تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: "السترات الصفراء" ترفع شعار "ارحل ماكرون" السبت المقبل... الثورة التي أرادها ماكرون..؟!!

مصدر الصورة
sns

دعا أنصار "السترات الصفراء" في فرنسا إلى مواصلة الاحتجاجات وتجمع في الجولة الخامسة منها يوم السبت القادم 15 كانون الأول تحت شعار "ارحل ماكرون". وتأتي هذه الدعوة رغم إعلان السلطات الفرنسية مساء أمس أن الاحتجاجات المستمرة منذ السبت الـ17 من تشرين الثاني الماضي، باتت "تحت السيطرة" وأنها تصدت لمخربين كانوا بين المحتجين. وصعد المحتجون سقف مطالبهم تدريجيا بدءا من عدم زيادة ضريبة الوقود ورفع الرواتب والمعاشات التقاعدية مرورا بزيادة الضرائب على الطبقة الغنية، وصولا إلى المطالبة برحيل رئيس الجمهورية الفرنسية وحكومته. وانتشر الحراك الاحتجاجي إلى بلدان أوروبية أخرى ليطال بليجكا وهولندا وألمانيا وإسبانيا.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير، أن السلطات أحكمت السيطرة على احتجاجات "السترات الصفراء" التي عمت البلاد أمس السبت. وذكر كاستنير، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء إدوارد فيليب أن 118 متظاهرا أصيبوا خلال الاحتجاجات إضافة إلى 17 من عناصر الأمن، فيما بلغ عدد الموقوفين 1350 شخصا. وشدد كاستنير على أن عدد الموقوفين "مرتفع جدا بالنسبة لفرنسا"، مشيرا إلى أن "مستوى العنف في البلاد لا يزال عند درجة غير مقبولة". وأضاف وزير الداخلية الفرنسي أن قرابة 125 ألف شخص شاركوا أمس في احتجاجات "السترات الصفراء" في مختلف مدن البلاد، 10 آلاف منهم في باريس.

ونشرت الشرطة أمس المدرعات في شوارع باريس لمواجهة الاحتجاجات. كما استخدمت الشرطة خراطيم المياه والقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع ضد عناصر "السترات"، ما تسبب بوقوع حالات إغماء في صفوفهم. بالمقابل، قذف المحتجون الشرطيين بحجارة الأرصفة، وأقدم بعضهم على قطع الأشجار الموجودة في منطقة الشانزلزيه وإضرام النيران فيها.

وطالب أصحاب "السترات الصفراء" باستقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، ورفع بعضهم لافتات تدعو إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وذلك خلال موجة احتجاجات جديدة انطلقت أمس في أنحاء فرنسا. وأوقفت الشرطة صباح أمس 343 شخصا قبيل بدء الاحتجاجات الجديدة ونشرت نحو 89 ألف عنصر في مختلف أنحاء البلاد، كما أغلقت السلطات برج إيفل والمعالم السياحية والمتاجر في باريس لتجنب أعمال النهب، وأزالت مقاعد الشوارع لتجنب استخدام القضبان المعدنية. وانتشر حوالي 8 آلاف شرطي في باريس لتجنب تكرار أحداث الفوضى التي وقعت السبت الماضي، عندما أضرم المحتجون النار في السيارات ونهبوا المحلات التجارية في شارع الشانزليزيه وشوهوا قوس النصر برسم غرافيتي يستهدف الرئيس إيمانويل ماكرون.

وعبرت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني الفرنسي مارين لوبان عن أملها بفوز الأحزاب القومية في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة كي "تغير مسار التاريخ وتحقق مشروعا أوروبيا جديدا". وجاء هذا التصريح خلال كلمة ألقتها لوبان أمس في بروكسل خلال اجتماع نظمه أنصار المعسكر القومي البلجيكي للاحتجاج على توقيع دول الاتحاد الأوروبي على اتفاق الأمم المتحدة بشأن الهجرة.  وأضافت لوبان: "تقترب الانتخابات الأوروبية ولأول مرة  يمكن للأحزاب القومية أن تأمل في تحقيق نصر ديمقراطي من أجل تغيير مسار التاريخ ومسار أوروبا والشعوب. ولأول مرة، بات من الممكن تحقيق ما لم يتخيله أنصار العولمة وهو التناوب على السلطة".

