومتي موسكو وأنقرة.

ولفتت السفير إلى أنه وفي مؤشر بالغ الدلالة على حتمية الصدام مع موسكو، خرج أردوغان بعد اجتماع رفيع المستوى لكبار القيادات العسكرية والامنية والسياسية، ليخالف كل التوقعات بانه سيعمد الى احتواء التوتر، واذا به يلقي قنبلة سياسية لا تقل خطورة عن اسقاط طائرة السوخوي صباحا. وبخلاف الكلام البديهي عن حق تركيا في الدفاع عن حدودها، فانه قال صراحة إن انقرة ستعمل بالتعاون مع حلفائها على اقامة المنطقة الآمنة داخل الاراضي السورية من جرابلس الى البحر المتوسط، وجدد التأكيد على دوره في دعم المعارضة السورية ضد «نظام الاسد» وتحدث عن السوريين التركمان كأنهم من رعاياه ومن واجبه الدفاع عنهم.

ولم تتأخر موسكو في الرد، فسرعان ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية بعد تصريحات اردوغان النارية ليلا، قطع العلاقات العسكرية مع انقرة، وأمرت باستخدام نظام «اس 300» للدفاع الجوي في الشمال السوري، وإسقاط أي طائرة يمكن ان تعتبرها موسكو تهديداً لقواتها في السماء السورية. وبدا من الواضح ان تركيا نجحت في فرض امتحان صعب على الروس، سواء باسقاط «السوخوي» او بإسقاط الطوافة العسكرية التي كانت تقوم بمهمة انقاذ في الشمال السوري لاحقاً، وذلك بعد اسابيع على تبنّي «داعش» جريمة تفجير الطائرة المدنية الروسية في سماء سيناء.

وتساءلت السفير: هل هو كمين مدبّر؟ واعتبرت أنه من غير الواضح كيف تسنّى للأتراك خلال نحو تسع ثوان، وهي الفترة التي يعتقد ان «السوخوي 24» استغرقتها اثناء التفافها والعبور بتماس قبالة الحدود التركية، اجراء اتصالات انذار مباشرة مع الطيارين الروسيين، ثم اتخاذ قرار باسقاط طائرتهما. وحتى لو كانت الرواية التركية دقيقة حول توجيه عشرة انذارات للطائرة الروسية «خلال خمس دقائق»، فكيف ستبرر اسقاطها لطائرة مخصصة للمهمات القتالية الأرضية وهي تقوم بعملية عسكرية في أراضي الشمال السوري وفي السماء السورية كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية. وأوضحت السفير: لن يشاهد بوتين صور الطائرة الروسية وهي تسقط مشتعلة في ريف اللاذفية الشمالي فقط. غالب الظن، ان مساعديه جلبوا له مشاهد اخرى نشرها موقع «اعماق» التابع لتنظيم « داعش»، لمسلحين يطلقون النار بكثافة على الطيار الروسي خلال هبوطه الاضطراري بالمظلة قبل وصوله الى الارض، ثم عرض صوره مقتولا بين «الجهاديين» المبتهجين.

وأردفت السفير: المساحة الضيقة من الشريط الحدودي ما بين الريف الشمالي للاذقية وبين الحدود التركية، لا تدع مجالا للشك بأن الحاضنة التركية للمسلحين، والصاروخ التركي الذي اسقط الطائرة الروسية، شريكان حتميان في مشهد واحد على جانبي الحدود. وهذا جانب مما تفضحه حادثة الطائرة الروسية. مجددا تتضح طبيعة الدور التركي في سوريا، وحنق القيادة التركية ازاء «العاصفة الروسية» التي تتخذ منحى تصاعديا، وتزداد اقترابا من الحدود التركية من خلال عمليات القضم التدريجي التي يقوم بها الجيش السوري والحلفاء لبلدات وجبال الشمال السوري، حيث المرتع الآمن لمختلف الفصائل الارهابية، وخصوصا المرتبطة مباشرة بالاستخبارات التركية. ومهما يكن، فإن المباغتة التركية تحمل الكثير من الدلالات. فهي جاءت بعد اقل من 24 ساعة على اللقاء الاستثنائي بين بوتين وخامنئي بكل ما وجهه هذا اللقاء من رسائل، والكثير منها مزعج بالتأكيد لأنقرة خصوصا في ما يتعلق بمخارج الحل السوري والموقف من الرئاسة السورية. كما جاءت المباغتة التركية بعد انتهاء قمة الغاز التي استضافتها طهران بما يمكن ان تعنيه من تراجع مكاسبها الاقليمية في مصادر الطاقة وأنابيبها الحيوية... واردوغان، بما يمثله، يقول إنني ما زلت موجودا وهو يستشعر حصارا يطوق خياراته السورية. «المشروع الاخواني»، إن صح التعبير يقول ايضا ان دوري في المشهد الاقليمي المعاد تشكيله، قائم.. ماذا سيفعل الايرانيون الآن؟ وإلى أي مدى سيتشجع القطريون والسعوديون في مغامرة التسليح للفصائل السورية؟ وهل يرد الروس بتسليح الاكراد وحزب العمال الكردستاني؟ ويبقى من اللافت للنظر صمت اسرائيل ازاء ما جرى، وما هو طبيعة دورها المخفي؟ وماذا عن حلف «الناتو» وختاما، كيف ستكون وجهة الجيش السوري والحلفاء، في الحرب غدا؟

