تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: فرنسا إلى أين..؟!!

مصدر الصورة
sns

أثارت صور ومقاطع فيديو لتوقيف طلاب المدارس الثانوية جدلا واسعا في فرنسا، حيث وصفتها المعارضة بغير المقبولة ودخيلة على المجتمع الفرنسي. وتناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل صورا لاعتقال 146 شخصا أمام مدرسة "مانت لاجولي" الثانوية، شمال غربي العاصمة باريس، تظهر عشرات الطلاب راكعين وأيديهم على رؤوسهم في مشهد ذكّر البعض بأسرى الحرب. وقال وزير التربية الفرنسي ميشال بلانكير أمس إنه شعر بالصدمة لصور طلاب "مانت لاجولي"، مع أنه دعا لـ"وضع هذه الصور في سياقها".

وقالت إذاعة "فرانس إنفو" إن الشرطة اعتقلت الطلاب بسبب اندلاع أحداث عنف تخللها إحراق سيارتين والإضرار بالمباني العامة. ونقلت وكالة فرانس برس عن الداخلية الفرنسية أنه تم توقيف أكثر من 700 طالب في مختلف مناطق البلاد لمشاركتهم في الاحتجاجات التي أسفرت عن تعطيل عمل 280 مؤسسة تعليمية ومحاصرة 45 منها، فيما ذكر الإعلام الفرنسي أن الفعاليات الاحتجاجية تعم ما لا يقل عن 200 مدرسة ثانوية يومياً.

وفي التطورات، أعلنت نقابة الشرطة الفرنسية، أمس، إضرابا مفتوحا يبدأ اليوم تزامنا مع الإضراب الذي أعلنت عنه حركة "السترات الصفراء"، التي تنفذ احتجاجات منذ 17 تشرين الثاني. وصرح نقيب الشرطة لوكالة نوفوستي الروسية، بأن أفراد الشرطة لن ينظموا إلى الاحتجاجات التي تنظمها "السترات الصفراء" لكنهم يريدون تقديم الدعم لهم. وقال: "الدولة تتعامل مع معظم أفراد الشرطة كالحيوانات، إن ساعات العمل طويلة جدا دون انقطاع.. قد يرسلون في غيابنا أشخاصا ليست لديهم كفاءة في التعامل مع المحتجين". وأضاف: "سنسير في الاحتجاجات رافعين يافطاتنا بهدف التعبير عن دعمنا للمطالبات بزيادة القوة الشرائية لدى المواطنين، ولأي شرطي يستجيب للإضراب عن العمل الحق في الانضمام إلى زملائه أثناء الاحتجاجات". ورأى أنّ من الصعب التنبؤ بما سيحدث اليوم.

في المقابل، وطبقاً لروسيا اليوم، دعا الممثل عن "السترات الصفراء" كريستوف شالانكون، أنصار الحركة إلى عدم تنظيم احتجاجات في العاصمة باريس، معتبرا أن ذلك سيفضي إلى سقوط ضحايا. وقال شالانكون: "يجب علينا عدم التظاهر في باريس، في حال جرت الاحتجاجات في العاصمة فإن ذلك سيؤدي إلى سقوط ضحايا.. لسنا هنا من أجل أن نقوم بثورة". وأشار إلى أنه في حال انتهت الاحتجاجات بصورة سيئة (بصورة غير سلمية)، فإن هذا "سيعد موتا سياسيا للرئيس إيمانويل ماكرون"، وأضاف: "نحن لا نريد الإطاحة برئيس الجمهورية، ولا حل الجمعية الوطنية". وبحسب شالانكون، فإن على "السترات الصفراء"، الاستمرار في الضغط على السلطات، وقال: "حققنا تقدما، ولو أنه لا يرقى إلى المطلوب.. لذلك يجب علينا الاستمرار لنرى ما سيقدم لنا حينها".

