تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

زراعة الفطر أم اسـتيراده.. آراء متضاربة وشـكاوى من عراقيل وصعوبات عضو في اتحاد غرف الزراعة: لا دعم حكومياً لزراعته

مصدر الصورة
تشرين

رولا سالم:

نالت زراعة الفطر المحاري في السنوات الأخيرة اهتماماً واسعاً من جميع المهتمين والعاملين في زراعة هذه المادة ذات القيمة الغذائية المهمة، علماً أن سورية تعد من البلدان المستهلكة لمادة الفطر بشكل كبير والمستوردة له, لكن رغم المناشدات التي يطرحها القائمون على زراعة الفطر بإعطاء المساحة والاهتمام الحكومي له لم تلق أي اهتمام بل على العكس بقيت العراقيل موجودة من خلال الشروط التي تفرضها بعض الجهات المعنية باستيراد بذار الفطر، ما أدى للتوجه لحلول بديلة تجنباً لخسارة إنتاج هذه المادة.

لا دعم .. وصعوبات جمة
عضو اتحاد غرف الزراعة السورية المهندس سلمان الأحمد أوضح لـ «تشرين» أن زراعة الفطر لا تلاقي دعماً حكومياً، علماً أن زراعته محلياً أفضل وأوفر من استيراده، فسعر الكيلو المستورد الصيني، الذي لا يعد ذا نوعية جيدة ـ3500 ليرة، بينما سعر أغلى نوع فطر «الأدغاريس» من النوعية الممتازة ـ2200 للكيلو والفطر المحاري أقل من 1500 ليرة.
وأكد الأحمد وجود عراقيل وصعوبات كثيرة بوجه زراعة الفطر محلياً وخاصة التشدد في منح التراخيص، حيث يتم التشدد بوضع شروط صعبة جداً من أجل ترخيص منتجات البذار، مبيناً أنه لا مشكلة في ضبط المسائل لكن من دون وضع العقبات في عمليات الترخيص لإنتاج بذار الفطر، مشيراً إلى أن التراخيص بشكل عام هي من البنود المعيقة لانتشار عملية إنتاج الفطر، متمنياً على غرف الزراعة لعب دور أكبر بدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر, لأن أي مبتدئ في تلك المشاريع بحاجة للسيولة المادية وحصره بالحصول على التراخيص سيعوق مشروعه ودخوله في العملية الإنتاجية فأي مشروع بدايته تجربة لصاحب المشروع لمعرفة مقدرته على الانتاج، فإن كان بمقدوره الإكمال بالمشروع عندها لا مشكلة بالبدء بمنح التراخيص, مشيراً إلى أن تسهيل تلك المشاريع يشجع أي باحث عن فرصة عمل بالدخول في هذا المجال لما له من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل, وتكون تلك التسهيلات بإعطاء مهلة محددة للحصول على التراخيص وحصرها بالغرف صاحبة الاختصاص حيث تقوم غرف الإنتاج الزراعية بالاشراف وتدريب ومتابعة وتأهيل المنتج لتصبح جزءاً من مهنته ودخله, معتبراً أن الأنظمة والقوانين في المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر هي أحد أهم عوامل الإعاقة في دخول المنتج عملية الإنتاج وجميع الوزارات معنية بهذا الشأن، إذ تقوم وزارة الإدارة المحلية والبيئة بمنح التراخيص في الوقت الذي يجب أن تكون غرف الزراعة هي من يمنحها بشكل مبدئي عن طريق إخضاع المنتجين لدورات تدريبية تأهلهم عن طريق مشرفين خاصين بإعطائهم الفرص المناسبة، وبعدها يتم إعطاء التراخيص من الجهات المعنية بالأمر.
