تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لكل دقيقة سعر في بورصة الدولار كوسا: لا يوجد عقل اقتصادي قادر على تفسير ما يحدث فـي السوق.. د. كنعان: إرسال الحوالات إلى لبنان والأردن وبطء نمو الصادرات ساهما في ارتفاعه

مصدر الصورة
تشرين

دانيه الدوس:

يقال: «لكل ساعة ملائكتها» لكن اليوم أصبح لكل دقيقة سعر في بورصة الدولار الذي قفز فجأة ليتجاوز 600 ليرة من دون «احم أو دستور»- كما عبر أحد المواطنين – وسط جهل السبب الحقيقي وغياب التبريرات الحكومية، اللهم إلا آخر تصريح لحاكم البنك المركزي الذي أدرك أن السكوت ليس من ذهب وخرج بجملة من الأسباب، متناسياً طمأنته بإيقاف ارتفاع سعر الدولار. وفي المقابل أجمع أغلب المختصين الاقتصاديين على استمرار تواصل ارتفاع سعر الدولار ليتجاوز 700 ليرة ما دام الإسراع باتخاذ أي اجراء لتخفيضه لم يتم، لتبقى «العترة» على المواطن الذي لم يعد يحتمل راتبه المعدم ارتفاعاً أكثر للسلع التي ازدادت فور ارتفاع سعر الدولار.
حالة نفسية
لا يوجد عقل اقتصادي قادر على تفسير ما يحدث في السوق بدقة، كما أكد الخبير الاقتصادي محمد كوسا، فالحرب من كل الاتجاهات والعوامل المؤثرة أكثر من أن تحصى، لذا لا يمكن تحديد سبب حقيقي واحد لارتفاع سعر الصرف. ورأى كوسا أن سبب ارتفاع الدولار قبل شهرين كان مختلفاً عما هو عليه اليوم، فالسبب الرئيس للارتفاع اليوم يعود إلى الحالة النفسية للمواطنين فأغلبية من الناس بعد الارتفاع الكبير الذي وصل إليه الدولار أصبح لديهم ردة فعل بأن يقوموا بالحفاظ على قيمة ما يملكونه من نقود عبر تحويلها إلى دولار، حتى إن البعض بات يفكر في بيع أحد ممتلكاته لتصريف ثمنها بالدولار، مشيراً إلى عدم الاستهانة بالعامل النفسي فهو في علم الاقتصاد من العوامل الخمسة المؤثرة في سعر الصرف وخاصة في ظل غياب التطمينات الحكومية والإجراءات المتخذة من قبل المركزي التي من الممكن أن تكون غير مباشرة، وعدد كوسا الأسباب الأخرى بوجود أشخاص مستفيدين من المضاربين وارتفاع أسعار الذهب العالمية، إضافة إلى قيام المركزي بالحد من الحوالات بإصداره مجموعة من القرارات في الفترة الأخيرة بينما كانت الحوالات تلعب دوراً كبيراً في تأمين القطع الأجنبي. وأضاف: ما دام الدولار يرتفع فبقية المواد سترتفع والتاجر أصبح يؤمن هامش ربح لبعد غد،
وكغيره من المختصين الاقتصاديين توقع كوسا استمرار ارتفاع الدولار بعد ارتفاع سعر الذهب عالمياً، فعلى العكس من الدول الأخرى سعر الدولار في سورية يرتبط بسعر الذهب فإذا ارتفع سعر الذهب ارتفع سعر الدولار، وهذا لا تجده في بقية الدول التي غالباً ما تكون العلاقة بين الدولار والذهب فيها عكسية.
عجز الموازنة