من جهتها، اعتبرت الحكومة الفرنسية أن "عناصر راديكالية" تحاول استغلال احتجاجات "السترات الصفراء" لإسقاط النظام في البلاد، محذرة من أن الرد عليهم سيكون "مناسبا وحاسما". وتعليقاً على الفعالية الاحتجاجية المزمعة قرب قصر الإليزيه في باريس اليوم، قال المتحدث باسم الحكومة لصحيفة "لوباريزيان" الفرنسية: "عناصر مسيّسة وراديكالية تحاول استغلال الحراك. هم يريدون الإطاحة بالسلطة". وأعرب المتحدث عن قلقه إزاء احتمال "انتشار الأسلحة النارية" بين المتظاهرين، وقال: "قتل أربعة أشخاص وأصيب مئات آخرون خلال الفعاليات الاحتجاجية. وتابع: "السترات الصفراء" الحقيقيون يجب ألا يكونوا دروعا بشرية. يوجد في صفوف المتظاهرين من يمنع الشرطة من شن حملات التوقيف". كما نصح المتحدث المواطنين بعدم المشاركة في احتجاجات السبت في باريس، محذرا من أن "أي اعتداءات خلال التظاهرات ستواجه برد مناسب وحاسم". وأفادت روسيا اليوم، أنه وبعد ثلاثة أسابيع من التعبئة الشعبية احتجاجا على زيادة أسعار المحروقات، تستعد الحكومة للأسوأ وتخطط لنشر 89 ألف شرطي بينهم ثمانية آلاف في باريس وحدها لاحتواء مظاهر العنف المتوقعة.

وعنونت الحياة: فرنسا: سبت استثنائي .. و«السترات الصفراء» تحذر من «حرب أهلية». وطبقاً للصحيفة، اتخذت السلطات الفرنسية إجراءات أمنية تُعتبر سابقة، في باريس ومدن أخرى، تحسباً لعنف قد تشهده اليوم خلال الموجة الرابعة من احتجاجات حركة «السترات الصفر»، التي حذرت من أن البلاد تتجه إلى «حافة عصيان وحرب أهلية». ويستعد الرئيس ماكرون للخروج عن صمته وإلقاء كلمة للأمّة الأسبوع المقبل، لكن تسجيلات مصوّرة لعشرات من طلاب مدارس ثانوية، وهم يركعون وأيديهم وراء ظهورهم خلال اعتقال متظاهرين، قد تؤجّج الاحتجاجات. واعتبر مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي أن إرغام الطلاب على الوقوف ووجوههم إلى الحائط، كان أشبه بإعدام جماعي.

وتحت عنوان: الماكرونية ومخاطر انتكاسة الديمقراطية الفرنسية، كتب د. خطار أبودياب (أستاذ العلوم السياسية، المركز الدولي للجيوبوليتيك – باريس) في العرب الإماراتية: محاولة احتواء غضب الشعب أتت متأخرة ومكسبها محدود جدا. ويمثل هذا الوضع أول امتحان جدي لرئاسة ماكرون، الذي يعتبر العديد من المراقبين أن نزعته في تركيز السلطات بقصر الإليزيه لم تثبت جدواها بل أنهكت الديمقراطية الفرنسية. إزاء المأزق الراسخ بين الحكومة و”السترات الصفراء” وضعف المعارضة البرلمانية وغياب نفوذ النقابات وصعود قوى أقصى اليمين وأقصى اليسار وأنصار منطق الشارع، ستعاني الديمقراطية الفرنسية من انتكاسة التراجع تحت ضغط العنف في غياب آليات الحوار الاجتماعي. وأردف المحلل: سقط رهان الحكم على تراجع أو ملل السترات الصفراء، وحافظت الحركة على شعبيتها رغم العنف الذي لطخها خاصة ما جرى حيال قوس النصر في باريس الذي لا يمثل رمزا للسلطة الحاكمة فحسب بل للوطن أيضا. وتأكد أن الحلول الأمنية غير كافية ولا يمكن احتواء الوضع عبر خطوات حصرية مثل إعلان حالة الطوارئ، بل بأجوبة سياسية ملائمة وفتح باب الحوار.

وتابع أبودياب: ترتسم أمام الرئيس الفرنسي أيام حاسمة وصعبة؛ في حال تعنته وتمسكه بعدم التراجع (وهذا ما كان يأخذه على أسلافه) يمكن أن يعرّض البلاد لموجة عنف خطرة؛ أما في حال تراجعه الكامل سينهي مستقبله وسيمضي بقية عهده شاهدا أكثر منه فاعلا مؤثرا. وفي هذه الحالة لن يدفع ماكرون وحده الثمن، بل ستطال الانتكاسة مجمل العمل الديمقراطي مع تمكن العمل العنيف من انتزاع تنازلات مقابل عدم الحصول على نتيجة عبر درب النضال السلمي أو الحوار.