وأبرزت السفير تقريراً بعنوان: تركيا بلا أنياب أطلسية أمام ثأر الدب الروسي. وأوضحت أنه لا سند «أطلسيا» لأنقرة، إذا ما قامت روسيا برد انتقامي لإسقاط تركيا طائرتها المقاتلة، طالما أنه رد مسقوف بحدود الفعل الذي استفزه، بغض النظر عن تضارب الشروحات حول ما حصل. الحادث ليس بلا سياق متكامل، خصوصاً بعد الصدام سابقاً حول قصف روسيا لمجموعات تركمانية معارضة في سوريا تعمل تحت مظلة أنقرة. وسارعت تركيا إلى طلب اجتماع تشاوري، بناء على المادة الرابعة من ميثاق «الناتو»، لكن ليس في الأفق الحالي أي مجال لتفعيل المادة الخامسة المتعلقة بالدفاع المشترك. احتواء الأضرار هو المظلة التي خرجت تحتها مواقف اجتماع «الأطلسي»، على تنوعها، لكن مع تأكيد آخر بأن الوجود الروسي يغير قواعد النفوذ، وحتى تقييمات «الحلف» لحركة قواته. واوضحت السفير: الحلف الأطلسي تبنى، رواية أنقرة، على أساس أن الطائرة الروسية قامت «بانتهاك المجال الجوي التركي»، مؤكداً وقوف دول الحلف «متضامنين مع تركيا ولدعم وحدة أراضيها». لكن بدا واضحاً حرص «الحلف»، في المقابل، على احتواء هذه الأزمة. قال أمينه العام إنه «يبارك» الاتصالات المباشرة التي جرت بين روسيا وتركيا، ويشجع على تكثيفها على أساس أن «الدعوة إلى الهدوء وعدم التصعيد»، الأمر الذي يجعل الديبلوماسية «مهمة لحل هذا الوضع».

وعنونت صحيفة الأخبار ملفها بعنوان افتتاحيتها التي جاءت بعنوان: حرب بلا خطوط حمر. وكتب إبراهيم الأمين: في حالة سوريا اليوم، لا تصح مقولة الميدان الخادم للمفاوضات. في حالة سوريا اليوم، الجميع في قلب المواجهة. عندما قررت روسيا التدخل مباشرة، بالتزامن مع رفع مستوى المساهمة العسكرية الايرانية، لم تكن الوجهة حماية الدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الاسد فقط، بل مساعدة هذه الدولة على مواجهة الحالة الارهابية، والسعي الى القضاء عليها. وهو شعار يقود الى نتيجة مختلفة عما يريده الطرف الآخر من مفاوضات الحل السياسي. ما فعلته روسيا، منذ بدء غاراتها الجوية، أسدل الستارة على مسرحية الغرب، ومعه الاتراك ودول خليجية، بأن هناك معارضة مسلحة معتدلة وأخرى مسلحة متطرفة. وما نجحت روسيا في تحقيقه، ليس كشف هزال العمليات العسكرية الدولية ضد «داعش»، بل تورط هذا التحالف في دعم الوجه الآخر لـ«داعش» المتمثل في «جبهة النصرة» وبقية قوى المعارضة الخاضعة لإدارة التحالف التركي ــ السعودي ــ القطري.