وتابعت: "لم يعد هدفنا مجرد المشاركة، بل الفوز. ونأمل بأن نتمكن معا من تشكيل الأقلية المانعة أو الأغلبية في البرلمان، وتطبيق مشروع أوروبي جديد". وصرحت لوبان بأن: "رياح التاريخ تهب على أشرعتنا.. الاتحاد الأوروبي وضع نفسه في محل شك وأرخص الفكر الأوروبي، وخير دليل على ذلك انسحاب بريطانيا من الاتحاد".

 

وجدد الرئيس ترامب أمس انتقاده فكرة تأسيس جيش أوروبي، مذكرا الأوروبيين بأن بلدانهم لم تكن لتصمد في الحربين العالميتين لولا مساعدة الولايات المتحدة. وكتب ترامب على تويتر: "فكرة تأسيس جيش أوروبي لم تفلح لا في الحرب العالمية الأولى ولا الثانية. ولكن الولايات المتحدة كانت حينها بجانبكم وستبقى. كل ما هو مطلوب منكم هو أن تدفعوا مستحقاتكم في حلف الناتو". وأضاف: "ألمانيا تدفع 1% من الناتج المحلي الإجمالي، والولايات المتحدة تدفع 4.3% من إجمالي ناتجها المحلي وهو أكبر بكثير مما هو في ألمانيا – للدفاع عن أوروبا. أهذا عدل؟". وكان الرئيس ماكرون قد اقترح في بداية تشرين الثاني الماضي تأسيس "جيش أوروبي" مستقل عن الولايات المتحدة، بما في ذلك في مجال الأمن الإلكتروني.

بدوره، اتهم أردوغان الدول الأوروبية بازدواجية المعايير، على خلفية تصاعد احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا، معتبرا أنها فشلت في امتحان الديمقراطية. وقال: "ترون الآن وضع من التزموا الصمت حيال الذين حاولوا تلطيخ شوارعنا بالدم وإحراقها بالنار"، في إشارة إلى محاولة الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا عام 2016. وأضاف: "انظروا ماذا تفعل شرطة هؤلاء الذين كانوا يهزأون بشرطتنا ويتهمونها بالقمع" أثناء إخماد المحاولة الانقلابية. واعتبر أردوغان أن المشهد في فرنسا "يكشف فشل أوروبا في امتحان الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات". وقال إن "الذين أثاروا معاداة اللاجئين والإسلام من أجل الشعبوية السياسية وقعوا في الحفرة التي حفروها بأنفسهم"، وإن "جدران الأمن والرفاهية التي تغنوا بها بدأت تتزعزع على يد مواطنيهم بالذات لا على يد المسلمين أو المهاجرين". وأشار أردوغان إلى أن أنقرة تراقب بقلق ما يجري في شوارع أوروبا، مؤكدا رفض تركيا للفوضى التي يثيرها المحتجون ورفضها استخدام القوة المفرطة ضدهم على حد سواء، وفقاً لروسيا اليوم.

وأبرزت الشرق الأوسط: باريس مدينة أشباح... مطالب وحرائق وتخريب... اعتقال المئات من «السترات الصفراء»... وامتداد الاحتجاجات إلى بلجيكا. وأفادت أنّ باريس تحولت أمس إلى مدينة أشباح وساحة لمواجهات بين عناصر الأمن والمحتجين من حركة «السترات الصفراء» وكما في أيام السبت الماضية تركزت الصدامات في جادة الشانزليزيه القريبة من قصر الإليزيه وكان التخريب، كالعادة، سيد الموقف، وكذلك الحرائق، وتكررت المطالبات برحيل الرئيس ماكرون.

