تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لبنان.. "كلّن تبعكن.. غير كلّن تبعنا"..

مصدر الصورة
وكالات - أرشيف

لبنان إلى أين؟ سؤال لا يزال الجواب عليه غير واضح، بل ربما أصبح أكثر غموضاً. فموجة الحراك الشعبي التي انطلقت قبل أسبوعين بدأت تتشظّى وتظهر عليها علامات انقسامات وشارع مقابل شارع، وتشي بأن "كلّن لم تعد تعني كلّن"، بل تعني "كلَّ" ما يريده كلُّ فريقٍ سياسي في البلد، وهو مختلف عمّا يريده الفريق الآخر. ومع ذلك، فليس الحراك بدون نتيجة؛ فإلى إسقاط الحكومة، وهي المشلولة أصلاً، شكّل الحراك الشعبي ضغطاً كبيراً على تفكير السياسيين اللبنانيين جميعاً بدون استثناء، لأن الجميع بات يدرك أنه يتحمّل جزءاً من المسؤولية، وأنّ قسماً كبيراً من الشعب اللبناني لم يعد يريده.

وما يحدث هذه الأيام أنّ التطورات أظهرت أنّ هناك من يسعى للاستثمار في الحراك الشعبي لغير مصلحة الشعب اللبناني؛ الحشد الإعلامي في القنوات التلفزيونية اللبنانية يطرح العديد من الأسئلة عن التخطيط والتمويل والغايات والأهداف؛ مواقف الزعامات السياسية اللبنانية تبدو جميعها "مرتجفة" بعدما وصل البلّ لذقون الجميع؛ وعليه، فقد خسرت جميع القيادات من رصيدها الشعبي وتراجعت هيبتها وقلّ احترامها، ومع ذلك فهي ما زالت تحاول الاستثمار في الحراك الشعبي. لكنّ اللافت والأهم، هو محاولة الخارج استثمار الحراك الشعبي في لبنان لتحقيق غايات محددة؛ تحقيق ما فشلت القوى السياسية اللبنانية المهزومة في الانتخابات النيابية الأخيرة وما تمثّله من مشروع خارجي، عن تحقيقه؛ ويتلخّص بالمجمل في حصار وإسقاط المقاومة الوطنية؛

غاياتُ الترحيب الإسرائيلي بالحراك الشعبي كانت واضحة ومعلنة، وهي لا تنفصل عن الغايات الأمريكية، وتتماهي مع طموحات فريق لبناني معروف جيداً للجميع يعمل لدى الأمريكان دون خجل؛ وقد عبّر اللبناني الأصل، وليد فارس، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أهداف أمريكية في لبنان مشابهة للأهداف الإسرائيلية.

بالطبع، غني عن القول، إن المطالب الشعبية محقّة في أغلبها، ولكن المشكلة أنّ لا قيادات واضحة للحراك لتلخّص الأهداف العامة له، وتنهض بالحراك وتحوّله إلى الفعل الإيجابي الحقيقي؛ هذه كانت ميزة في البداية ولكنّ استمرارها يضعف الحراك ذاته، ويشجع الزعماء اللبنانيين، أمثال سمير جعجع وقادة الكتائب وغيرهم، على محاولة ركوب موجة الحراك واستغلاله؛ ربما هناك "قيادات" معينة تدير الحراك وتسيّر الأمور وتتكفّل بالتصعيد من خلف الكواليس، ولكن "ربما" أيضاً لم يحن الوقت لتطل برأسها وتعلن عن نفسها!!

ولعل أكثر الخاسرين مما يجري، "حزب الله"، لأنه تلقّى بصدره الضربات، وتبنّى من منطلق وطني ولحماية الاستقرار، شخصياتٍ فاسدة ومعروفة بعجزها وضعفها ولا تستحق مثل هذه الحماية، وأبرز هؤلاء رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري. وهذه الخسارة يشاركه فيها الرئيس ميشال عون؛ فتبنّي شخصية مثل سعد الحريري لم يخدم العمل الحكومي ولا التطوير في البلد ولا معالجة الفساد، بل انعكس سلباً على الأداء الحكومي وتم تحميل العهد و"حزب الله" مسؤولية الفشل والفاشلين، وها هو الحريري يفرّ من المركب في وسط العاصفة كعادته.

ومع ذلك، فإن كل ما تقدّم تفاصيل، قد تكون مهمة لفهم خلفيات ما جرى ويجري، لكنّ المشكلة الحقيقية في لبنان، وخلف كل ما يحصل، هي أنّ الشعب اللبناني تعوّد على نمطٍ من الحياة، يفوق مستوى إمكاناته الحقيقية؛ الحكومات اللبنانية المتعاقبة اعتادت أن تستدين وتنفق، والدين اللبناني الخارجي الآن يتجاوز /100/ مليار دولار أمريكي، ولا يمكن لأي رئيس حكومة قادم تجاوز الأمر بسهولة ويسر، لاسيما وأن الممولين الخارجيين توقفوا أو خففوا تمويلهم للبنان. ولذلك، فإن من الصعب الإجابة "بثقة ووضوح" عن سؤال لبنان إلى أين.. وفي هذا السياق فإن شعار "كلّن يعني كلّن" يبدو قاصراً عن الإحاطة بحجم المشكلة الحقيقية وكيفية حلّها وإنقاذ لبنان..

بديع عفيف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.