تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: بغداد تُطوّق «الانفصاليين».. مصادر حكومية: ما أنجز لن يكون محصوراً بكركوك

مصدر الصورة
sns

في مشهد لم يعتَده العراق منذ غزوه عام 2003، التقطت الحكومة في بغداد زمام المبادرة رغم وضع داخلي آيل إلى الانفجار وتجاذبات إقليمية ودولية كبيرة. اقتحام كركوك بعملية «نظيفة» حتى الآن لم يكن ليحدث لولا «خطيئة» مسعود البرزاني الانفصالية والتكتل الإيراني ــ التركي لمواجهته، لكن سُجّل نجاح لبغداد في إدارة الأزمة بتعاون «ميداني» مع طهران عبر حضور فعّال ومحوري لقاسم سليماني. اليوم، طُوّق «الانفصاليون» وظهر أنّ «البيت الكردي» ليس بالتماسك الذي ظهر خلال الاستفتاء الشهير. خطوةٌ تربطها حكومة حيدر العبادي بمرحلة «ما بعد داعش» وحصر مسك الأرض بالقوات الاتحادية، وإدارة مرافق الدولة؛ فالتقدّم الذي جرى وسيتواصل في الأيام المقبلة يعبّر عن جاهزيتها ودول المحيط العراقي لمواجهة أيّ خطوةٍ انفصالية يقودها البرزاني أو غيره

وأوضحت صحيفة الأخبار: عادت مدينة كركوك إلى حضن العاصمة بغداد، ورُفع العلم العراقي فوق مبنى المحافظة هناك. الأخبار المتتابعة الآتية من كركوك في الساعات الأخيرة توضح حجم «الانقلاب» الذي نجحت بغداد في فرضه بعد سنين من صورة حكومة مركزية شبه مشلولة تُسيطر على تحركاتها التجاذبات الاقليمية وتغوّل «داعش» الضخم، إضافة إلى «ملتقطي الفرصة» في «إقليم كردستان» الذين استفادوا من ضعف بغداد منذ الغزو الأميركي حتى يومنا هذا، ليوسّعوا من حضورهم الجغرافي والاقتصادي والسياسي؛ في الساعات الـ48 الأخيرة، كان المشهد مختلفاً: حكومة تبادر عسكرياً (بالتعاون مع «الحشد الشعبي» الذي تبيّن حجم دوره المقبل، بعد تأسيسه بهدف محاربة «داعش»)، وتنجح في ضرب «ركن» أساسي من نتائج استفتاء «استقلال كردستان»، بالتوازي مع تفوّقها في التقاط اللحظة الاقليمية لـ«فعلة البرزاني»، وتسييل «الغضب» الإيراني والتركي لمصلحتها عبر انقضاضها على كركوك؛ يؤكّد متابعون أنه «لولا خطوة رئيس الإقليم مسعود البرزاني الانفصالية لظلّت كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها في قبضة البشمركة».

ما جرى فجر أمس في كركوك وانتهى بفرض القوات العراقية المختلفة سيطرتها على المدينة، يقود إلى التساؤل عن دور العبادي من جهة، ودور قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني، من جهةٍ أخرى؛ وتجمع مصادر عراقية وكردية عدّة على أن «السيطرة على كركوك جرت بالتنسيق بين طهران وأحد أجنحة حزب الاتحاد الوطني»، في إشارةٍ إلى مدى تأثير الزيارة الأخيرة لسليماني إلى السليمانية، ولقائه بعددٍ من القادة الأكراد. مدّدت بغداد مهلة «ساعات ما قبل المواجهة»، بالتوازي مع تأكيد عددٍ من المصادر أن اتصالات جرت بين العبادي وعددٍ من قيادة «الاتحاد»، ناقشت كيفية التزامها بمقررات الحكومة الاتحادية، ومطالبتها بأن تكون تحت إشراف مباشرٍ لسليماني وضمانته الشخصية؛ أزمة الاستفتاء واستعادة كركوك عزّزتا من صعود تياراتٍ كردية معارضة لـ«الحزب الديموقراطي» و«الاتحاد الوطني».