وأعد الأمن لـ«السترات الصفراء» قوة أكبر وجابت عربات مدرّعة أحياء وسط العاصمة، حيث أقام المحتجون متاريس وأحرقوا سيارات وألقوا الحجارة لترد الشرطة عليهم بقنابل الغاز المسيل للدموع فيما ارتفعت أعمدة من الدخان الأسود الكثيف في سماء المدينة. واعتقلت الشرطة أكثر من 700 محتج. ورغم إعلان وزير الداخلية كريستوف كاستانير أن المظاهرات «أصبحت تحت السيطرة» فإن المقلق كان امتدادها إلى المدن الرئيسية مثل: بوردو ومرسيليا ونانت وتولوز وسان إتيان. ويخشى أن تلهم حملة الاحتجاجات في فرنسا، التي بدأت ضد رفع أسعار الوقود قبل أن تتحول لثورة غضب ضد سياسات ماكرون المتّهم بالانحياز للأغنياء على حساب الفقراء، حملات مماثلة في الدول المجاورة. وبالفعل اعتقلت الشرطة في بروكسل، أمس، أكثر من 400 شخص بعد أن ألقى محتجو «السترات الصفراء» الحجارة والألعاب النارية وألحقوا أضراراً بمتاجر وسيارات أثناء محاولتهم الوصول إلى مبانٍ حكومية.

وعنونت العرب الإماراتية: السترات الصفراء تستوطن قلب باريس... صدامات جديدة بين الشرطة والمتظاهرين والمزيد من الاعتقالات. وطبقاً للصحيفة، ترصد الحكومات الأجنبية الأوضاع عن كثب في إحدى مدن العالم الأكثر رواجا في أوساط السياح. وأصدرت السفارة الأميركية تحذيرا لمواطنيها في باريس داعية إياهم إلى “تفادي الظهور وتجنب التجمعات”، فيما حضّت الحكومات البلجيكية والبرتغالية والتشيكية مواطنيها الذين ينوون التوجه إلى باريس على تأجيل سفرهم. وفي مؤشر إلى العنف الوشيك، تسلم بينوا بوتيري، وهو نائب في البرلمان عن حزب ماكرون، رصاصة بالبريد الجمعة أرفقت برسالة كتب عليها “في المرة المقبلة، ستكون بين عينيك”. ورضخ ماكرون هذا الأسبوع للبعض من مطالب المحتجين عبر إجراءات لمساعدة الفقراء والطبقة المتوسطة التي تعاني من صعوبات معيشية تضمنت إلغاء الزيادة التي كانت مرتقبة في الضرائب على الوقود والحفاظ على أسعار الكهرباء والغاز في 2019. لكنّ ناشطي “السترات الصفراء”، الذين ارتفع منسوب التشدد في أوساط البعض منهم، يطالبون بالمزيد من الإجراءات.

بدورها، عنونت الحياة: مئات المعتقلين بعد صدامات عنيفة في باريس. وطبقاً للصحيفة، تجدّدت صدامات عنيفة في باريس أمس بين متظاهري حركة «السترات الصفر» الذين نصبوا متاريس وأحرقوا سيارات ورشقوا حجارة على الشرطة التي استخدمت غازاً مسيلاً للدموع وخراطيم مياه لتفريقهم، ومنعتهم من الوصول إلى قصر الإليزيه للإعراب عن استيائهم من سياسات الرئيس ماكرون. وبدت باريس في غالبية شوارعها «مدينة أشباح»، إذ كان عدد السائحين ضئيلاً، وناشدت السلطات السكان البقاء في منازلهم. وأُغلقت عشرات الشوارع أمام حركة المرور ومحطات السكك الحديد، كما أُغلقت متاحف عالمية، مثل «أورسي» و«اللوفر» ومركز «بومبيدو». ووضعت متاجر كبرى في محيط جادة الشانزيليزيه ألواحاً خشبية على واجهاتها وأفرغت البضائع، خشية نهبها قبل الأعياد، كما أُزيلت مقاعد الشوارع والمواد المستخدمة في مواقع البناء، لتجنّب استخدامها بوصفها مقذوفات، وأُلغيت مباريات كرة قدم وحفلات موسيقية. وأثارت هذه الأجواء مخاوف لدى المواطنين، إذ اكتظت بهم متاجر بيع المأكولات، لتخزين أغذية على سبيل الاحتياط.

