تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

 رد المقاومة على العدوان "المسيّر"...الموت صعب لكن انتظاره أصعب ؟!

مصدر الصورة
وكالات - أرشيف

تداولت وسائل الإعلام المهتمة بأخبار المنطقة العربية ما أعلنه جيش الاحتلال الإسرائيلي  عن قصف عدد من الأهداف في قرية عقربا، جنوب شرق دمشق، زاعماً إحباط عملية إرهابية خطط لتنفيذها فيلق القدس الإيراني ضد أهداف إسرائيلية انطلاقا من الأراضي السورية بواسطة المسيرات المفخخة . ولم يكتفِ الساسة الصهاينة بالعدوان على الأراضي السورية وحججهم الواهية لقيامهم به, بل تقدم الكيان الإسرائيلي بشكوى لمجلس الأمن الدولي ضد الأنشطة الإيرانية في سورية. وجاء في الشكوى الإسرائيلية إنه “يتعين على المجتمع الدولي أن يوضح لإيران أنه لا يمكن التسامح مع هذا السلوك التخريبي ولا مع تمويل الإرهاب”.

منذ سنوات وإسرائيل تعتدي على الأراضي السورية بحجج مختلفة مثل الوجود الإيراني ومنع نقل أسلحة كاسرة للتوازن إلى "حزب الله" وغيرها من الحجج الواهية التي تسعى إلى تبرير الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة وسلوكها التخريبي و الإرهابي ، مع أن المتابع يدرك أنّ إيران لم تهاجم الكيان أبداً، بل إن جيش الاحتلال هو المعتدي دائماً في سورية ولبنان وأخيراً في العراق .

العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية والمسارعة الصهيونية لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تعني أمرين مهمين؛ أنّ الكيان الإسرائيلي يعتبر بضرباته العدوانية المسبّقة أنّ من حقّه أن يمنع الطرف الأخر حتى من مجرّد التفكير بتحقيق توازن القوة معه، فكيف بامتلاك القوة التي تؤمّن هذا التوازن؛ وهذا السلوك ــ العدوان والشكوى ــ يقدّم نموذجاً عن طريقة تفكير الإسرائيلي والرغبة في الاستحواذ على كل شيء، وبأنه يحقّ له ما لا يحقّ لغيره، وأنه يسعى لتحقيق مصالحه على حساب مصالح الآخرين، جميعهم، وبكل السبل المتاحة، وهذا ينقلنا إلى النقطة الثانية؛

لقد حاول الكثير من المحللين العرب وغيرهم، تسطيح المسألة واعتبار العدوان الإسرائيلي على ثلاثة بلدان عربية ـ سورية والعراق ولبنان، حركة غايتها انتخابية بقصد دعم حظوظ رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في انتخابات الكنيست التي ستجري بعد أسابيع، وبالتالي فلا حاجة للرد عليه , ولهؤلاء نقول : قد يكون أحد أهداف هذا العدوان دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة، ولكن كيف لنا أن ننسى الفكر الصهيوني الاستيطاني التوسعي؟!

لقد جاء الردّ على هؤلاء من قلب كيان العدو نفسه؛ فقد رأى ليمور سمميان درش في صحيفة "إسرائيل اليوم"، المقرّبة من نتنياهو أنّ محاولة نسب محاولة تصعيد الوضع الأمني لنتنياهو على خلفية الانتخابات "تفوّت مؤشرات الفكر الاستراتيجي الأعمق الذي يتبلور في المنطقة". ماذا قصد الرجل بكلامه الدقيق؟! لقد عنى التحولات التي تجري في محور المقاومة وبناء القدرات الذاتية للمحور، والتي صارت تقوم على عقيدة الصمود والمقاومة وهي تتوسع شيئاً فشيئاً، فيما العدو الإسرائيلي يعتبر أنّ قوة عربية تقوم على الفكر المقاوم تشكّل خطراً عليه، من اليمن إلى العراق، كما من بيروت إلى دمشق وطهران؛ ثم هل يُسمح لأي دولة في العالم بالعدوان على جيرانها لغايات انتخابية داخلية تخصها وحدها.. وهل من المنطقي مناقشة مثل هذا الطرح؟!

ولنا أن نذكّر هنا بأمرين لمن ينسى أو يتناسى الحقائق ؛ الأول أنّ تواقيع ترامب التي تتضمن منح ما لا يملك لمن لا يستحق، لم تجفّ بعد، فيما يخص القدس المحتلة واعتبارها عاصمة للكيان الغاصب، والجولان العربي السوري واعتباره أرضاً إسرائيلية؛ والثاني أنّ بعض جهابذة المحللين العرب يطالبون سورية التي تستنزف بالحرب منذ ثمان سنوات بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية ويلقون باللوم عليها لأنها لا تقوم بذلك، فيما يهاجم هؤلاء أنفسهم أي ردّ للمقاومة على العدو، سواء في جنوب لبنان أو قطاع غزة، بل ويعتبرون المقاومة هي المسببة/المسؤولة عن الاعتداءات الإسرائيلية، كما "تمخّض" أحد وزراء الخارجية العرب واعتبر العدوان الإسرائيلي على البلدان العربية دفاعاً عن النفس.

ما يقلق الكيان الإسرائيلي حقاً، ليس الوجود الإيراني ولا الصواريخ الدقيقة التي باتت المقاومة تمتلكها، فحسب؛ ما يقلق قادة العدو وضباط جيشه هو تعزيز وانتشار إرادة المقاومة والصمود بعد سنوات الحرب على سورية التي كانت الغاية منها إضعاف هذه الإرادة وكسرها. ولذلك فليس مفاجئاً تأكيد الباحث والكاتب الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية، تسيفي يحزقيلي، في حديثه أمس لصحيفة "معاريف" العبرية "إن كل المؤشرات تؤدي إلى حرب ثالثة مع لبنان ".

في ضوء ما تقدّم، فإن العدوان الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت، ليس أقلّ من محاولة لتعديل قواعد الاشتباك والعودة إلى ممارسة سياسة العدوان والتوسع والهيمنة وتفريغ المنطقة من مقاومتها وكسر شوكة أي رافض للسياسات الإسرائيلية والأمريكية. ولهذا فإن ردّ حزب الله ومن خلفه محور المقاومة بأكمله مسألة مفروغ منها، ولكنّ الأهم من الرّد نفسه هو الرسالة التي سيوجهها والمعادلة الجديدة التي سيثبّتها مع الكيان العدواني المجرم الغاصب، وهذا ما يخشاه قادة العدو المدنيين والعسكريين على السواء وينتظرونه بمنتهى التوتر والقلق..يقولون الموت صعب ولكن  الأصعب منه هو انتظاره .

بـديـع عفيـف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.