تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صدمة تركية للسلطان

مصدر الصورة
وكالات

يونس السيد

النتائج التي أفرزتها الانتخابات البلدية في تركيا، أحدثت صدمة عنيفة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، بعدما تمكنت المعارضة، للمرة الأولى منذ 17 عاماً، من كسر احتكار الحزب الحاكم في أهم معاقله، خصوصاً في العاصمة أنقرة وفي العاصمة الاقتصادية الأهم وكبرى مدن البلاد إسطنبول، علاوة على عدد من المدن الكبرى الأخرى.

أهمية هذه الانتخابات تكمن في أنها مثلت استفتاء على مجمل سياسات النظام الداخلية والخارجية، إضافة إلى أدائه الاقتصادي، باعتبارها أول انتخابات تحدث بعدما تحول النظام إلى الرئاسي العام الماضي، ما يعني أن النظام وحده يتحمل مسؤولية قمع المعارضين، والأداء الاقتصادي الكارثي، من حيث تباطؤ النمو، وتدهور قيمة صرف الليرة، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، ما أحدث نوعاً من الشلل الاقتصادي، والغضب الشعبي، وترك تأثيراً مباشراً على الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، وهو ما انعكس بدوره في صناديق الاقتراع. كما أن شعبية حزب العدالة والتنمية تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهو ما كان يدركه قادة الحزب وزعيمه رجب طيب أردوغان، ما دفعه لقيادة الحملة الانتخابية بنفسه، باعتبارها معركة «حياة أو موت»، حيث عقد ما لا يقل عن 100 مهرجان انتخابي، انطلاقاً من أن حزبه كان تحت الاختبار. والأهم أنه كان يطمح إلى تمديد هيمنة حزب العدالة والتنمية على السلطة، وإدارة الدولة لسنوات أخرى قادمة، وبالتالي فقد كان لتراجع حزبه في اسطنبول، تحديداً، وقع الصاعقة، لاعتبارات شخصية وعملية، فهو قد عاش وبرز في اسطنبول، وأصبح محافظاً لها، وبدأ فيها أولى خطواته التي أوصلته إلى الرئاسة، إذ بالنسبة للأتراك من يسيطر على اسطنبول ذات الخمسة عشر مليون نسمة، وأنقرة التي تضم أكثر من خمسة ملايين، يعني السيطرة على ربع البلاد.

الصدمة كانت شديدة بالنسبة لأردوغان وحزبه، لأن سيطرة المعارضة على هذه المعاقل، أنقرة، واسطنبول، وأزمير، ومارسين، وأنطاليا، وغيرها، حيث كان بعضها يخضع لحزب العدالة منذ 15 عاماً، والبعض الآخر منذ نحو 20 عاماً، ستشكل تحدياً حقيقياً له في الانتخابات الرئاسية المقبلة (عام 2023). والأسوأ، أنه رغم احتفاظ «العدالة والتنمية» بأغلبية المجالس المحلية على مستوى البلاد، فإنه من الآن فصاعداً، سيضطر إلى التعامل مع معارضيه والاستماع إلى آرائهم، وقبل ذلك، ثمة الكثير من الكلام حول خلافات داخلية قد تؤدي إلى انشقاقات في الحزب الحاكم، وربما مجمل هذه العوامل تقطع الطريق على أحلام أردوغان في إحياء الدولة العثمانية التي استحضر إرثها في قصره الرئاسي الجديد، الذي أشارت تقارير إلى أن كلفته فاقت ال 600 مليون دولار. كثير من المراقبين والمحللين يتحدثون عن «هزيمة تاريخية» لأردوغان وحزبه، لكن هذه الانتخابات، رغم محاولات التشكيك بوجود مخالفات وعمليات تزوير، والحديث عن طعونات، فإن كل ذلك لن يغير من حقيقة اهتزاز عرش السلطان للمرة الأولى منذ عام 2002، عندما تمكنت أيضاً للمرة الأولى، أحزاب المعارضة العلمانية من الوقوف صفاً واحداً لإطاحة هذا الأخطبوط من أهم معاقله، وربما لن يطول الوقت حتى تتمكن من إطاحته وحزبه من السلطة، وإعادة الحياة الديمقراطية إلى البلاد.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.