وأضاف الكاتب: لكن ما يثير حفيظة أعداء سوريا هو أن التدخل الروسي لم يكن سطحياً وعاماً فقط، بل كان جزءاً من برنامج يهدف الى استعادة السيطرة على كامل الاراضي السورية الواقعة تحت سيطرة المسلحين. وهذا يعني، ببساطة، إنهاء الوجود غير المباشر لتركيا وقطر والسعودية في قسم من الاراضي السورية، وإنهاء «داعش» بما تمثله في الجانب الآخر. وهذا سيقود حتماً الى هزيمة المشروع الآخر. وبعدها، سيكون لأي حل سياسي لونه المختلف عمّا يريده أعداء سوريا. وفي ردود فعل تركيا والولايات المتحدة على عملية إسقاط تركيا الطائرة العسكرية الروسية أمس، كان اللافت أمرين:

الاول، قول أوباما إنه لو ركزت روسيا ضرباتها على «داعش» وتركت «المعارضة المعتدلة» لما وصلنا الى هنا. والثاني، قول أردوغان إن روسيا موجودة لحماية الاسد وهي تقوم بحرب عسكرية ضد التركمان في سوريا. وما قاله أوباما هو، فعلياً، أن الغرب ليس موافقاً على استراتيجية روسيا في سوريا، وأنه يزداد انزعاجاً من عمق التحالف الروسي ــ الايراني في سوريا. وبينما أظهرت أحداث الشهرين الماضيين أن الغرب كان ينتظر تجاوباً روسياً مع طلباته، فإنه وصل الى خلاصة جعلته يوفر التغطية، وربما التشجيع، للجانب التركي على خوض هذه المغامرة. أما ما قاله أردوغان، فهو التعبير الواضح عن رفض تركيا ترك الميدان السوري، متأثرة بتطورات ميدانية ليست في مصلحة حلفائها؛ فعلياً، يدعو أردوغان روسيا الى ترك هذه المناطق تحت إشرافه، وكأنه يقول: هذه حصتي من سوريا.

وأضاف الأمين: عملياً، ردّت تركيا أمس، بغطاء غربي أساسه أميركي، على مقولة إن التدخل الروسي سيرسم خطاً أحمر حول عمليات الخارج في سوريا. ومقابل الحديث عن رفض روسي لأي خطوط حمراء تركية، فإن تركيا (بدعم من الغرب وتشجيعه) تقول إنه لا وجود لخط أحمر روسي، ولو كانت الكلفة حصول مواجهة. يعني ذلك أن سوريا التي استقبلت التدخل العسكري الروسي بروحية الباحث عن داعم لإنهاء الحرب، عليها أن تستقبل تدخلاً غربياً (باسم تركي) باحثاً عن سبل لرفع مستوى العنف، ما يقود عملياً الى منع توقف الحرب، والى تدمير سوريا. وهذا ما يسهل علينا توقع ردّ فعل روسيا وحلفائها.

وأكد الكاتب أنّ العملية التركية تحظى بدعم الغرب، وهدفها إفشال خطة هجوم الجيش السوري وحلفائه لاستعادة السيطرة على مناطق كثيرة في شمالي سوريا ووسطها. والرد عليها يكون، أولاً، من خلال منعها من تحقيق هدفها، من خلال الإصرار على خوض جولة قد تكون في غاية العنف لتحقيق السيطرة السورية على كل المنطقة الحدودية الشمالية الغربية مع تركيا، وطرد المجموعات الارهابية الموالية لتركيا من هناك، بما في ذلك الألوية التركمانية. وهو أمر سيترافق مع تعزيز موقع الأكراد المقاتلين على الجزء الشمالي من الحدود مع تركيا، وقسم من العراق. وهذا هو الرد الأنجع. سوريا تُقبل، بأسرع ممّا توقع كثيرون، على مرحلة خطيرة من المواجهات الاقليمية والدولية على أراضيها. وكل كلام عن تسوية سياسية مجرد مضيعة للوقت.

