تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فاتورة مستورداتنا من العطر فاقت المليار ليرة على حساب ورش الأيدي الماهرة

محطة أخبار سورية

كثيرة تلك الصناعات والحرف التي غاب ذكرها وشيعناها الى مثواها الأخير من دون مراسم دفن وغابت من دون أن تترك سوى أثر بسيط يستلهم من أخلص لها ويسعى لإحيائها. إحدى الصناعات التي تندثر بتسارع وخرجت من ميزاننا التجاري على مساهمتها البسيطة في وقت لايمكن للمستهلك الاستغناء عنها بعد أن تحولت إلى حاجة اساسية هي صناعة وتعبئة العطور التي دحضتها دوافع الإغراق والإهمال.

 

ذكرى عطرة

 

منذ عام 1990 كانت مصانع العطور في سورية تصدر إلى دول الخليج وروسيا وبأرقام جيدة، لكن بعد عام 2006 والسماح باستيراد العطور تأثرت تلك الصناعة بشكل كبير وانخفض الإنتاج ليؤدي ببعض مصانعها إلى الإغلاق وتراجعت بنسبة 90٪ بعد امتلاء واجهات المحلات وتغطية الأرصفة ببسطات العطور المقلدة.

رصيدنا الآن من الشركات المصنعة للعطور والمسجلة في سورية لايتجاوز 100 مصنع منها 12 شركة مرخصة في دمشق و56 في ريفها مع وجود ورشات عمل غير مرخصة بحال يشبه الحال المتردي لمن أخذت الترخيص فالسماح باستيراد العطور عام 2006 أدى إلى تراجع الإنتاج والإغلاق بسبب غلاء المواد الخام والتحول إلى الاستيراد بكلفة أقل وربح أعلى. ووارداتنا العام السابق وصلت من أسواق أوربا ودبي إلى مليار و27 ألف ليرة سورية حسب احصائيات «المركزي للاحصاء»، كما يقول عضو لجنة مواد الزينة والتجميل في غرفة صناعة دمشق وريفها أحمد الصياد والسبب عدم دعم تلك الصناعة وعدم تحرك الصناعيين ومطالبتهم بدعمها. وكان استهلاك السوريين عام 2009 من تلك المادة نحو 3223طناً مستوردة بالكامل وبقيمة 787.261.207 حسب احصاءات مديرية جمارك دمشق، ولنا أمام تباين احصاءات المكتب المركزي للاحصاء وأرقام مديرية الجمارك تقدير الكمية الموجودة في السوق والتي تصل إلى أضعاف تلك الأرقام. ومع أننا نمتلك القدرة على تصنيع المواد الخام الداخلة بالزيوت العطرية لم تخرج إلا مبادرات قليلة لها حيث تستورد تلك المواد من المانيا وفرنسا واسبانيا وهولندا وسويسرا وتجري عمليات خلط وتركيب. فالمنشآت الموجودة لدينا منشآت لتعبئة وتركيب العطور وليس للزيوت العطرية ويوجد لدينا فقط معمل واحد من هذا النوع في اللاذقية. وبرأي الصياد أن معامل العطور لاتعتمد على الآلات بل على الأشخاص لأن العطر فن ويلزمه من يتذوق هذا الفن، فالعطر المميز يدخل فيه مالايقل عن 80 مادة ليخرج برائحة مميزة، ونجاح معامل الزيوت العطرية يعتمد بالدرجة الأولى على الخبراء العاملين فيه، ولتشجيع الإقدام على صناعة الزيوت العطرية حسب قوله يجب تخفيض الرسوم الجمركية إلى الصفر والسماح باستيراد المواد الأولية بالكامل وفتح أبواب التصدير وايجاد أسواق لها في الخارج.

 

التحول إلى التجميل

 

رغم انخفاض رسوم الجمارك بالنسبة للعبوات الزجاجية التي يعبأ فيها العطر من 50٪ إلى 30٪ والذي اعتبره الصياد انجازاً كبيراً كونه خفض الكلفة على الصناعي، والسماح باستيراد الكحول الداخلة في صناعة العطور.. بقي التراجع الصفة الأنسب لها ولم يصمد سوى ثلاث أو أربع منشآت أمام المنافسة القوية من العطورات المستوردة وتحول معظمها إلى الاعتماد على منتجات الكوزماتيك - التي لاتزال المنافسة فيها ممكنة رغم ماتتحمله من ضرائب. فصناعة الشامبو مثلاً تتحمل أعباء ضريبية كثيرة بدءاً من استيراد المواد الأولية إلى التصنيع الى البيع الى البيع بالتجزئة وآخرها للمستهلك لذلك ابتعد الكثير من المعامل عن صناعة الشامبو والحل في هذه الحالة لايكون إلا بتطبيق ضريبة القيمة المضافة.

