تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: "ما تفعله الولايات المتحدة يكشف عن اعتلالها"..؟!

مصدر الصورة
sns

شن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة المنتهية ولايته سيرغي كيسلياك أمس، هجوماً لاذعاً على واشنطن، مندداً بـ «عار اتهام دولة مثل الولايات المتحدة ديبلوماسياً أجنبياً بالتجسس عليها». أتى ذلك في وقت بدأ المحققون في قضية الاتصالات بين فريق الرئيس ترامب وروسيا، يضيّقون الخناق على البيت الأبيض بطلبهم وثائق متعلقة باتصالات المستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين مع كيسلياك. وأكد كيسلياك أن «لا خلافات أيديولوجية بين موسكو وواشنطن»، مشدداً على أن «ما تبنيه روسيا، سواء كان نظاماً رأسمالياً أو لا، يحمل ملامح إنسانية، بخلاف ما يستند إليه منطق أميركا». شكل ذلك الرد الأعنف للسفير المنتهية ولايته على اتهامات أميركية وجهت إليه بإجراء اتصالات مع فريق الحملة الانتخابية لترامب العام الماضي. ودفع هذه الاتهام موسكو إلى إنهاء عمله قبل شهرين وتعيين أناتولي أنطونوف، نائب وزير الخارجية السابق وصاحب الخلفية العسكرية الواسعة، بدلاً منه.

واعتبر الديبلوماسي الروسي الذي وصف محادثاته مع مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض مايكل فلين بأنها «اتسمت بشفافية مطلقة وركزت على التعاون بين البلدين»، أن «مشكلة العلاقات الروسية- الأميركية تكمن في إيمان الأميركيين باستثنائيتهم المطلقة وحقهم المزعوم في إملاء ما هو جيد وما هو سيئ على الآخرين». ورجح كيسلياك أن تطول مدة الأزمة مع موسكو بسبب العقوبات الاقتصادية ضدها التي صيغت في شكل يجعل إلغاءها متعذراً في ظل الواقع الأميركي الحالي». ووصف «بعض المطالب الأميركية بأنها وقحة، وتعرقل تطوير علاقات اقتصادية طبيعية مع روسيا»، وفقاً للحياة.

ودافع الرئيس ترامب عن مستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر، الذي تنتقده وسائل أعلام يمينية وتطالب باستقالته. واتُهم ماكماستر في سلسلة من المقالات التي نشرتها وسائل إعلام من اليمين المتشدد، بمعاداة إسرائيل وبالتعاون مع مسؤولين من عهد أوباما. وقال ترامب في بيان أرسله لصحيفة نيويورك تايمز، أمس: "أنا والجنرال ماكماستر نعمل معا بشكل جيد جدا. إنه رجل جيد مؤيد جدا لإسرائيل". وأضاف: "إنني ممتن له على العمل الذي يواصل القيام به في خدمة بلدنا".

ونشرت صحيفة أرغومينتي إي فاكتي الروسية مقالا للمحلل السياسي الألماني ألكسندر رار، يتحدث فيه عن ردود الفعل الأوروبية على العقوبات الأمريكية. وكتب رار: ألمانيا وفرنسا وبعض الدول الغربية الأخرى إلى جانب أن تكون العقوبات شكلا من أشكال الدبلوماسية. أما النخبة الأمريكية ودول أوروبا الشرقية التي تدعمها، فترى في العقوبات وسيلة للمساومة وحربا اقتصادية ضد روسيا لإضعافها؛ إذ لا أحد يريد الدخول في حرب فعلية مع روسيا بسبب القرم ودونباس؛ بيد أن العقوبات الجديدة قاسية جدا، وهي ليست ضد المشروعات الصناعية الروسية فقط، بل وضد الشركات الغربية التي تعمل في السوق الروسية. وهذه تُعّدُّ ضربة موجهة إلى صميم العلاقات بين الغرب وروسيا، وضد البلدان التي تدعو إلى توسيع التعاون مع روسيا؛ وقد بدأت الآن مرحلة جديدة لأوروبا، حيث لم تعد تتمكن من التظاهر بأن شيئا لم يقع، والجلوس في انتظار النتائج؛ وسيكون عليها إما أن تكتم غيظها وتوافق على بقائها تابعة دائمة لواشنطن، أو أن تدافع عن حقها في انتهاج سياسة مستقلة، والابتعاد عن الولايات المتحدة وتحمل عواقب ذلك؛ وبالطبع، من الصعب الوقوف بوجه واشنطن؛ من هنا، فإن مشكلة كبيرة تواجهها ألمانيا، التي طمحت إلى أن تكون زعيمة لأوروبا الجديدة. ولكن عن أي زعامة يمكن الحديث في حال تركها شركاتها وشأنها؟ أي أن الحكومة الألمانية حاليا في موقف صعب جدا. فمن جانب يصعب كثيرا إقناع 28 دولة بمعارضة العقوبات الأمريكية، ولكن إذا لم يحصل هذا فإن برلين ستسجل عجزها.