عدة أسباب وليست سبباً واحداً لارتفاع سعر الدولار في رأي الدكتور في كلية الاقتصاد علي كنعان أولها زيادة حجم المستوردات مقابل بطء نمو الصادرات فقد وصل حجم المستوردات العام الماضي إلى 5.5 مليارات دولار، بينما لم يتجاوز المليار هذا العام، كما أن زيادة حجم الاستيراد من المشتقات النفطية وخاصة في الفترة الأخيرة كانت عاملاً في ارتفاع سعر الدولار، حيث بدأت العديد من المشاريع الزراعية والصناعية بالإقلاع ومن المعروف أنه كلما ازداد عدد المنشآت التي تدخل إلى الإنتاج زادت الحاجة إلى المشتقات النفطية لأن أكثر الصناعات تعتمد عليها كمادة أساسية بتأمين الطاقة وتحريك عجلة الإنتاج وهذه المشتقات جميعها مستوردة ولا يوجد منها إنتاج محلي.
وأضاف: تجاوز عجز الموازنة خلال الأعوام الثلاثة الماضية ألف مليار ليرة سنوياً وهذه المبالغ تحصل عليها وزارة المالية من البنك المركزي وهذا يعني إصداراً نقدياً لا تقابله سلع وخدمات ويؤدي إلى زيادة مبالغ الليرات السورية في السوق (زيادة وسائل السيولة) فيضغط على سعر الصرف وبالتالي فإن زيادة الاعتماد على القروض الداخلية من البنك المركزي لتمويل عجز الموازنة شكلت عاملاً مهماً في ارتفاع سعر الدولار إضافة إلى انخفاض سعر الفائدة على الدولار حيث إن البنك المركزي يسمح للبنوك السورية بفتح حسابات بالدولار بسعر فائدة تتراوح بين 3 إلى 4.5% وهذا الرقم قليل مقارنة مع ما تدفعه البنوك اللبنانية، فكان جديراً بالبنك المركزي أن يرفع سعر الفائدة إلى 6و7% بهدف تشجيع وجذب المودعين لإيداع أموالهم بالقطع الأجنبي في سورية.
هوة كبيرة
كل ذلك في كفة وعملية المضاربة في كفة أخرى فقد رأى كنعان أن لها الدور الأكبر في تخفيض سعر صرف الليرة السورية لكون المضاربين يمتلكون مبالغ كبيرة بالليرة السورية ومبالغ كبيرة بالدولار وبالتالي أصبحوا يتحكمون بسعر صرف الليرة السورية، كما أن الفارق الكبير بين سعر صرف الحوالات القادمة إلى سورية وسعر السوق السوداء كان سبباً في ارتفاع الدولار، فالمصرف المركزي يدفع 434 ليرة سعر الدولار للحوالات بينما أصبح في السوق السوداء بحدود 600 ليرة، أي إن كل صاحب حوالة يخسر بكل دولار بحدود 170 ليرة، وهذا الأمر دفع أصحاب الحوالات إلى إرسالها إلى لبنان والأردن، الأمر الذي أدى لخسارة الاقتصاد السوري مبالغ كبيرة من الدولارات يومياً، فبزيادة الطلب على الدولار لتمويل المستوردات أو لتمويل المضاربة نفاجأ بنقص أو تراجع حجم الدولارات لكونها أصبحت تحول إلى لبنان والأردن وقد شكل هذا العامل عنصراً مهماً لفقدان البنك المركزي أهم وسيلة يمكن أن يتحكم من خلالها بسعر صرف الليرة السورية فأصبح مطلوباً منه تأمين الدولارات وفي الوقت نفسه إن الدولارات التي كانت تصله من الحوالات انتقلت الى غيره .
«لن ينخفض سعر الدولار ما دامت تلك الأسباب موجودة ولم يتم التحرك باتخاذ أي خطوة لمعالجتها» – كما قال كنعان – بل توقع تواصل ارتفاع الدولار ليتجاوز 700 ليرة، لذا يجب على البنك المركزي رفع سعر الفائدة على الدولار وطرح شهادات إيداع بالدولار وعلى وزارة المالية أن تطرح شهادات خزينة بالليرة السورية وبالدولار بهدف جمع كمية كبيرة من السيولة والتحكم بها.

مصدر الخبر
تشرين

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.