تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

900 ســـفينة مُرغمـــة على الصيانـــة في الخـــارج.. و”النقـــل” تغـــرق في عســـل الدراســـات؟!

مصدر الصورة
البعث

فتحت قدرات الخبرات السورية التي استطاعت خلال الشهرين الماضيين إعادة بناء سفينة في ميناء بانياس الأبواب مشرعة على حقيقة ما سجّلته وزارة النقل خلال السنوات الماضية في هذا المضمار، وهي التي أنهت العديد من الدراسات الفنية والاقتصادية والاجتماعية من أجل إنشاء حوض لبناء وصيانة وإصلاح السفن في موقع عرب الملك في مدينة جبلة بتمويل من غرفة الملاحة البحرية وبمشاركة وزارة النقل والمديرية العامة للموانئ.

ولأن ثمة دراسات لوزارة النقل حدّدت عدد الأحواض المأمولة مع متمماتها والكلف اللازمة، يرتفع منسوب الآمال عند المختصين والمتابعين لجهة دراسة الموضوع من جديد بما يتوافق مع المرحلة القادمة، ولاسيما أن الكثير من الخبرات الوطنية لديه القدرة على العمل في هذا المجال. وما اختبار السفينة بعد إعادة بنائها وإبحارها بين البحر الأسود والمتوسط والأحمر عدة مرات، إلا دليل على إمكانية فعل ما يمكن اعتباره إنجازاً.

وهنا يؤكد مالك السفينة أنها تمتاز ببناء خمسة طوابق + السطح العلوي لتحميل المواشي والأبقار. وتم حساب كل ما يتعلق باتزانها النهائي ومتانتها وإجراء تجربة الميل وتحديد مركز الثقل الجديد بعد إعادة التصميم. كما تم إجراء حسابات الحدّ الحر المسموح (خط الشحن الجديد) وفق الاتفاقية الدولية لخطوط التحميل 1966 وتعديلاتها، وتم حساب الأحجام الجديدة للسفينة وتزويدها بكامل الوثائق والمخططات اللازمة.

 

غياب

وأمام ذلك يشير المدرّس في الأكاديمية البحرية في بطرس بورغ  الدكتور محمد سليمان سعيد لـ”البعث”، إلى أن غياب القاعدة الفنية وأحواض صيانة وإصلاح السفن في سورية، يجبر أكثر من 900 سفينة تعود ملكيتها لسوريين على التسجيل في موانئ دول أخرى حيث تتراوح حمولات هذه السفن بين 5000-40000 طن، موضحاً أن الحركة النشطة لهذه السفن، ولاسيما في البحار الدافئة، ذات الملوحة الزائدة، تزيد من احتمال حدوث الأعطال فيها، وتحتم على هذه السفن زيادة عدد الصيانات المختلفة الدورية، من تحويض وصيانة الهيكل والمحركات والمعدات والتجهيزات المختلفة، إلى جانب الإصلاحات والتحويضات الطارئة، الناجمة عن حوادث التصادم، وسوء الطقس، وغيرها، ويحتم على هذه السفن تنفيذ مختلف أنواع الصيانات والإصلاحات في أحواض إصلاح السفن الأجنبية، وهو ما يؤدّي إلى خسارة هائلة بالقطع الأجنبي، تقدّر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً.

أهداف

ويوضح سعيد أن الهدف من إنشاء قاعدة فنية لإصلاح وتحويض السفن على الساحل السوري، هو تنفيذ الصيانات المختلفة الدورية والطارئة، لهياكل السفن ومحطات الطاقة وجميع المعدات والتجهيزات الأخرى عليها، بشكل يحقّق النوعية والجودة ويمكّن من المنافسة في السوق العالمية، والاستفادة من الموقع الجغرافي لسورية تجارياً، واستقطاب قسم من السفن التي تنقل شحنات الترانزيت عبر الموانئ السورية من مختلف دول العالم لتنفيذ صياناتها في سورية؛ إضافة إلى تطوير الخبرات الفنية الهندسية السورية، في مجال صناعة وصيانة وبناء السفن، مع توفير فرص العمل للمهندسين والفنيين والعمال السوريين، فضلاً عن إنشاء نواة لصناعة بناء السفن في سورية، وإنشاء هيئة تصنيف وطنية، تكون أول هيئة تصنيف عربية تقوم بالإشراف على السفن السورية وتأمين سلامتها، والارتقاء بسورية إلى مستويات عالمية في المجال البحري.