لا حاجة للتراخيص
ما ذهب إليه الأحمد بخصوص الصعوبات بمنح التراخيص نفاه د.ياسر سلامة- مدير مشاريع التنمية الريفية في وزارة الزراعة بتأكيده أن هذا النوع من المشاريع لا يحتاج للحصول على ترخيص لإقامته, لافتاً إلى أن ما يحتاج تراخيص فهو المنشآت الكبيرة للفطر الزراعي ومنشآت إنتاج البذار، فحتى وإن كان يدخل في المشاريع الصغيرة، وكان منشأة فهو يحتاج لترخيص ولأن البعض يريد أن يقوم بإنشاء مختبر لإكثار البذار داخل المنشأة وهذا له شروط معينة وقانون معين وهناك مفوضون من مديرية الزراعة بإعطاء هذا الترخيص, مشيراً إلى أن وزارة الإدارة المحلية تمنح الترخيص الإداري للمنشأة لمواجهة أي اعتراض من قبل المنطقة المراد إنشاء المنشأة عليها كوجود منشأة سياحية أو منطقة سكنية.
لا إحصاءات دقيقة
عضو اتحاد غرف الزراعة السورية انتقد أيضاً عدم وجود إحصاءات دقيقة بسبب عدم اهتمام الجهات المختصة بالإحصاء، مؤكداً أن العملية الإحصائية مهمة جداً لتقييم تلك المادة، وإنتاج الفطر المحاري أصبح من الفرص الإنتاجية الواعدة في القطر فهو يؤمن فرص عمل ومردوداً للاقتصاد الوطني ويؤمن سلعة مهمة جداً للمستهلكين, لافتاً إلى أنه من الإيجابيات التي قامت بها وزارة الاقتصاد قرار منع استيراد الفطر، وعدم إعطاء التراخيص لاستيراد تلك المادة، وهذه مسألة مهمة جداً تؤثر بشكل إيجابي في تشجيع المنتج لإنتاجه محلياً وتؤهل سورية لتصبح منتجة للفطر وبذاره، وتؤمن اكتفاء ذاتياً في السوق المحلية في ظل الظروف الراهنة, مشدداً على أن كميات الفطر المزروعة على أرض الواقع مساحتها واسعة على امتداد المحافظات ومشروع زراعة الفطر يعدّ رائداً بشكل كبير في محافظة دمشق وأكثر انتشاراً فيها عن طريق الدورات التدريبية التي تعنى بها غرفة زراعة دمشق التي تقوم بإنتاجه وتتابع عمليات الإنتاج، ومنذ بداية العام دخلت محافظة حلب على خط التدريب والإنتاج وطرطوس وحمص وحماه وتلك المحافظات دخلت بالمشاريع الصغيرة لإنتاج الفطر المحاري، كما يتم تأمين البذار عن طريق القطاع الخاص لأن تأمينه عن طريق وزارة الزراعة يتطلب شروطاً صعبة وضعتها الوزارة، ومن الأمور المهمة في هذا المجال أن مؤسسة إكثار البذار أصبح لديها امكانات لإنتاج كميات كبيرة من البذار وهذا دور مميز يغطي حاجة السوق بالمواصفات الجيدة والأسعار المناسبة.
ممنوع ولكن!
منع استيراد الفطر، الذي يعد خطوة إيجابية في دعم زراعة هذا المنتج الوطني أشار إليه مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد ثائر فياض، الذي أكد أن مادة الفطر بشكل عام مسموح استيرادها مع منح ميزات فقط للصناعيين وحسب الكميات المخصصة التي سمحت بها وزارة الصناعة، أما للتجاريين فغير مسموح لهم استيراد مادة الفطر.. وفيما يخص البذور عامة وكل الأنواع فاستيرادها مسموح لدعم الزراعة وعدم استيراد المادة جاهزة، مبيناً أن هناك تسهيلات لكل المواد الأولية للزراعة ومستلزماتها ومن ضمنها بذور الفطر.