وتحت عنوان: «طعنة تركيّة» في ظهر روسيا تنذر بـ«عواقب وخيمة»، كتب أحمد الحاج علي في الأخبار أنّ الأوساط السياسية والعسكرية الروسية تشير إلى سلسلة إجراءات على مستويات متعددة دبلوماسية سياسية، عسكرية أمنية، اقتصادية تجارية واجتماعية. وأتى الرد السياسي الروسي من مركز القيادة الأول، واصفاً المشهد بوضوح لا لبس فيه، فتركيا بحسب الرئيس الروسي دولة داعمة للإرهاب قد تضاف إليها دول أخرى ضمن لائحة تصنيف روسية. ولفت بوتين إلى أن الحادثة حصلت بعد جهد بذلته روسيا للتوصل إلى تفاهم بشأن التماس الجوي مع الولايات المتحدة، ما يحمّل واشنطن مسؤولية عن التصرف التركي. ويتوقع الخبراء والمحللون العسكريون الروس أن يؤدي الاستفزاز التركي إلى تطبيق منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية، ذلك أن القوات الروسية تمتلك من تقنيات برية وبحرية ومن وسائل دفاع جوي كافية وأخرى داعمة، تمكنها من تنفيذ الحظر، وهذا الأمر منوط وفق الخبراء، بقرار دمشق التي يتوقع أن تعلن الحظر على الطائرات المعادية. ويضع الحادث كل طائرة لـ"حلف شمال الأطلسي" وتابعة للحلف الذي تقوده الولايات المتحدة وتقوم بخرق المجال الجوي السوري، ضمن أهداف المعاملة الروسية السورية بالمثل، وما هي إلا مسألة وقت حتى يتم إسقاط طائرة تركية أو أميركية، حتى يتعقد سيناريو مسرح عمليات المجال الجوي السوري، لينذر بما لا يمكن توقع عقباه من تدحرج كرة النار لتتغير قواعد اللعبة وتصبح المواجهة بالأصالة، بعدما كانت بالوكالة لأعوام خمسة ولّت. وأضاف تقرير الأخبار: مسرح العمليات الجوية سيشهد دوراً أكبر لطائرات روسية اعتراضية، تحمي القاذفات من أي تهديد يأتي من طيران معادي. كذلك ستلجأ موسكو إلى تزويد أكراد سوريا بما يحتاجونه من سلاح لمواجهة الإرهاب، وما يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم من تهديد لا تخفيه أنقره لهم.

وتحت عنوان: أردوغان يُصعّد: «منطقة آمنة» من جرابلس إلى المتوسط، أفادت الأخبار أيضاً، انه، ورغم الغليان الذي أعقب عملية إسقاط الطائرة الروسية، بدت التصريحات الأميركية المواكبة أقرب إلى محاولة البناء على الحادثة الحسّاسة، لربط النزاع السوري أو على الأقل للعبور إلى مرحلةٍ جديدة على صعيد التواصل الأميركي ــ الروسي في شأن الأزمة السورية. ويمكن إدراج كلام أوباما في هذا الإطار، حيث أكد يوم أمس أن حادثة إسقاط الطائرة تُبرز «أهمية التحرك في المسار السياسي في أسرع وقت ممكن» لحلّ الأزمة السورية.

ورغم ذلك، مثلت حادثة أمس منطلقاً لأردوغان لاستعادة حلمه القديم في إنشاء منطقة حظر جوّي في المناطق الحدودية، حيث أعلن أمس أن تركيا ستُنشئ قريباً بالتعاون مع حلفائها «منطقة إنسانية آمنة» بين جرابلس وشاطئ المتوسط. وفي ما بدا أنه ضوء أخضر أميركي معطى سلفاً لأنقرة لتحدّي موسكو عسكرياً، شدّد أوباما على «حقّ تركيا في الدفاع عن أرضها ومجالها الجوّي»، لكنّه أشار في الوقت نفسه إلى الحاجة لضمان التواصل الروسي التركي لاتخاذ تدابير للحدّ من أي تصعيد. من جهته، بدا الخطاب الرسمي لحلف «شمالي الاطلسي» أقرب إلى محاولةٍ لتخفيف الاحتقان من الاندفاع باتجاه تصعيد عسكري. وقد أكد أمين عام «الاطلسي»، ينس ستولتنبرغ، أن الدبلوماسية ونزع فتيل التوتر مهمان لمعالجة هذا الوضع»، مشجعاً على إجراء اتصالات بين أنقرة وموسكو، ذلك «لتفادي خروج الوضع عن السيطرة».

