تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الوجود الأمريكي: أبعد من ميناء إيراني في اللاذقية..؟!

مصدر الصورة
وكالات

 انتشرت في الفترة الماضية أخبار عديدة في وسائل إعلام مختلفة، تبدو إذا ما تمّ النظر إليها محلياً , أنها معزولة ومنفصلة ولا علاقة فيما بينها، إلا أنّ النظرة الشاملة للأحداث والتطورات، وقراءة متأنية لما يجري، تحتّم الربط بينها لاسيما وأنّ هناك عنصر مشترك بينها كلها؛ هو الحضور أو الدور الأمريكي؛

قبل أيام تناقلت عدة وسائل إعلامية معلومات عن طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من بنيامين نتنياهو، الحدّ من الحضور الصيني الاقتصادي والأمني والتكنولوجي في "الكيان الإسرائيلي"، لأنه يؤثر على الدور الأمريكي في المنطقة، رغم العلاقات العضوية بين "الكيان" والولايات المتحدة؛ وتناقلت وسائل الإعلام أيضاً تحليلات وتعليقات وأخبار تؤكد فشل ضغوط الولايات المتحدة على ألمانيا والأوروبيين للتخلي عن مشروع خط غاز "السيل الشمالي ـ2" الروسي الواصل إلى أوروبا؛ وهناك أحاديث كثيرة عن الجهود الأمريكية الهادفة لعرقلة المشروع الصيني "طريق الحرير الجديد" الذي يهدف إلى ربط الصين بالقارة الأوروبية؛ وتناقلت وسائل الإعلام، كذلك، التصريحات الأمريكية العديدة التي تؤكد ممارسة الضغوط والتهديدات بفرض العقوبات على العديد من الدول ــ وفي مقدمتها حلفاء الولايات المتحدة مثل مصر وتركيا ــ لإجبارها على التراجع عن شراء أسلحة روسية... والأمثلة  كثيرة..!!

لكن ما نودّ التركيز عليه هنا، هو الغاية من وجود قوات الاحتلال الأمريكي على أراضي الجمهورية العربية السورية؛ تاريخياً ليس للولايات المتحدة مصالح مباشرة في سورية على شاكلة المصالح الأمريكية في دول الخليج مثلاً؛ والقوات الأمريكية الموجودة على الأرض السورية تعتبر، وفق القانون الدولي، قوات احتلال؛ وهذا يعطي الحق للدولة السورية صاحبة السيادة على أرضها مقاومة هذا الاحتلال وطرده بكل السبل؛ فلماذا تغامر الولايات المتحدة بإبقاء قوات لها في تلك المنطقة الصحراوية في شرق سورية وجنوبها الشرقي..؟! بالطبع لم يعد أحد يصدّق "الهرطقة" الأمريكية حول مساعدة الشعب السوري أو بناء الديمقراطية؛ فكل ما تقوم به الولايات المتحدة من ممارسات على الأرض يخالف هذه الشعارات الكاذبة ويثبت عكسها. الحقيقة أنّ مسؤولي الولايات المتحدة قالوها بصراحة: قطع الطريق الواصل من المتوسط إلى إيران، وكل الغايات الأخرى التي ذكرت وأضيفت مثل محاربة "داعش" وغيرها، كانت للتعمية لا أكثر.

الولايات المتحدة و"الكيان الإسرائيلي" تحاربان بشراسة التعاون السوري - الإيراني -العراقي، فهل يشكّل هذا التعاون "بحدّ" ذاته خطراً على مصالح الولايات المتحدة وربيبتها "إسرائيل"؟!

قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام تصريحات لمسؤولين في قطاع النقل السوري تتحدث عن طموح يبدو أنّ له ما يبرره على أرض الواقع، يشير إلى وصل سورية (من ميناء اللاذقية) بالعراق وإيران وصولاً إلى الصين؛ أي الجزء الجنوبي من "طريق الحرير الجديد". وتحدث مقال في صحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، أيضاً عن أنّ هناك خطة روسية غير معلنة تقول إنّ  موسكو، لم تعرقل إمكانية نشر قاعدة بحرية إيرانية في اللاذقية، كما يشيع الإعلام العامل تحت المظلة الأمريكية، لماذا؟ توضح الصحيفة الروسية، بأن من المحتمل أن يرتبط هذا "التنازل" الروسي بإحياء خطط ربط السكك الحديدية بين إيران والعراق وسورية بشبكة واحدة؛ لأن روسيا، عبر سكة الحديد هذه، يمكنها الحصول على فرصة الوصول "البري" إلى الشاطئ السوري على البحر الأبيض المتوسط، انطلاقا من المحطات البحرية الإيرانية في بحر قزوين؛ لا يُنظر هنا ــ والكلام للصحيفة الروسية ــ فقط إلى فرصة إمداد قواعدنا العسكرية في سورية، وإنما التدفق التجاري إلى الشرق الأوسط   بأكمله..!!

هل قالت الصحيفة "التدفق التجاري"..؟! أجل، وهنا لبّ الموضوع؛ الولايات المتحدة في حرب تجارية حقيقية مع الصين وروسيا، والعقوبات الأمريكية على موسكو وبكين حدّث ولا حرج؛ فكما تحارب الولايات المتحدة الانتشار الروسي والصيني في أوروبا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية (فنزويلا مثال آخر)، فإنها تحاول عرقلة بناء تعاون تجاري يمتد من المتوسط إلى الصين وروسيا؛ لأن قيام هذا الربط السككي والتجاري والاقتصادي، من اللاذقية إلى بكين وموسكو، عبر بغداد وطهران وإسلام أباد.. وما يحمل من انعكاسات سياسية واجتماعية وثقافية، يجعل الولايات المتحدة خارج التأثير في أهم منطقة في العالم تتمتع بغنى كبير في كافة أنواع الموارد البشرية والطبيعية.

الوجود الأمريكي على الحدو بين سـورية والعراق هدفه إفشال هذا الربط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي الدولي بكل السبل؛ قد تستطيع الولايات المتحدة خلق العقبات وتأخير إنجاز المشروع الكبير لكنها لن تستطيع منع  تحقيقه..!!

                                                                            بـديـع عفيــف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية- خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.