القطاع الحرفي تحت المجهر

بدا واضحاً الاهتمام الحكومي بقطاع الصناعات الحرفية، نظراً لكونه الحامل الأساسي لبنية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ولعل الاجتماع الحكومي الأخير مع الاتحاد العام للحرفيين وما تمخض عنه من قرارات وتوصيات صبت باتجاه البدء بتطوير خارطة الصناعات الحرفية وتوسيع انتشارها بالمحافظات، وبناء قاعدة بيانات منهجية لتنظيم عمل الاتحادات، اتخذ أبعاداً جدية لجهة النهوض الفعلي بواقع هذه الصناعات..!
ربما أبرز تحدٍ يواجه هذا القطاع يتمثل بالاشتغال على تنظيم نحو 600 ألف حرفي للعمل تحت مظلته، مع الإشارة هنا إلى أنه خلال الاجتماع آنف الذكر كان هناك اهتمام حكومي بهذا الأمر، وتم اقتراح منحهم إعفاءات تشجيعية للانضواء تحت مظلة الاتحاد..!
إن التوجه الحكومي نحو تنظيم من هم خارج الاتحاد، ينطلق بالدرجة الأولى من مبدأ أن السوق بشكل عام، وسوق اقتصاد الظل بشكل خاص يدرس العرض والطلب بآلية تجارية بحتة، وبالتالي فإنها –أي الحكومة- تنظر بعين المسؤول والراعي لهذه السوق التي تعمل حالياً وفق مبدأ (دعه يعمل دعه يمر)، وأن تراقب هذا الأمر وتعي حيثياته والاجتهاد باتجاه تنظيمه من ألفه إلى يائه نظراً لكونه يخفض الضغط عنها.
فمثل هذه العمل يُسيّر بلا شك تدفقات المال بين طرفي الدورة الاقتصادية (الإنتاج والاستهلاك)، لكن الخشية الكبرى التي تعتري مثل هذه العملية تكمن في تسريب تدفقات المستهلك السوري خارج القنوات الاقتصادية التي تفيد وتغذي الاقتصاد السوري، بمعنى الخشية من تجميع تدفقات المستهلكين السوريين، ثم تحويلها إلى عملة أجنبية والهرب بها خارج الحدود..!
ففي الوقت الذي لا ننكر فيه أن الأزمة شرعنت بشكل كبير مسألة اقتصاد الظل وما ينتجه من مواد وسلع أساسية استهلاكية، كون الطلب عليها زاد بشكل كبير على كمية المتوفر منها في السوق، في ظل خروج كثير من المنشآت المنتجة المرخصة نظامياً، وعجز ما تبقى منها عن تلبية الطلب المتزايد لها، ومع تفهمنا لهذا الأمر إلى حدٍ ما، إلا أن السؤال المشروع هنا ما تداعيات هذا الأمر في حال استمراره، وتأثيره على اقتصادنا الوطني؟
سؤال نضعه برسم وزارات الصناعة، والإدارة المحلية والبيئة، والمالية، لجهة تنظيم هذا القطاع من خلال ترخيص ورشه ومنشآته الصغيرة وربما متناهية الصغر أيضاً، وتكليفه ضريبياً بشروط تشجيعية، فبذلك نضمن جودة ما ينتجه من سلع –ولو نسبياً- على أقل تقدير.
حسن النابلسي