 

سوق ماهبّ ودبّ!!

 

بعد السماح باستيراد العطور تكاثرت محلات تركيب العطور «انشطارياً» وبسرعة لامثيل لها وازداد الاستهلاك لكن على حساب الجودة إذا ان أغلبها يستعين بأصناف رخيصة جداً ومضرة بالصحة والبيئة، ويقول أحمد الصياد: إن سعر الكيلو من الزيوت المستعملة في تلك المحلات لايتجاوز 100ل.س والمستهلك لايستطيع التمييز بين المضر والجيد وأكثر مازاد الأمر سوءاً المستوردات من الصين الموجودة على البسطات وفي الشوارع وبأسعار لاتتجاوز 100 ل.س وهي من اسوأ أنواع العطور الموجودة في العالم وغير صالحة للاستخدام البشري ولا للتعطير وتستخدم لصناعة المنظفات ومعطرات الجو فلا يوجد زجاج عطر في العالم بسعر 100 ل.س، ويضيف: أنه عند شراء أي عطر يجب أن تكون مدونة على العبوة البيانات الضرورية والأساسية عن التركيب وتاريخ الصلاحية واسم المستورد عندها تتم حماية المستهلك. ومانطلبه تحديد المهنة بشكل رسمي وفتح المحلات تحت تصنيف معين لا أن تنتشر تلك العبوات في السوبر ماركات والصيدليات وغيرها، ولاسيما أن أغلب المحلات غيرالمرخصة تنتشر في مناطق السكن العشوائي دون أخذ ترخيص اداري وأن تعمل على ألا تفقد تلك المهنة هيبتها. وبالنسبة للجودة توجهت الشركات عام 20٠9 - 201٠ نحو مقاييس معينة وأخذ مواصفات محددة تحت اسم /الايفرا/ وهي شبيهة بالايزو لضمانة الجودة وتندرج تحتها شروط عدم اضرار نوع العطر بالبيئة والاتجاه نحو الطبيعة والابتعاد  عن استعمال مواد كيميائية مسرطنة.

 

لفت نظر

 

لأول مرة في سورية سيكون هناك اهتمام ولو بسيط بتلك الصناعة التي آلت إلى الزوال بعد انفتاح اسواقنا كذلك خلال ورشة عمل ستقام في الشهر العاشر على هامش معرض خاص بمواد التجميل وستطرح هموم ومشاكل تلك الصناعة كما يقول الصياد وكذلك الوردة الدمشقية كإرث قديم وتطوير تلك الصناعة المعمرة في سورية وأسباب اهمالها الآن وسيكون هناك عرض لأهم شركات العطور في العالم وحجم مبيعاتها وصناعة الزيوت العطرية وطرق استخراجها وخصائصها.. وعرض المستجدات عن هذا الموضوع خاصة فيما يتعلق بالبيئة لأن رفع راية صنع في سورية غاية في الأهمية ورفع الصادرات من مهمة الصناعي والحكومة معاً ولدينا عدة مقترحات ومطالب سنرفعها للحكومة كي تنظر فيها أهمها وصول رسوم الجمارك إلى الصفر والطلب من المستوردة شهادة منشأ وشهادة حماية ملكية من الوكيل أو أن يثبت أنه الوكيل الحصري للشركة الأم وأن يسمح لنا باستيراد المواد الأولية بالكامل حتى نستطيع المنافسة في أسواقنا ويصبح لدينا مجال للتصدير وأن تكون هناك تسهيلات في منح التراخيص الصناعية.

قد يظهر من يقول أن صناعة العطور لاتعلق عليها الآمال لكن إذا اجتمعت مع غيرها من الصناعات التي تتجه إلى الاندثار ستكون واحدة في حزمة لها مكانتها في عائدات نحتاج إليها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.