تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

باكستان... على أي الجانبين تميل..؟

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية خاص

بـديـع عفيـف

بعد الهجوم الإنتحاري الذي أودى بحياة 27 من أفراد الحرس الثوري في محافظة سيستان بلوشستان، منتصف الشهر الماضي، علّق قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري بأن "السعودية والإمارات، وبأوامر من أميركا وإسرائيل، دعمتا منفذي هجوم زاهدان"، وأوضح أيضاً أن من نفذوا هجوم زاهدان يتمتعون بحماية ودعم الأجهزة الأمنية الباكستانية، وأشار إلى أن على باكستان تغيير تعاملها مع الإرهابيين، وإلا فإن إيران ستتحرك وتتخذ إجراءات مختلفة.

وقبل يومين، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني، في مكالمة مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الحكومة الباكستانية بتنفيذ عمليات رادعة ضد الجماعات المسلحة الناشطة في أراضي بلادها. وركّز روحاني على أمرين: الأول، أن إيران على دراية تامة بأماكن تواجد المسلحين الذين يتخذون الأراضي الباكستانية منطلقا لشن هجمات ضد إيران؛ والثاني، ضرورة عدم السماح لطرف آخر المساس بالعلاقات بين الدولتين وأن تدمّر عقود من الصداقة والأخوة بين البلدين إن "بتصرفات الزمر الإرهابية التي نعرف نحن وأنتم من يمولها ويسلحها". وكان ردُّ رئيس الوزراء الباكستاني إيجابياً، وتعهّد ببذل قصارى الجهود لاستئصال الإرهاب في أراضي بلاده. وقال: "سنضع تحت تصرف ايران أخباراً سارة حول هؤلاء الإرهابيين وأفعالهم".

كان هذا على الجانب الغربي من الأراضي الباكستانية، حيث ما تزال الدبلوماسية تفعل فعلها وتستبق التطورات التصعيدية. أما على الجانب الجنوبي الشرقي من البلاد، وبتوقيت متزامن تقريباً مع التطورات على الجانب الإيراني،  قامت طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي بقصف ما تقول إنه معسكر للمسلحين بالقرب من الخط الفاصل بين الهند وباكستان في منطقة كشمير المتنازع عليها. القوات الجوية الهندية قالت إنها قامت بالغارة المذكورة على معسكر المتشددين بعد أسبوعين من قيام أحد عناصر تنظيم ما يسمى بـ"جيش إي محمد" بتفجير نفسه بالقرب من قافلة شرطة مسلحة في ولاية جامو وكشمير، حيث أسفر هذا الانفجار عن مقتل 45 شخصاً مما تسبب في تعقيد العلاقات الهندية الباكستانية المتوترة أصلاً، ووضع المنطقة على حافة النزاع العسكري مجددا.

بالطبع، العلاقات الباكستانية الهندية أكثر سخونة حتى الآن، حيث تتهم نيودلهي السلطات الباكستانية بدعم المسلحين، فيما ترفض إسلام أباد بدورها هذه الاتهامات. ويبدو أنّ البلدين قد اكتفيا بما حصل الأسبوع الماضي، وتمكنا حالياً من لجم التطورات ومنع التصعيد وتعقيد النزاع وتحوله إلى حرب مباشرة مدمّرة. ولكن هل يمكن للعلاقات الباكستانية الهندية، والباكستانية الإيرانية أن تتطور نحو الأسوأ في ضوء عدد من الوقائع والتطورات؟

أولاً، هناك سعي النظام السعودي ومن معه إلى ممارسة الضغوط على إيران من البوابة الشرقية، وربما محاولة زج إسلام أباد في هذا الصراع. فكل التصريحات والأفعال التي تصدر عن الجانبين السعودي والإيراني، تؤكد أنّ النظام السعودي يريد ليّ ذراع إيران في المنطقة. ولذلك يسعى السعوديون إلى فتح ملفات، بل جبهات عديدة ضد طهران. وقد يكون استخدام الجماعات المسلحة الموجودة على الأراضي الباكستانية إحدى أدوات الصراع. لكن الأخطر، ربما، على العلاقات الباكستانية الإيرانية هو تلك الجماعات المسلحة التي تتواجد في المثلث على حدود البلدين، ولكن ضمن الأراضي الأفغانية، والتي قد يتم استخدامها من خلال تنقلها بين البلدين وإثارة المشاكل والقلاقل والقيام بأعمال تخريبية كما جرى في محافظة سيستان بلوشستان.

الحديث في هذا السياق يتشعب كثيراً، لاسيما وأنّ عمل التنظيمات المسلحة من داخل الأراضي الأفغانية أكثر سهولة بسبب أوضاع البلاد التي توفر بيئة خصبة للتطرف، وطبيعتها الجغرافية القاسية التي تؤمن الأماكن المناسبة للتخفي. وفي هذا السياق، يكثر الحديث عن انتقال/ نقل القوات الأمريكية لعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي إلى أفغانستان لشنّ هجمات ضد الأراضي الإيرانية، في إطار الحصار والحرب الأمريكية الإسرائيلية على إيران. ولاشك أن تمركز عناصر "داعش" والقاعدة وسواهما من المتطرفين على الحدود الإيرانية واستعداد هذه التنظيمات لتنفيذ اعتداءات ضد إيران، يتلاقى، مع السياسات التي تتبعها واشطن وتل أبيب، والرياض، ضد طهران.

ثانياً، يعزو الكثيرون التصعيد في تلك المنطقة إلى تطور وتشابك العلاقات الثنائية بين هذه الدول الإقليمية؛ التعاون الصيني الباكستاني؛ والهندي الإيراني. ورغم أنّه لا توجد معطيات واضحة وقاطعة في هذا المجال، فيمكن الحديث عن بعض النقاط، هي أسئلة أكثر مما هي إجابات؛ إن التعاون الإيراني الهندي هو تعاون اقتصادي في الأساس، وليس موجهاً ضد باكستان على الأقل من ناحية طهران التي لا مصلحة لها في خلق عدو جديد على حدودها، فيما العلاقات الهندية الباكستانية متوترة تاريخياً وليس من جديد في هذا الأمر؛ ثم كيف يمكن لإيران أن تقيم تعاوناً استراتيجياً مع الهند يستهدف باكستان، فيما العلاقات الهندية الإسرائيلية والهندية الأمريكية تتنامى وتتطور بشكل سريع؛ أما الصين فليست بوارد فتح جبهة مع الهند، رغم نقاط الخلاف القائمة، وتعاونها مع باكستان اقتصادي وتجاري قبل كل شيء، ولمواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة، فيما التعاون بين إيران والصين في وضع جيد إن لم نقل إنه في أفضل حالاته.

بالتأكيد، فإن من مصلحة الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي النفخ في جمر الخلافات إن وجد أو متى تمكنتا من تسعير المواقف واستثمار التناقضات وتحويلها إلى خلافات، لاسيما مع التوجه الأمريكي للاستثمار في شرق آسيا، ومحاولة نزع السلاح النووي والباليستي لكوريا الديمقراطية. وفي الهجوم الهندي الجوي الأخير على باكستان، أفيد عن استخدام أسلحة إسرائيلية، فهل ذلك من قبيل الصدفة أن يحدث في أول هجوم من نوعه في السنوات الأخيرة..؟! لا يوجد في العلاقات الدولية مجالاً للصدف، وكل التطورات والتحولات يتم التحضير لها بعناية في المطابخ الغربية وغيرها، وإن خرجت هذه التطورات عن السياق المرسوم لها أحياناً..؟!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.