تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مثال على الخصخصة

مصدر الصورة
البعث

سررنا جداً بإعلان غرفة صناعة دمشق بأن مادة المازوت أصبحت متوفرة للصناعيين بسعر 475 ليرة لليتر الواحد..!

نعم.. لقد سررنا بهذا الخبر؛ لأنه مثال صارخ لما سيؤول إليه الحال لو أن الحكومة خصخصت قطاع الطاقة وأعلنت: لم يعد لنا علاقة باستيراد المشتقات النفطية ولا بتسعيرتها..!

السعر المعلن صدر بعد وصول أول دفعة من المازوت، وكأنّ الغرفة تزف بشرى لأصحاب المنشآت الصناعية المهددة بالتوقف بسبب شح المادة..! ويبدو أن غرفة صناعة دمشق ندمت على إعلانها الذي يتضمن ابتزازاً مضمراً لحاجة الصناعيين، أي: إما أن تشتروا المازوت بالسعر المعلن أو ستتوقف مصانعكم..!

لكن سرعان ما ندمت الغرفة بعد أن تعالت الأصوات بخصوص ارتفاع سعر المازوت المستورد مقارنة بسعره النظامي من جهة، ولأن غرفتي الصناعة في حلب وريف دمشق أعلنتا بأنهما مستمرتان بتأمين المازوت بالسعر النظامي من جهة أخرى..!

والسعر المرتفع للمازوت المستورد يذكّرنا بالتجربة السابقة للقطاع الخاص الذي حقق من خلالها عدد قليل من المستوردين أرباحاً خيالية بالمليارات عندما سمحت لهم الحكومة باستيراد المازوت منذ عدة أعوام..! صحيح أن غرفة صناعة دمشق أعلنت عدم مسؤوليتها عن سعر ليتر المازوت بما يوازي سعره في السوق السوداء، لكنها  دون أن تدري كشفت عن “المستور”..!

لقد أكدت الغرفة أن السعر المعلن لليتر المازوت وضعته الشركة المستوردة..ترى من هي هذه الشركة التي تمكنت خلال أقل من شهر من استيراد المازوت بكميات كبيرة..؟!

صحيح أن أعضاء الغرف الصناعية ليسوا باعة مازوت.. لكنهم معنيون باستيراد حاجة المنشآت المهددة بالتوقف، وقرار رئيس الحكومة واضح جداً: السماح لغرف الصناعة والصناعيين باستيراد المازوت..!

وبالتالي السؤال: هل الشركة التي استوردت المازوت بسرعة قياسية تكاد تكون مريبة يملكها صناعي أم مستورد يستغل حاجة الصناعيين..؟ إذا كان المستورد أحد الصناعيين.. فهذا يعني أن لديه خبرة في الاستيراد استثمرها بتأمين احتياجاته من جهة، واستثمرها أيضاً باستغلال حاجة زملاء الكار للمازوت لجني الأرباح الفاحشة والسريعة..!

أما إذا كان المستورد تاجراً.. فإن مسؤولية غرف الصناعة ألا تتيح له استغلال الوضع في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بتأمين المادة بأسعار مدعومة..!

أكثر من ذلك.. تقول غرفة صناعة دمشق إنها تقدمت بإجازة استيراد لكمية 10 ملايين ليتر مازوت، لكنها لم تتمكن من الحصول على الموافقة بسبب التعقيدات لدى وزارة الاقتصاد.. وهو كلام خطير جداً يكشف أيضاً جانباً من المستور..!

خطير.. لأنه يطرح سؤالاً مشروعاً: كيف تتمكن شركة أو شخص من الحصول على رخصة استيراد وتوريد المادة وطرحها للبيع بسعر باهظ خلال أقل من شهر على صدور قرار السماح باستيرادها..؟

بالمختصر المفيد: ما حصل يعطينا مثالاً صارخاً عن نتائج خصخصة أي قطاع اقتصادي حيوي.. وهو رد على دعاة الخصخصة، ورد على من يزعم أن قرار استيراد مشتقات الطاقة سيخفض كلفة الإنتاج وسيساهم بتحسن القدرة الشرائية لليرة، لنكتشف سريعاً أن مزاعمه هراء بهراء..!

علي عبود

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.