تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا الهجوم الأمريكي على القوانين الدولية..!!

مصدر الصورة
وكالات

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، أن الولايات المتحدة ستنسحب من معاهدة تجارة الأسلحة التي وقعها الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2013. بالطبع، ليست الاتفاقية الأولى التي يعلن ترامب انسحاب بلاده منها؛ فمنذ تولى منصبه قبل أكثر من عامين، انسحب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي المبرم بين ست قوى عالمية وإيران، ومن اتفاق عالمي للمناخ، ومن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وهدد الحلفاء العسكريين في حلف شمال الأطلسي بأن الولايات المتحدة  ”ستمضي بمفردها“ إذا لم ينفقوا أكثر على الدفاع. كذلك هددت الولايات المتحدة بالانسحاب من (البروتوكول الاختياري) بشأن حل النزاعات والملحق بمعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وهاجم القادة الأمريكيون ”محكمة العدل الدولية“... الخ.

وفوق كل ذلك، تعسّف الرئيس الأمريكي في ممارساته التي تنسف أسس العلاقات الدولية وتنتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة عندما اعتبر أنّ مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي وأقر نقل سفارة بلاده إليها، ثم أعلن الاعتراف بضم الجولان العربي السوري المحتل للكيان الإسرائيلي في سابقة خطيرة، تخالف كل القرارات والاتفاقيات الدولية والشرائع الدولية. وللحقيقة فقد أعلنت الولايات المتحدة على لسان مسؤوليها أكثر من مرّة، أنها تجري مراجعة لكافة الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي ترى أنها لا تخدم مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني الإسرائيلي، وهي بذلك تنتهج سياسة واضحة وبغايات واضحة ومحددة؛

أولاً، نسف الأسس القانونية والميثاقية للعلاقات الدولية، وتشويه صورة الأمم المتحدة وإضعافها، وتهشيم الاتفاقيات الدولية وتخطيها، بطريقة تضعف المعايير التي تستند إليها العلاقات الدولية القائمة ــ رغم الخلل الموجود فيها ــ لصالح شريعة الغاب ومنطق القوة الذي تظن الولايات المتحدة أنها وحليفتها تنفردان به.

ثانياً، تعمل الولايات المتحدة على تجريد كل من تعتبره خصماً أو نداً، أو تشك بولائه لها، من مكامن القوة وعوامل الحماية الذاتية لديه، سواء بالعقوبات الاقتصادية أو بالتهديدات أو من خلال ممارسة الضغوط أو الابتزاز أو عبر التهديد باستخدام القوة والحرب، والأمثلة كثيرة ومتعددة؛ في التهديدات الأمريكية لسورية وفنزويلا وإيران، التهديدات والابتزاز حتى للدول التي تعتبر حليفة مثل السعودية وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، أو العقوبات الاقتصادية التي تطال عدداً واسعاً من الدول تتصدرها العقوبات ضد روسيا، أو الحرب التجارية التي تقودها واشنطن ضد الصين.

شعار "أمريكا أولاً" الذي أطلقه الرئيس ترامب يعني بالممارسة العملية التي تجسدها سياسات الرئيس الأمريكي تجاه دول العالم، جعل هذه الدول في خدمة مصالح أمريكا والكيان الإسرائيلي، ومن يحاول التصدي لهذه السياسة، لشريعة الغاب، يلاقي مصيره من اتهامات ومضايقات وإدانات وضغوط وعقوبات وحروب تجارية وسياسية واقتصادية وعسكرية أمريكية لا نهاية لها وتحت مزاعم تخلقها الإدارة الأمريكية لتبرير سياساتها.

لكن الوهم الأمريكي بدأ بالتلاشي، والكثير من قادة العالم تجرّأوا  على رفض هذه الهيمنة المخيفة، وبدأوا بتخطي الحواجز والقيود الأمريكية والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب ــ سترفضه الولايات المتحدة لكنها لن تستطيع منع حصوله وهو ما سيعلن أفول مرحلة الأحادية القطبية الأمريكية الكارثية.

وفي قمة أعمال المنتدى الثاني "الحزام والطريق" الذي استضافته الصين من 25 إلى 27 نيسان الجاري، بمشاركة 37 من القادة الأجانب، باستثناء الولايات المتحدة التي تشارك بممثلين عاديين عنها، ما يعكس عدم ارتياحها لهذه المبادرة، رسالة كبيرة وواضحة لـ"أمريكا أولاً"، وللعالم ثانياً، بأن هناك من بدأ بوضع حدود للبلطجة الأمريكية؛ ففيما أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ  أنّ "الحزام والطريق" ليس ناديا حصريا مغلقا... وسنخلق معاً فرصاً جديدة للتعاون في إطار هذه المبادرة"، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المجتمع الدولي إلى رد جماعي فعّال على العقوبات أحادية الجانب، معتبراً أن هذه السياسات تخلق تربة خصبة للإرهاب والتطرف والحروب وتفجر الصراعات. وقال في منتدى بكين: "من المهم تطوير استجابة فعالة لمخاطر تجزئة الفضاء السياسي والاقتصادي والتكنولوجي العالمي، ومواجهة الحمائية، التي أخطر أشكالها هي القيود أحادية الجانب غير الشرعية المستخدمة حاليا للتحايل على مجلس الأمن، أو والأسوأ من ذلك، لافتعال الحروب التجارية".

                                                              بديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
خاص - محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.