تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مصادر: تونس تريد تأجيل اجتماع "أصدقاء سورية" إلى 5 آذار.. وفرنسا تصر على 24 هذا الشهر

 

محطة أخبار سورية

يبدو أن الخلافات بشأن مؤتمر أصدقاء سورية الذي سيعقد في الرابع والعشرين من الجاري في تونس، قد بدأت قبل أن يعقد المؤتمر، وذلك على خلفية رغبة تونس تأجيل الاجتماع إلى الخامس من آذار المقبل. وقالت مصادر عليمة في المعارضة السورية، إن الرغبة التونسية بالتأجيل سببها رغبة تونس الاستعداد جيداً للمؤتمر، خصوصاً لناحية توحيد المعارضة السورية تحت سقف هيئة أو لجنة واحدة، لكن هذه الرغبة تصطدم برفض فرنسي قاطع للتأجيل!.

وعلى الجانب الفرنسي، قالت مصادر مسؤولة في الخارجية الفرنسية في اتصال هاتفي مع "الانتقاد" إن "لا تأجيل لمؤتمر أصدقاء سورية الذي سوف يعقد في موعده المحدد هذا الشهر"، وإنه "ليس هناك من نية أو توجه للتأجيل". وأضافت أن وزير الخارجية الفرنسيي ألان جوبيه سوف يكون في تونس في الرابع والعشرين من الجاري وهو ما كان أكده في مقابلة مع محطة إذاعة فرنسية صباح الأربعاء.

وتقول مصادر المعارضة السورية لـ"الانتقاد" إن هيئة التنسيق الوطني طلبت من الرئاسة التونسية دعوة روسيا والصين إلى مؤتمر "أصدقاء سورية" في تونس لأن غياب روسيا عن المؤتمر يعني فشله بالكامل. وتضيف المصادر نفسها " أن غياب الروس والصينيين سوف يجعل المؤتمر محوراً في مواجهة محور آخر والطرفان الروسي والصيني يملكان أوراقاً كثيرة خصوصاً للضغط على النظام" .

وتفيد مصادر المعارضة السورية أن الرئيس التونسي سوف يلتقي يوم (الخميس) بسفيري روسيا والصين في تونس كلاً على حدة لمناقشة حضور البلدين في المؤتمر. وتقول المصادر "إن الروس وضعوا شرطاً للحضور في تونس، وهو وجود النظام بشكل أو بآخر، وهذا ما لا تقبل به الدول الغربية والمجلس السوري بدفع قطري وسعودي".

من ناحية أخرى تسعى الدول الأوروبية لتوحيد أطياف المعارضة السورية عبر مسعى يقوم به وزير خارجية هولندا بوري روزنتال الذي اجتمع مع هيئة التنسيق في باريس، فيما لم يعرف ما إذا كان قد اجتمع مع المجلس الوطني أم لا . وكان وزير الخارجية الهولندي قد اجتمع مع نظيره الفرنسي في باريس الثلاثاء، ضمن مسعى يقوم به الرجل بصفة هولندا عضواً في الترويكا الأوروبية.

من ناحية ثانية تلقت هيئة التنسيق السوريّة دعوة لزيارة موسكو الأسبوع المقبل، وقد علمت "الانتقاد" أن وفداً من الهيئة برئاسة هيثم مناع سوف يلبي الدعوة، وكان وفد من هيئة التنسيق قد زار بكين بناء على دعوة صينية والتقى نائب وزير الخارجية الصيني ومسؤولاً في الحزب الشيوعي الصيني حسب مصادر في هيئة التنسيق كانت ضمن الوفد.

ونقلت المصادر عن المسؤول في الخارجية الصيني قوله للوفد السوري المعارض "ان الصين لم تعد تثق بالغرب بعد الخدعة التي تعرضت لها مع روسيا في ليبيا"، وأضافت المصادر "أن المسؤول الصيني قال: لقد كانت المحادثات معهم حول ليبيا تتمحور حول حماية المدنيين فقط، وليس التدخل العسكري لكنهم كذبوا علينا ونحن لن نسمح بتكرار التجربة الليبية في سورية".