ويذهب عددٌ من المراقبين إلى تفسير ما جرى بأنه «تصدّعٌ للجبهة الداخلية، وهو أمر سيضعف البرزاني»، خاصّةً إذا ما قررت الحكومة الاتحادية «التعامل مع إدارة السليمانية، وحلّت بعض المشاكل العالقة معها كرواتب الموظفين». ويتابع هؤلاء أن هذه الخطوة «سيكون لها الأثر البالغ في امتصاص الصدمة، والحؤول دون استثمار المشاعر القومية في تعزيز موقف مسعود داخلياً على الأقل».

السؤال المطروح هو: هل ستكتفي بغداد بكركوك، أم أن «المواجهة/ الانسحاب باقية وتتمدّد؟». تجيب المصادر السياسية والعسكرية العراقية بأن الفرصة الحالية مواتية لتحقيق أكثر من هدف، كان تحقيقها صعباً في المرحلة الماضية؛ استراتيجية العبادي في إدارة الأزمة تقضي بـ«فكفكة القوى الكردية، والتعامل معها كُلٌّ على حِدة»، على أن يكون الهدف الأوّل هو تطويق البرزاني ومشروعه الانفصالي ومنعه من التفكير ــ في المستقبل القريب ــ في طرح مشروع الدولة. أما الهدف الثاني فيتمثل في استعادة القوات العراقية للأراضي المتنازع عليها، فيما الهدف الثالث توجيه رسالة داخلية ــ خارجية إلى جهاتٍ محدّدة بأن العراق «سيبقى بلداً واحداً عصيّاً على التقسيم... وأن الدور الإيراني ما زال حاضراً في رسم المشهد». الأهداف التي صاغتها بغداد لنفسها، شاركت أنقرة وطهران في بلورة الأوّل، فيما كانت النصائح الإيرانية للعبادي تلقى الصدى المطلوب، فتُرجمت في الهدفين الثاني والثالث.

وتضيف الأخبار أنّ مصادر حكومية تؤكّد أن رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي استقبل أخيراً قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، ليتباحثا في كيفية إدارة الأزمة مع أربيل، مع تأكيد الأخير على الدعم الإقليمي لأي خطوة يراها مناسبة، ردّها العبادي بـ«أحسن منها». فـ«السلام الإيراني» والدعم المسخّر لإنجاح تجربة رئيس الوزراء، وفق مصادره، قوبلا بأن «أبو يُسر يرفض أن تكون إسرائيل جارةً لإيران»، وأن بغداد ستكون عمقاً استراتيجياً لطهران وجيرانها، مع «الحفاظ على سيادة بلادنا». لكن موقف العبادي مع إيران ليس «مجانياً»، إذ يحاول الرجل التوفيق بين مختلف وجهات نظر المهتمين بالشأن العراقي، وقد نجح ــ حتى الآن ــ في تحقيق ذلك؛ فطريقة إدارته للأزمة وتحقيق ما رُسم لها، سيخوّلانه على ما يبدو أن يكون رئيساً للحكومة لدورة ثانية، خاصّة أن طهران باتت متفهّمة لدور العبادي «الوسطي».

وتحت عنوان: الضربة الثانية من تركيا، أفادت صحيفة الأخبار أنه وبعد سيطرة القوات العراقية على مطار كركوك وحقول النفط والمواقع الحساسة في المدينة، قرّرت الحكومة التركية، التي عقدت اجتماعها الاستثنائي برئاسة أردوغان، إغلاق المجال الجوي أمام حركة الملاحة باتجاه الشمال العراقي. وأعلنت الحكومة، أيضاً، استعداد تركيا لدراسة أيّ طلب عراقي لإغلاق معبر الخابور الحدودي، والعمل على تسليم إدارته من الجانب العراقي لبغداد. وجاءت قراراتها الحكومة التركية، أمس، غداة إلغاء زيارة رئيس الوزراء بن علي يلدريم لبغداد، بعدما رفضت أنقرة طلباً عراقياً بسحب القوات التركية من جميع الأراضي العراقية، وبشكل خاص قرب بعقوبة القريبة من الموصل. وكانت هذه القوات قد دخلت تلك المنطقة بناءً على طلب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، لـ«منع عناصر حزب العمال الكردستاني من السيطرة عليها، خلال عملية تحرير الموصل». من جهة أخرى، تتوقّع الأوساط السياسية التركية أن يرضخ البرزاني للشروط العراقية، ويلغي الاستفتاء في حال استمرار التدابير التركية، بعد إغلاق بوابة الخابور، على اعتبار أن ذلك هو المنفذ الوحيد بالنسبة إلى الشمال العراقي، وخصوصاً المناطق التي يسيطر عليها البرزاني.

