تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الموقف المتلون تجاه سورية.. كشف حقيقة معدن أردوغان

مصدر الصورة
البيادر السياسي

بعد أن قدم رجب طيب اردوغان، رئيس تركيا، اعتذاره لروسيا حول اسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية فوق الاراضي السورية، وبعد أن أفشل الانقلاب العسكري يوم 15/7/2016 بفضل مساعدة روسية، ظهر للعالم كله أن اردوغان سيغير من سياسته المعادية لسورية، وسيكون أكثر ايجاباً في تعامله مع قضايا الشرق الأوسط. وقبلت تركيا رعاية مؤتمر الاستانة رقم 1 الذي عقده في شهر كانون الثاني 2017 الى جانب روسيا وايران، وتعهدت بالتزام "مجموعات" ارهابية بقرارات المؤتمر، أي أنها كفلت هؤلاء المسلحين مما يؤكد أنها الداعمة والممولة لهم، وهذا يؤكد بصورة واضحة دعمها للارهاب في سورية.

لقد ظن الجميع أن تركيا "تابت"، ولكن في مؤتمر الاستانة "2" بدأت تخرّب، وعادت الى طبيعتها العدوانية لأن الرئيس أردوغان يراهن على عدة أمور وأهمها:-

  • الشعب التركي سيمنحه صلاحيات كبيرة من خلال التصويت لصالح الاستفتاء على تعديل نظام الحكم في تركيا من برلماني الى رئاسي في الشهر القادم.
  • الرئيس الاميركي الجديد معني باقامة مناطق آمنة على الحدود السورية، وهو ما يسعى اليه اردوغان لاحتلال أراضٍ سورية.
  • الرئيس الاميركي ترامب هو ضد الارهاب، ولذلك فانه سيدعمه في مواجهة مقاتلي حزب العمال الكردستاني " P.K.K".
  • دعم اميركي لتدخل تركيا العسكري في كل من سورية والعراق تحت شعار محاربة والتصدي للارهاب! وقد دخلت قوات اميركية الى منطقة "منبج" لمنع أي صراع تركي مع القوات السورية وحلفائها، أو مع قوات الحماية الكردية، لكن أردوغان استغل ذلك بأن قامت قواته بقصف مواقع للجيش السوري والقوات الرديفة والمتحالفة معه.

 

لماذا هذا التراجع التركي

شعر أردوغان أن مخططاته العسكرية سقطت عندما تم طرد الارهابيين من حلب، وعادت حلب بكاملها الى أحضان الدولة السورية. وشعر أن عليه "التمسكن" حتى يحصل على بعض أجزاء من الكعكة التي ظن أنها سهلة التقطيع.. فتراجع عن مواقفه، ثم دخل سورية تحت يافطة أحرار الشام وهي بالفعل قوات تركية، وبحجة التصدي للاكراد ومنعهم من اقامة حكم ذاتي في شمال سورية.

وأراد اظهار حسن نوايا، واراد أن يكون على طاولة الحل السياسي للحصول على مكاسب ومن أهمها أن يكون هناك وجود أو تواجد للاخوان المسلمين في الحكومة الانتقالية، وعندما وجد أن من يدعمهم هم "ضعاف" وليس لهم وجود في الميدان، تدخل وفرض "محمد علوش"، قائد مجموعات ارهابية على طاولة المفاوضات، ولكن ممثلي اردوغان في هذه المفاوضات اثبتوا فشلهم، واثبتوا ان وجودهم في الداخل معدوم، كما ان القوى المعارضة الاخرى أقوى منه سياسياً واجتماعياً. وهذه القوى لا تريد اسقاط النظام، بل تريد التعاون معه في التوصل إلى اتفاق حول حل سياسي سلمي في أسرع وقت.

وخلال عقد مؤتمر "جنيف 4" كانت هناك محاولة تركية لاحداث ثغرة في الهجوم والتحرك العسكري السوري حول "منبج"، ولكن أردوغان حصل على صفعة كبيرة إذ أن قوات الحماية الكردية سلمت معظم مواقعها العسكرية حول منبج للجيش العربي السوري، وهذا يعني احراج تركيا، ووضعها في مأزق مواجهة الجيش العربي السوري، كما ان قوات الحماية الكردية أو القوات الديمقراطية هي مدعومة اميركيا، وهذا الدعم يشكل نقطة خلاف كبيرة مع الادارة الاميركية.

لقد ظن أردوغان أن اهدافه في سورية ستتحقق، ولكنه بعد الاستانة (1) و(2)، وبعد "جنيف 4" وهناك جنيف "5" تبين له ان اهدافه لن تتحقق فتراجع عن مواقفه المتمشية مع ايران وروسيا، وبدأ بالتخريب ظناً منه أن روسيا أو ايران سيطلبان منه التوقف عن هذا التخريب.

ما تعانيه سورية من التدخل العسكري التركي، تعاني منه العراق، فهو، أي اردوغان، يكسب عداء عدة دول عربية، تعاني الآن، ولكنها سترد على هذا التدخل عندما تتعافى، ويضطر اردوغان حينها للتوسل لاقامة علاقات محترمة معه؟

 

تركيا في مأزق سياسي

تراجع أردوغان عن مواقفه، وتلونه في المواقف وتصريحاته النارية ضد سورية والعراق، وحتى ضد دول اوروبية، تعكس حالة المأزق الكبير الذي يعيشه الآن أردوغان، فهو يريد أن يكون سلطاناً، ولكنه في الوقت ذاته لا يثبت بأنه جدير بذلك اذ أن العالم تغيّر ولا ضرورة الى وجود سلاطين.

أردوغان قد يكون قوياً الآن ويبطش بأبناء شعبه، ويزج بهم في السجون تحت حجة دعمهم للانقلاب، ويتحدث في الوقت نفسه عن الديمقراطية.. ولكن هذا الوضع لن يطول فاردوغان سيدفع ثمن أخطائه، وعن خداعه وحملته على شعبه وبطشه بكل من يخالفه الرأي. وهذا ما تعلمناه من التاريخ بأن الديكتاتور قد ينعم بالقوة لفترة محدودة وسرعان ما يفقدها.. والشعب التركي عظيم، ويدرك كل ما يجري، ولن يسكت عليه للابد، فانه يصبر، ولكن ليس الى ما لا نهاية، ولا بدّ من أن حقبة اردوغان السيئة في تاريخ تركيا ستنتهي في المستقبل القريب. وهذا ما يتوقعه مراقبون مختصون بالشأن التركي!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.