تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«هضبة ترامب»

مصدر الصورة
SANA

يونس السيد

على أرض هضبة الجولان العربية السورية المحتلة، يتواصل مسلسل تقديم الهدايا المجانية من طرفين ليست لهما أي صلة بهذه الأرض ولا يملكان أي حق في تغليفها داخل علبة للهدايا يتقاذفانها فيما بينهما، الأول هو ترامب الذي قرر في 25 مارس الماضي الاعتراف بأنها «إسرائيلية»، والثاني هو نتنياهو الذي «رد الجميل» له بإقامة مستوطنة جديدة تحمل اسم «هضبة ترامب».

الاثنان، ترامب ونتنياهو، قررا تجاهل القانون الدولي وحقائق التاريخ والجغرافيا، وتطبيق قانونهما الخاص، قانون العربدة وغطرسة القوة، فترامب قدم وثيقة الاعتراف ب «إسرائيلية الجولان» بناء على درس «سريع» في التاريخ، قدمه له صهره ومستشاره كوشنير وجرينبلات، أما نتنياهو فيقول إنه اكتشف آثاراً لأجداده في الجولان تعود إلى ما قبل أكثر من ألفي عام، وهو الذي حفر مع نظرائه فلسطين شبراً شبراً لكنه لم يجد فيها أي أثر لأجداده، ولكي يثبت حقه المزعوم، فقد لجأ إلى سرقة تراث الشعب الفلسطيني وحضارات الأمم الأخرى القديمة التي تعاقبت على فلسطين، لينسبها زوراً إلى أجداده المزعومين.

ولا حاجة للحديث عن القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، التي رفضت ولا تزال قرار ضم الجولان ل «إسرائيل» عام 1981، وأكدت عروبة وسورية الجولان المحتل.

وكي نكون منصفين أكثر، فإن «مكافأة» نتنياهو لصديقه ترامب لا تقتصر على ختم الأخير وتوقيعه لوثيقة الاعتراف ب «إسرائيلية الجولان»، وهو ما لم يفعله أي زعيم آخر، وإنما تشمل الجهود الكبيرة التي بذلها ترامب في الانحياز الأعمى للاحتلال، والاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إليها،.

ولذلك، لم يبال نتنياهو في تكبد عناء الذهاب إلى الجولان وعقد جلسة استثنائية لحكومته بحضور السفير الأمريكي المستوطن ديفيد فريدمان، حيث تم في أجواء «احتفالية» إطلاق اسم «هضبة ترامب» على مستوطنة سيتم إنشاؤها لاحقاً. لكن، بغض النظر عن الاستعراض وتبادل الشكر بين نتنياهو وترامب، وبغض النظر عن الانتقادات وحتى المعارضة «الإسرائيلية» لها انطلاقاً من أن حكومة نتنياهو الحالية هي حكومة «تسيير أعمال» وبسبب عدم وجود «موازنة» لبناء المستوطنة الجديدة، وعدم تخصيص قطعة أرض لها، فإن ما يدور لا يخرج عن كونه «مسرحية هزلية» يتم فيها بكل بساطة استباحة كل شيء، الأرض والحقوق والتاريخ والجغرافيا، حتى لكأن هضبة الجولان السورية تخلت عن اسمها لصالح اسم جديد هو «هضبة ترامب».

صحيح أن كل هذه المسرحية لقيت رفضاً من المجتمع الدولي ولن تغير من هوية الجولان وملكيتها لأصحابها الشرعيين، ولكن التاريخ علمنا أيضاً أن موازين القوى قابلة للتغيير، وأن التوقيع والاحتفال قابلان لأن يتبخرا معاً في الهواء.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.