تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: الركوع أو الجوع

مصدر الصورة
وكالات

ما أعلنه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره للشرق الأوسط، وما كشفته بعض الصحف «الإسرائيلية»، ومنها صحيفة «»إسرائيل» اليوم»، وما كان ألمح إليه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، حول مضمون ما يسمى «صفقة القرن» لتسوية الصراع العربي -»الإسرائيلي» والمزمع إعلانها الشهر المقبل، تعني باختصار أننا أمام أكبر عملية لصوصية في العصر الحديث تمارسها دولة كبرى بحق شعب، وأرض، وقضية. إذ لم يحدث من قبل أن قامت دولة بفرض حل على شعب آخر من دون استشارته، لحمله على التنازل، مرغماً، عن حقوقه وأرضه، وبما يتناقض مع كل القوانين الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وقراراتها.

القضية الفلسطينية بكل ما يتصل بها من حقوق خاضعة لقرارات صادرة عن الأمم المتحدة منذ العام 1948، مثل حق العودة، وإقامة الدولة، والانسحاب من الأراضي المحتلة (القرارات 194 و181، و242)، وهي قرارات ملزمة لا تخضع للتعديل، أو التبديل، ولا يجوز التلاعب بمضامينها، ولا ينتهي مفعولها بالتقادم. أما إذا كانت خضعت لمفاوضات عبثية على مدى السنوات الفائتة، من دون القدرة على تنفيذها، فذلك بسبب موازين القوى التي فرضت نفسها جراء الموقف الأمريكي الداعم للسياسة «الإسرائيلية» الذي يشكل حائط صدّ ضدّ محاولات إلزام «إسرائيل» تطبيق القرارات الدولية، ثم بسبب الموقف العربي المتهافت الذي لم يكن ولا مرة على مستوى التعاطي الجدي مع القضية المفترض أن تكون القضية القومية الأولى بامتياز.

أما أن تختطف الادارة الامريكية القضية الفلسطينية، بمعزل عن أهلها، وبقية العرب أجمعين، والمجتمع الدولي، وتصوغ لها حلاً في دهاليز دوائرها المرتبطة بالصهيونية، وبالاتفاق مع «إسرائيل»، وتحاول فرضه بالقوة على العرب والفلسطينيين، وبما يتناقض بالمطلق مع القرارات الدولية، وحقوق الإنسان، فهذا شكل من أشكال اللصوصية تحت تهديد السلاح، بمعنى إجبار الفلسطينيين على القبول بسرقة حقوقهم التاريخية، والرضوخ لإرادة اللص، أو مواجهة المصير الأسود.

مضمون «صفقة فلسطين الجديدة» أشبه بعملية إبادة طوعية للشعب الفلسطيني، لتجريده من أرضه، وحقوقه الإنسانية، على غرار ما تعرض له الهنود الحمر في أمريكا، أو السكان الأصليون في أستراليا من اجتثاث على يد الحضارة الغربية.

«الصفقة» تخيّر الفلسطينيين بين قبولها بكل مضامينها، أي التنازل عن أرضهم وتسليمها ل»إسرائيل»، كي يظفروا ببعض الفتات الذي يقيهم الجوع، والموت، أو الرفض، بما يعنيه من ويل وثبور، وحصار اقتصادي ومالي، ومنع أي دعم لهم، و»عدم قيام أي دولة في العالم بتحويل أموال لهم»، وإطلاق يد «إسرائيل» في أن تفعل بهم ما تشاء من قتل، ومجازر، وإبادة.

إنه خيار من خيارين: إما أن تركع وتستسلم، أو أن تموت، أو بمعنى أصح أن تموت، أو أن تموت.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.