واعتبر مراقبون توقيت إسقاط الطائرة مؤشراً مقصوداً، وجاء في سياق إفشال المساعي الروسية في إقناع المعارضة السورية للاتفاق على وفد مشترك يشارك في الحوار مع وفد الدولة السورية. من جهة أخرى، يبقى الرهان على قدرة أنقرة على تحمّل تبعات تلك الخطوة على أكثر من صعيد، عسكري وسياسي واقتصادي..

وتحت عنوان: إيران وروسيا: نحو تعزيز الحضور الميداني في سوريا، أفادت الأخبار في تقرير آخر أنّ لقاء بوتين مع المرشد خامنئي شكّل منعطفاً لـ"تطابق" إيراني روسي على أكثر من صعيد، يتقدمه الملف السوري، حيث خرجت تسريبات عن اتجاه لزيادة الوجود الميداني للطرفين في بلاد الشام.

وكتبت الحياة السعودية: «لعب بالنار» فوق الحدود السورية – التركية. وأوضحت أنه بُذلت أمس جهود لضبط التوتر الروسي- التركي وتجاوز «اللعب بالنار» فوق الحدود السورية- التركية بعد إعلان أنقرة إسقاط قاذفة روسية من نوع «سوخوي 24» وتأكيد واشنطن توجيه تركيا عشرة إنذارات للطائرة الروسية قرب حدود تركيا وإعطاء أوباما الحق لتركيا في حماية أراضيها وأجوائها. واعتبر بوتين إسقاط القاذفة «طعنة في الظهر»، محذراً من «عواقب وخيمة». وعقد «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) اجتماعاً على خلفية أول إسقاط دولة عضو فيه طائرة روسية أو سوفياتية منذ نصف قرن. وأفيد بأن عناصر المعارضة دمروا بصاروخ «تاو» أميركي مروحية روسية أو سورية حاولت سحب أحد الطيارين الروسيين اللذين أُسقطت طائرتهما، وسط تضارب الأنباء حول مصير الطيارين على رغم اعتقاد تركيا بأنهما على قيد الحياة.  وهبطت أسعار الأسهم الروسية والتركية بسبب مخاوف من التصعيد بين خصمي الحرب الباردة السابقين. واستدعى كل من البلدين ممثله الديبلوماسي في البلد الآخر، وألغى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة لتركيا كان مقرراً أن يقوم بها اليوم. وفي دمشق، نقلت وكالة (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنه «في اعتداء سافر على السيادة الوطنية، أقدم الجانب التركي على إسقاط طائرة روسية صديقة فوق الأراضي السورية أثناء عودتها من تنفيذ مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي».

وقالت ناطقة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، إنه حض رئيس الوزراء التركي خلال اتصال هاتفي بينهما أمس «على العمل من أجل حوار مباشر بين الأتراك والروس في هذا الأمر». وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في برلين: «نأمل ألا تتسبب هذه الحادثة في انتكاسة للمحادثات المشجعة التي تعطي أملاً بسيطاً لتخفيف حدة الصراع السوري». ودعا الأمين العام للام المتحدة بان كي مون جميع الأطراف إلى «التهدئة بصورة عاجلة».

وفي الشرق الأوسط السعودية، اعتبر سمير عطا الله أن قرار فرنسا دخول الحرب بعد هجمات باريس٬ أدى إلى تغيير جذري في استراتيجيات الجميع. سوف تتغير الاستراتيجيات مرة أخرى بعد حادث السوخوي ٬24 التي أسقطتها فانتوم ٬16 وهو مما يزيد في مرارة الروس. وإذا أضفناه إلى إسقاط الطائرة المدنية فوق شرم الشيخ٬ فإن تحدي سمعة بوتين في بلاده يبدو حاًدا. لقد جاءت روسيا إلى سوريا بعرض جوي وصاروخي لا سابق له٬ وتعرضت لنكستين في مرحلة قصيرة٬ كلتاهما لاُتحتمل. هل هو حادث وَعبر٬ أم هي سياسة تركية مستمرة كما أوحى داود أوغلو؟ لقد زاد في الإهانة٬ كما قال بوتين٬ أنه بدل أن تتصل تركيا بروسيا أولاً٬ اتصلت بالحلف الأطلسي. التحدي مَّرتان.

