تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: ما بقي من الموصل.. حرّاً.. ماذا بعد الموصل..؟!

مصدر الصورة
sns

خطت الدولة العراقية أمس، خطوة مهمة في مسار «تحرير مدينة الموصل»، من سيطرة تنظيم «داعش»، إذ أعلنت قواتها استعادتها موقع الجامع النوري الكبير، الواقع في المدينة القديمة، وذلك بعد أيام من تفريغ التنظيم بعضاً مما تبقى من حقدٍ لديه على العراقيين، عبر تفجير الجامع التاريخي ومنارته «الحدباء». وكسب الإعلان العراقي بُعداً رمزياً، إذ إنه أتى بعد مرور ثلاثة أعوام على الظهور العلني الأول (والأخير حتى يومنا) لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، من ذلك الجامع نفسه، معلناً قيام «دولة الخلافة». وبعدما أفرغت مقاتلات «التحالف الدولي» قذائفها طوال عدة أشهر من المعارك فوق الموصل وبعض من مدنييها (باعتراف التحالف نفسه)، مخلفة الدمار، ذهب المتحدث باسمه في بغداد الكولونيل الأميركي راين ديلون، إلى اعتبار أنّ «نهاية التنظيم أصبحت وشيكة»، مضيفاً أن «الإعلان الرسمي عن استعادة الموصل ستقوم به الحكومة العراقية... خلال أيام وليس أسابيع». من جهته، وصف رئيس الوزراء حيدر العبادي، «الإنجاز» بأنه «إعلانٌ بانتهاء دويلة الباطل الداعشية»، الأمر الذي عدّه البعض إعلاناً سابقاً لأوانه، لجهة أنّ معارك الموصل لم تصل إلى نهاياتها، وأنّ «مشروع داعش» لن ينتهي بانتهاء سيطرته على الموصل.

وأوضحت صحيفة الأخبار، أنه بالمعنى الرمزي، وبمعزل عن استعجال العبادي، إعلان نهاية «داعش» لأسباب سياسية داخلية، فإن سقوط جامع النوري بيد القوات العراقية يُعدُّ المحطة الأبرز في سياق الحرب على التنظيم الإرهابي، ربطاً بكونه المكان الذي أعلنت منه «دولة الخلافة». لكن بين تحرير الموصل (علماً بأنه لا تزال هناك أحياء تحت سيطرة التنظيم) ونهاية «دويلة داعش» ثمة مسافة سياسية وميدانية لا يبدو أن اجتيازها سيكون بالسرعة أو السهولة التي أوحت بها التصريحات العراقية الرسمية أمس؛ «داعش الموصل» سقطت، كما سقطت من قبلها «داعش الفلوجة» والرمادي وبيجي وتكريت وجرف الصخر وغيرها، لكن «داعش» قبل الجغرافيا وبعدها هي مشروع، في نظر أتباعها ورعاتها على حد سواء. ويمكن القول إنه لا يوجد أي مؤشر على التسليم أو التخلي أو التنازل لدى أتباع هذا المشروع عنه، وهو ما تشهد عليه معارك الموصل نفسها التي استمرت نحو ستة أشهر في ظل حصار شبه كامل للمدينة وقطع خطوط إمدادها. وقياساً على هذه الوتيرة، فإن بالإمكان الافتراض أن ما بقي من معارك لاستعادة المناطق التي لا تزال تحت السيطرة «الداعشية» في العراق لن تكون قريبة النهاية.

والحديث هنا عن مناطق متعددة ومتباعدة تبدأ بتلعفر ولا تنتهي بصحراءيْ نينوى والأنبار، مروراً بالحويجة والشرقاط والشريط العمراني الممتد بين حديثة والقائم على الحدود العراقية ــ السورية. أما منطقة القائم وعموم الصحراء المتاخمة للحدود مع سورية، فالواضح أنها باتت تمثل استحقاقاً إقليمياً يتعدى في أبعاده المعركة المباشرة مع «داعش» إلى ما هو في صلب الحرب الدائرة بين محور المقاومة من جهة والمحور الأميركي ــ الإسرائيلي ــ الخليجي من جهة أخرى. وهنا يصل الحديث إلى رعاة المشروع «الداعشي» الذين برغم إظهارهم إشارات مبدئية بالتخلي عنه، إلا أنهم لا يزالون يمارسون أشكالاً مختلفة من العرقلة لضبط إيقاع الإجهاز على هذا المشروع بما يتساوق مع ضابطتين: الأولى، أن لا يكون قصب السبق في هذا الإجهاز من نصيب أطراف المحور الآخر، بما يكرس انتصاراً استراتيجياً لهم ستلغي مفاعيله التوازنات التي كانت قائمة قبل مرحلة «داعش». والضابطة الثانية، وهي تتصل عضوياً بالأولى، تتعلق ببلورة المشروع البديل الذي يراد له أن يحل مكان «داعش» لجهة المراهنة عليه في تنفيذ الأدوار الوظيفية التي أنيطت بالتنظيم الإرهابي على صعيد مواجهة محور المقاومة. حتى الآن، يمكن القول إن هذا البديل لم يجهز، برغم العمل الحثيث على تنضيجه.

ووفقاً للحياة، يرى خبراء عسكريون عراقيون أن «داعش» حاول الإيحاء بقوته وانتشار مقاتليه وقدرتهم على إدارة المعارك الكبيرة واستخدام الأسلحة المتطورة والثقيلة التي استولى عليها، لكن واقع الحال كان مختلفاً تماماً، فقدرة التنظيم على الصمود كانت مرتبطة باحتجازه المدنيين وتخندقه في مناطق سكنية معقدة، فيما لعبت طلعات الطيران الجوي الأميركية والدولية دوراً حاسماً في إضعافه. وعلى مدى عامي 2015 و2016 تقهقر تباعاً من بلدات الخالص والعظيم وجلولاء في ديالى، ثم من تكريت والدور والشرقاط وطوزخرماتو في صلاح الدين، وتجنب المواجهات الكبيرة. وتؤكد مصادر من أهالي الجانب الغربي من الموصل أن قادة «داعش» الأساسيين انسحبوا من المدينة مصطحبين عائلاتهم باتجاه الحدود السورية، فيما ألقى مئات المسلحين المنتمين إلى التنظيم من أهالي المدينة، سلاحَهم أو اندسوا بين النازحين، ولجأ بعضهم إلى تنفيذ هجمات في المناطق المحررة. ويبدو أن تحدي ما بعد انهيار «داعش» لا يقل عن التحديات التي فرضها ظهوره، ويحتل الجانب السياسي، الذي يُعتقد أنه كان من المبررات الأساسية لانفجار العنف في العراق، صدارة الاهتمامات.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.