 

جدل في تونس حول الدعوة لعقد مؤتمر أصدقاء سورية

إلى ذلك أثارت دعوة وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام في اجتماع جامعة الدول العربية حول سورية الأحد الماضي إلى عقد مؤتمر دولي حول سورية تستضيفه بلاده في 24 شباط الجاري، جدلاً واسعاً لدى الأوساط السياسية التونسية، التي اعتبرت هذه الخطوة بمثابة إعطاء ضوء أخضر لتدويل الأزمة السورية انطلاقا من تونس مهد الربيع العربي!.

وقد أكد الوزير التونسي أن هذا المؤتمر يهدف "إلى توجيه رسالة قوية للنظام السوري بضرورة وقف القتل". وللتخفيف من وطأة هذا التدخل الدولي لدى القطاع الواسع من الرأي العام العربي استطرد قائلا: "في حال إقرار التدخل الدولي فيجب أن يكون مضبوطا بضوابط عربية". وقد حظيت هذه المبادرة بترحيب كل من وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وقد اعتبر البعض أن هذا الاقتراح جرى إعداده في كواليس الدبلوماسية القطرية التي تحاول أن تحرك عن بعد دفة الدبلوماسية التونسية بعد الثورة.

 

ورأى محللون أن هذه الدبلوماسية باتت تبدي تماهياً كبيراً مع السياسة الخارجية القطرية والخليجية في عدة ملفات إقليمية وعربية ومنها بالطبع الملف السوري. خاصة أن قطر لعبت دوراً محورياً في جهود الجامعة العربية تجاه الأزمة السورية، وكان أميرها أول من اقترح إرسال قوات عربية. ولا يمكن التطرق إلى الموقف التونسي الجديد من دون التذكير بالمواقف السابقة لهذه الديبلوماسية على غرار قرار طرد السفير السوري من تونس الذي برره عبد السلام بالقول "إن تونس تريد أن تكون سباقة في تضامنها مع أشقائها في سورية"، وأيضا دعوة رئيس الحكومة المؤقت حمادي الجبالي من بروكسل دول العالم إلى طرد كل السفراء السوريين على غرار الخطوة التونسية.

تبدو هذه المواقف المتصاعدة للخارجية التونسية في الشأن السوري في الظاهر وكأنها تأتي في سياق المحاولات العربية والدولية للضغط على النظام السوري، لكن ما يثير مخاوف الكثيرين هو ما تبطنه هذه الدعوة من دوافع ومن يقف وراءها. فقد اعتبر محللون أن التحرك العربي الجديد ـ الذي يأتي في سياقه التحرك التونسي ـ هو بمثابة تحدّ وردّ على الفيتو الروسي والصيني، ويرون أن تونس أُريد لها أن تكون حربة الصراع الإقليمي الجديد بين أمريكا والغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى. كما إن الموقف التونسي الجديد لا يمكن قراءته بعيداً عن التأثيرات الإقليمية والدولية، وخاصة أن أول من دعا إلى عقد مؤتمر أصدقاء سورية هي فرنسا نفسها بعد فشل محاولات استصدار قرار في مجلس الأمن حول سورية.

 

وفي هذا الإطار يعتبر محللون وقطاع واسع من الرأي العام التونسي أن الديبلوماسية الجديدة لتونس التي تحاول اليوم ـ من خلال القرارات الجريئة التي تتخذها ـ أن تظهر حماستها وقدرتها على التأثير في قضايا المنطقة وأن تكون المبادرة إلى إيجاد حلول للعديد من المشاكل والملفات الصعبة، هذه الديبلوماسية بدأت تتحول شيئا فشيئا إلى حلقة في مخطط مسبق يتم إعداده في المنطقة، ويؤكد مراقبون أن قطر تقوم بتنفيذه ضمن إطار أجندة أمريكية محاولةً إيجاد دور استراتيجي من خلال تعزيز علاقاتها مع دول المغرب العربي وذلك عبر حلفائها في تونس من النهضويين والاسلاميين، لذلك لم يكن من باب الصدفة أن يعهد إلى رفيق عبد السلام ـ ومن ورائه صهره راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ـ الإمساك بالملف الخارجي لتونس نظراً لعلاقات التقارب التي تربط الأخير بالأوساط السياسية القطرية.