وأبرزت النهار اللبنانية: أردوغان يرسم بالنار حدود الدور الروسي: المنطقة الآمنة من حلب إلى المتوسط. وطبقاً للصحيفة، يحمل إسقاط تركيا قاذفة "سوخوي-24" بصاروخ من مقاتلة "ف-16"، رسائل عدة موجهة بالنار الى الدور الروسي في سوريا. وأولى هذه الرسائل ان ثمة خطاً أحمر ترسمه الان تركيا ومن خلفها الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي أمام الحدود التي يمكن ان تذهب اليها المساندة الروسية للنظام السوري. ولم يتأخر اردوغان، الذي حظي بتأييد أوباما للرواية التركية عن الحادث الجوي، في تكرار عزمه على إقامة "منطقة انسانية آمنة" في سوريا بمساعدة حلفائه تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب الى البحر المتوسط. ويتعارض القرار التركي اقامة المنطقة العازلة مع سياسة روسيا دعم الجيش السوري في سعيه لاستعادة مناطق فقد السيطرة عليها في أرياف اللاذقية وإدلب وحلب. ولا ينفصل إسقاط تركيا القاذفة الروسية الذي حصل غداة القمة التي جمعت الرئيس بوتين والمرشد خامنئي في طهران، عن رسالة استياء تركية واميركية مما صدر عن القمة من موقف روسي - ايراني داعم لدمشق.

وطبقاً للنهار، تهدد المواجهة العسكرية المباشرة الاولى بين روسيا وتركيا بإطلاق موجة من التصعيد العسكري ومن الحرب بالوكالة فوق الاراضي السورية، كما تهدد ما تم الاتفاق عليه في فيينا للشروع في عملية سياسية في رعاية الامم المتحدة اواخر الشهر المقبل والسعي الى وقف للنار. ويبدو أن الحادث أضعف الآمال في تقارب بين روسيا والغرب عقب هجمات (داعش) في باريس، التي أدت إلى صدور دعوات إلى إنشاء جبهة موحدة لمكافحة التنظيم المتشدد في سوريا.

وأبرزت صحيفة العرب: إسقاط الطائرة الروسية يوزع جغرافية النفوذ في سوريا.. طعنة في الظهر.. كانت منتظرة. وطبقاً للصحيفة، يزيد حادث إسقاط تركيا لطائرة عسكرية روسية من درجة التوتر في العلاقة بين موسكو وأنقرة بسبب موقفيهما المتناقضين من الملف السوري، لكن من المستبعد أن يقود إلى مواجهة مباشرة بينهما لأن ذلك قد يدفع إلى توسيع دائرة الحرب وإفشال جهود بناء تحالف دولي واسع لمواجهة تنظيم داعش. ويرى متابعون للشأن التركي أن إقدام تركيا على إسقاط المقاتلة الروسية يأتي بعد قيام الطيران الروسي باستهداف جبل التركمان في الساحل السوري على مدار أسبوع كامل، وبعد أن فشلت محاولات تركيا من خلال مجلس الأمن والاتصالات الدبلوماسية المباشرة في إقناع الروس بإيقاف استهداف هذه المنطقة التي تعتبرها تركيا منطقة تهدد أمنها القومي جغرافيا وعرقيا نظرا لتواجد المكون التركماني الذي يحظى بعلاقة خاصة مع الأتراك من بين كل المكونات السورية المعارضة. ويميل محللون إلى القول إن الخطوة التي أقدمت عليها تركيا محسوبة بدقة، ولها عنوان أساسي هو إرباك التحرك الروسي في سوريا، وخاصة ما تعلق بمحاولة موسكو فرض الرئيس الأسد كجزء من التسوية في تحد لرؤية تركيا وبعض الدول الغربية. ورجح المحللون أن تكون لهذه العلمية انعكاسات مباشرة على التحركات السياسية المرتبطة بالملف السوري، وأن موسكو قد تلجأ كردة فعل إلى ترجيح كفة الخيار العسكري على الحل السياسي، وأنها قد تزيد من استهدافها للمعارضة المحسوبة على تركيا.

