تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

انكشاف أمريكي فاضح

مصدر الصورة
عن الانترنيت

صادق ناشر

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية بمثل هذا الانكشاف في المواقف، كما هو الحاصل حالياً مع تطورات الأوضاع في سوريا؛ حيث تقود تركيا حملة عسكرية واسعة؛ لإقامة ما تقول عنه «منطقة آمنة»؛ لتأمين حدودها الجنوبية ممن تسميهم ب«الإرهابيين»، قاصدة بذلك الأكراد، الحلفاء الأبرز للولايات المتحدة منذ سنوات.

مواقف إدارة ترامب مما يحدث من توغل تركي في الأراضي السورية تدل على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على التأثير في مسار الأحداث في العالم، وقد فطن الأتراك إلى الضعف الذي باتت عليه، فمضوا في قرارهم بإنشاء «المنطقة الآمنة» دون الحصول على إذن من واشنطن، التي فقدت البوصلة في علاقاتها مع حلفائها، وأبرز هؤلاء الأكراد، الذين غدر بهم ترامب؛ بل إنه اتهمهم بأنهم يرغبون في توريط بلاده في الحرب، بدعوى مواجهة تنظيم «داعش».

في التهديدات التي يطلقها البيت الأبيض وبقية قادة الولايات المتحدة، عسكريين وغير عسكريين، يكتشف المواطن الأمريكي أن هيبة بلده التي بنيت خلال عقود، قد تبددت، وأن الصورة الذهنية عن الولايات المتحدة غرقت في وحل الأوهام؛ إذ لم تعد التصريحات التي يطلقها الرئيس ترامب تحمل أي معنى أو أي موقف، فقد عرفه الناس بصورة رجل أعمال وليس رئيس دولة؛ إذ يكتفي بالتغريد لما يريد أن يفعله كموقف للولايات المتحدة، فقد لاحظ الجميع أن الرجل يتراجع عما يقول في اليوم التالي، وأحياناً في اليوم نفسه.

لم يعد الأمر محتملاً في الولايات المتحدة، وخاصة أن الأمريكيين يقارنون بين رئيسهم الذي يتلوّن في المواقف كل يوم، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على سبيل المثال، الذي ينظر إليه اليوم باعتباره قائد دولة حقيقياً، فلا تعرف عنه المواقف المتقلبة، ولا يتخذ قراراته عبر «تويتر»، كما يفعل ترامب.

الدولة العظمى التي يديرها بوتين ليست نفسها التي يديرها ترامب، فالأخير دخل في خصومات سياسية مع معظم طاقم إدارته، وقد استقال العشرات من أفراد هذا الطاقم خلال السنوات الثلاث التي قضاها في البيت الأبيض، وهو دليل على أن الرجل لا يمتلك الحزم اللازم في إدارة الدولة، وحتى في علاقاته مع الخارج.

ومثلت الزيارتان الأخيرتان اللتان أجراهما بوتين إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دليلاً على أنه يتعاطى مع الأوضاع بكثير من الجدية، فلم تصدر منه إلا تلك المواقف الرسمية، التي تؤكد الفرق بينه وبين دونالد ترامب، الذي لا يحفظ وداً لأي من حلفائه، ولديه الاستعداد للتخلي عن الجميع، دون مراعاة لأي مواقف أو صداقات تجمعه بهم، باستثناء «إسرائيل» طبعاً.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.