تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بين التلفزيون السوري و«كاتيوشا» قصّة حبّ قديمة

مصدر الصورة
السفير

بموازاة اتساع الدعم الروسي للجيش السوري، رفع التلفزيون الرسمي من مستوى اهتمامه بالثقافة الروسية. لم يولد ذلك من العدم، فالشاشة السوريّة تبثّ منذ عام نشرة أخبار باللغة الروسيّة، كما تعرض مسلسلاً تلفزيونياً روسياً، وأفلاماً من السينما الروسية بشكل شبه أسبوعي... كلّ ذلك لم يجذب اهتمام وسائل الإعلام العربية التي «اكتشفت» خلال الأيّام الماضية، ما عدّته تحوّلاً مفاجئاً ونموّاً للنفوذ الروسي في التلفزيون السوري، إثر عرضه لأغنية «كاتيوشا».

تعدّ «كاتيوشا» من أبرز الأغاني الرومانسية الشعبيّة الروسيّة، المتعلقة بتاريخ الحرب العالميّة الثانية، وقد عرضت قناة «سوريا دراما» نسخة محدّثة منها قبل نحو ثلاثة أسابيع، وتبعتها «الفضائية السورية» الأحد الماضي، مصحوبة بترجمة عربية. تناقل مئات الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورةً للشاشة السوريّة خلال بثّ الأغنية، وسط ردود أفعال متفاوتة، غلبت عليها الصبغة الساخرة، خصوصاً في صفوف المعارضين الذين ينظرون بسلبيّة إلى اتساع رقعة النشاط العسكري الروسي في سوريا. مواقع كثيرة نقلت النبأ، مصحوباً بصورة غير واضحة لشاشة القناة تتوسطها المغنية الروسية فكتوريا شماكوفا بالزيّ العسكري، وخلفها دبابة روسية. ما تؤدّيه شماكوفا هو النسخة المحدّثة لأغنيّة لحنها الموسيقار الروسي ماتفي بلانتر العام 1938، وكتبها ميخائيل إيزاكوفيكسي، وغنتها للمرّة الأولى ليديا روسلانوفا.

تحكي الأغنية قصّة فتاة تدعى كاترينا (تلقّب بكاتيوشا) تغني لحبيبها الذي يقاتل في الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الثانية، وتسير وسط الحقول وهي تفكّر به، وتتمنّى عودته مع الربيع. حظيت الأغنية بشعبيّة واسعة في حينه، ما دفع المسؤولين الروس لإطلاق اسم «كاتيوشا» على إحدى أبرز القذائف الصاروخية المعروفة في العالم، تيمّناً بها. وجرى أداء الأغنية أكثر من مرّة، وبأكثر من طريقة، كما ضمّها الجيش الأحمر إلى سلسلة أناشيده الرسميّة. ما عرضته «الفضائيّة السوريّة»، شريط أدّت فيه شماكوفا النسخة المحدثة من الأغنية مزجت من خلالها بين معانيها الرومانسيّة، والفخر بالجيش الروسي الذي تظهر مدرّعاته وأسلحته في الفيديو كليب المصوّر في العام 2011. وتندرج نسخة شماكوفا في إطار ألبوم لأغاني الحرب جمع عدداً من الأناشيد الشعبيّة الروسيّة بعنوان «أغاني النصر في العام 2010».

مصدر من التلفزيون السوري رفض الكشف عن اسمه، استغرب الجدل المثار حول الأغنية، خصوصاً أنّها عرضت على شاشة التلفزيون السوري أكثر من مرّة، خلال العقدين الماضيين، بنسخ مختلفة. «الثقافة الروسيّة تعدّ من الثقافات التي يهتمّ بها التلفزيون السوري، ويخصِّص لها مساحات بين حين وآخر، وربما أثار عرض الأغنية الجدل اليوم، لتزامنه مع إعلان روسيا عن توسيع دعمها الجيش السوري في عملياته»، بحسب المصدر.

من جهته، نفى مدير «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» رامز ترجمان في اتصال هاتفي مع «السفير» أن يكون التلفزيون السوري قد عرض الأغنية، لكنّه استدرك قائلاً أنّ «مستوى اهتمام التلفزيون السوري بالثقافة الروسية مرتفع بشكل عام». ورفض ترجمان التعليق على أصداء الأغنية، منتقداً «الاهتمام بهذا التفصيل». وربما تكون إدارة التلفزيون السوري تراجعت عن قرار عرض «كاتيوشا»، إذ أنّ الفضائيّة لم تعد بثّها بعد الانتقادات الكبيرة التي طالتها.

قد لا يعرض التلفزيون السوري الأغنية مرة أخرى، أو أنّه قد يعيد بثّها كما كان يفعل خلال عشرين عاماً، كأنّ شيئاً لم يكن... لكنّ الأكيد أنَّ «كاتيوشا» حقّقت خلال أقلّ من أسبوع، انتشاراً يفوق ما حقّقته طوال سنوات. ربما يعود السبب في ذلك إلى ما تحمله كلماتها من أمل وعاطفة، ولابتعادها عن نمطيّة الأغاني التي انتشرت خلال الحرب وركّزت كلماتها على «الذبح» و «الكيماوي». وتقول الأغنية: «أيتها الأغنية، حلّقي فوق النهر، واذهبي إلى الشمس، طيري إلى حبيبي البعيد، وامنحيه تحيّة جميلة من حبيبته كاتيوشا».

نينار الخطيب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.