وأردف المحلل: أخذ الكثير من المعارضين على ماكرون محاولة حكم فرنسا بشكل عمودي وعدم إعطاء العناية للخطوط الأفقية في العلاقة بين الحكام والمحكومين. وطبقا للفراغين السياسي والنقابي وتراكم مفاعيل الأزمة الاقتصادية منذ 2008 انفجر المجتمع في أول فرصة وكاد الخروج عن السيطرة يقود إلى الفوضى؛ وأوجز: الأحداث الأخيرة أدت إلى إضعاف موقع فرنسا الجيوسياسي في أوروبا وستنعكس سلبا على انتخابات البرلمان الأوروبي، كما على أداء فرنسا الخارجي في وجه متربصين أو شامتين من أمثال الرئيس ترامب والإيطالي ماتيو سالفيني. وسنرى مع ختام اختبار القوة مدى الخسائر اللاحقة بالديمقراطية الفرنسية وما إذا كانت الماكرونية ممرا لإلحاق الهزيمة بها.

ونشرت صحيفة التايمز البريطانية مقالا كتبه، إيان مارتن، تحدث فيه عن “عقدة الامبراطور” لدى الرئيس الفرنسي. وقال: “لقد فرض علينا إيمانويل ماكرون لشهور طويلة خطابات يشرح فيها للآخرين كيف عليهم أن يتصرفوا في إدارة شؤونهم”. وأضاف: من حسنات ما يجري في فرنسا اليوم هو أننا لن نضطر إلى متابعة محاضرات ماكرون، لبعض الوقت، فالرجل منهمك الآن في كيفية الحفاظ على منصبه. واعتبر الكاتب أنّ من المحرج لماكرون أنه انتخب العام الماضي باعتباره المرشح الذي يعادي الشعبوية، وباعتباره إصلاحيا واثقا من نفسه ولن يتراجع عن قرارته، ثم تراه يتراجع في النهاية؛ ماكرون فقد الكثير من شعبيته، ويوصف اليوم بأنه “حبيس العولمة ولا يلقي بالا للبسطاء”. وتابع الكاتب: المأساة هي أن تحليل ماكرون الذي يقول فيه فرنسا بحاجة إلى إصلاح من أجل أن تزدهر، أمر صحيح، من أجل التجارة والأعمال الفرنسية ومن أجل الوظائف، مشيرا إلى أن البطالة بلغت 9،1 في المئة. ويرى الكاتب أن فرنسا للأسف بيد “إمبراطور تحت التدريب يظهر نفسه على أنه إصلاحي كبير بدأ يعتقد أنه يعرف كل شيء”.

وجاء في ميديابارت الفرنسية: تستهدف انتفاضة «السترات الصفراء» الحيف الضريبي وتعسف الدولة، محركها هو محور المعارك التحررية: المطالبة بالمساواة، ويعتمد مستقبلها السياسي على انفتاحها على القضايا المشتركة للمساواة بين الجميع. انتفاضة «السترات الصفراء»، حدث بكل ما تحمله الكلمة من معنى: غير مسبوق، إبداعي، ولا يمكن السيطرة عليه. وهي، على غرار كل قومة عفوية للشعب، تتجاوز التنظيمات القائمة، وتربك المعلقين المحترفين، وتذعر الحكام. على غرار جميع النضالات الاجتماعية الجماعية، تعيد اختراع نفسها يوماً بعد يوم، في عملية إبداع سياسي، من دون أجندة مسبقة. التنظيم الذاتي هو محددها الوحيد. وعلى غرار جميع التحركات الشعبية، تعبر عن فرنسا كما هي، بتنوعها وتعددها، ببؤسها وعظمتها، بتضامنيتها وأحكامها المسبقة، بآمالها وخيباتها.... يجب على جميع الحالمين بجمهورية ديموقراطية واجتماعية الانخراط في هذا الصراع من أجل المساواة إلى جانب أصحاب «السترات الصفراء» ومعهم. أن تبقى متفرجاً أو مرتاباً، أو تنسحب متحفظاً، لا يخدم إلا رفع صوت قوى الظل، التي تعمل اليوم، في فرنسا وأوروبا، وكذلك على امتداد العالم، على تعويض المساواة بالهوية، والحقوق للجميع، بالامتيازات للبعض.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.