وفي الرأي الأردنية، اعتبر محمد خروب أنه لا يمكن فصل هذه الخطوة التركية التي نحسبها دعسة زائدة وغير مُبرّرة وربما تفضي الى اشعال حريق جديد في المنطقة، عن التطورات المتسارعة في الشمال السوري وبخاصة في ريف اللاذقية الذي يشهد هزيمة متدحرجة لفصائل الارهابيين الذين يَتخفّون خلف اسماء ومسميات عديدة، منها ما هو بغطاء تركماني (وهذا سرّ غضبة أردوغان واستشعاره قرب دفن مشروعه الامبريالي الذي يُسوّقه بمعايير عثمانية جديدة) ومنها من تَدثّر بعباءة الجثة المسماة «الجيش الحر» وغيرها من الرايات كجيش الفتح والجبهة الشامية وأحرار الشام. وأضاف الكاتب: اسقاط السوخوي الروسية يأخذ الأمور الى مرحلة جديدة محمّلة بالتوقعات والاسئلة التي قد تكون اجوبتها معلّقة، في ظل الاجواء الساخنة وارتفاع منسوب التكهنات والحذر الذي تُبديه اطراف عديدة، كي لا يشكل هذا «الاسقاط» التركي الغبي للطائرة الروسية المقاتلة، سقوطاً في مستنقع حرب قد «يتذكر» اردوغان ورئيس حكومته، تاريخ بدئها وهو 24/ 11 (اي يوم اسقاط الطائرة) لكنهما ومَنْ قد يقف خلفهما وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية، لا يعرفان مدى وكيفية واكلاف انتهائها، بعد ان حاولت تركيا الظهور بمظهر الدولة القوية المستعدة لمناطحة روسيا فيما الاخيرة لم تتجاوز حدود القانون الدولي ولم تسع الى استفزاز انقرة، أو الدخول معها في تراشق اعلامي او إحداث ازمة سياسية او دبلوماسية تتجاوز ما هو مقبول في الاعراف والتقاليد الدبلوماسية الدولية، وبخاصة تجاه الأزمة السورية.

وتابع الكاتب: لن تسكت موسكو عن حادث اسقاط الطائرة ولن تبتلع لسانها او تخفض من صوتها او تتراجع عن روايتها في هذا الشأن.. ضجيج ردود الفعل ما يزال يَصُّم الآذان، لكن القرارات «الحازمة» في طريقها الى البروز والتشكُّل ونحسب ان حفر الخنادق العسكرية والسياسية والدبلوماسية قد بدأ.. وإلا كيف يمكن للمرء ان يَمُرّ ببساطة على وصف «الكرملين» حادثة إسقاط السوخوي بأنها «واقعة خطيرة للغاية»؟ بل إن بوتين حدد مستقبل العلاقات مع انقرة محذراً الاخيرة من العواقب الوخيمة لتلك «الطعنة في الظهر» التي جاءت من شركاء الارهابيين وفي ذلك تلخيص مكثف وعميق للمشهد الآخذ في الاحتقان والذي يلامس حدود الانفجار.

وفي الدستور الأردنية، اعتبر جمال العلوي أنّ جملة الرسائل التي حملتها زيارة الزعيم بوتين الى إيران سواء على الصعيد المحلي أو الاقليمي والدولي، حركت دوائر القرار الامريكي الاوروبي فدفعت نحو قطع التيار الكهربائي عبر اوكرانيا عن منطقة القرم الروسية وتزامنت مع حادثة اسقاط السوخوي التي لم يثبت انها اخترقت الحدود التركية لذا سارع « الناتو» على عجل لإجراء مشاورات في اعقاب حادثة الطائرة، مساء امس. وأوضح الكاتب: لا يمكن لروسيا أن تصمت على حادثة الطائرة الجديدة بعد حادثة سيناء ولا يمكن لروسا أن تسمح لدول حلف «الناتو» نحو جرها الى استحقاقات سريعة جراء تقدم روسيا الى اعادة التوازن العالمي وانهاء حركة القطب الواحد.. نعم المشهد يزداد تعقيداً والصورة تحمل كل التلاوين وننتظر ونرى ما تكشفه الايام القادمة، التي حتما ستكون حبلى بالمتغيرات على أكثر من صعيد...!