وأبرزت الحياة: بغداد تستعيد كركوك وتصد «حلم الانفصال», وأفادت أنّ القوات العراقية وفصائل «الحشد الشعبي»، فرضت سيطرتها أمس على كركوك بسهولة، وأنزلت علم كردستان عن مبنى المحافظة، بعد ليلة طويلة من الترقب، وأعلن العبادي القضاء على «حلم الانفصال» عن البلاد، فيما شهدت الطرق إلى مدينتي أربيل والسليمانية موجة نزوح كبيرة للسكان، وسط اتهامات بـ «الخيانة» بين الأحزاب الكردية. ودعا الجيش الأميركي بغداد وأربيل إلى عدم التصعيد. من جهة أخرى، لم يستبعد مراقبون تقدم القوات العراقية للسيطرة على سهل نينوى بعد نجاح عملية كركوك. في طهران، أفادت وكالة «تسنيم» بأن مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، أكد أن «هزيمة الأكراد في كركوك أفشلت مؤامرة بارزاني ومن خلفه الكيان الصهيوني».

ورأت افتتاحية الخليج الإماراتية: كركوك.. برميل البارود، أنّ الموقف، رغم خطورته، ما زال بالإمكان احتواؤه، إذا ما استجاب الأكراد لصوت العقل والانخراط في حوار سياسي شامل مع بغداد يضع الأمور في نصابها الصحيح، ويفرمل الانجرار نحو إشعال المنطقة بأكملها بحروب لا تبقي ولا تذر.

ولفتت افتتاحية القدس العربي إلى أنّ كركوك، حظيت بعد سقوط نظام صدام حسين، بوضع دستوري خاص، مبعثه وجود أعراق مختلفة فيها، ولأنها مؤثرة اقتصاديا كونها تحتوي ثروة نفطية كبيرة، وهو ما يجعلها وجودها داخل دولة كردستان أمراً مركزياً لاستمرار هذه الدولة، وبالتالي فإن السيطرة العراقية ـ الإيرانية عليها، تعني، بوضوح، أن مشروع كردستان ممنوع؛ الصراع على كركوك سيحدد إذن مصير كردستان.

ورأت افتتاحية رأي اليوم الإلكترونية أنّ الاستفتاء الذي حَقّق استقلالاً “وهميًّا” للأكراد في إقليم كردستان المُتمتّع بالحُكم الذّاتي في شمال العراق، بدأت نتائجه الكارثيّة تَظهر في العَلن، ويُمكن تَلخيصها في النّقاط التالية: أولاً: خسارة مدينة كركوك وآبارها النفطيّة ومطارها وقاعدتها العَسكريّة دون أدنى مُقاومة، أمام زحف القوّات الاتحاديّة العراقيّة؛ ثانيًا: تفاقم الخِلافات بين الشّريكين الرئيسيين في حُكم كردستان، والحزب الاتحادي الطّالباني، ونَظيره الدّيمقراطي البرزاني، واتهام الثّاني للأول بالخيانة لإعطائه أوامر لوحدات تابعةٍ له في كركوك بالانسحاب؛ ثالثًا: انهيار سُمعة قوّات البِشمرغة القتاليّة العالية وهَيبتها بسبب “هُروبها” من المَعارك، وبَثّ نُشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي شريطًا يَظهر مُواطنين أكراد وهم يَقذفون قوّات البِشمركة بالحِجارة ويَبصقون عليها؛ رابعًا: هُروب عشرات الآلاف من العائلات الكُرديّة من كركوك إلى أربيل والسليمانيّة لتجنّب المَعارك في عمليّة تطهير عِرقي “طَوعي”، الأمر الذي سيُقلّص من كثافة التواجد الكُردي في المدينة، ولو لمرحلةٍ مُؤقّتة. الإقليم بات مُحاصرًا، ومطاراته وأجواءه مُغلقة، ولا يَجد من يَدعمه غير دولة الاحتلال الإسرائيلي، وها هو الآن يُوشك على خسارة مدينة كركوك.. والضحيّة الأكبر لهذهِ التطوّرات العَسكريّة ربّما يكون السيد مسعود البرزاني، فقد تَحوّل حِلمه في الاستقلال إلى كابوس حتى الآن.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.