تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

د. وائل عواد يكتب : منظمة شانغهاي للتعاون : بين التحديات الخارجية وترتيب البيت الداخلي

مصدر الصورة
خاص

تفتتح في  مدينة بشكيك عاصمة دولة قيرغيزستان قمة منظمة  شانغهاي التاسع عشر في 13-14 من حزيران الجاري بمشاركة قادة الدول الأعضاء الثمانية  وهي  الصين ,روسيا,كازاخستان,طاجيكستان ,اوزبكستان ,قيرغيزستان , الهند وباكستان.

أسست هذه المنظمة الخماسية (الصين , روسيا,كازاخستان,طاجيكستان وقيرغيزستان)  في 26 أبريل/ نيسان عام 1996 وبدأت كمجموعة للتعاون الأمني وتعزيز الثقة على الحدود بينهم .  وعقدت قمم سنوية إلى أن  أعلن عن تأسيس المجموعة عام 2001  في شانغهاي بانضمام أوزبكستان. وفي عام 2017 ضُمت الهند وباكستان كعضوين كاملين إلى المجموعة. وبالتالي ، أصبحت هذه المجموعة لها ثقلها على الساحتين الاقليمية والعالمية  فهي تضم نصف سكان العالم وربع الإنتاج المحلي العالمي و10% من إجمالي ناتج الطاقة والنفط العالميين إذ تستحوذ على نسبة عالية من الاحتياطي العالمي للنفط والغاز. وتضم 20% من التراث الثقافي العالمي لقائمة  منظمة اليونسكو العالمية مما يتيح الفرص فيما بينها للتعاون في العديد من المجالات.

تسعة عشر عاماً مضت على تأسيسها بهدف تقوية العلاقات الثنائية والتعاون الأمني والعسكري وكذلك التعاون في  الشؤون الاقتصادية والتجارية والسياسية والتعليم والطاقة والنقل والأمن والسلام والاستقرار وغيرها ، وإيجاد نظام علمي واقتصادي متساو.

ونجحت هذه المنظمة على مدى السنوات الماضية  في تعزيز أواصر التعاون فيما بينها .وبدأت تتحول تدريجياً إلى قوة إقليمية ذات شأن خصوصاً مع زيادة التعاون الأمني لمواجهة الإرهاب والتطرف والتشدد الديني. كما عززت من مكانتها الاقتصادية لمواجهة الضغوط والعقوبات الأمريكية الاقتصادية .

تشكل هذه المنظمة قوة اقتصادية وعسكرية لا يستهان بها ومع أنها ليست موجهة ضد أحد إلا أن التحديات الخارجية وعدم الاستقرار في النظام العالمي المضطرب بدأت تدفع باعضائها إلى وضع آليات لتمكين دورها ونفوذها العالمي آخذين بعين الاعتبار الحسابات الجيوسياسية .

المنظمة وحل المشاكل الإقليمية

تعاني دول المنطقة من انتشار ظاهرة التشدد الديني والإرهاب بسبب ثقافة الجهاد التي انتشرت في أفغانستان على يد الاستخبارات الأمريكية والباكستانية والسعودية إبان احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان و نشطت الحركات الجهادية المسلحة هناك وعلى الحدود المتاخمة للدول الأعضاء . وبعد إسقاط تنظيم طالبان من الحكم ومحاربة تنظيم القاعدة  بدأت هذه الحركات المسلحة تنشط بدول الجوار .وبدأ التنظيم الإرهابي داعش ينشط في أفغانستان الأمر الذي دفع بدول المجموعة إلى تعزيز التعاون فيما بينها وتم وضع هيكلية لمحاربة الإرهاب (راتس) وتبادل المعلومات الامنية والاستخباراتية بين الدول الأعضاء لمكافحة أشكال الإرهاب كافة، وتجارة المخدرات والمتاجرة بالبشر والجريمة المنظمة.

 نجحت المنظمة  أيضا" في فتح حوار مع أفغانستان عام 2005  للعمل على التعاون في قضايا ذات اهتمام مشترك و إيجاد حل اقليمي للصراع القائم هناك المدعوم أمريكياً وذلك  بدعم أفغانستان اقتصادياً وتنمية البنية التحتية ومحاربة الارهاب وتجارة المخدرات.

ومع دخول الهند وباكستان أعضاء أصلاء في هذه المنظمة، لا يستبعد البعض أن  تساهم   في تخفيف حدة التوتر بين الجارين اللدودين وحثهم على التعاون والعودة للحوار السلمي لمواجهة التحديات المشتركة من خلال الضغط على الدولتين وإن كانت الهند ترفض وساطة طرف آخر في حل النزاعات مع جارتها باكستان.