ونشرت صحيفة التايمز مقالاً تحليلياً تناول الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا، وتشبهها بأحداث الباستيل التاريخية. وتقول التايمز إن إيمانويل ماكرون وعد في حملته الانتخابية بإجراء تعديلات واسعة في البلاد لم يسبق لها مثيل منذ عصر النهضة. وتضيف أن خروج الناس إلى شوارع باريس للاحتجاج دليل على أن ماكرون أنجز وعده ولكن ليس بالطريقة التي كان يريدها؛ فقد وقع الرئيس الثوري الذي حصل على الأغلبية البرلمانية ضحية الانتفاضة الشعبية، الضاربة في عمق التاريخ الفرنسي. وربما أخذت حركة السترات الصفراء زخمها من مواقع التواصل الاجتماعي التي رفعت هي أيضا نجم ماكرون في الانتخابات الرئاسية.

وترى الصحيفة أن أسلوب الحكم الذي انتهجه ماكرون نجح في عامه الأول، فقد استعمل المراسيم الرئاسية لتجنب النقاشات وأدرج إصلاحات في قانون العمل، دون أن تكون لقراراته قاعدة سياسية، ودون قنوات تربط باريس بالقواعد الشعبية، لكنه لم يستمع لأصوات الغضب التي كانت ترتفع في الأوساط الفرنسية المنسية. فالمحتجون في حركة السترات الصفراء يرون في ماكرون رئيسا متعجرفا، يلغي الضرائب على الثروة ويرفعها على العمال وهو ما اعتبروه استفزازا لهم. وهناك مخاوف من تحول هذه الاحتجاجات والمطالب السياسية الاجتماعية إلى أعمال عنف يقودها “متطرفون” في أحداث لم تشهدها فرنسا منذ انتفاضة 1968.

وكتب عريب الرنتاوي في الدستور الأردنية: فرنسا أول الثورات، من الثورة الفرنسية إلى «كومونة باريس» مروراً بانتفاضة 1968 الطلابية – النقابية، وانتهاء بثورة «السترات الصفراء»... ومع أن هذه الأحداث ليست فرنسية معزولةً، بل أوروبية بامتياز، إلا أن باريس في كل مرة، كانت تقدح شرارة الثورة والانتفاضة، لتأتي من بعدها التفاعلات والتداعيات. وأضاف: ليس ثمة من وجه للمقارنة بين ثورتي طلاب 1968 وسترات 2018 الصفراء؛ ثورة 1968، أُجهضت، وعاد اليمين الديغولي للحكم أقوى مما كان عليه قبلها، رغم أن شارل ديغول هرب لأسابيع ثلاثة إلى ألمانيا، وترك البلاد لرئيس حكومته جورج بومبيدو ... وتلكم قصة، قيل بشأنها وكتب عنها الكثير، في تفسير مفارقة «انتصار الثورة وهزيمتها» في الوقت عينه؛ اليوم، لا ندري إن كانت ثورة 2018، ستتوقف عند تجميد الزيادات على الضرائب، وما إذا كان اليمين سينجح مرة أخرى، في اختطاف الاحتجاج بشعاراته ومطالبه. لكن ثورة 1968 ألهمت شباناً كثر في مختلف دول العالم على الثورة والانتفاض في وجه الاستبداد والفساد والتخلف ... ووجدت شعاراتها اليسارية في الغالب، من يعيد انتاجها أو رفعها في شوارع وجامعات عديدة ... ولا أدري ما الذي سيترتب على ثورة 2018، إن جاز لنا أن نسميها كذلك، من نتائج وتداعيات، أم أنها ستمضي في غياهب النسيان، بعد أن تلتقط حكومة ماكرون أنفاسها.

وتحت عنوان: أزمة فرنسا.. ومادية بريطانيا، كتب محمد خليفة في الخليج الإماراتية:  بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلنت فرنسا آنذاك أنها تأمل في «تكييف التنظيمات الفرنسية، بما في ذلك الضريبية؛ لجعل مركز باريس المالي أكثر جاذبية»؛ وبما يؤدي إلى أن تحل باريس محل لندن كمركز مالي عالمي. ورغم أن فرنسا دولة كبرى، وعضو دائم في مجلس الأمن، إلا أنها ليست في مستوى بريطانيا سياسياً واقتصادياً. وخروج هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي لن يؤدي إلى عزلتها؛ نظراً لتشعب علاقاتها عبر العالم، فتاريخها الاستعماري، لا يزال حاضراً بقوة. وربما تعول فرنسا في طرحها الجديد لمنافسة بريطانيا على ريادة عالم المال، على منطقة اليورو؛ لكن هذه المنطقة لن تبقى كما هي، بل سوف تتقلص مع رغبة العديد من الدول الفرار من الاتحاد الأوروبي، وتعد هولندا ثاني دولة بعد بريطانيا مرشحة للخروج من هذا الاتحاد، فقد وقع أكثر من 50 ألف هولندي على عريضة؛ تدعو إلى تنظيم استفتاء لهذا الغرض.

