تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من يدفع فاتورة «بريكست»؟

مصدر الصورة
وكالات

يونس السيد

ودعت تيريزا ماي بالدموع رئاسة الحكومة البريطانية، وأنصار «بريكست»؛ بعدما فشلت على مدى ثلاث سنوات في تحقيقه؛ لتفتح بذلك الطريق أمام معركة خلافتها، التي بدأت بالفعل داخل حزبها (المحافظين)، والتي يبدو أن بوريس جونسون وزير الخارجية السابق أبرز المرشحين للفوز بها، وسط شكوك كثيرة حول قدرته على تحقيق ما عجزت عنه ماي، حول من سيدفع ثمن فاتورة «بريكست»، في نهاية المطاف، سواء تم الطلاق بالإكراه أو بالتراضي.

بغض النظر عن تصريحات جونسون، التي وعد فيها البريطانيين بمستقبل باهر خارج الاتحاد الأوروبي، وتعهداته أمام مؤيدي «بريكست»، وهو المعروف بأنه من أشد المتحمسين له، بأن الخروج البريطاني سيتم باتفاق أو من دون اتفاق، وحتى تهديداته بأنه لن يدفع فاتورة الطلاق، فإن المسألة لا تبدو سهلة على الإطلاق؛ بل ربما يواجه جونسون، داخلياً وخارجياً، عراقيل وتعقيدات أكثر من تلك التي واجهتها ماي، وأدت إلى استقالتها من رئاسة الحكومة على نحو مهين؛ بعد أن رفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات خطتها للخروج.

المسألة تبدأ من الاعتراف بوجود أزمة داخل حزب «المحافظين» نفسه، فالخلافات والانقسامات التي تعصف بالحزب، والتي ساهمت بشكل كبير في استقالة ماي، لا تزال على حالها، وقد تزداد تعقيداً في خضم معركة خلافتها، وهناك مؤشرات قوية على تراجع الحزب، ووجود صعوبات بات يواجهها؛ إذ كشف استطلاع للرأي أجراه معهد «يوغوف» قبل عدة أيام، أن الحزب الذي جاء في المرتبة الخامسة في الانتخابات الأوروبية، وهي نتيجة مهينة ل«المحافظين»، لن يتجاوز في حال أجريت انتخابات تشريعية، المرتبة الرابعة، ولن يحصل على أكثر من 18 في المئة من الأصوات. كما يبدو من الواضح أن مجلس العموم لن يسهّل مهمة جونسون، في حال انتخابه؛ حيث قدمت أحزاب معارضة مدعومة من أعضاء في حزب «المحافظين»، مذكرة أمام البرلمان، تستهدف عرقلة «بريكست» من دون اتفاق. والأسوأ من ذلك أن الاتحاد الأوروبي يرفض التراجع أو الموافقة على شروط أفضل للخروج البريطاني؛ بل إن المفوضية الأوروبية قامت بتذكير بريطانيا بوجوب «احترام التزاماتها المالية»، والتي تقدر بنحو «40 إلى 45 مليار دولار»؛ كونها تعد دولة عضواً في الاتحاد، ولو في حال خروجها من دون اتفاق، مؤكدة أن ذلك هو أحد «الشروط المسبقة»؛ لفتح مفاوضات حول اتفاق تجاري بين الطرفين مستقبلاً.

قد تكون هذه العوامل مجتمعة هي التي دفعت جونسون لدى إطلاق حملته الانتخابية إلى التشديد على ضرورة استعادة وحدة الحزب، وتنفيذ «بريكست» في 31 أتشرين الأول المقبل، المهلة المُتفق عليها مع بروكسل، والاستعداد لذلك من دون اتفاق «كإجراء أخير» حسب تعبيره، والتحذير من زوال الحزب في حال عدم تنفيذ ذلك، وتسليم مقاليد السلطة إلى جيمي كوربين وحزب «العمال» المعارض، ما يعني هزيمة تاريخية كاملة للمحافظين لا ينبغي أن تتحقق.

وعلى العموم، لا جدال في أن جونسون وضع نفسه وحزبه، منذ الآن، في معركة داخلية صعبة، وفي مواجهة خارجية مع الاتحاد الأوروبي، بات يخشى معها أن حزب «المحافظين» هو من سيدفع ثمن فاتورة الطلاق الأوروبي، وربما الاختفاء من عن الساحة السياسية حتى إشعار آخر.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.