ومن المتوقع أن يتم توسيع التعاون بين دول المجموعة إلى ما وراء التعاون الأمني وتحويل المنطقة إلى منطقة اقتصادية  تجارية حرة وإنشاء صندوق تنموي قد يثير حفيظة الدول الأوروبية والولايات المتحدة .وهذا ما يشمله إعلان بشكيك من الحث على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري ومحاربة الإرهاب والتعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبيئة والصحة والرياضة .

 

الأسواق الواعدة وآفاق التعاون

تعد أسواق جمهوريات آسيا الوسطى واعدة  وتحتاج إلى تنمية اقتصادياتها والترويج للتجارة  ودعم من قبل الدول الرئيسية مثل الصين وروسيا والهند وتسعى هذه الدول إلى الترويج لبضائعها ومنتجاتها وتهيئة ظروف النقل البري وتطوير البنية التحتية لهذه الدول التي تعد مصدراً رئيسياً للنفط والغاز بالنسبة للهند والصين .كما أن هناك خطة اقتصادية كبيرة  ومشاريع  لتوليد  محولات كهرباء ضخمة  .

سبقت الصين العديد من الدول في تعزيز تعاونها مع دول آسيا الوسطى  ضمن سياستها لحماية  أمنها القومي من خلال محاربة التشدد الديني وسلامة حدودها وتوفير أمن الطاقة  لضمان مواردها الطبيعية وتنمية اقتصادها ومواجهة الدور الأمريكي المتنامي في هذه الدول. وتعد هذه الدول جزءاً من خطة الصين للتعاون الاقتصادي لطريق الحرير  والتي دفعتها لاقامة مشاريع تنموية وتطوير البنى التحتية للدول المعنية .

 وتتطلع الهند بدورها، إلى دخول أسواق دول آسيا الوسطى وتحاول الترويج لمنتجاتها عبر أفغانستان عن طريق ميناء تشابهار الإيراني .وتسعى لاستيراد الطاقة  حيث  تقام العديد من المشاريع من مد أنابيب النفط والغاز مثل : تابي(تركمنستان –أفغانستان –باكستان-الهند) المدعوم أمريكياً ، إلى خط إيران –باكستان –الهند للغاز المعارض هندياً  بسبب باكستان وأمريكياً بسبب إيران.

التحديات الخارجية

تشكل التحديات الخارجية خطراً كبيرا" على دول المنظمة خصوصاً  القواعد العسكرية الامريكية في دول المنطقة و التدخل  في شؤون هذه الدول بحجة انتهاكات حقوق الانسان والحرية  وما شابه . لذلك تحاول تقوية التعاون بينها لمواجهة الضغوطات  الداخلية والخارجية والابتزاز الغربي المضاد والحد من امتدادها إلى دول المنطقة .

قد تبدو هذه المنظمة موجهة ضد الولايات المتحدة وسياسة الهيمنة التي تنتهجها لكنها في حقيقة الأمر ليست موجهة ضد أحد . بيد أن الضغوط الأمريكية  وسياستها العدوانية تجاه كل من  روسيا والصين وفرض العقوبات الجمركية  دفعت بهاتين الدولتين للتعاون فيما بينهما والتنسيق الكامل الأمني والعسكري والتجاري في إطار استراتيجي جديد للقرن الحادي والعشرين .وتسعى الدولتان إلى جعل هذه المنظمة  قوة فاعلة هي ومجموعة البريكس لمضاهاة حلف الناتو وصندوق النقد الدولي هذا إذا نجحت هذه الدول في الاستفادة من بنك التنمية وإنشاء مؤسسات دولية تضاهي المؤسسات الغربية التقليدية لتمويل مشاريعها وعملت على حل الخلافات الثنائية بين بعض الدول الأعضاء .

هناك فرص كبيرة لزيادة آفاق التعاون  و ضم دول أخرى مثل  إيران ومنغوليا وربما تركيا في المستقبل  لهذه المنظمة. وتكمن قوتها في العمل معا"   وابتعاد القوتين العظميين روسيا والصين من التنافس الفردي داخل المجموعة ،مما يعزز من دورالمنظمة الإقليمي والعالمي ويساعد في إعادة هيكلة النظام العالمي الجديد في عالم متعدد الأقطاب بعيدا" عن أحادية القطب .

                                                           د.وائل عواد

                                               كاتب صحفي سوري مقيم في الهند

www.waielawwad.com

waielawwad@abunouman(twitter)

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.