وأضاف رار، إن ألمانيا وفرنسا ودولا أوروبية أخرى حاليا في حالة صدمة. فهي تدرك أن الولايات المتحدة لم تعد العم سام الطيب، الذي يدافع عن المصالح الغربية المشتركة. لقد أدركت هذه الدول أخيرا أن واشنطن تنتهج سياسة أنانية، دون أن تولي أي اهتمام لأوروبا. كما أصبح معلوما أن شركات أوروبية رائدة ستتضرر من هذه العقوبات وستتكبد خسائر ضخمة تبلغ مليارات اليوروهات إذا ما أوقفت نشاطها في روسيا؛ ويقال إن واشنطن تهدف من وراء هذه العقوبات إلى إزاحة روسيا من سوق الغاز الأوروبية، لتحل محلها. لكن هذا ليس هدفا وحيدا. فباعتقادي أن الولايات المتحدة تهدف من وراء ذلك إلى: أولا، إضعاف اقتصاد روسيا ومنعها من تنفيذ المشروعات الكبيرة. وثانيا، إزاحة روسيا من الأسواق الأوروبية. وثالثا، "تمدين" ترامب لكي ينفذ كل ما يطلبه منه الكونغرس، ورابعا، ترويض الشركاء الأوروبيين الذين لديهم علاقات جيدة مع روسيا وفي مقدمتهم ألمانيا وفرنسا.  وتابع رار: أعتقد أن تغيرات كثيرة غير متوقعة ستحدث في العالم، لأن ما يجري في واشنطن هو التوعك الصحي بعينه، وخاصة أن النخبة السياسية تؤمن بأن الكرملين نصَّب ترامب رئيسا في البيت الأبيض. ولذا، هم من جانب يحاولون عزله رغم انتخابه ديمقراطيا. ومن جانب آخر يحملون على أقرب حلفائهم في أوروبا؛ وما دام هذا هو الواقع اليوم، فمن الصعوبة التنبؤ بسلوك واشنطن حاليا. والعالم يراقب باهتمام ما يجري على مسرح الولايات المتحدة، لأن مصير العالم مرتبط به.

من جهتها، نشرت صحيفة "كوميرسانت" مقالا لرئيس المجلس الروسي للشؤون الدولية، وزير خارجية روسيا السابق إيغور إيفانوف، يتحدث فيه عن الواقع الجديد في العلاقات الروسية –الأمريكية. وأوضح: تحقق الحدث، الذي حاول بعض السياسيين الحؤول دونه، وحاول آخرون على العكس من ذلك التعجيل به. فقد وقع الرئيس ترامب مشروع قانون بشأن تشديد العقوبات الأمريكية ضد روسيا؛ هذا القانون نال في سابقة لم تعرفها السياسة الأمريكية خلال السنوات الماضية موافقة مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) بما يشبه الإجماع؛ وبذلك بدأ واقع جديد في العلاقات الروسية–الأمريكية، وعلينا جميعا أن نعيشه ونأخذه بالحسبان لمدة طويلة؛ لذلك من المهم كبح العواطف بعض الشيء، لأنها كقاعدة ناصح سيئ، وتقييم الوضع بواقعية والتفكير بكيفية المضي قدما؛ العقوبات - مسألة سيئة وسيئة جدا. ومهما قيل، فإنها لم تجلب لأي كان نتائج إيجابية. ومع ذلك ليس هناك ما يدعو إلى اليأس، لأن العولمة في نهاية المطاف تملي قواعدها على الجميع. أي على من فرضها وعلى الذين فرضت عليهم.

وأضاف ايفانوف: روسيا والولايات المتحدة، ليستا فقط دولتين نوويتين قويتين، بل هما لأسباب موضوعية أكثر من الدول الأخرى قادرتان على دفع العالم إلى المواجهة أو إلى التعاون. وقد يتكون انطباع بعد توسيع الولايات المتحدة العقوبات ضد روسيا ورد موسكو عليها بأننا افترقنا وسنبقى نعمل في هذا الاتجاه حتى تدمير أحدنا الآخر؛ إذا سرنا في هذا الطريق فسيكون علينا جميعا جني الثمار المرة. وأردف إيفانوف: لذلك ليس أمام روسيا والولايات المتحدة، رغم الأفعال العدائية وقصر نظر الجانب الأمريكي، سوى خيار البحث عن فرص للتعاون. فقد شدد الرئيسان بوتين وترامب خلال لقائهما في هامبورغ على التعاون، وحددا مجالات هذا التعاون: في سورية وأوكرانيا، وأيضا في مجال الأمن الإلكتروني. ولتنفيذ هذا الاتفاق يجب على الجانبين بذل جهود مشتركة، وعندها ستعود الثقة بينهما تدريجيا وتتلاشى العقوبات.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.