كل هذه المؤشرات تدفع أطرافاً سياسية كثيرة في تونس إلى التحذير من أن يكون انعقاد "مؤتمر أصدقاء سورية" خلال الأسابيع القادمة، منطلقا لارتهان القرار التونسي للخارج وتبعيته إلى الإمارة القطرية ومن ورائها الولايات المتحدة نفسها التي تحاول من خلال التقارب مع قادة الإسلام السياسي الصاعد في دول الربيع العربي، الحفاظ على مصالحها في المنطقة وحماية نفوذها خاصة أن كبرى المؤسسات البحثية الأمريكية المختصة في شؤون الشرق الأوسط انكبّت منذ اندلاع أحداث الربيع العربي العام الماضي على مناقشات تفصيلية تبحث في كيفية تعامل الأمريكيين مع القوى الصاعدة الجديدة عقب التغيرات التاريخية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وسبل الحفاظ على المصالح الأمريكية ومن ضمنها حماية موقع "إسرائيل" في كل هذه التغيرات، وخاصة أن خسارتها كبيرة جراء فقدانها أهم حلفائها في المنطقة... نظام حسني مبارك.

 

من جهتها استنكرت الأحزاب والقوى والشخصيات التونسية استضافة تونس لمؤتمر مايسمى أصدقاء سورية مؤكدة أن هذا المؤتمر هو مؤامرة جديدة في المخطط الذي يستهدف سورية وأن بلادهم كانت في غنى عن الانغماس فيه كي تلتفت إلى أوضاعها الداخلية الصعبة.

وأكد حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي في بيان له أمس بتوقيع أمينه العام أحمد الاينوبلي أن هذا المؤتمر هو مؤامرة ضد سورية كان على الحكومة التونسية عدم الانجرار اليها والابتعاد عنها والاهتمام بأوضاعها الداخلية مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تعاني فيه تونس من أوضاع صعبة وحرجة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية تفاجئ الحكومة شعبها باحتضان مؤتمر حول سورية يهدف إلى تدويل الأزمة فيها واستهداف دورها وموقعها المقاوم في انخراط مفضوح لخدمة المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.

واستنكر البيان دعوة النظام في تونس الى مثل هذا المؤتمر باعتباره استجابة لاملاءات القوى الاستعمارية واتباعها في المنطقة العربية.

بدوره استنكر فتحي بالحاج العضو التونسي في فريق المراقبين العرب في سورية في تصريح لصحيفة المغرب أمس القرارات التونسية المتعجلة والفاقدة للحكمة والتروي تجاه سورية البلد العربي الأصيل مشيراً إلى أن دول الخليج تحاول حل مشكلاتها من خلال هذه الأزمة والبعض يستعملها انتخابياً في الغرب.

بدوره أعرب المحامي والناشط السياسي البشير الصيد العميد السابق للمحامين التونسيين عن أسفه من تحول تونس إلى دولة تابعة لقطر والسعودية في السعي لجلب التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لبلد عربي الأمر الذي لا يليق بها أن تكون مجندة في حلف هدفه إنجاز مشروع مايسمى الشرق الأوسط الجديد مستهجناً ومستنكراً أن تشن الجامعة العربية حرباً على دولة شقيقة عبر استعمال أساليب الكذب والتضليل والافتراء.

وأكد الصيد لمجلة الصريح التونسية أن قرارات الجامعة بنيت على اكاذيب مختلقة وأباطيل جرى تلفيقها من قبل السعودية وقطر وتركيا لاتهام الجيش السوري بما تقوم به العصابات الإرهابية التي تمولها وتسلحها هذه الدول من قتل وتخريب وتدمير وضرب للبنى التحتية.

ورأى أن ما تقوم به الجامعة العربية وبعض الدول الغربية ضد سورية هو في الحقيقة إعلان حرب اطلسية صهيونية على قلعة العروبة والصمود والتصدي والمقاومة لتغيير خريطة المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية وكل التوجهات التحررية والتقدمية فيها داعياً الجماهير العربية وقواها الوطنية الحية إلى دعم سورية انتصاراً للمبادئ القومية ودعماً للمقاومة والحق والكرامة ومناهضة الاستعمار والصهيونية مفنداً في الوقت ذاته اللبس في المصطلحات عن الإصلاح والحرية والثورة بهدف تصفية القضية العربية وإباحة التدخل الاستعماري من جديد.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.