تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أردوغان في النفق: ما العمل؟

مصدر الصورة
عن الانترنيت

محمد نور الدين

يبدو بكر آغيردر، المدير العام لشركة «كوندا» لاستطلاع الرأي، أحد أكبر الفائزين بانتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول. لا لأنه كان طرفاً في صراع المتنافسين، بل لأن شركته كانت الوحيدة التي أصابت بدقة نتائج انتخابات الأحد الماضي. يردّ آغيردر، في حوار صحافي، هزيمة حزب «العدالة والتنمية» إلى الخطاب الحادّ لرئيس الحزب، رجب طيب أردوغان، وإلى قرار اللجنة العليا للانتخابات إعادة انتخابات إسطنبول. وبذلك، كان «العدالة والتنمية» يفقد صدقيته، ويسبّب جرحاً في وجدان معظم الناخبين، فنزل هؤلاء لا من أجل انتخاب رئيس بلدية، بل بهدف تصويب مسار بلد بكامله، وكان قسم من ناخبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» ضمن هذه الفئة من الناس. ويقول آغيردر إن الناخب الكردي ذهب بعزيمة قوية جداً للتصويت لمرشح حزب «الشعب الجمهوري»، أكرم إمام أوغلو، لمواجهة خطاب الكراهية العالي لتحالف السلطة. كذلك، فإن أكثرية الفئات الشابة أعطت صوتها لإمام أوغلو لأنها رفضت التضييق على الحرّيات والرقابة على الإنترنت وماذا تشاهد ولا تشاهد. ويضيف إن الناس حدّدوا، ليس الحزب الذي سيقترعون له، بل الحزب الذي سيقترعون ضده. ويشير إلى أن «العدالة والتنمية» اعتقد أنه قادر على تلبية وعوده، لكنه لم يحقق شيئاً منها لا اقتصادياً ولا سياسياً ولا ديموقراطياً ولا اجتماعياً.

ويرى الكاتب في صحيفة «جمهورييت»، أوزغين آجار، أن إسطنبول تعدّ 16 مليوناً من أصل 81 مليوناً عدد سكان تركيا، أي أن واحداً من خمسة يعيش في إسطنبول. ونتائج انتخابات الأحد مؤشر إلى خسارة رئيس حزب «العدالة والتنمية» على مستوى تركيا. وإذا أضفنا إسطنبول، بوابة تركيا على البحر الأسود، إلى الخسارات في مدن إيجه والبحر المتوسط، يظهر أن «فيتاس» السرعة لدى أردوغان تقهقر إلى الوراء. ويغرّد الإعلامي المعروف، فاتح برتقال، حول أسباب هزيمة مرشح «العدالة والتنمية» ووصول الفارق إلى 800 ألف صوت، فيعدّد سبعة أسباب: إدارة الرجل الواحد، المكابرة المفرطة، تهميش القيادات الأخرى في الحزب، الانقطاع عن الناس، لغة الكراهية، خداع الناس بكلمات جميلة، الغطرسة. وفي تغريدة له يقول جان دوندار، رئيس تحرير «جمهورييت» السابق والمخرج السينمائي المعروف الذي كشف في نهاية أيار 2015 عن شاحنات الأسلحة التي كانت ترسلها الاستخبارات التركية إلى سوريا واضطر بعدها إلى الهرب من تركيا إلى ألمانيا، إن «مطلب التغيير» هو رؤية تخيف كل نظام يرى أنه مستقر. تلك الرياح القوية طرقت في النهاية باب «العدالة والتنمية»، وألحقت الهزيمة بالزعيم الذي كان يظن أنه لا يهزم. ويلفت إلى أن أردوغان كان ينظر إلى انتخابات إسطنبول على أنها مسألة بقاء أو زوال بالنسبة إليه، لذا، فإن هزيمته يمكن أن يُنظر إليها على أنها «بداية الزوال». وهذا ليس فقط ترجيحاً لخيار أكرم إمام أوغلو بمواجهة أردوغان، بل أيضاً ترجيح لخيار الديموقراطية على الاستبداد، والعمل الجماعي على حكم الفرد الواحد، والتواضع والمبدئية على حب الظهور، والاحتضان على الاستقطاب، والتبسم على الحقد، والهدوء على الغضب، والمساواة بين الجنسين على الذهنية التي تنظر إلى المرأة على أنها مجرد ماكينة لتفريخ الأطفال. وهي اعتراض على المتعصّبين الذين يقرّرون ما يجب أن يلبسه الفرد أو يأكله، وعلى تدخّل الدين في السياسة وتحويل الجوامع إلى مراكز للدعاية. وهي ردّة فعل على اعتقال أي صوت معارض، وعلى خلق التوتّر كأداة للبقاء في السلطة. وهي منح الصوت للغة المحبة والمصالحة والتسامح ضد لغة التهديد والغضب.

