تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تركيا تخون والبيت الأبيض يبرر.. ماذا يحصل في الغرب..؟!

أسفَ البيت الأبيض الأمريكي في بيان هادئ، لقرار تركيا شراء منظومات الدفاع الجوي "إس-400" الروسية واعتبر أنّه يجعل استمرار مشاركة أنقرة في برنامج طائرة 35-F أمرا مستحيلا، لأنّ المنصة الروسية سيتم استخدامها لدراسة القدرات المتطورة لهذه الطائرات، ولأن اقتناء المنظومات الروسية سيؤدي إلى تبعات مضرة بالنسبة إلى التعاون العملياتي بين تركيا والحلف الأطلسي؛ لكنّ الأسف الأمريكي اقترن بالتذكير بالعلاقات السابقة القديمة والموثوقة بين الولايات المتحدة وتركيا، و"الحلافة" في إطار الناتو منذ أكثر من 65 عاماً؛ بل أكثر من ذلك، أكد البيان الأبيض، أنّ العلاقات العسكرية قوية وأنّ التعاون مع تركيا سيتواصل على نطاق واسع، "طبعاً"، مع الأخذ بالاعتبار القيود الناجمة عن وجود منظومات إس-400 في تركيا..!!

من يقرأ بيان البيت الأبيض بالأمس، ويتذكر التهديدات الأمريكية التي سبقت وصول قطع منظومة "إس400" إلى الأراضي التركية، لا بد وأن يلاحظ فرقاً كبيراً جداً بين القول والفعل. وأول من لمس ذلك وحاول التحريض ضد تركيا، كان الكيان "الإسرائيلي" الذي اعتبر أنّ نصب "إس 400" في تركيا يشكّل صداعاً في الرأس؛ أما الردّ الأمريكي، فجاء هادئاً ومتزناً على عكس التهديدات السابقة، لعدة أسباب، منها؛

أولاً، لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يريد فتح جبهات خارجية جديدة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة؛ فالمشاكل القائمة مع الصين وروسيا وإيران وفنزويلا وفي الشرق الأوسط والخلافات مع أوروبا تكفي لتشكّل صداعاً مزمناً، وهو يريد تبريد جميع الملفات لحين تجاوز قطوع الانتخابات. والملف التركي شائك ومعقد بسبب موقع تركيا الجيوـ سياسي وعلاقاتها الأوروبية المتوترة رغم وجودها في الحلف الأطلسي، وليس من السهل فتح معركة جديدة ضد أنقرة.

ثانياً، إن فرض المزيد من الضغوط على تركيا سيدفعها أكثر للاتجاه شرقاً نحو روسيا والصين وإيران، وهو ما لا تريده الإدارة الأمريكية، إذ يكفي ما حصل من تمزق في العلاقات الغربية ــ الغربية حتى الآن. وما من شك، أنّ الرئيس التركي يدرك حراجة الموقف الأمريكي والأوروبي وهو يلعب على الحبال المشدودة، وما تزال اللحظة تسمح له، ولكن إلى حين محدود جداً. وللتذكير، فقد أكد الرئيس ترامب أكثر من مرّة أنّ ممارسة الضغوط على النظام السعودي يعني دفعه إلى الحضن الروسي والصيني، فيما تركيا تقترب من الشرق قبل الضغوط وبدونها..!!

لقد ظل البعض يشكك بإمكانية إتمام الصفقة التركيةـــ الروسية، حتى بدأت الطائرات الروسية المحملة بأجزاء الـ "إس 400" تحط في تركيا. ومع ذلك، ما زال هناك من يرى أنّ تركيا

لن تقطع خيوط الرجعة مع الولايات المتحدة؛ ولذلك، حتى وإن وصلت الـ "إس 400"، وتم تركيبها، فلن تقوم أنقرة بتشغيلها حتى لا تستفزّ الإدارة الأمريكية. ومع ذلك، فإن المؤكد أن العلاقات التركيةــ الأمريكية بشكل خاص والتركيةــ الأطلسية بشكل عام مقبلة على مرحلة من الضبابية وعدم الاستقرار وعدم اليقين.

أياً يكن، فإنّ إتمام الصفقة التركيةـــ الروسية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الغرب خسر نقطة أخرى في مواجهة التحولات العالمية التي تقودها بشكل أساسي كل من روسيا والصين، لصالح نقل مقرّ قيادة العالم إلى الشرق، والعمل على بلورة نظام دوليّ متعدد الأقطاب بدأت ملامحه تتشكّل. وبلا أدنى شك، فإنّ دولاً أخرى عديدة، ربما في مقدمتها إيطاليا، تراقب وتتابع تطورات الموقف التركي والنتائج التي ستترتب عليه، لجهة تقليده والخروج على الطاعة الأمريكية والأوروبية، لاسيما أنّ البديل عن الغرب أصبح موجوداً ويقدّم شروطاً أفضل للتعاون مع الدول الباحثة عن تحقيق مصالحها وبناء مستقبل أفضل لشعوبها.

بـديــع عفيــف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.