مسوغات

ويشير سعيد إلى المسوغات الفعلية للمشروع المتمثلة حسب رأيه في وجود أكثر من 700 سفينة تعود ملكيتها إلى رجال أعمال سوريين تحتاج إلى صيانات دورية وطارئة تضطر حالياً إلى تنفيذ صياناتها في الموانئ الأجنبية، مع وجود أكثر من 1000 سفينة تمتلكها دول شرق البحر المتوسط (لبنان، الأردن، مصر، قبرص، اليونان)، تحتاج إلى صيانات دورية وطارئة، إضافة إلى وجود عدد كبير من السفن الأجنبية والعربية التي تجبر على الاتجاه إلى الموانئ السورية بحكم الموقع الجغرافي لتفريغ بضائع الترانزيت، والتي يمكن استقطابها لتنفيذ الصيانات في ترسانات التحويض والإصلاح السورية، إضافة إلى أن قلة عدد الأحواض ومراكز صيانة السفن في شرق المتوسط، واقتصارها على عدد قليل في تركيا وقبرص واليونان ومصر، وغيابها في كل من سورية ولبنان، تجبر السفن على التوجّه إلى دول أوروبا وآسيا وغيرها، لإجراء صياناتها، فضلاً عن الاستفادة من انخفاض الضرائب، والتسهيلات، التي قدّمتها الحكومة، ومن رخص أجر اليد العاملة السورية، للمنافسة في مجال صناعة صيانة وبناء السفن، مشيراً إلى أن إنشاء وتفعيل 10% فقط من مجمل مشاريع قواعد إصلاح وتحويض وصيانة السفن يؤدّي إلى تأمين أكثر من 3000 فرصة عمل للمهندسين البحريين والفنيين والعمال والإداريين، مع استرداد هذه الكميات الهائلة من الأموال السورية المهاجرة، التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات الأمريكية، والتي تدفع في السوق الأجنبية لتنفيذ هذه الصيانات، والاستفادة منها في سورية.

مقترحات

ولذلك كان لابد من التفكير بإنشاء الحوض على مسارين يتم العمل عليهما بالتوازي، حيث إن المسار السريع الذي يمكن الانطلاق به مباشرة عن طريق إنشاء مصنع عائم لصيانة وتحويض السفن، وذلك بشراء أحواض وأرصفة عائمة وتوضيعها داخل ميناءي طرطوس واللاذقية، والعمل على تأهيل الكادر الفني بإرسال مجموعة من المهندسين والفنيين إلى إحدى الدول الأجنبية ذات الخبرة العالية في هذا المجال، حيث يمكن لهذا المشروع أن يبدأ بالعمل خلال فترة لا تزيد على السنة، بينما المسار الآخر الخاص بإنشاء موانئ ومجموعات أحواض جافة لإصلاح وتعمير السفن وهو ما يتطلب فترة زمنية طويلة، يتم العمل به على التوازي مع المسار الأول.

 

تحديات

القبطان بسام عجورية أشار إلى جملة من المشكلات والتحديات التي تواجه الأسطول السوري، ومنها عدم وجود حوض في سورية لصيانة البواخر السورية والأجنبية التي ترتاد مرافئنا، فتضطر إلى إجراء الصيانة في الدول الأوروبية أو الدول المجاورة وما تتكلفه هذه البواخر من مبالغ كبيرة، حيث إن تكلفة الحوض ما بين “30 إلى 40” مليون دولار وإيراداته السنوية تتجاوز “10” ملايين دولار تصاعدياً، بالإضافة إلى أنه يشغّل عمالة بين “5000 إلى 10 آلاف” عامل ما يحدّ من موضوع البطالة، ولا توجد أية مشكلة تحدّ من إنشائه، مع العلم أن الجهات السورية المختصة بالموضوع منذ سنوات تتحدّث عن إنشاء حوض السفن وإلى تاريخه أسطولنا يُجري الصيانة في الخارج بما فيه السفن المملوكة للقطاع العام.

محمد زكريا

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.