وفي رده على عدم السماح باستيراد بذور الفطر بالرغم من مطالبة مؤسسة إكثار البذار بذلك أوضح فياض أن الكميات لا تغطي حاجة السوق المحلية، مشيراً إلى أن أي مادة منتجة محلياً تغطي السوق يتم منع استيرادها لتخفيف الضغط على القطع الأجنبي وتشجيع الزراعة المحلية والصناعة المحليتين، مطالباً وزارة الزراعة برفع كتاب لوزارة الاقتصاد بوجود تلك الكميات المشار إليها من بذار الفطر وتغطي السوق.. والوزارة بدورها ليست ضد منع استيراد أي مادة تغطي السوق والإنتاج المحلي.
ضرورة المنع
مدير زراعة الأنسجة لإكثار البذار في مؤسسة إكثار البذار المهندس محمد عبد الهادي أوضح أنه يجب منع استيراد بذار الفطر لوجود 4 وحدات تعمل على مستوى سورية بإنتاج بذار الفطر في محافظات حلب وطرطوس والسويداء واللاذقية وأضخمها في محافظة حلب، حيث أنتجت خلال شهر واحد 25 ألف متر وهو على مستوى عال من التعقيم ومطابق للمواصفات العالمية، 17 ألفاً منها لمنظمة الفاو و5000 لإحدى الجمعيات في محافظة الحسكة و4000 لإحدى الجمعيات في حلب، متسائلاً عن الأسباب التي تدفع لاستيراد بذار الفطر مادامت الوحدات الموجودة في المحافظات جاهزة لإنتاج البذار وما تبقى منه يتم بيعه للمزارعين, مبيناً أن هذا الإنتاج تمّ خلال شهر واحد فقط، مشيراً إلى أنه يتم إنتاج نوعين من البذار «الأبيض والمحاري».. مبيناً أنه تم لأول مرة في مؤسسة إكثار البذار ما يسمى الخلطة الملقحة للفطر الأبيض أي خلطة الفطر مع البذار في محافظة طرطوس، وذلك بمنحة من رئاسة مجلس الوزراء حيث تم البدء بالخلفة الثانية وبعد شهر سيتم إنتاج الفطر الأبيض منها.
مؤمنة محلياً
الاتجاه نحو منع استيراد بذار الفطر يدعمه توافر مستلزمات إنتاجه كلها محلياً، حيث أكد د.سلامة أن جميع مستلزمات الإنتاج متوافرة في الأسواق المحلية، حيث يتم تأمين البذار بشكل أساس من المؤسسة العامة لإكثار البذار في حلب وفروعها في المحافظات أيضاً من القطاع الخاص عبر مخابر مرخصة من قبل وزارة الزراعة ومديرياتها في المحافظات, كما يتم تأمينها أيضاً عن طريق البذور المستوردة ويتم فحصها في الحجر الزراعي قبل دخولها إلى الأسواق, موضحاً أن تنفيذ مشروع إنتاج الفطر المحاري كمشاريع متناهية الصغر يتم في الغرف الطبية القديمة وفي الأماكن المهجورة وغير المستخدمة والأقبية لكون هذه المشاريع تستهدف الأسر الفقيرة والمعدومة.
التوسع في زراعة الفطر
وأوضح أنه بعد الانتصارات التي شهدتها سورية عاودت مشاريع التنمية القيام بنشاطها ومن بينها إنتاج الفطر المحاري في الأحياء الشرقية في محافظة حلب الذي استهدف 3400 مستفيد تم تدريبهم تدريباً عالياً في مخابر مؤسسة إكثار البذار مع منحة مقدمة لهم من منظمة الفاو»، مشيراً إلى تحقيق المشروع نجاح واسعاً من حيث وفرة الإنتاج أكثرمن 100 طن من الفطر الطازج, ويعود ذلك لكون المشروع منزلياً ويمكن القيام به بسهولة خاصة لربات البيوت, لافتاً إلى أن إنتاج الفطر المحاري في محافظة الحسكة استهدف 600 أسرة فقيرة بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي حيث حقق نجاحاً ملحوظاً من خلال اكتساب المعرفة وطريقة الإنتاج, حيث تجاوز الإنتاج 70 طناً بِيع قسم كبير منه في أسواق الحسكة بدعم من وزارة الزراعة, مشيراً إلى أن الفطر المحاري يعاني صعوبة في التسويق لعدم معرفة فوائده وطريقة طهوه والخوف من الفطر بشكل عام لعدم وجود جهات اعتبارية تقوم بتسويقه.