الناس حدّدوا، لا الحزب الذي سيقترعون له، بل الحزب الذي سيقترعون ضدّه

وفي صحيفة «يني تشاغ» القومية، كتب أورخان أوغور أوغلو أن ناخب إسطنبول هو مرآة للبنية الديموغرافية لناخبي كل تركيا. وقرار الناخب في إسطنبول هو قرار تركيا. وينقل أوغور أوغلو عن صحافي مقرّب من أردوغان أن الأخير كان غاضباً جداً وحزيناً جداً من النتائج. وعندما تجاوز الفرز نصف عدد الصناديق، اتصل أردوغان بيلدريم وقال له: «لن تتغير النتائج. لقد خسرنا»، شاكراً إياه على خوضه المعركة. وقد استجاب يلدريم لطلب أردوغان وأعلن مبكراً إقراره بالهزيمة. وينقل الكاتب عن أوساط مقرّبة من أردوغان أنه لن يكون مفاجئاً أن يوجّه الأخير الدعوة إلى عبد الله غول وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان لزيارة القصر الجمهوري ومناشدتهم العمل معاً من جديد. كما ينقل هؤلاء المقرّبون أن أردوغان سيتخلّى عن قسم كبير من مستشاريه. ولكن أوغور أوغلو يرى أنه إذا كان أردوغان يريد إنقاذ سفينة حزب «العدالة والتنمية» من الغرق، فإنه يجب أن يبدأ بنفسه، ويفسح المجال أمام الآخرين، ويتخلى عن قيادة الحزب، ولا يترشح لانتخابات الرئاسة في عام 2023. ويقول إن «العدالة والتنمية» تحول إلى «حزب الطيّب»، وبالتالي لن يترك أردوغان الحزب ولا يستطيع ذلك. ويرى أوغور أوغلو أن انتخابات إسطنبول هي صورة واضحة لمرحلة انهيار حزب «العدالة والتنمية» وانهيار النظام الرئاسي، وردّة فعل للأمة على حزبية رئيس الجمهورية، كما على سياساته الاقتصادية التي يديرها بغباء صهر أردوغان براءت ألبيرق.

ويرى الصحافي والمفكر الإسلامي، عبد الرحمن ديليباق، المؤيد لأردوغان، في صحيفة «يني عقد»، أنه يجب البحث بجدية في سبب الخسارة في إسطنبول، وإلا سيواجه حزب «العدالة والتنمية» مصير حزب «الوطن الأم» بعد طورغوت أوزال، وهو الانحلال. ويقول ديليباق إن «العدالة والتنمية» واجه تحدّيات ومشكلات كثيرة وفشلاً في سياساته الزراعية والاجتماعية والتعليمية وفي القضاء وفي سياساته الخارجية، وأخطأ في رفع شعار «رابعة» حول مصر، وفي إثارة مسألة «بقاء ومصير» تركيا، وفي الاستنجاد بأوجلان قبل يومين من الانتخابات. كانت لغته حادة جداً. وينصح ديليباق الحزب بالابتعاد عن لغة التوتّرات، والعمل على احتضان مناصريه وقياداته من جديد وفي مكافحة الفساد. ويتوقف عند أرقام أقضية إسطنبول، فيلفت إلى أن أكرم إمام أوغلو نال أكثر من 70% من الأصوات في 6 أقضية كبرى، فيما لم يتخطَّ مرشح «العدالة والتنمية» هذه النسبة في أي قضاء. لكن ديليباق ينهي بالقول: «إن الله لا يترك عباده المؤمنين، والأوان لم يفت، وهناك الكثير للعمل»!

مصدر الخبر
الأخبار

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.