وكتب ماهر ابو طير في الدستور أيضاً: تتورط موسكو في المستنقع السوري، ولاتريد ان تدفع الثمن، وسواء كان الثمن عسكريا على شاكلة اسقاط الطائرة العسكرية الروسية من تركيا، أو مدنيا مثل تفجير الطائرة المدنية الروسية، ففي الحالتين هناك ثمن ينتظر قيصر موسكو، وسياساته في المنطقة. هو ذات الثمن الذي سيدفعه آخرون من دول واطراف تتورط في الصراع السوري، فهذه نار حارقة ستحرق اصابع كثيرين آجلا ام عاجلا، ولا يمكن الكلام عن تسلل دون ثمن... وعلى موسكو ان تنتظر حوادث اخرى حتى داخل الاراض الروسية ولن يكون غريبا ان نسمع بعد قليل عن تفجيرات في داخل موسكو او اي نقطة ضعف اخرى، فبوتين بكل وضوح وضع بلاده تحت المرمى، ولن يشقى كثيرون في ان يجدوا انتحاريا يفجر في موسكو من باب تتابع الرسائل. ورجّح الكاتب أنّ خيارات موسكو في الرد على الاتراك محدودة، فالقيصر لايستطيع توسعة مدارات معركته في كل مكان، والارجح ايضا ان الاتراك سيواصلون دعم فصائل مختلفة، برضى اميركي من أجل حرق اصابع موسكو، وتفشيل الحل السياسي الذي يطرحه الروس ويسعون لتطبيقه على الارض.... معنى الكلام انه كلما اقتربنا من بدء تطبيق الحل السياسي، فعلينا انتظار المزيد والمزيد من المفاجآت المدوية ضد الروس، وقد يحرق الروس سورية، لكنهم بالتأكيد لا يستطيعون التنبؤ حول مكان وتوقيت الحادثة المقبلة ضدهم.

وأوضح زهير ماجد في الوطن العمانية: كانت السوخوي 24 عائدة من مهمتها حين وقعت في كمين من الطائرات التي يقال إنها تركية، لكن ليس معروفا إن كانت قيادتها تركية أم أطلسية وتحديدا أميركية. العمل الجبان كما سماه مقرب من روسيا، خطوة في تفسير الضيق الأميركي والأطلسي بشكل عام وتركيا بشكل خاص من المكاسب التي يحققها الجيش العربي السوري من خلال المشاركة الفاعلة للطيران الحربي الروسي وقدراته الفذة في تغيير مسارات الحرب على الإرهاب في سوريا، مما دفع المقرب من روسيا إلى الاعتراف بأن مدة شهرين وبهذه الطريقة من خوض المعارك ستتغير الوجهة نهائيا على الأراضي السورية وسيكون لها أثر كبير في المعادلة الجديدة لطبيعة الوجود السوري على كل أراضيه حتى الرقة أيضا. وأضاف الكاتب: لو حسبنا أن تركيا استأذنت الأميركي بالعملية ضد الطائرة نكون أمام مسرحية بخاتمة وخيمة.. وفي كل الأحوال وسواء نفذت تركيا العملية أم غيرها من نفذ، فإن عواقب الفعل ستعود على الجانب التركي الذي أراد أن تكون رسالته دموية تجاه الروس أيضا... وهو أمر لا يتماشى إطلاقا مع الواقع الذي لاترضاه روسيا ولا حتى سوريا. أما الأميركي الذي يقف بعيدا لكنه أساس المشكلة وصاحبها، فهو المنزعج الأكبر مما آلت إليه الأمور في سوريا، خصوصا بعد العمليات الأخيرة حول مرتفعات اللاذقية التي حقق فيها الجيش العربي السوري نصرا كاسحا اعتمادا على مشاركة الطيران الروسي في ذلك. إضافة إلى أن الأميركي أراد إيصال رسالة مضايقة من الوجود الروسي كله في سوريا فعمد إلى إزعاجه بهذه الطريقة التي هي من تأليفه وألحانه ربما، وهي قاسية غير مقبولة روسيا... بالاعتقاد أن الروسي فهم بأن الأميركي بدأ هجومه وقد لا يقف عند هذا الجد، فمقتل طيار روسي ليس بالهين، وهو هنا إشارة مهمة، وإسقاط طائرة إما أن يكون بمثابة إسقاط للدور الروسي أو إعادة التفاهم من جديد على دور روسيا السابق أي قبل دخولها العسكري الذي كان مريحا للأميركي؛ لأنه كان اشتباكا في السياسة لا في المصالح ولا في العسكر.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.