وأكد سلامة أن مديرية مشاريع تنمية الريف تعمل حالياً على دراسة إمكانية تنفيذ مشاريع مماثلة في محافظات أخرى خلال 2019، متوقعاً زيادة إنتاج الفطر المحاري خلال الأعوام القادمة ما يقلل من استهلاك الفطر البستاني المستورد لارتفاع سعره حيث إن كيلو واحد من الفطر البستاني يعادل ثمن حوالي 2 كيلو من المحاري.
مهنة واعدة
اتحاد غرف الزراعة يتماهى مع وزارة الزراعة في دعم زراعة هذا المنتج المهم عبر تقديم مستلزمات تطويره، وهنا يؤكد المهندس سلمان الأحمد أن الدورات التدريبية التي تقوم بها الغرف والمنظمات الدولية المهتمة بزراعة الفطر تعمل على الأرض وتقدم مشاريع إنتاجية وقدمت فرص إنتاج وقامت بتدريب العديد من المنتجين الذين كانت لهم تجربتهم بإنتاج الفطر المحاري عن طريق تلك المنظمات، مشيراً إلى أن الفطر كمادة إنتاجية أصبح مهنة واعدة في سورية وهي مهنة وتصنيع بسبب الاستهلاك الكبير لتلك المادة، مضيفاً أن هناك نوعين من الفطر تتم زراعتها النوع المحاري الذي يحتل المرتبة الأولى بزراعته لكون زراعته تتم في «التبن»، والنوع الثاني هو الأوغاريس الأبيض، ويحتاج لخبرات وتجهيزات خاصة لإنتاجه بكميات كبيرة لذلك زراعته تتموضع في المزارع الكبيرة.. أما المحاري فهو لتأمين فرص العمل الصغيرة وهو يتحمل ظروف الإنتاج أفضل من الأوغاريس الأبيض.
تحذير
رغم التوقعات المبشرة بالتوسع في زراعة الفطر والتخلي عن استيراده إلا أنه في المقلب الثاني يقوم بعض المستغلين ببيع فطر على الطرقات يؤدي إلى التسمم، وهو ما حذّر منه مدير زراعة الأنسجة لإكثار البذار في مؤسسة إكثار البذار بتأكيده أنه يتم بيع أنواع من الفطر في السوق وعلى الطرقات غير معروفة المصدر ما يتسبب بإصابة المواطنين بالتسمم من هذا النوع, مبيناً أن المؤسسة تنتج أنواعاً ممتازة من الفطر، وعلى المواطنين أن يلجؤوا لشراء الفطر بشكل خاص من المؤسسة أو من الأسواق والمحلات المعتمدة من قبلها, مشيراً إلى أن التسمم الأخير الحاصل في محافظة طرطوس هو تناول المواطنين الفطر من البساتين، حيث يوجد هناك الكثير من الأنواع السامة التي لا يعرفها المواطنون, مؤكداً أن المحافظة تشهد حركة بيع لأنواع من الفطر تم أخذها من الأراضي والبساتين وبشكل عشوائي ويتم بيعها على الطرقات من دون رقابة، لافتاً إلى أن الفطر المنتج من قبل المؤسسة صحي جداً وذو قيمة غذائية عالية وهو الأساس في الأسواق ومدروس من قبل خبراء على مستوى عال ويتمتع ببروتينات عالية جداً تضاهي قيمتها الغذائية اللحوم.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.