تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحرب بين ايران والولايات المتحدة ليست وشيكة..

مصدر الصورة
عن الانترنت

نسبت صحيفة "اندبيندنت" البريطانية الجمعة (3/5/2019) إلى وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، قوله إنّ الحرب بين ايران والولايات المتحدة ليست وشيكة، لكنه لم يستبعد وقوع "حوادث غير متوقعة" بين البلدين يمكن أن تؤدي إلى اشتباك عسكري. أجل، إنّ الحرب العسكرية ضد ايران مؤجلة، وحتى الآن لا يوجد ما يوحي بوقوعها، لكن كافة أنواع الحروب الأخرى ضد ايران وحلفائها من قبل الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي والسعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، قائمة ومستمرة إعلامياً وسياسياً واقتصادياً وتجارياً وتقنياً أيضاً، وصورتها الأشد بشاعة هي العقوبات الأمريكية.

ولكن السؤال المهم هو لماذا تؤجل الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي الحرب العسكرية على ايران وحلفائها..؟!

لقد عرض عاموس يدلين وافنر غولوب في "نظرة عليا" الإسرائيلية (11/10/2017)، خطة العدوان الأمريكي - الإسرائيلي ضد ايران: "ليس هذا هو الوقت لإلغاء الاتفاق النووي مع ايران، بل لخلق الظروف الاستراتيجية المناسبة لإلغائه في المستقبل، إذا ما تقرر بأنه توجد حاجة إلى ذلك، وبناء روافع لبديل مستقبلي أفضل؛ شرط ضروري لذلك هو خلق الظروف الدولية للضغط على ايران كي تقبل القيود المقترحة أو الأعمال الوقائية التي توقف ايران إذا ما قررت الإندفاع نحو السلاح النووي".

وأوضح يدلين وغولوب أنّ تعديل الإتفاق هو "بديل يجب السعي إليه في المدى الزمني المتوسط – البعيد، ولكن فقط بعد خلق الظروف الدولية للضغط على ايران كي تقبل القيود المطروحة... في المدى الزمني القصير، على الإدارة الامريكية أن توجه سياستها بحيث أن إلغاء الإتفاق سيكون نتيجة قرار ايراني أو خروقات ايرانية فظة. في المدى الزمني البعيد، عندما يفقد الإتفاق فضائله المركزية، على واشنطن أن تقود نحو تغيير الإتفاق، وفي حالة لم يتحقق التغيير، أن تنسحب منه؛ في إسرائيل توجد رغبة في استغلال تصميم الرئيس الأمريكي على العمل لتغيير الإتفاق أو عند الحاجة لإلغائه".

من الوضح حتى الآن أنّ المخطط الأمريكي- الإسرائيلي يسير وفق ما هو مرسوم وينفّذ بمنتهى الخبث والدقة، ولذلك ليس الآن وقت الحرب العسكرية؛ أنواع الحروب الأخرى التي تمارسها واشنطن وتل أبيب تفي بالغرض حتى الآن؛ العقوبات الأمريكية على ايران تتزايد وتتوسع وهي سلاح أمضى في استراتيجية الحرب الأمريكية؛ تحاول واشنطن من خلالها تحقيق أهدافها وأهداف الكيان الإسرائيلي بكلفة أقل وبشكل متدرج، وفق ما طرح يدلين وغولوب؛ العقوبات الأمريكية الواسعة على ايران تهدف إلى خنق ايران وإضعاف عملتها وتخفيض الإحتياطات الأجنبية لديها؛ وكما أوضح الرئيس الايراني حسن روحاني لتلفزيون بلاده قبل يومين: "تسعى أمريكا إلى بث الخلافات الداخلية والعداء داخل إيران"، وهي مهّدت "للعقوبات عبر نشر الايرانوفوبيا".

حتى الآن، تعلن الولايات المتحدة أنها ترغب بتغيير سياسة ايران وتحجيم دورها الإقليمي وإعادتها للتفاوض من جديد، وهو ما فشلت في تحقيقه؛ لكن الولايات المتحدة لا تعلن عادة كل أهدافها، وهي ليست محل ثقة حتى من أصدقائها؛ وقد يكون هدف الإدارة الأمريكية في النهاية هو إسقاط النظام الايراني، مثلما تسعى بوضوح إلى إسقاط النظام في فنزويلا، وقبله في سورية.

ولعل أحد الأسباب الجوهرية التي تمنع الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من شنّ الحرب العسكرية ضد ايران هي حسابات الكلفة العالية التي سيتكبدها الطرفان وعدم القدرة على التنبؤ بمآلات هذه الحرب وكيفية انتشارها ومن سيشارك فيها ومخاطرها وكيفية إنهائها. وللحقيقة فإن الضغوط والعقوبات الأمريكية تضع الجمهورية الإسلامية الايرانية في موقف الدفاع، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على النمو والتقدم في ايران.

وبالطبع، فإن القيادة الايرانية تدرك كل ذلك، وهي لا تقف مكتوفة الأيدي أمام العقوبات الأمريكية وهي طرحت عدة بدائل، تهدف جميعها إلى تعزيز الصمود الايراني الداخلي، من خلال تكييف الإقتصاد والإلتفاف على الحظر، والتمسّك بإنتاج الغاز والنفط وتصديرهما بما يفشّل هدف "التصفير" الذي وضعه الرئيس ترامب، إضافة إلى تخفيف الإعتماد على الصادرات النفطية، والعمل على زيادة إنتاج وتصدير المواد والسلع الأخرى، والحد من استيراد المواد التي يمكن إنتاجها محلياً، ورفض التفاوض مع واشنطن في هذه الفترة، والمضي في التحدي حتى كسر محاولات الإخضاع الأميركية الجارية.

ولايران مخارج كثيرة قد لا يتم طرحها في الإعلام، مثل الإعتماد على الجار الروسي الذي يتعرض لعقوبات أمريكية مشابهة، وعلى أطراف عديدة لها مصلحة ذاتية في خرق العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، فلا نعتقد أنّ تهديد ايران بإغلاق مضيق هرمز هو جدي، بل هو تهديد ردعي لمنع تدهور الأوضاع بشكل أكبر والوصول إلى مرحلة الحاجة إلى إغلاقه.

ومع ذلك، فإن بعض تداعيات العقوبات الأمريكية على ايران بدأت بالظهور عند زبائن ايران النفطيين، إذ أعلنت تركيا أنها لا تستطيع تنويع واردات النفط بسهولة بعد انتهاء الإعفاءات التي منحتها واشنطن من قبل على مشتريات النفط الخام من ايران. ولاحت في الهند أيضاً بوادر تأثّر حاد للاقتصاد بسبب إلغاء إعفاء البلاد من العقوبات على شراء النفط الايراني، ويتمثل التهديد في الهند بعدم القدرة على تعويض النفط الايراني، ليس من الناحية التقنية فقط، بل من ناحية الأسعار والكمية، ما ينذر بارتفاع تكاليف الوقود وتأثّر العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم بشكل متسارع. ولاشك بأنه سيكون للصين دورها في مواجهة العقوبات الأمريكية، وإن لم تعلن عن ذلك، علماً بأن التأثيرات الكبيرة للعقوبات الأمريكية لم تظهر بعد، سواء داخل ايران أو في الأسواق العالمية، فيما سيكون لدور المملكة السعودية والإمارات تأثيراً كبيراً على منظمة "أوبك+" إذا ما قررتا زيادة إنتاجها النفطي وكسر اتفاقات المنظمة.

بديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.