تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الانزياح الفرنسي نحو الشرق.. الجديد..!!

مصدر الصورة
وكالات

  "نقوم بتحليل دقيق لأسباب التغيرات الجذرية الحاصلة في الساحة الدولية. ودعونا أكثر من مرة إلى توحيد جهود أهم بلدان العالم لضمان التحول المتناغم للنظام العالمي الذي نشأ بعد انتهاء الحرب الباردة"؛ هذا ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في موسكو، الاثنين 9/9/2019..!!

          ليست وحدها تركيا من تتجه شرقاً وتحاول الاقتراب من روسيا والصين؛ بل فرنسا أيضاً وغيرهما. لم تعد الأيديولوجيا هي التي تتحكم بالعلاقات الدولية في العقد الحالي كما كانت خلال سنوات الحرب الباردة؛ ولم يعد العالم منقسماً إلى شرق وغرب، فقد بدأت الفواصل والهوامش بالتلاشي؛ هناك تغيرات جذرية تحصل على الساحة الدولية كما عبّر عنها الوزير الروسي الخبير؛ هناك تحوّل للنظام العالمي تدركه العديد من الدول وتبني حساباتها آخذة بالاعتبار هذا التحول، لكنّ بعض الدول ما زالت تكابر وتعاند وترفض التخلي عن هيمنتها الغاربة، الولايات المتحدة مثالاً.

تراجع الهيمنة الغربية، ولاسيما الأمريكية، لم يعد سراً يكتشف، لكنّ الجديد أنّ هناك إقراراً غربياً علنياً بهذا الأمر، عبّر عنه قبل أيام، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء كلمة ألقاها أمام سفراء فرنسا عندما قال إنّ العالم يمر بنهاية عصر "الهيمنة الغربية"، مشيراً إلى ازدياد دور الدول الكبرى الأخرى وخاصة الصين، وإلى نجاح الاستراتيجية الروسية؛ ربما هذا الإدراك الواقعي للتحولات العالمية هو ما يدفع القادة السياسيين الفرنسيين لممارسة الخيارات العملانية والتوجه نحو القوى الجديدة الناهضة في الشرق؛ روسيا والصين؛

المنظومة الغربية تتفكك، والفطن والمدرك للتحولات الاستراتيجية العالمية هو من يغادر المركب الغارق أولاً، ولا حاجة هنا للتذكير بمشاكل الغرب المزمنة والتحديات الهائلة التي باتت تواجهه، ناهيك عن الخلافات التي تعصف بالعلاقات الثنائية بين دوله وغلبة المصالح الوطنية على المصالح الجمعية لمنظومة هذه الدول؛  الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تؤذي أصدقاءها كما خصومها وأعداءها ولا توفّر أحداً منهم، وقادة الشرق الجديد يدركون ويتابعون السلوك الأمريكي وتبعاته وانعكاسه على علاقات الغرب بين بعضه وعلاقاته مع الدول الأخرى.

وقبل أيام، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لم يعد ممكناً تجاهل دور روسيا والصين على الساحة العالمية، في تأكيد لكلام نظيره الفرنسي عن تراجع الهيمنة الغربية؛ روسيا والصين تشكلان معاً منظومة جديدة، تقدمان نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية، للتعاون والتكامل الدولي، للنظام الدولي الجديد الآخذ بالتبلور؛ هناك الآن بديل في الشرق يجذب بقية العالم إليه اقتصادياً وسياسياً وأمنياً؛ ليس فقط دول العالم الثالث الفقيرة المحتاجة إلى حماية دولية، بل أيضاً الدول الكبرى الأخرى، وحتى الغربية منها، التي تكاد تتجمد علاقاتها ومصالحها فيما بينها؛ قد تكابر فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا ولكنها في النهاية ستضطر لسلوك الطرق التي تؤمّن لها مصالحها، لاسيما وأنّ لا بديل عن مواجهة وقبول "التغيرات الجذرية الحاصلة في الساحة الدولية"، ولاسيما أيضاً، أنها تعي أنها لم تعد تملك مفاتيح الهيمنة على العالم كما اعتادت؛ وستدرك أكثر أنّ شعار "أمريكا أولاَ" معناه أنها هي ومصالحها ثانياً أو ثالثاً أو عاشراً.. وها قد جنحت فرنسا ــ بحثاً عن مصالحها ــ لتحسين علاقاتها مع روسيا تحت شعارات واتهامات وفيض من المزاعم الكاذبة..!!

                                                              بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.