تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جدلية المعلومة والمعرفة..!

مصدر الصورة
البعث

أيّهما أجدى.. الإدارة بالمعلومة أم الإدارة بالمعرفة..؟.
قبل الإجابة عن هذا السؤال لابدّ من استعراض سريع لا يخلو من بعض التفاصيل لما يحدث في كواليس إداراتنا الحكومية إن كان على مستوى الوزارات أو مؤسساتها.
تشير تجليات مخرجات إداراتنا المؤسساتية بالنسبة لمنتهجي المبدأ الأول إلى أنها مؤطرة وفق ما يتوفر لهم من معلومات من جهة، وما يورثه لهم أسلافهم من معطيات وبيانات اجتهدوا لتحصيلها من جهة ثانية، ما يعني أن مجال تحرّكهم لإدارة المؤسسة الموكلين بها محصور ضمن نطاق هذه المعلومات والبيانات، وبالتالي تكون نتيجة تطوير العمل والارتقاء بأداء المؤسسة متماشية فقط مع مستوى ما يمتلكونه من معلومات..!.
في حين أن هامش التطوير لدى منتهجي الثاني يكون أوسع، إلا أنه محاط بمخاطر الإخفاق لأن الاعتماد هنا على الخبرة والمعرفة دون المعلومة، ولأن المجتهد بالرأي قد يصيب وقد يخطئ..!.
أمام هذين المسارين يبرز لدينا ثالث يتلخّص بالدمج بين الأوّلين، على ألا يطغى أحدهما على الآخر، وأن يسيرا بشكل متوازٍ، كي نصل بالفعل إلى إدارة تتكلل بالنجاح ويتمخّض عنها مخرجات ذات أبعاد تطويرية فنياً واقتصادياً وخدمياً.
في الواقع ما يحدث في معظم مؤسساتنا هو لجوء بعض رؤسائها إلى الاعتماد على المعلومة لتسيير أمورها، إما لعدم امتلاك الخبرة والمعرفة الوافيتين لتجسيد الاستراتيجية المرسومة لها، أو لقناعتهم بأن المعلومة هي المحرك الأساسي لأي عمل ويجب استثمارها في هذا السياق. وهنا لا ننكر أهمية المعلومة إلا أنها قد تكون غير دقيقة، وفي هذه الحالة ستنعكس سلباً على مخرجات العمل..!.
ويلجأ بعضهم الآخر إلى الاعتماد المطلق على المعرفة، فيقعون أحياناً في مطبّ النرجسية، وتبنى رؤاهم أحياناً أخرى على نظريات لا تصلح لحيثيات العمل الحكومي المؤسساتي المحلي، كما حصل بالضبط عندما تمت الاستعانة ببعض وزراء التكنوقراط، وآخرين كانت لهم بصمة عالمية حاولوا من خلالها نقل تجاربهم إلى سورية دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الاقتصاد السوري وخصوصيته، فكانت أفكارهم رغم واقعيتها وصوابية تطبيقها عالمياً، لا تخلو من الطوباوية على المستوى المحلي..!.
فالأجدى إذاً.. المواءمة قدر المستطاع بين المعرفة والمعلومة، فهما الجناحان الكفيلان بالانطلاقة الصحيحة لأي عمل سواء كان حكومياً أم غير حكومي، وهنا لابد من إسداء النصيحة لمن يمتلكون الثقة العالية بأنفسهم ويعتبرون خبرتهم هي الأساس بالإدارة، بعدم نسف عمل أسلافهم تحت أية ذريعة كانت، وأن يضعوا بعين الاعتبار احتمال الاستفادة من هذا الجهد ولو نسبياً..!.
بالمقابل على من يعتبرون أن المعلومة هي الأساس، الاستفادة من خبرات كوادرهم فربما يلقون عندهم ما يفيد في تطوير الأداء والمخرجات..!.
حسن النابلسي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.