وتابع المحلل: إن فشل الاتحاد الأوروبي في تجسيد تجربة وحدوية أممية، سوف ينعكس على مختلف التجارب الوحدوية في كل مكان، فهناك تغييرات كبيرة تحصل في العالم، وهذه التغييرات تمليها ظروف تراجع الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة لمصلحة الصين، التي باتت تتقدم على مختلف الصعد، وخاصة الاقتصادية منها. ورغم أن بريطانيا هي جزء من المحور الغربي، إلا أن هذه الدولة التي تجيد قراءة السياسة الدولية آثرت أن تخط لنفسها طريقاً مستقلاً، حتى لا تُملَى عليها سياسات أو إرادات لا تريدها. والحقيقة أن تصويت غالبية البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، كان صرخة احتجاجية على ذوبان الإرادة البريطانية في إرادة الاتحاد الأوربي، الذي يقوده فعلياً الغريمان السابقان الألماني والفرنسي، ورغم أن هذه النتيجة لم ترضِ الحليف الأمريكي مطلقاً؛ لكنها تمثل إرادة بريطانية صادقة نحو التغيير.

والواقع أن بريطانيا تهيمن، منذ فترة طويلة، على سوق الصرف الأجنبي؛ نظراً لمقدرتها على التداول مع الشرق والغرب على السواء، ففي عام 2014 افتتح في لندن أول بنك لمقاصة اليوان خارج آسيا، ما عزز من محاولة بريطانيا لتصبح المركز الرائد لتداول العملة الصينية. وكانت بريطانيا قد انضمت إلى بنك الاستثمار في البنى التحتية، الذي أنشأته الصين؛ لتمويل مشاريع البنى التحتية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، برأسمال يبلغ 100 مليار دولار.

وقد أصبحت بريطانيا من كبار المساهمين في البنك. وهذا الأمر يعني أنها تسعى للفكاك من الالتزام بسياسة الولايات المتحدة، الرامية إلى محاصرة الصين، ولا شك أن فرنسا لا تملك جاذبية بريطانيا، ولا تملك علاقاتها في العالم. ومن هنا فإن مساعيها لإزاحتها كمركز مالي عالمي، لن تكلل بالنجاح؛ فالاقتصاد مرتبط بالسياسة إلى حد بعيد، ويمر العالم كله بمرحلة تغيير كبيرة وخاصة على صعيد الاقتصاد، وكل المؤشرات الاقتصادية تدل على أن الكتلة المالية العالمية تنزاح نحو الشرق، ولن يكون للبورصات الغربية القدرة على الاستمرار من دون أن يكون لها صلات واسعة بتلك التي في الشرق، وهذه الصلات بدأت بريطانيا عبر اشتراكها ببنك الاستثمار الآسيوي. وإذا كانت فرنسا نفسها غير متأكدة من حقيقة بقائها في الاتحاد الأوروبي، وخاصة إذا وصلت المعارضة اليمينية إلى الحكم في الانتخابات القادمة، فإن الأحلام بجعل باريس مركزاً لتعاملات اليورو، قد تذهب أدراج الرياح. وها هي فرنسا تعيش حالياً أزمة سياسية واقتصادية؛ بعد أزمة «السترات الصفراء»، الذاهبة إلى مزيد من التصعيد.

وأوجز المحلل: كل ذلك يحدث في أوروبا؛ بسبب تغير خريطة التوازنات الدولية، فالقوة التي امتلكها الغرب في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تبددت اليوم؛ إذ لم تعد الولايات المتحدة قوة عظمى وحيدة في ظل تنامي الدورين الروسي والصيني.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.