تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فوق النخل.. وتحته؟!

مصدر الصورة
البعث

من أصل الـ11 دولة عربية، كانت سورية حاضرة في أعمال “الاجتماع الثالث للمنسقين الوطنيين لمشروع تطوير عمليات خدمة بساتين النخيل الرأسية والأرضية لزيادة الإنتاج وتحسين النوعية في المنطقة العربية”، التي انتهت فعالياته أمس في بيروت.

المشروع الذي يعدّ من المشاريع الرائدة التي ينفذها مركز “أكساد” في الوطن العربي، ويتحمّل تكاليفه البالغة 1.650 مليون دولار بشكل كامل، له من المنعكسات الإيجابية على التنمية المستدامة ما له.

والمتوقع من المشروع أن يؤدي إلى زيادة الإنتاج بنسبة 50%، وتحسين نوعية الثمار بحيث ترتفع أسعارها بما لا يقلّ عن 25%، ما سينعكس إيجاباً على مزارعي التمور، ورفع كفاءة المزارعين والفنيين، وتحسين دخول المزارعين، والعمل على توفير فرص عمل جديدة، وفتح أسواق تصريف محلية وتصديرية.

معلومات سريعة استنهضتنا كي نسلّط الضوء على زراعة النخيل وإنتاج التمور في سورية، والتي من المفترض أن تستنهض المعنيين والمختصين في القطاعين الزراعي والاقتصادي وحتى السياحي، نظراً لما قد تشكّله هذه الزراعة من فوائد ومنافع على تلك القطاعات والعاملين فيها، وخاصة بعد سنوات سبع عجاف من الحرب التي استهدفت فيما استهدفت زرعنا وضرعنا.

وكمؤشر سريع على أهمية هذه الشجرة، تؤكد اقتصاديات أجزاء النخلة، أن وجود نخلة معناه وجود خمسة مصانع لاستثمارها للعجوة من البلح، للورق من جريدها، للأثاث من سعفها، للكربون والعلف من نواها.

ومع التطوير الحاصل في صناعة الحلويات يزداد عدد المصانع وفرص العمل، ناهيكم عن إمكانية التوظيف السياحي لأماكن زراعتها، وأيضاً استخلاص بعض الأدوية، ولا ننسى الإمكانية التي توفرها المساحات الشاسعة ما بين النخيل لزراعة الخضراوات وأشجار الموالح، أي الاستفادة القصوى من مياه الري التي تُسقى بها (الزراعة الكثيفة)، أي تحقيق الاستغلال الأعظم لوحدة المساحة الزراعية.

إذاً اليوم نجد أنفسنا أكثر مسؤولية للانخراط في هذا المشروع في ظل الأرقام والإحصائيات الدولية المتشائمة حول الأمن الغذائي.

ولأجل حجز موقعٍ لنا في سوق هذه الشجرة ومنتجاتها المباركة (البالغة أصنافها في العالم نحو 2500 صنف من النخيل، منها أكثر من 2000 صنف في الوطن العربي)، هناك العديد من المتطلبات التي وللحق كانت وزارة الزراعة قبل الأزمة قد قطعت شوطاً لا بأس به في تحقيقها، من خلال اللجنة الوطنية المختصة بتطوير هذه الزراعة وفق أحدث الأسس الزراعية العلمية والإنتاجية.

فحتى عام 2000 تمّ حصر نحو 150 سلالة جيدة في سورية، يضاهي بعضها أفضل الأصناف العالمية، علماً أن عدد أشجار النخيل كان قد ارتفع من 50 ألف شجرة عام 1986، ليصل إلى 176 ألفاً عام 1999.

أما آخر إحصائية رسمية والتي ربما تعود لسنة ما قبل الأزمة، فتؤكد أن العدد ارتفع (بعد أن قامت الوزارة بإنشاء بعض مراكز الإكثار كمقدمة للتوسع الأفقي والعمودي في زراعة هذا المحصول البستاني الإستراتيجي)، إلى 227 ألفاً، المروي منها 224 ألفاً والبعلي 2.4 آلاف، بينما المثمر المروي فكان بلغ 59.4 ألفاً، والمثمر البعلي 1.1 ألف، أي ما مجمله 60.5 ألف شجرة مثمرة.

المفارقة أن تلك الأرقام كلها، لم تُترجم على موائد السوريين عامة وفي المحافظات التي لا يُزرع فيها النخيل خاصة، إذ لم أشاهد وأنا القاطن في دمشق منذ حوالى 50 عاماً أي نوع من التمور السورية في أسواق دمشق، اللهم ما عدا بعض العناقيد الصفراء مجهولة المصدر وضمن فترة وجيزة من العام. بينما كانت مختلف الماركات العربية وغير العربية تملأ تلك الأسواق، علماً أننا شاهدنا أصنافاً رائعة معروضة في مدينة تدمر في أحد المواسم قبل الأزمة، لكن لا شيء منها كان يصل إلينا.

ويبقى السؤال قائماً سابقاً ولاحقاً: هل نأكل ونصنع مما ننتج..؟، ولاسيما أننا كنّا نسمع عن مشاريع استصلاح الأراضي، لكنه استصلاح لم يدم للأسف، فهل نصلح ما أفسدناه قبل أن تفسده الأزمة، ونبدأ بمشروع استجرار مياه الفرات إلى تدمر وإلى حزام زراعة النخيل، الذي ليس بالقليل مساحة والأمل أبداً؟؟!.

قسيم دحدل

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.