تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليست مؤسسة حكومية

مصدر الصورة
البعث

إن قيام شركة خاصة بتطبيق القانون الأساسي للعاملين بالدولة لا يجعل منها مؤسسة حكومية بأي حال من الأحوال!

كذلك الأمر بالنسبة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، فلا تضمين كلمة “عامة” بتسميتها، ولا تعيين مديرها من قبل الحكومة، ولا مناقشة خططها وأوضاعها من قبل مجلس الوزراء، ولا بكون معظم أعضاء مجلس إدارتها من القطاع العام.. سيجعلها مؤسسة حكومية!

ورغم ذلك تتعامل معها الحكومة منذ تأسيسها وكأنّها مؤسسة قطاع عام 100%.. فلماذا؟!

لو أن وزارة المالية ترصد لها الاعتمادات في الموازنة العامة للدولة، لكان من حق الحكومة أن تراقب عمل المؤسسة حرصاً على المال العام، وأين وكيف ينفق، وأن تحوّل فوائضها المالية إلى خزينة الدولة.. إلخ!

والسؤال: ما المستند القانوني الذي يجيز لوزارة المالية وضع يدها على مال خاص بالعاملين في القطاعين العام والخاص؟!

إذا كان هناك من مستند “سري” غير معلن، فهذا يعني أن بإمكان وزارة المالية وضع يدها على أموال أية شركة خاصة..!

وبما أن مثل هذا المستند غير موجود فإننا لا نجد تفسيراً ولا تبريراً لقيام وزارة المالية منذ ثمانينيات القرن الماضي بالتعاطي مع أموال التأمينات الاجتماعية وكأنّها مال عام، فتحولها إلى صندوق الدين العام، وتعدها من موارد الموازنة العامة للدولة!

والدليل على ذلك أن وزارة المالية “مسحت” أي أطفأت 60 مليار ليرة من ديون التأمينات في إحدى موازناتها، وقال وزير مالية سابق للمطالبين باسترداد هذه المليارات: انسوها!

أكثر من ذلك.. تصوروا أن مجلس الوزراء كلف مجلس إدارة شركة خاصة باتخاذ إجراءات جادة للتوسع باستثماراتها وإيجاد بنية استثمارية واقتصادية متينة ..إلخ.

هو عملياً لن يفعلها إلا مع مجلس إدارة التأمينات؛ لأن غالبية الأعضاء “موظفون حكوميون”، وهنا مفارقة غريبة عجيبة: مجلس إدارة مكون من ممثلين عن القطاع العام معينين من الحكومة لإدارة أموال العمال في مؤسسة خاصة!

ولن نقتنع حتى إشعار آخر أن مجلس الوزراء الذي ناقش مؤخراً واقع مؤسسة التأمينات مهتم فعلياً بتعزيز موقعها المالي، ولو كان مهتماً جدياً لأصدر أمراً أو قراراً بتسديد ديونها المستحقة على إدارات ومؤسسات الحكومة والبالغة أكثر من 225 مليار ليرة حتى نهاية عام 2017..!

لقد أصدرت رئاسة الحكومة خلال العقدين الأخيرين الكثير من التعاميم التي تطالب الجهات العامة بتسديد الالتزامات والاشتراكات المتراكمة..ولكن دون أي تجاوب..!

واللافت أن ديون التأمينات على جهات القطاع العام تزداد؛ ما يعني أن الحكومة وتحديداً وزارة المالية غير جادة برد الديون المتراكمة، بل تتعامل مع الأمر “بتطنيش” واستخفاف..!

ولو كانت المالية جادة فعلاً لاقتطعت الاعتمادات المخصصة “نظرياً” لاشتراكات العاملين في مؤسسات الدولة من موازنات الوزارات وحولتها مباشرة إلى التأمينات..!

ويمكن أن تصدر رئاسة الوزراء قراراً ملزماً للوزارات لتسديد ديونها تحت طائلة المسؤولية.. فبدون قرارات زاجرة وحاسمة لن نقتنع أن الحكومة من خلال وزارة المالية مهتمة فعلياً بتسديد ديون مؤسسة التأمينات..!

بالمختصر المفيد جداً: وزارة المالية تحجز أكثر من 225 ملياراً تعود للعاملين في القطاع العام دون أي سند قانوني، وترفض إعادتها إلى مؤسسة التأمينات، وهي بذلك تحرم المشتركين في المؤسسة من فوائدها لو كانت مودعة في المصارف، ومن عوائدها لو استثمرت في مشاريع ربحية..!

ولا يبدو أن وزارة المالية في وارد تسديد ديون “التأمينات الاجتماعية” ولو على دفعات، لا في الأمد القريب ولا البعيد.. فما الحل..؟!

علي عبود

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.